صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3350 - 2011 / 4 / 29 - 11:53
المحور:
الادب والفن
رحلة فسيحة في رحاب بناء القصيدة عند الشَّاعر الأب يوسف سعيد
7
وفي قصيدة: أحشاء الكلمة، يركّز الشَّاعر على أنّه تحرّر من ولادته القديمة:
" .. في حلمي قرّرتُ أن أتحرَّر من ولادتي القديمة .. "
ماذا يقصد الشَّاعر بتحرُّره من ولادته القديمة، هل يقصد بأنها ما كانت بالقدر الذي تناسبه وبالتَّالي تحرَّر منها، ثمّّ يُركِّز على المكان لأنّه غذاء للشعر حيث يقول:
" ..سيحون، نهر آلهة العراق، يغذّي قريحتي بالشِّعر،
بعطرِ أمواجه تتجدّد خيالات قصائدي" ..
وله نزوع نحو الهدوء والتفاؤل:
" لماذا لا يطلع من تجاويف الغضب ابتسامة؟
ولماذا لا يأتي الهدوء التَّام ..
سنين ويندمل جرحها" ..
وفي قصيدة: المخيّلة، يجمح الشّاعر نحو عوالمه الفسيحة متنقلاً عبر المخيّلة ما بين الينابيع الوارفة والرِّيح وشعائر الرّقص واللَّيالي الحالمة و الأنغام الشَّجيّة:
"عزّيفاً يطلع من ناعورة الدَّم ..
" منتهياً بمرأة ..
ترتدي فقط قهقهة الجداول ..
وتستنشق رائحة البيلسان" ..
هذا هو عالم الشَّاعر الذّي يحلّق فيه، جموح تدفُّقات الخيال! .. وفي قصيدة برقيات شعريّة، هناك تبادل البرقيات ما بين الشَّاعر وصديقه الشَّاعر صلاح فائق، وأتساءل بدوري هل النصّ من وحي المخيّلة والذَّاكرة أم أنها برقيات متبادلة بينه وبين صديقه، حيث يقول:
" ماذا في الوطن الحبيب"
" في مدينتكَ الموصل يقام مهرجان لأبي تمّام،
تحدّثوا مراراً عن الزَّبدِ المجفف" ..
فيسأل الشَّاعر صديقه:
" إنّ حبّة الرَّمل ترتاحُ جدّاً للحديث عنها فكيف الزَّبد؟ ...
بلّغ أبي تمّام تحياتي" .
" ماذا تكتب في السّويد؟".
" أرتِّق الجانب الأيمن من اضبارة الشِّعر، وأنت؟".
" إنَّ مرض الدّفتريا، يغزو سطور قصائدي ".
فيجيبه الشَّاعر:
" اطمئن! فالرِّيحُ لا تكذب، ارحم بؤبؤيكَ قليلاً"
فيجيب صلاح فائق الشَّاعر قائلاً:
" .. الشَّاعر الذي أهمله الرِّفاق، الآن يحتسي رحيق أزهاره".
وهكذا يقفل الشَّاعر القصيدة وهو " يحتسي رحيق أزهاره" وهذا الرَّحيق هو الشِّعر الذي يعانق الشَّاعر في محطّات غربته، فأينما يرحل وأينما يحلّ يضمُّه الشِّعر وهو يضمُّ عبق الشِّعر ، ويعتبر القصيدة صديقته الأبدية، لا تفارقه أبداً، فأغلب الأحيان، إمّا تراه يكتب شعراً أو يقرأُ شعراً، هناكَ علاقة شعريّة حميمة مفتوحة تعانق هضاب ذاكرة الشَّاعر، ويتواصل مع الشُّعراء والفنّانين من كلِّ حدبٍ وصوب، هوذا يكتب قصيدة عن رحيل جون ميرو، حيث يقول:
" .. ماتَ جون ميرو كموت العضلة في فخذ الجبابرة،
وحده مات ميرو كما تموت الغابات في سيبيريا .." .
وفي قصيدة أسمال بالية يتحدّث عن أهميّة العقل حيث يقول على لسان الصُّوفي:
" .. وحده الصُّوفي، يستطيع أن يرتدي أسماله البالية
ويسير في أسواق مدينة كركوك ..
توارى ذلكَ الصُّوفي وكتبَ على عمود المرمر
أنا أصطاد حجل الجبال الشِّمالية،
ثمَّ أرحلُ صوب الصَّحراء العربيّة لأصطاد قبَّرة العقل" ...
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟