أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - تهجين الثقافات















المزيد.....

تهجين الثقافات


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1000 - 2004 / 10 / 28 - 09:50
المحور: الادب والفن
    


تهجين الثقافات
التفاح ودخان الديزل

بقلم: مرح البقاعي
إنه تفاح الذاكرة مسحوبا من خبايا الطفولة في مدينة بنغازي حيث مسقط رأس خالد المطاوع، الشاعر الأميركي الليبي.. وهو دخان محركات الديزل في الجنوب الأميركي حيث اصطحبه والداه مهاجرين وكان له من العمر 15 عاما وتعرّض مُذّاك إلى تفاصيل الحياة الأميركية بدخان آلتها التي لا تستريح.
ففي مجموعته الشعرية الجديدة "أبراج الصدى" Zodiac of Echoes الصادرة في شهر أيلول/سبتمبر لعام 2003 يؤكد المطاوع حضور الخطاب الأميركي العربي بقوة في تركيبة الشعر الأميركي المعاصر، حافظاً في لغته الساخنة، وكأنها رغيف خبز خرج للتوّ من تنوره، لرموز الطفولة يجسدها المناخ الشعري الذي يستلهم عناصره من صور الشرق وعبق تفاحه، مؤكدا في الوقت عينه على موقع خطاه الواثقة والحثيثة في قلب التحدي الأميركي الصارم حيث شرط الحياة يوازي شرط العمل. هكذا يصور المطاوع، شعريا، هذا الانقسام المنسجم بين عالمين حين يقول في إحدى قصائد المجموعة التي تحمل عنوان "عن التفاح والرعاة" On Apples and Shepherds:
ملك الريحان والحكيم الغرائزي..
التفاح ودخان محركات الديزل..
وكل ما يشق الروح كثلم في الأرض.
يقول المطاوع أستاذ الكتابة الإبداعية في جامعة ميشيغان University of Michigan: "إن المجتمع الأميركي برموزه المادية يمكن أن يكون رافدا للحالة الرومانسية الشعرية لا عائقا لها". وهو يعتبر أن الدراسة والإقامة والعمل في الولايات المتحدة قد زودت فن الكتابة لديه بتقنيات وآليات غربية بينما نجد أنّ الموضوع غالبا ما يَنْهلُ "عن بعد" من صور الشرق وشخوصه وتقاسيمه الوجدانية. وأثبت المطاوع كيف يقهر الشعر الجغرافيا ويختزل المسافة بين الفائت والحاضر ليس بصفته عملا تخييليا رومانسيا محضا فحسب، بل واقعا معاشا بكل معطيات المعاصرة ورموزها أيضا ـ واقعا يحاكي مجتمعا منتجا بإيقاعه السريع، الحازم، والموقوت. يقول المطاوع: "المأزق الذي يواجهه الشاعر الأميركي العربي هو وقوع بعضِهِ في شرك الذاتية والفردانية Egoism ولا سيما في الآونة الأخيرة حيث وجد نفسه في حالة دفاع عن الوجود، وفي معمعة إثبات الهوية نتيجة لانتشار العنف والاضطراب الدوْلييْن. ولا مخرج من هذه الأزمة إلا باعتماد جوهر اللغة الكونية والتركيز على الرؤية الفنية للعمل الأدبي بعيدا عن تجاذبات الـ"أنا"، مما يخرجه من رتل الكتابة الإثنية الضيقة ويدرجه بقوة في تيار الشعر الأميركي المعاصر".

بحثا عن هوية
ديانا أبو جابر المولودة في شمالي نيويورك لأب أردني وأم أميركية ما زالت تعيش تجاذبات انتمائها إلى عالمين. فوالدها كان يحاول دائبا تقريبها من الثقافة العربية. وكان يغذي هذه النزعة في نفسها باستمرار من خلال الحكايات التي كان يرويها على أسماعها منذ نعومة أظفارها.. حكايات عن تراث الأجداد، وعن الحلوى، والعيد، و"لمة" العائلة. وقد جسدت روايتها الأولى آريبيان جاز Arabian Jazz ملامح استشراف الهوية بين الحاضر/المعاش والتاريخ/الحلم الذي تصفه بقولها: "إنه نوستالجيا الحكايا المتخيلة مقابل الضروري واليومي".
تدور الرواية حول حياة أسرة أردنية انتقلت للعيش في أحد الأحياء الشعبية في شمالي نيويورك، وتصور صراع أفرادها وانقسامهم في انتمائهم وولائهم لعالمين ولحضارتين. فالأب يعزف موسيقى الجاز الأميركية ويجد في ظلها سكينة الإقامة في منطقة محايدة هي محصلة حضارتين. فهذه الموسيقى، في رأيه، تحمل من الشرق (الوطن الأم) وهجه، ومن الغرب (الوطن المختار) إيقاعاته، بينما تعيش إحدى ابنتيه دوامة الانتماء، ويداهمها باستمرار سؤال الهوية هل هي عربية أم أميركية، وكيف تحقق موقعها بين هذين العالمين؟!
وعن إرهاصات الكتابة لديها تقول أبو جابر: "بين حكايا أبي المتخيلة وقراءات أمي لقصص الأطفال الأميركية تصاعدت في داخلي نزعة يافعة لرواية قصتي الشخصية وبصوتي الخاص. وبدأت فعلا بالكتابة في سن مبكرة لا تتجاوز 12 عاما".
وعن روايتها هذه التي حازت على جائزة أوريغون للكتاب Oregon Book Award في عام 1994، والتي نفدت طبعتها المنقّحة من الأسواق إثر صدورها في شهر نيسان/أبريل عام 2003، تقول: "معظم قرائي هم من الأميركيين المتعطشين لمعرفة المزيد عن طبائع العرب الأميركيين و وأحوال حياتهم في الولايات المتحدة، وما الذي يعنيه أن ينشأ المرء في الولايات المتحدة حاملاً بذور التراث الشرق أوسطي".


الشعر واختزال المسافة
وبخلاف ما دُعي اصطلاحا، في العقود الفائتة، بأدب المهجر فقد تمكن الكتاب الأميركيون العرب اليوم، في عصر الاتصالات، من معالجة معضلة المسافة والاغتراب، ومن الانخراط طوعا في إحداثيات المجتمع الجديد بمجموعة معارفه الإبداعية المنتجة، منطلقين بأقصى سرعة في اتجاه أفق مفتوح للحرية يتسع لأفكار واصطلاحات الكل في صياغة جريئة للمستقبل دونما رقيب، مؤكدين على إمكانية أن يحيا المرء تعدديته الثقافية بامتياز في ظل الإبداع.

فها هي الشاعرة الأميركية الفلسطينية ناتالي حنظل تختزل العالم، مرادِفة بين أصولها المشرقية وأدوات الغرب المعرفية واللغوية. فمن خلال قراءة لبعض من قصائدها ابتداء من قصيدة "غزة" و"بيت لحم" وصولا إلى "مقهى بيروت" و"ساعات زُرق" نجد حنظل تلاحق الجذور وتصوغ صورها من جغرافيا الأمكنة الفلسطينية كجبل الزيتون، والمدينة المقدسة، وبحر يافا، ووهج صحراء النقب. إنها تستشرف أصولها من الذاكرة الجماعية العربية وتصوغها في قصائدها وإن كانت لا تسجلها باللغة العربية. تقول حنظل: "إنني فخورة بانتمائي إلى حضارتين، بل ومحظوظة كذلك. ففي التعددية الثقافية أفق مفتوح على السبل والإمكانات بلا استثناء. وواجب الكاتب أن يروي أوجه هذه التعددية بغناها وطاقاتها الكمينة متجاوزا السياسات التي غالبا ما تعمق الهوة بين الحضارات".
وكان شاعر أميركا والت ويتمان أول من استشف العلاقة المنطقية بين الضميرين الفردي والجمعي حين قال: "إن الفنانين في جميع أنحاء العالم يَعبُرون كل يوم بوابة اللاوعي الشخصي لِيَلِجوا أعماق الوعي الجماعي".


روزفلت وجبران
خاطب الرئيس الأميركي المستنير فرانكلين روزفلت يوما الكاتب والفنان جبران خليل جبران بقوله: "أنت أول عاصفة انطلقت من الشرق واكتسحت الغرب، ولكنها لم تحمل إلى شواطئنا إلا الزهور". وكأنها كانت نبوءة من ذلك الزعيم والمفكر الأميركي الرائد بمشارف فجر العولمة الذي سيحمله المبدعون مستقبلا منارةً للاتصال بالعالم.
ما قبلَ جبران، كان العقل الغربي ينظر إلى الفكر القادم من الشرق باعتباره فضاء غيبيا يتيح للخيال الهروب إليه من ضغط الحاضر على غرار ليالي ألف ليلة وليلة، وحكايات شهريار الغرامية، ومغامرات سندباد وعلاء الدين السحرية، من صور وهمية للشخصية العربية قد لا تمتّ إلى الواقع الثقافي العربي بصلة، حيث بدت من خلال هذه الحكايات شخصية قَدَرية، سلبية، لا تحكم حياتها، وتنفصل انفصالا مريضا عن مسارها المنطقي.
وقد أسهم أدباء المهجر منذ مطالع القرن العشرين في تنوير الفكر الأميركي من خلال نفيهم في أعمالهم الإبداعية لصورة ألف ليلة وليلة كوثيقة اجتماعية لمجتمع بعينه ومدهم، تاليا، لجسور المعرفة بمنطق الحياة والثقافة العربيتين بعيدا عن تهويمات الأسطورة والخرافة. ومن أبرز رموز عصر التنوير كان جبران خليل جبران الشاعر والفنان الذي ولد في مدينة بشرّي شمالي لبنان عام 1883 وعاش طفولته في الحي الصيني في بوسطن وانتقل لاحقا إلى نيويورك ليؤسس فيها "الرابطة القلمية" عام 1920. وكانت هذه الرابطة هي أول جمعية أدبية عربية في أميركا الشمالية ضمت في صفوفها أدباء كبار من طراز: ميخائيل نعيمة وإيليا أبي ماضي ونسيب عريضة ورشيد أيوب وعبد المسيح حداد وغيرهم.
ويمثل كتابه "النبي" قمة نتاجه وذروة الرسالة التي دعا إليها وهي تتلخص في جعل المحبة حجر الزاوية في حياتنا كبشر حيث يقول: "لا تملك المحبة شيئا، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة".
وقد عامل الأميركيون "النبي" معاملة الكتب الدينية حيث تقرأه طوائف البروتستانت المسيحية في كنائسها ومحافلها الدينية. وتمثال جبران الذي تحتضنه واشنطن في حي السفارات الراقي هو الوحيد في المدينة لشخصية عربية إثر استصدار قانون خاص من السلطة التشريعية العليا يتجاوز قانونا مانعا لرفع تماثيل لشخصيات غير أميركية في العاصمة، وذلك تعبيرا عن فرادة الموقع الذي احتله هذا المفكر في وجدان الشعب الأميركي وضميره المبدع.



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر قصيدة كواليس
- التعددية الثقافية
- المرأة.. ومحظور الفن


المزيد.....




- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرح البقاعي - تهجين الثقافات