رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3350 - 2011 / 4 / 29 - 19:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الحكمة أن تضع علامات إستفهام , على الأشياء التي كانت ثوابت على المدى الطويل ! ( برتراند راسل )
لو لم يكن منبع ولسان الإسلام عربي , فهل كنّا (نحنُ العرب) لنعتنقهُ ؟
على فرض , أنّهُ ظهرَ في الهند أو الصين , فهل كنّا سنؤمن بهِ ؟
لاتفكروا الآن بصعوبة اللغتين السنسكريتية والصينية فليست تلكَ غايتي .
بل القصد , مُناقشة تأثير(( العروبة والإسلام )) سلباً وإيجاباً على شعوب منطقتنا .
فالذي يُراجع التأريخ بنظرة شاملة مُحايدة , سيرى ما يلي بوضوح !
الإسلام والعروبة , كانا على الأعمّ الأغلب هما الهويتان اللتان تصدرتا الأسباب في تشكيل المنظومة القيميّة والأخلاقيّة , وحتى التفاصيل الحياتيّة اليوميّة , لشعوب المنطقة .
وقد تبادلا الصدارة فيما بينهم أيضاً , فمرّة نسمع ( الله أكبر ) شعار يجمعهم في الحروب سواءً كانت هجومية ( غزو أو فتوحات ) , أو دفاعيّة ( الحروب الصليبية مثلاً ) .
ومرّة نجد العروبة ( وبالذات ما يخص اللغة العربية ) تفعل فعلها فيهم كالسحر , لتقودهم قصيدة من شاعر أو خطبة نارية من قائد أو خطيب مفوّه بارع , الى عبور البحر وحرق المراكب ورائهم , تفرغاً لمقارعةِ العدو .
أقول كلا العنصرين المهمين ( العروبة والإسلام ) , تصدّرا المشهد خلال ال 14 قرن الماضي , وما زالا يفعلان فعلهم بين شعوب المنطقة , سلباً وإيجاباً , حتى نصل اليوم الى الثورات العربية العظيمة . ( تذكروا الأغاني المصرية الوطنية وتأثيرها في ثورة اللوتس ) .
********
شدٌ وجذب !
مثلما كان للعنصرين المذكورين فوائد قليلة ومحدودة , لكن بالمقابل كان لهم تأثيرات سلبية غاية في التعقيد والتأثير , وصولاً الى جيناتنا .
فانّ ( الإسلام والعروبة ) , لم يكونا على الدوام مصدر توافق الشعوب وتلاقيها وتعاونها ؟
بل لقد لعبا دوراً بالضدّ من ذلك في أغلب الأوقات , وكانوا عناصر تفتيت للشعوب .
وهنا يكفي تذكر حرب واحدة على سبيل المثال كالتي قام بها صدّام لأحتلال الكويت عام 1990 بإسم القوميّة والإسلام بحيث أطلق بعدها حملتهِ الإيمانية وقال { اليوم يقف الإيمان كلّه في معسكر واحد ضدّ الكفر كلّه } , وكان يقصد أمريكا والغرب وبعض العرب الذين وصلوا لتحرير الكويت .
وجميعنا نتذكر تداعيات تلك الحرب في تفتيت العرب وتصارعهم وظهور مزيد من العقد النفسية التي لم يتخلص ( الأخوة الكويتيين ) منها تماماَ !
***********
* ماذا نتوقع الحالة بين الشعوب لو لم تكن شبكة العروبة والإسلام هي المسيطرة على علاقات الناس والضابطة لسلوكهم ؟
( يسأل صديقي الكاتب الليبرالي المصري , محمد البدري ) .
* ألم تقُد تلك الهويتان ( العروبة والإسلام ) الى كثير من التنافر والتناحر وقامتا بدورٍ مخرّب بين الناس في أوقات مختلفة ؟
( سؤال آخر من البدري) .
* ألم تفرض طبيعتهم ( الإقصائية غالباً ) وصايتها على الناس لقمع كل من تحدثهُ نفسه حديث الحرية والمدنية ؟
( سؤال ثالث من البدري ) !
وسأضيف أسئلتي الخاصة
ألم يفرز لنا الدين تلك المِلل والطوائف والنِحَل , التي طالما تناحرت فيما بينها مرّة من أجل السيادة , ومرّات من أجل البقاء ؟
ألم يجمعنا الدين أياماً معدودات خلال مواسم الحجّ أو الصيام , بينما إستخدمهُ (الثيوقراطيّون ) في معاداة أخواننا في الوطن من الديانات الأخرى ؟
( تذكروا معاناة الأخوة المسيحيين في مصر والعراق ) .
بل لقد حفر الدين الخنادق العميقة , بين طوائفهِ المختلفة ذاتها منذُ وفاة النبي .
( تذكروا تأريخ الصراع الشيعي السنّي و الحالة البحرينية اليوم على سبيل المثال ) .وللدكتور عبد الخالق حسين كتاب رائع بهذا الخصوص .
إنظروا كذلك الى الحالة السورية اليوم , التي رغم ثورتها الشعبية الهادرة ضدّ الظلم والطغيان الأسدي البعثي الفاشي , تجد أقلام وأفواه المشايخ السلفيين , يجيّرون تلك الثورة ضدّ الطائفة العلوية ( أو النصيرية حسب التسمية السلفيّة ) , ليجعلوا منها ثورة دموية ظلامية تدعو الى إجتثاث الآخر وإقتلاعهِ من جذورهِ .
على الضدّ بالضبط من حقيقة تلك الثورة وما يسعى إليهِ غالبية الشعب السوري .
وبهذهِ المناسبة أوّجه تحياتي لأبطال سوريا , على شجاعتهم التي فاقت الخيال في ظنّي .
فنحنُ العراقيين رغم تضحياتنا بالملايين , ومقابرنا الجماعيّة شاهد على عصر الطاغيّة صدّام , لكننّا لم نكن نقوى على مجابهتهِ بصدورٍ عارية تقف أمام مدافعهِ ودباباتهِ , نظراً لخبرتنا بقسوتهِ الغاشمة !
في الواقع كثير من مشاهد الثورات الحاليّة في مختلف البلدان تثير الإعجاب والتقدير .( أعتقد أنّ كاميرات الموبايل وفرّت شجاعة إضافيّة )
**********
وماذا عن القوميّة العربية ؟
نعم , لقد جمعتنا اللغة العربية الجميلة والتي هي في ظنّي أروع ما عند العرب .
لكن كم إختلفنا وتحاربنا وإحتل بعضنا بعضاً ؟
( تذكروا إحتلال صدام للكويت وإحتلال نظام الأسد لبنان وقضية الصحراء المغربية ) .
وتذكروا إستخدام الخطاب القومي في الستين عام الأخيرة لتحريك القضيّة الفلسطينية ,
لكن عندما تحين الفرصة يقوم ( الفلسطيني الزرقاوي) بذبح العراقيين بدمٍ بارد وتخرج مدينة الزرقا تحتفل بجثتهِ العفنة .
من جهة أخرى , طالما ردّد البعض عبارة / لقد قتل العرب من الفلسطينيين أكثر ممّا فعلت إسرائيل منذُ قيامها حتى اليوم , وأظنّها عبارة صادقة !
وماذا عن القوميّات الأخرى المتعايشة معنا وبيننا ؟
ألم تنتهك حقوقها من الطغاة وأعوانهم أدعياء القوميّة والبعثية والشوفينية ؟
تذكروا ما حصل للأكراد والأمازيغ على سبيل المثال لا الحصر .
وحتى في حالة تطابق الدين واللغة , هل نفعا بشيء للتخلي عن بعض الأنانية الشعبوية أو المناطقية ؟
لماذا يبقى اليمن السعيد , غير سعيد وبائس و فقير دون باقي دول الجزيرة العربية ؟
ما هو الفرق الجوهري بين الناس في تلك الجزيرة ؟
أليس اليمنيّون هم منبع وأصل العرب منذ عدنان وقحطان ؟
ألم يكن النفط ( عملياً ) أقوى تأثيراً من الإسلام والعروبة في تحديد العلاقة والتعامل بين تلك الدول وشعوبها ؟
بل سأذهب أبعد من ذلك لأشير الى إحتقار القبائل العربية للغريب من خارج القبيلة أو ممن يسمون الحَضر أو أبناء المدن , أليس كذلك ؟
ستقولون الحكّام الطغاة , وأقول لنرى مايحصل بعد رحيلهم القريب !
فأنا أعلن بصراحتي ( المكروهه ) أنّ العلّة في نفوسنا جميعاً وقد وصلت الى جيناتنا بواسطة عناصر عديدة , لكن أهمّها العروبة والإسلام !
ولو تعمقنا في التفاصيل سنرى حتى داخل الطائفة الدينية الواحدة , يسود العنف والإقصاء عند تضارب المصالح .
وعلى رأيّ / د. طارق حجي , فإنّهم عندما لايجدون عدواً مشتركاً , فسوف يقتلون بعضهم , كما فعل الظواهري مع الأب الروحي للقاعدة , عبدالله عزّام .
**********
إستراحة قصيرة
واحدة من المهازل التي ضحك المسلمون العرب على أنفسهم بها , هي عدم تعاونهم أو تقبّلهم معونة الغربي القادم الى منطقتنا إلاّ عندما يُعلن إسلامهِ , وجميعنا يتذكر إعلان إسلام نابليون بونابرت في مصر وكذلك عبدالله فيلبي ولورنس العرب في بداية القرن الماضي ليقودوا العرب في ثورتهم ضدّ الرجل العثماني المريض .
بل وصل الأمر الى إستخدام تلك الورقة من أعوان هتلر فأعلنوا إسلامه , وبثّ صديقه أمين الحُسيني تلك الشائعة لجذب مشاعر وتعاطف الناس معه
أقول أليست تلك صورة ساذجة وبائسة إضافية لما تركهُ الدين في نفوسنا ؟
متى سنعترف بكل تلك التأثيرات السلبية لنبدأ الخطوة الصحيحة في هذا العالم الحُرّ المتطوّر ؟
عالم بلا دين واحد ولا قوميّة واحدة ولا نوع واحد !
بل للجميع حقّ التمتع بجمال هذهِ الحياة .
ألم يصدُق ساغان عنما قال / هذا الكون أعظم وأكبر وأدهى وأشدّ أناقة , ممّا أخبرنا عنهُ الأنبياء !
أخيراً / هل شاهدتم زواج القرن الملكي الإنكليزي ( وليم وكيتي ) ؟
تحياتي لكم
رعد الحافظ
29 إبريل 2011
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟