|
-فى الردّ على الوطد-- الحلقة الأولى_لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 2 / أفريل 2011)
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3349 - 2011 / 4 / 28 - 20:29
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية! ( عدد 2 / أفريل 2011)
"فى الردّ على الوطد"- الحلقة الأولى
مقدّمة العدد الثاني :
" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس .و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."( انجلز ، ذكره لينين فى "ما العمل؟" ) .
فى نهاية مقدّمة العدد الأوّل ،وعدنا بإنجاز قراءة نقدية ل" مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين-اللينينيين" و ها نحن نفى بوعدنا حيث تجدون فى هذا العدد الثاني نصّا فى الغرض إلى جانب تعليق على كرّاس للوطد ( الوطنيون الديمقراطيون الماركسيون الوطد) ينقد فيه العود ( حزب العمل الوطني الديمقراطي ) , و إلى هذين العملين أضفنا مقالا آخر عُني بنقد تيّار فكري دغمائي تحريفي داخل الحركة الشيوعية العربية ، لا سيما فى القطر ، أطلقنا عليه نعت " النكوصي" و بالطبع ستعرفون لماذا عند قراءة المقال.
و قد أنهينا الإشتغال على العدد الذى نضع الآن بين أيديكم ، نتوجّه رأسا إلى المهمّة المرسومة التالية و أمامنا حاليّا ملفّان لم نتمّ جمع ما يكفى من الوثائق بشأنهما و نقصد ملف مسألة ستالين القائد الماركسي العظيم الذى قام بأخطاء جدّية أحيانا و ملفّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . لكن الأكيد أنّ فى العدد القادم ، ستطالعون و تدرسون- و نرجو بعمق- أحد هذين الملفّين الخلافيين الشائكين و الشيّقين.
و إيمانا منّا بأنّه ينبغى إيصال الخطّ الإيديولوجي و السياسي للجماهير العريضة و نشره حيث أمكن علنيّا – مع الحفاظ على التنظيم السرّي لمن إختار العمل السرّي- و بأنّ التحالفات السياسية لا تنفى إستقلالية النشاط و الصراع الفكري و السياسي - نتوجّه هنا بدعوة للمجموعات الوطنية الديمقراطية جميعها إلى أن تنشر وثائقها التاريخية و المرجعية و التأسيسية ( و لها أن تراعى المحاذير الأمنية التي تراها لازمة ) لفتح نقاش و جدال على أوسع نطاق علّنا نساهم فى إعادة الحياة إلى النضال على الجبهة النظرية كواحدة من الجبهات الثلاثة التي تحدّث عنها إنجلز و ذكرها لينين فى" ما العمل؟" ، و التي غيّبها " اليسار " فى القطر تغييبا جزئيّا أو كلّيا لعقود الآن و نرفع من الوعي الطبقي البروليتاري حتى تقع عملية الفرز الإيديولوجي و السياسي على أسس علميةّ واضحة و راسخة من منظور و موقف بروليتاريين و بمنهج مادي جدلي و مادي تاريخي بغية التقدّم بالممارسة و التطبيق العملي الثوريين.
----------------------------------
1- قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين- اللينينيين.
2- بعض النقد لبعض نقاد الماوية ( ملاحظات نقدية ماوية لوثيقة " الثورة الوطنية الديمقراطية و المرتدون مؤسّسو "العود")
3- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
1 - قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين- اللينينيين.
دون مقدّمات ، نتوغّل فى قراءة نقدية لمشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين –اللينينيين من منظور بروليتاري، ماركسي-لينيني-ماوي .
الهوية:
من العنوان حدد الجماعة أنفسهم على أنهم وطنيون ديمقراطيون ماركسيون-لينينيون و تكرر التحديد بين طيات الصفحات الا أنهم فى مناسبتين حوروا التحديد باضافة فى مناسبة أولى الشيوعيون الى الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين-اللينينيين (ص9) و فى مناسبة ثانية وردت الصيغة كالآتى : الوطنيين الديمقراطيين كشيوعيين (ص11) . مما يثير ملاحظتين اثنتين :
أولا ، توصيفهم كشيوعيين يأتى اضافة أي أنه ليس من صميم هويتهم كما حددوها هم أنفسهم و يأتى كذلك فى المصاف الثالث/الأخير بعد الوطد و بعد الم-الل و فى هذا دلالة سنعود الى تفصيلها لاحقا . ثانيا ، من الأكيد نظريا و عمليا أن يوجد وطنيّون ديمقراطيون غير شيوعيين فعلاوة على أن فى الواقع العربي اليوم هنالك حتى تنظيمات تحمل هذا الاسم و ما هي بشيوعية أصلا فان قوى سياسية تاريخيا وواقعيا كانت وطنية ديمقراطية أي تبنت البرنامج و المهام الوطنية الديمقراطية و عملت فعليا لأجل الثورة غير أنها لم تتجاوز تلك المرحلة و سعت لإعاقة المرور الى المرحلة الاشتراكية و هو ما حصل على أرض الصراع الطبقي فى الصين حيث وقف أعضاء و قياديون من المنتمين الى الحزب الشيوعي الصيني فضلا عن قوى أخرى خارجه فى وجه التقدم نحو التحويل الاشتراكي للمجتمع و تمكن الخط الماوي الشيوعي الثوري من الحاق الهزيمة بهذا الخط الانتهازي اليميني.
و أما أساس تحديد الجماعة أنفسهم على أنهم وطنيّون ديمقراطيون ماركسيون-لينينيون فنعثر عليه فى الصفحة9: " و على أساس هذا التحليل للواقع الاقتصادى و الاجتماعي فى القطر العربي تونس تتحدد هوية الوطد الم-الل" و طبعا من لديه/لديها أدنى اطلاع على التاريخ و الأدبيات الشيوعية تعتريه /ها الدهشة بداية و تملى عليه/ها وقفة تأمل ثانيا . فمنذ متى كان الشيوعيون يحددون هويتهم انطلاقا من تحليل الواقع الاقتصادي لقطر ما؟ هوية الشيوعيين تتحدد كما أوضح لينين فى مقاله الشهير المتعلق بتغيير تسمية الحزب الذى كان ينتمى اليه الى حزب شيوعي،بأهدافهم النهائية فالشيوعيون سموا ذاتهم كذلك رفعا لراية هدفهم النهائي : الشيوعية و الجماعة يريدون العودة بنا الى ما قبل اللينينية و يقدمون ذاتهم كلينينيين !
و هنا نربط الحديث بالتحديد الثلاثي "الوطد الم-الل كشيوعيين" فنذكر بما سبق من أن الهوية الشيوعية تضاف اضافة و فى المرتبة الثالثة و ذلك لأن الجماعة فى محاولة بائسة لتطبيق المادية استنبطوا هويتهم من التحليل الاقتصادى و الاجتماعي . و الحقيقة أنهم يتمادون فى فكر مرجعه الحقل الطلابي فى الثمانينات تحت امضاء الوطنيون الديمقراطيون و يعملون على التمايز مع من استعمل ذات الإمضاء باضافة م-ل اذ هم لم يتزحزحوا بمعنى لم يطوروا تجربتهم حتى بعد التحاقهم بميادين أخرى، غير الطلابية ،عن تلك التجربة بما حملت من ايجابي و سلبي و هم يظنون الى اليوم أن التشبث بها خاما كما هي فكرا و ممارسة يعطيهم الشرعية التاريخية التى منها يستمدون قوتهم ، حسب اعتقادهم .و تجدنا هنا مضطرين الى التذكير بأن تسمية الوطد نبعت من صراع تاريخي داخل الحركة الشيوعية التونسية فى الستينات و السبعينات بين طريق الثورة الاشتراكية التروتسكى و طريق الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة الماركسية-اللينينية-الماوية و بالتالي رغم ما حدث من عهدئذ من تطورات محليا عربيا و عالميا يأتى الجماعة الآن ليبقوا الأمر على حاله فيقفون عند تلك المحطة و لايغادرونها ليس هوية و حسب بل فكرا و ممارسة أيضا كما سنبين لاحقا.
و يعود الجزء الثاني من التسمية أي الماركسيين-اللينينيين للتميز الشكلي عن الوطنيين الديمقراطيين بالجامعة الذين التحقوا بالساحة الشعبية و يمضون أيضا على أنهم الوطنيون الديمقراطيون.ويبدو أن إلحاق ال"شيوعيين " راجع الى رد فعل على نقد ما لا سيما و أن النقاشات مفتوحة نوعا ما داخل الماركسيين فى المدة الأخيرة تحت ضغط التغيرات الجديدة سياسيا. و بالصفحة (9) نقرأ : " الوطنيون الديمقراطيون الماركسيون-اللينينيون الشيوعيون مخلصون لتعاليم ماركس و انجلس و لينين و ستالين و الأممية الثالثة و يتفاعلون جدليا مع التجارب الثورية للشعوب فى العالم" وهو ما يقتضى الاشارة الى أن هذه الصيغة تحمل خطأ هو أن التعاليم المشار اليها ليست كلها صحيحة و صالحة لواقعنا الراهن محليا و عالميا و بهذا الصدد تكفى فقط الاشارة الى نقد لينين لماركس و رؤيته للثورة الاشتراكية فى أوروبا. و الشيوعيون الغيورين على الثورة البروليتارية فحصوا بروح عالية من المسؤولية و درسوا التجربة الاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي و تجربة الأممية الثالثة و استخلصوا أن التجربتين مشوبتان بأخطاء جدية أحيانا. فالصيغة الصحيحة لا يمكن أن تكون الا الاخلاص الى " التعاليم الصحيحة" لمعلمى البروليتاريا العالمية و لا ينبغى اسقاط ماوتسى تونغ من قائمة معلمي البروليتاريا و لكن الدخول فى تعقيدات هذه المسألة ليس من مشمولات هذا المقال . ثم ما معنى " يتفاعلون جدليا مع التجارب الثورية للشعوب فى العالم "؟ صيغة مبهمة و ملتبسة لكيفية التعامل و لا تعطى أمثلة حية أو تاريخية أو مستقبلية لهذا اللون من التعامل.
و كجزء ثانوى فى هوية الجماعة اعتبار أنفسهم الممثلين الوحيدين للوطنيين الديمقراطيين فلا يكفون عن نعت أنفسهم بالخط الوطني الديمقراطي و هو ما نلقى صداه فى الصفحة( 17) " انتاجات الخط و أدبياته " مما يستدعى تسجيل أن مفهوم الخط كما هو مستعمل هنا مفهوم لا أساس له من الصحة أصلا .لقد تم استعماله تاريخيا فى الصراع بين خط الثورة الوطنيّة الديمقراطية و خط الثورة الاشتراكية داخل الحركة الشيوعية التونسية فى الستينات و السبعينات و مذاك مضت عقود و صارت الأطروحتان واضحتين نسبيا و غدا دعاة الخط الوطني الديمقراطي مجموعات و حلقات و ما عاد لا دقيقا نظريا و لا صحيحا عمليا خاصة و أن المجموعات و الحلقات اياها شهدت خلال تطورها كوحدة أضداد صراعات عديدة بين الخطين و انقسمت الى شظايا أحيانا( و هم أيضا عاشوا هذه الحقيقة المادية) . و بات استعمال هذا المفهوم و لوحده أي دون صراع الخطين خارج التنظيم الواحد أو الحركة الواحدة تعبير مثالي يبث الغموض و التعمية و الفكرة الخاطئة عن الوحدة الصماء لأي تنظيم وهو أبعد ما يكون عن المادية الجدلية التى تعتبر كل سيرورة وحدة أضداد و كل مجموعة أو تنظيم أو حزب أو حركة وحدة أضداد محرك تطورها الجوهري صراع الأضداد أي صراع الخطين و على الثوريين خوض هذا الصراع الى النهاية و على الدوام من أجل الحقيقة و صحة الخط الايديولوجي والسياسي البروليتاري للتنظيم و من أجل تطويره استنادا الى الممارسة العملية فالنظرية و هكذا دواليك فى حركة لولبية تصاعدية لا تنفى الانتكاسات.
جوانب من المنهج :
أولا، ما يلفت الانتباه بهذا الصدد هو ، قبل كل شيئ ، تعويل أصحاب البرنامج فى تحليلهم على معطيات تاريخية خاطئة تماما و منها: 1- " بروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة امبريالية عظمى خاصة بعد الحرب الامبريالية الأولى 1914-1918" (ص6) فى حين من المعلوم أن الولايات المتحدة برزت كقوة عظمى فعلا اثر الحرب العالمية الثانية فأصبحت قائدة البلدان الرأسمالية الامبريالية. 2- " استعمرت من جديد بشكل مباشر مناطق أخرى مثل السعودية و الكويت و الامارات و العراق و غيرها " (ص6) و نحن نلمس فى الواقع عدم عكس هذه الصيغة لواقع الحال فلا الامارات محتلة احتلالا مباشرا و لا السعودية و لا الكويت كل ما فى الأمر أن مناطق معينة من هذه البلدان معتمدة كقواعد عسكرية . 3- و بعد صفحات تغدو العراق بلدا يتعرض لحصار جائر ! بعدما اعتبر محتلا مباشرة فى الصفحة 6، فى الصفحة 12 ، جاء : " ...الحصار الجائر المضروب على كوريا الشمالية و كوبا و العراق و ليبيا الخ..." 4- و " بزوال التناقض بين النظام الرأسمالي و الاشتراكي منذ المؤتمر 20 للحزب البلشفى سنة 1956 بدأت الحركات الاشتراكية و الوطنية التحررية تعيش حالة من الجزر و الانحسار"(ص5) و لأننا لن نقف طويلا عند خطأ زوال التناقض بين النظامين منذ المؤتمر 20 للحزب الشيوعي السوفياتي باعتيار وضوح الأمر لمن له اطلاع على تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و نشوء و تطور الحركة الماركسية-اللينينية و الوطنيون الديمقراطيون نتيجة لها أحب من أحب و كره من كره هذه الحقيقة الى جانب تجارب الصين و ألبانيا التى يعتبرون حزب عملها ماركسيا-لينينيا فى وثيقة "هل يمكن ..." ، فاننا نوجه نظر القارئة/ القارئ الى التاريخ المعاصر و الواقع الملموس لحركة التحرر فى فتنام فى الستينات و السبعينات على سبيل المثال لا الحصر لدحض هذا التخريف. ثانيا، اعتمد البرنامج صيغا مرتبكة تحمل أفكارا متناقضة كليا أحيانا و منها:
1- " استنادا الى النظرية الماركسية-اللينينية و تجارب الشعوب الوطنية التحررية و الاشتراكية العلمية..." (ص2) ما هي الماركسية-اللينينية ان لم تكن نظرية الثورة البروليتارية الملخصة لتجارب الانسانية فى أرقى مستوياتها و ماهي الماركسية-اللينينية ان لم تكن الاشتراكية العلمية ذاتها جزء منها؟ ذلك أن مصطلح الاشتراكية العلمية يفيد مكوّنا من مكوّنات الماركسية و مصادرها الثلاثة و الماركسية تطورت الى ماركسية- لينينية ( ثم تطورت الى ماركسية- لينينية- ماوية ) مما ينم عن عدم مسك الجماعة كما ينبغى بالمفاهيم الماركسية و اختلاطها عليهم لضعف و تهاون فى تكوينهم الايديولوجي كأحد أهم سماتهم. 2- " و التناقض بين الكتل الرأسمالية و الدول الامبريالية" (ص4). ما المقصود بالكتل الرأسمالية ؟ هل تشير مثلا الى "المحور" و "الحلفاء " أثناء الحرب العالمية الثانية أم "الاحتكارات الرأسمالية" تحديدا كمصطلح لينيني و عنصر من عناصر مفهوم الامبريالية ؟ و ليعلم الجماعة أن الرأسمالية الحالية هي رأسمالية امبريالية فلا فرق بين الرأسمالية و الامبريالية سوى أن الامبريالية أعلى مراحل تطور الرأسمالية . 3- " و تهدف الثورة الى القضاء على أسباب التقسيم و التجزئة و التخلف أي التواجد الامبريالي الرجعى..." (ص8). لاحظتم معنا و لا شك "التواجد الامبريالي الرجعي" فهل نفدت المصطلحات ليركن الى"تواجد رجعي " و كأن الرجعيين جاؤوا مع الامبرياليين و الحال أن الإقطاع و الكمبرادور/ البيروقراط حلفاء محلّيين للإمبريالية؟ 4- " نمط الانتاج الاشتراكي العلمي " تخريجة غريبة . متى كان الماركسيون يصفون نمط انتاج بالعلمية ؟ و نذكر بأن "الاشتراكية العلمية " هي مكوّن من مكوّنات الماركسية و مصادرها الثلاثة التى تطورت الى ماركسية-لينينية ثم الى ماركسية-لينينية-ماوية. 5- "ربط علاقات استراتيجية مع الأحزاب الشيوعية و البلدان و التجارب الاشتراكية و الوطنية التحررية فى العالم..." (ص 14) أما ربط العلاقات مع الأحزاب الشيوعية و البلدان فمفهوم و أما ربط العلاقات مع التجارب الاشتراكية و الوطنية التحررية فلم نفهمه لأن التجارب تقيم و يستفاد منها كأساس للتنظيرات كأن يتم تقييم و تتم الاستفادة من تجربة ثورة أكتوبر وبناء الاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي مثلا . و اذا ربطت علاقات مع الأحزاب الشيوعية فلا معنى لربط العلاقات مع التجارب الاشتراكية الا اذا يتصور الجماعة قيام تجارب اشتراكية دون قيادة الأحزاب الشيوعية . فان كان هذا قصدهم فليقدموه بصيغ بسيطة قابلة للفهم. 6-و من الصفحة (6) نقتطف : " تنصيب أنظمة سياسية عميلة قاعدتها المادية طبقات هجينة رجعية (الكمبرادور و الاقطاع) تقوم بحراسة مصالح الاستعمار و تخرب تطور الصراع الطبقي و النضال الوطني ..." بادئ ذى بدء، لا تقوم " الطبقات الهجينة الرجعية" بحراسة مصالح الاستعمار فقط بل لها هي أيضا مصالح صحيح أنها استراتيجيا لا تتناقض بشكل صارخ مع مصالح الامبريالية الا أنها أحيانا تتضارب تكتيكيا مع مصالح الاستعمار الآنية أو المرحلية و تنشب حتى حروب بين الامبريالية و هذه" الطبقات الهجينة" على غرار حرب أمريكا ضد البناما و حرب انقلترا ضد الأرجنتين ( المالوين) . ثم ان مفهوم "تخريب تطورالصراع الطبقي..." الذى يعاد استعماله بالصفحة 7 ، غير علمي بالمرة فضلا عن أنه يحمل فى طياته فكرة أن هذه الطبقات لا تخوض صراعا طبقيا من أجل مصالحها و بكافة الوسائل المتاحة لها و هذا انحراف خطير فى فهم أبجديات المادية التاريخية.
واليكم صيغ أخرى بامكانكم مشاركتنا فى التعليق عليها :
أ- " مساندة حركات التحرر الوطني و الحركات الاشتراكية العلمية فى العالم"(17) ب-" ...يناضلون من أجل تحررها ووحدتها على أسس الاشتراكية العلمية و الأممية البروليتارية"(ص16) ت- " و بحكم هشاشة الاقتصاد فى الوطن العربي و ضعف تطوره اقتصاديا ..." و ثالثا ، اعتمد البرنامج على مثالية واضحة المعالم و على ذلك نضرب أمثلة مقتضبة: 1- " أصبحت المؤسسات المالية الاحتكارية العالمية ... تعيق ( بصفة مصطنعة) كل شكل من أشكال التقدم و خاصة التقدم التقني " (ص6) . و هذا مثالي من جانب "كل" شكل لأنهم هم أنفسهم سينقضون ذلك بقول ان الامبريالية تطور ما يتناسب ومصالحها من قوى و علاقات انتاج .
2-" و مع ظهور البريسترويكا كنتيجة مباشرة للسيطرة التحريفية..."( ص ) ان كان ثمة تطورات مباشرة أي خط تطور محدد مسبقا اتبعته التحريفية و معلوم مسبقا كذلك فنطالب الجماعة بمدنا بمرجعيتهم فى ذلك لعلنا منهم نستفيد. و لعلم الجميع نتيجة للسيطرة التحريفية قبل البريسترويكا أتت الخروتشوفية فالبريجنافية الخ فلا مجال للحديث عن نتيجة مباشرة.
3- " و تتسم الحياة الفكرية فى المجتمع بسيطرة الفكر الديني المرتبط كليا بالدولة..."(9)
لا جدال فى أن الفكر الديني وجد قبل الدولة الحالية و سيوجد بعدها فماركسيا ثمة نوع من التطور المستقل نسبيا فى علاقة الفكر بالواقع فما بالك بالفكر الديني الاسلامي الضاربة جذوره فى عهد العبودية . هذا علاوة على أن الفكر الديني السياسي الرجعي عموما قد تطور بدفع من الرجعية المحلية و كذلك من الامبريالية و حتى داخل الدول الامبريالية ذاتها و بتشجيع من الامبرياليين مثلما هو الحال فى الولايات المتحدة الآن.
4- " بعد أن ضبطنا أيضا الخطة الاستراتيجية و مختلف التكتيكات الضرورية لتحقيق الأهداف المرسومة..." (ص15) بغض النظر عن لخبطة "الخطة الاستراتيجية" فالخطط تطبيق مرحلي /تكتيكي للاستراتيجيا ، فان اطلاقية "مختلف التكتيكات الضرورية" تبعث فينا الغرابة و الكآبة ، غرابة لأن هذا ليس من الماركسية فى شيئ بما أن التكتيكات ترسم مع و حسب تطور الصراع الطبقي و ما يتطلبه واقع ملموس لمعركة أو معارك ملموسة طوال الاعداد للثورة و خلالها و حتى بعدها ، و كآبة مأتاها احباط من عدم مسك الجماعة بمقولات أولية فى علم الثورة البروليتارية .
حول العصر :
من صفحة الى أخرى ، عند القراءة و المقارنة و التمحيص ، نستشف أن التفكك غالب على الوثيقة فبها تموجات و مستويات خطاب لا خيط مفاهيمي ناظم له و كأن البرنامج كتبه فى صياغته النهائية أكثر من شخص و كل وضع بصمته فيه عاكسا مدى فهمه للمسائل المطروحة.
فعلى سبيل المثال ورد فى صفحات عدة " عصر الامبريالية و الثورة الاشتراكية " و فى الصفحة الأولى " عصر انهيار الامبريالية و الثورة الاشتراكية " مما يعكس اضطرابا فكريا يؤكده حديثهم عن الامبريالية دون الاشارة و لو عرضا لجزء هام وحيوي فى تحليل لينين للامبريالية و نقصد انقسام الطبقة العاملة فى البلدان الامبريالية و ظهور شريحة أرستقراطية هي القاعدة الاجتماعية الأساسية للانتهازية اليمينية داخل الحركة الشيوعية حيث تتمكن البرجوازية الامبريالية من شراء ذمم هذه الأرستقراطية مغدقة عليها فتات مائدتها ، فتات الثروات الطائلة التى تنهبها و تنتزعها انتزاعا من المستعمرات و أشباه المستعمرات. و هذا الانقسام يفسر صعوبة قيام ثورة فى البلدان الامبريالية نسبة الى المستعمرات و أشباه المستعمرات ، نقول صعوبة و لا نقول استحالة و عدم تواتر وجود الوضع الثوري فيها جعل مركز اعصار الثورة البروليتارية العالمية الذى انتقل من أوروبا الغربية الى روسيا فى مطلع القرن العشرين ينتقل بعد ذلك الى مستعمرات و أشباه مستعمرات آسيا و أفريقا و أمركا اللاتينية . لهذا يؤكد الشيوعيون الماويّون أن الثورة البروليتارية العالمية واحدة تتكون من تيارين ثوريين لنوعين من البلدان مختلفين تحل التناقضات فيهما بصورتين مختلفتين- انتفاضة مسلحة متبوعة بحرب أهلية بالبلدان الامبريالية و حرب الشعب طويلة الأمد بالمستعمرات و أشباه المستعمرات- تقودها البروليتاريا كطبقة عالمية واحدة.وهو شيئ لم يستوعبه الجماعة أو تغاضوا عنه لارتباطه وثيق الارتباط بمسائل سنحللها فى حينها ( على غرار طريق الثورة و طبيعة الثورة و السلطة الناجمة عنها و ما الى ذلك).
المسألة الوطنية فى عصر الامبريالية :
يتحفنا الجماعة بهذه الفقرة الطويلة نسبيا و نستسمحكم فى ايرادها كاملة لمنتهى أهميتها و دلالتها: " فى مرحلة الامبريالية لم تعد المسألة الوطنية تتمثل فى نشر الديمقراطية و تمكين الأمم من التطور الحر ، لقد أصبحت تعنى اسقاط سلطة رأس المال و ارساء دكتاتورية البروليتاريا و بناء الاشتراكية العلمية فى البلدان الرأسمالية كخطوة أولى فى اتجاه الشيوعية و تعنى أيضا الاطاحة الثورية بالامبريالية و عملائها فى المستعمرات و أشباهها و تركيز الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء ذات الأفق الاشتراكي و تطوير الروابط الأممية بين الشعوب تمهيدا لارساء المجتمع الشيوعي العالمي . لقد أصبحت المسألة الوطنية جزءا من الثورة البروليتارية العالمية"(ص4)
درر أليس كذلك؟ ان الحديث عن مسألة وطنية حاليا فى الدول الامبريالية ( طبعا لا يعنى الأمر تلك الأمم المضطهدة ضمن حدود بعض الدول الامبريالية و حتى هذه تدخل مطالبها القومية ضمن أهداف الثورة الاشتراكية بمعنى حق تقرير المصير بانفصال أو عدمه) لا محل له تماما فمنذ زمن بعيد ما عادت البروليتاريا فى البلدان الإمبريالية معنية بشعار الوطنية لأنه ما عاد تقدميا بل بالعكس غدا رجعيا على طول الخط و على البروليتاريا فى البلدان الامبريالية تحديدا رفع راية الأممية و لا شيئ غير راية الأممية و الاطاحة بالراية الوطنية راية البرجوازية الامبريالية لذلك كان لينين يدعو الى تحويل الحرب الامبريالية الى حرب أهلية اذا تعذرت الحيلولة دون اندلاعها ، فى تناقض تام مع دفاع الأممية الثانية عن الراية الوطنية و فى النهاية عن مصالح و راية البرجوازية الامبريالية و كما قال لينين فى هذا المضمار : ان النضال ضد الامبريالية يمر حتما بالنضال ضد الانتهازية. فما أبعد الجماعة عن الفهم اللينيني و تطور المسألة الوطنية تاريخيا فى عصر الامبيريالية.
زيادة على ذلك فان "اسقاط سلطة راس المال و ارساء دكتاتورية البروليتاريا و بناء الاشتراكية " ليس من المسألة الوطنية فى شيئ و انما هو لب الثورة الاشتراكية . لقد حول الجماعة المسألة الوطنية الى كيس نفخوا فيه ليشمل كل الثورات فى العالم بلا تمييز و الأنكى أنها أضحت تنطوى حتى على " تطوير الروابط الأممية بين الشعوب تمهيدا لارساء المجتمع الشيوعي" ليختموا بجملة " لقد أصبحت المسألة الوطنية جزءا من الثورة البروليتارية العالمية " فى تضارب تام مع ما سبق فى الفقرة و دون توضيح ما يفيده" الجزء" هذا فضلا عن أن ما أصبح جزءا من الثورة البروليتارية ليس المسألة الديمقراطية و انما الثورات الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة التى تقودها الطبقة العاملة فى تحالف مع الطبقات و الشرائح المناهضة للامبريالية . و أما مقولة " تركيز الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء ذات الأفق الاشتراكي " فلنا عودة اليها فى ما بعد.
و ندع لكم التعليق على هذه الصيغ من الصفحة 7: " و هكذا تأجلت مهمة التحرر الوطني وهي لا تزال مطروحة الى يومنا هذا"و " أجهضت المسألة الوطنية و أصبحت من المهام المطروحة اليوم" و من الصفحة 9 : " ان العلاقات الرأسمالية موجودة فى الاقتصاد داخل القطر فى المدن و لكنها محدودة و لا تشكل العلاقات السائدة".
تحالفات الجبهة الوطنية:
بالصفحة (4) ، نجد : " و تحت قيادة الشيوعيين تناضل الطبقة العاملة و حلفاؤها بكل حزم و دون هوادة من أجل القضاء على الامبريالية و الأنظمة الطبقية الأخرى و بناء المجتمع الاشتراكي فالشيوعي." هنا يشرع فى الحديث عن حلفاء يناضلون بكل حزم و دون هوادة تحت قيادة الطبقة العاملة و حتى من أجل القضاء على "الأنظمة الطبقية الأخرى" و "بناء المجتمع الاشتراكي فالشيوعي"( الى الآن لم يستوعب الجماعة أن الاشتراكية ذاتها نظام اجتماعي طبقي ،مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية وفق منظري البروليتاريا / مرجع "الدولة و الثورة" مثلا حتى لا نشير الى عديد كتابات ماو).
عندئذ نتسائل من هم هؤلاء الحلفاء ؟ و تأتينا الاجابة فى الصفحة (11) : " لانجاز المسألة الوطنية يطرح علينا رص قوى الثورة فى جبهة وطنية موحدة و متماسكة تضم العمال و حليفهم الاستراتيجي الفلاحين الفقراء ثم الروافد الثانوية الفلاحين الذين يمكن أن يعادوا الامبريالية و بقية شرائح البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية". بداية ،نشير الى مفاهيم بعيدة كل البعد عن أن تكون ماركسية و أن تعكس الواقع بصورة صحيحة فما معنى "انجاز المسألة الوطنية" ؟ اذا أردنا الدقة نقول انجاز المهام الوطنية أو انجاز الثورة الوطنية . و ما معنى "رص قوى الثورة فى جبهة و طنية" ؟ هل الجبهة كيس يتم فيه رص القوى ؟ اذا أردنا الدقة قلنا نوحد صفوف قوى الثورة . و ما مفاد "يمكن أن يعادوا "؟ هل فحوى هذا أنه يمكن أيضا ألا يعادوا الامبريالية ؟ فننتقل من " حلفاء "يناضلون بكل حزم و دون هوادة" و حتى للقضاء على "الأنظمة الطبقية " و " بناء الاشتراكية " الى حلفاء قد يعادوا الامبريالية و قد لا يعادوها ، انهم يمسون من غير الموثوق بهم.
تتسع هوة "يمكن" بعد بضعة أسطر لتحتضن كافة الحلفاء باستثناء الفلاحين الفقراء : " فالفلاحين الفقراء هم الوحيدين الحليف الاستراتيجي للعمال بينما بقية الطبقات التى يمكن أن تعادي الامبريالية هي حليف تكتيكي". ثم فى الصفحة ذاتها يضاف الى نعت التحالف بالتكتيكي نعوتا تشكيكية أخرى مشروطا و مؤقتا:" و التحالف بين العمال و الفلاحين الفقراء هو تحالف دائم ( هذه منهم مثالية حيث يناضل من أجل قيام هذا التحالف و استمراره و يمكن أن يكسر- ولهم اعتراف بهذه الامكانية ص13- اذا لم تطبق سياسات صحيحة تأخذ بعين الاعتبار المصالح الآنية و البعيدة اللفلاحين الفقراء )يوجد قبل الثورة و بعد افتكاك السلطة السياسية فى حين يكون التحالف مع الفلاحين المتوسطين و بقية شرائح البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية مشروطا و مؤقتا و تكتيكيا".
ان هذه التنظيرات تعود فى أصلها الى التروتسكية و الخوجية اللتان تلتقيان فى الاستهانة بالفلاحين و ملامح أخرى من هذا المزيج التروتسكى الخوجي سنكتشفها فى لاحق الفقرات. و من الضروري هنا أن نذكر و نعيد التذكير بأن الجبهة المطلوبة و اللازمة ليست جبهة وطنية و انما جبهة وطنية ديمقراطية بكلمات أخرى ليست وطنية فحسب بل ديمقراطية أيضا مناهضة بجانبها الديمقراطي للاقطاع . ان هذا الانحراف القومجي خطير للغاية بما هو تنازل أمام التيارات القومية التى لا ترى سوى المسألة الوطنية و تغض النظر عن المسألة الديمقراطية و مارست ذلك عمليا فى سياساتها محليا و عربيا و حتى خلال تجارب مسكها بالسلطة فى أكثر من بلد . و ما آل اليه "المناضلون الوطنيون الديمقراطيون" خير دليل ساطع على تداعيات هذا الانحراف القومجي. و الجماعة انغمسوا فى المسألة الوطنية من منطلق غير بروليتاري لينفخوا فيها كما مر بنا فيحشروا فيها الثورة الاشتراكية فى البلدان الامبريالية من جهة و يزيحوا بها جانبا بل يمحوا بها من جهة ثانية المسألة الديمقراطية.
الدولة البديلة :
الدولة الجديدة على حد رأي الجماعة هي " الدكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء ذات الأفق الاشتراكي " (ص4) و بعد ذلك ، (ص12) ، " بافتكاك السلطة السياسية تسعى الطبقة العاملة بقيادة حزبها الماركسي-اللينيني الى تركيز الدكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء كخطوة أولى فى اتجاه ديكتاتورية البروليتاريا " و " تركيز و انتخاب المؤسسات السياسية و الاقتصادية للدولة و المحاكم الشعبية التى تمثل سلطة العمال و الفلاحين الفقراء".
و يريدون منا أن نفهم أن الدولة الجديدة دولة مختلفة عن دكتاتورية البروليتاريا و قاعدتها الطبقية العمال و الفلاحين الفقراء و لكن هيهات هذا التحديد المستعمل فى محاولة للمغالطة مفهوم غريب عن الماركسية-اللينينية "الديكتاتورية الديمقراطية الثورية" فضلا عن كون الدكتاتورية الديمقراطية التى قدموها لا تعدو عن أن تكون لينينيا دكتاتورية البروليتاريا ذلك أن لينين طور مفهوم دكتاتورية البروليتاريا ليضمنه طبقيا الفلاحين الفقراء فى تعارض جلي مع تروتسكي الذى بقي يدافع عن دكتاتورية البروليتاريا كدولة العمال فحسب. ان نهل الجماعة من التروتسكية يجعلهم للتعمية يخطون فى الصفحة (10) كما رأينا أن الثورة الوطنية الديمقراطية " نمط جديد من الثورات البرجوازية الديمقراطية التى أفرزتها المرحلة المعاصرة من تطور الرأسمالية الى امبريالية و ظهور الاستعمار العالمي المباشر و غير المباشر" و السلطة الناجمة عنها سلطة عمال و فلاحين بمعنى دكتاتورية البروليتاريا ." ثورة برجوازية تنجم عنها دكتاتورية البروليتاريا !!! هذا هو العمق التروتسكى لأطروحات الوطنيين الديمقراطين الماركسيين-اللينينيين جدا جدا !!!
و الآن ماذا عن برنامج هذه الدولة البديلة؟ ان برنامجهم للدولة الجديدة يسلط مزيدا من الضوء على تروتسكيتهم فالى الصفحة 12 لنقرأ معا :" ايجاد دستور جديد يلغى الملكية الخاصة لوسائل الانتاج" . الشيء من مأتاه لا يستغرب الآن و قد عرفنا مدى انتهازية خطهم الايديولوجى و السياسي . الغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج يقفز حتى على أسلوب الانتاج الاشتراكي ففى ظله توجد ملكية الدولة و ملكية السوفكوزات ( تجربة الاتحاد السوفياتي) و الى حدود أيضا ملكيات صغيرة للكلخوزيين . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يحافظ برنامج الجماعة على الملكية الخاصة ، فى القطاع الفلاحي : " يعتبر الاصلاح الزراعي المبني على توزيع الأرض على الفلاحين الفقراء توزيعا عادلا – بالرغم من أنه يبقى شعارا ديمقراطيا برجوازيا يحافظ على الملكية الخاصة و على تشتتها و يشكل خطوة الى الوراء مقارنة بالتأميم ( متى تم التأميم حتى يعتبر الاصلاح الزراعي خطوة الى الوراء ؟؟؟ التعليق منا)- هو الشعار الصحيح الملائم للمرحلة."(ص13)
و اقتصاد الدولة الجديدة التى تتميز عن الدولة الاشتراكية لا يختلف فى الأساس عن الاقتصاد الاشتراكي وفق الجماعة على الرغم من محاولة المغالطة فى آخر هذه الفقرة المقتطفة من الصفحة (13): " يتم استنادا الى كل ذلك بناء اقتصاد وطنى متكامل مخطط و مبرمج على المستوى المركزى نواته الأساسية الصناعات الثقيلة و تطوير الصناعات الخفيفة و العمل التدريجي بهذا الاقتصاد نحو نمط الانتاج الاشتراكي العلمى".( هل سمعتم بنمط الإنتاج الإشتراكي العلمي؟؟؟) الطريق الى السلطة السياسية:
و نظرا لأن الجماعة لم تفرد فقرة خاصة و صريحة للمسألة فاننا سنضطر الى التنقيب عن شذرات أفكارهم المبثوثة هنا وهناك لعلنا نبلغ مرادنا ألا وهو جمع أجزاء الصورة العاكسة لفكرهم فنسلط عليها سياط نقدنا لتبوح لنا بأسرارها . بالصفحة (7) : " وهو ما يجعل أحد هذه الأقطار أو عددا محددا منها (و ليس جميعها) مهيئا أكثر من غيره للثورة بحكم نضج ظروف بناء الحزب و اشعاعه و قيام الثورة هناك" .
الثورة تقوم هكذا عندما يبنى الحزب و يشع . هذا فهم ذاتي مثالي يناهض الفهم اللينيني للوضع الثوري الذى تتوفر فيه عناصر ثلاث هي أزمة اقتصادية خانقة و عدم قدرة الطبقة أو الطبقات الحاكمة على التحكم فى الوضع و النشاط السياسي للجماهير التى ما عادت تطيق استمرار الوضع على حاله.
و بالصفحة (7) ذاتها " و لا يمكن أن يتم ذلك الا عن طريق حرب الشعب الثورية " . هذه مغالطة أخرى فعن أي حرب شعب ثورية يتحدثون هل هي حرب الشعب (دون زيادة الثورية) طويلة الأمد فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كمفهوم من المفاهيم الماركسية- اللينينية -الماوية أم هي الانتفاضة المسلحة اللينينية فى البلدان الامبريالية ؟ و من أين جاؤونا ماركسيا- لينينيا بهذا المفهوم المفبرك الملفق أصلا ؟ انهم بهذه اللخبطة مع دفاعهم عن طريق الانتفاضة المسلحة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات – وهو خطأ دفعت ثمنه البروليتاريا العالمية دما غاليا و يكفى هنا الاطلاع على تجربة الثورة الصينية من العشرينات الى أواسط الثلاثينات- ، فهم لا يريدون أن يجدوا أنفسهم خارج شعار" حرب الشعب هي الحل ضد الخائن و المحتل " الذى ارتبط بأطروحات المجموعات الوطنية الديمقراطية عموما.
و فى الصفحة (8) نرى الجماعة يتقدمون نسبيا :" و الثورة تنطلق من القطر العربي أو البعض من الأقطار التى تعيش أزمة ثورية تكون الجماهير الشعبية فاعلة فيها بقيادة الشيوعيين و تفتك السلطة" .
انهم الآن يتكلمون عن جماهير "فاعلة" اضافة الى "أزمة ثورية" و ب"قيادة الشيوعيين" و ليس الطبقة العاملة و أداتها التنظيمية و السياسية الحزب الشيوعي . و يتأكد طريق الانتفاضة المسلحة – حين يعلمونا بالمهام المطروحة على دولة العمال و الفلاحين الفقراء فبعد افتكاك السلطة عبر" أساليب العنف الثوري الجماهيري ص11 " " يتم على أنقاض ذلك : تسليح الشعب و تدريبه على مختلف أشكال القتال و النضال ضد معسكر الثورة المضادة و تركيز وحدات الجيش الشعبي الثوري". و مدلول هذا أن التسليح يجرى بعد افتكاك السلطة (و ليس أثناءها حتى) بينما حرب الشعب الماركسية-اللينينية-الماوية تنطلق بعدد قليل أو كثير من المناضلات و المناضلين قليلي الأسلحة و أحيانا حتى دونها ليفتكوا السلاح أساسا من العدو و يستمروا فى توسيع تسليح الشعب و تمر حرب الشعب بمراحل ثلاث، دفاع استراتيجي فتوازن استراتيجي فهجوم استراتيجي و فى الأخير افتكاك السلطة عبر البلاد كافة و العمل على الحفاظ عليها و تطويرها.
ومع أن الجماعة يشددون كما سلفت الاشارة الى ذلك على أن الثورة الوطنية الديمقراطية " نمط جديد من الثورات البرجوازية الديمقراطية ..." فانهم يقترحون طريقا قديما صالحا للبلدان الامبريالية فيخلطون عن عمد الحابل بالنابل ليجعلوا من يقرأ لهم أو يسمعهم لا يفقه شيئا من أن للتناقضات المختلفة نوعيا حلول مختلفة نوعيا .
و فى صيغة تضرب فى الصميم المادية الجدلية ،صيغة هلامية زئبقية أخرى، لتنصلهم من حرب الشعب الماركسية-اللينينية-الماوية مع البقاء على نهج ايلاء أهمية للريف و المسألة الديمقراطية لا يعين الجماعة مركز ثقل عملهم بمعنى أين توجه رئيسيا و نعيدها رئيسيا ( لا نقول كليا) قوى الثوريين للريف أم للمدينة ، يكتبون : " يشمل هذا النشاط المدينة و الريف على حد السواء ".
و على هذا يدعو الجماعة الى طريق الانتفاضة المسلحة و لايفرطون بانتهازية فى شعار "حرب الشعب ". و طريق الانتفاضة المسلحة تروتسكي خوجي المنبع يتناقض على طول الخط مع الماركسية-اللينينية و تطويرها على أيدى ماوتسي تونغ الى ماركسية-لينينية-ماوية و أثبتت تجارب القرن العشرين من الصين و كوريا و فتنام الى ألبانيا ... خطل طريق الانتفاضة المسلحة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و صحة طريق حرب الشعب الماركسية-اللينينية-الماوية. و لا أدل على ذلك فى أيامنا هذه من المثال الساطع فى الهند و الفليبين إلخ.
الحزب الشيوعي :
نضع بين أيديكم من الصفحة الرابعة " ...نضال الطبقة العاملة و الشعوب و الأمم المضطهدة تحت قيادة الماركسيين –اللينينيين " و من الصفحة السابعة " ان المهمة المركزية المطروح على الجماهير الشعبية فى الوطن العربي انجازها بزعامة الطبقة العاملة و تحت قيادة الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين-اللينينيين هي الثورة الوطنية الديمقراطية ذات الأفق الاشتراكي ..." و من الصفحة الثامنة " و الثورة تنطلق من القطر العربي أو البعض من الأقطار التى تعيش أزمة ثورية تكون الجماهير الشعبية فاعلة فيها بقيادة الشيوعيين ".
القيادة اذا فى مناسبة أولى للماركسيين-اللينينيين و فى مناسبة ثانية للوطنيين الديمقراطيين الماركسيين-اللينينيين و فى مناسبة ثالثة للشيوعيين و الى جانب هذا التداخل فى المفاهيم و جعل الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين-اللينينيين دون سواهم هم قيادة كافة الثورات المنتظرة فى الوطن العربي ، لا يجرى الحديث عن تنظيم حزبي للطبقة العاملة بل يحل محله الأفراد "الشيوعيون " أو مجموعة "الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين-اللينينيين " بما يزيد من تأكيد أن الجماعة مضطربة للغاية ايديولوجيا و سياسيا و هذا الاضطراب لا يقف عند هذا الحد و انما يتعداه ليطال فهم الحزب من منظور ماركسي-لينيني . ولنتأمل معا المقتطفات التالية:
أ- " علينا قبل كل شيئ السعي الدؤوب الى بناء الحزب الماركسي-اللينيني" (ص2) ب- العمل على بناء حزب الطبقة العاملة " كأحد المهام العملية "(ص15) ت- وهو ما يجعل أحد هذه الأقطار أو عددا محددا منها ( ليس جميعها ) مهيئا أكثر من غيره للثورة بحكم نضج ظروف بناء الحزب و اشعاعه و قيام الثورة هنالك".(ص7).
فمن المقتطفين الأول و الثاني نستشف لخبطة فكرية تعكس ضحالة التكوين الايديولوجي و السياسي للجماعة باعتبار أن الحزب لينينيا لا يبنى مباشرة بل ان بناء الحزب مرحلة متقدمة تأتي و لا شك كمعركة طويلة بعد مرحلة التأسيس الا أن أصحاب البرنامج الذى ننقد ومنهم من له من التجربة ما يفوق العشريتين فى النضال لا يولون الموضوع حقه من الاهتمام فيقفزون الى البناء حتى قبل تأسيس هذا الحزب و اللينينية من هذا المنهج براء. كما أنهم يعتقدون ، استنادا الى المقتطف الثاني ، أن بمجرد تحقيق الحزب المبني للاشعاع تقوم الثورة فيسقطون مجددا فى الذاتية متناسين المفهوم اللينيني للوضع الثوري و خوض المعارك السياسية و الايديولوجية المتنوعة و تنظيم صفوف الطبقة العاملة بصورة أوسع فأوسع بالتعويل على رفع الوعي عبر الصراع على الجبهات جميعها و خوض معارك لتعبئة الجماهير لتمسك بمصيرها و اقامة تحالفات و جبهات مختلفة...و هذا طريق الثورة البروليتارية فى البلدان الامبريالية أما فى المستعمرات و أشباه المستعمرات فالحزب البروليتاري يتجه بعد تأسيسه، بكل ما أوتي من جهد و من خلال معاركه على الصعد كافة الى الاعداد الى حرب الشعب و الى خدمتها اذا ما انطلقت. الأممية :
يفيدنا ما ورد بالصفحة الثانية : " و من موقع مسؤولياتنا التاريخية القومية منها و الأممية " و "باعتبارنا جزءا من حركة التحرر الوطني و الحركة الاشتراكية ( لا! الشيوعية . التعليق لنا) فى العالم " بأن الجماعة معنيين بالأممية و لكن نظرة و لو سريعة على تاريخهم تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنهم مارسوا عكس ما يدعون لسنوات و سنوات و لا يزالون فما تابعوا صراعات الحركة الشيوعية العالمية فى العقود الأخيرة و لا عملوا على ربط علاقات و المساهمة فى التقدم بالصراعات العالمية و مساندة حركات التحرر باستثناء تلك العربية ، كل ما فعلوه يتلخص فى الانغماس فى العمل النقابي بتوجه و سياسات نقابوية بحتة مشوبة بكم لا يستهان به من البيروقراطية و البحث عن المواقع على حساب المواقف و الانغلاق على الذات مهملين عمليا و نظريا النضال من أجل تأسيس حزب الطبقة العاملة كجزء من مهام الحركة الشيوعية التونسية التى هي رافد من روافد الحركة الشيوعية العالمية .
و تصير الأممية منحصرة ، وفق الجماعة ، فى "ربط علاقات" ( " ربط علاقات استراتيجية مع الأحزاب الشيوعية و البلدان و التجارب الاشتراكية و الوطنية التحررية فى العالم ...ص14") فلا ذكر للأممية من وجهة نظر اللينينية بما هي القيام بالثورة فى البلاد و مساندة الثورة فى البلدان الأخرى و ايجاد تنظيم عالمي للأحزاب الشيوعية – أممية اليوم بالاستفادة من تجارب الأممية الثالثة و الكومنترن و الكومنفرم الايجابية منها و السلبية) و عمل البلد حيث تنتصر الثورة الاشتراكية كقاعدة للثورة البروليتارية العالمية التى يجب أن توضع فى المصاف الأول اذا حصل تناقض بين الثورة فى بلاد ما و التقدم بالثورة البروليتارية العالمية الخ .
ومع ختام الوثيقة ، خطّ قلمهم :" مضاعفة المجهودات الرامية الى ربط علاقات مع التنظيمات الماركسية-اللينينية فى الوطن العربي و فى العالم ، التنظيمات المخلصة للاشتراكية العلمية و الأممية البروليتارية و لتعاليم رموزها الأربعة ماركس ، انجلز، لينين ،ستالين و السعي الى التعريف بانتاجات الخط و أدبياته."(ص17) أكثر من سؤال يفرض نفسه علينا فرضا : هل للجماعة فكرة أصلا عن أي تنظيمات من التى يقصدون موجودة فى الوطن العربي ؟ لا نظن.والى أي تنظيمات من المقصودة عالميا سيتوجهون ؟ و بأي أدبيات و انتاجات سيعرفون و نحن لمسنا مدى ضحالة مثل هذه الأدبيات من خلال الوثيقة التى ننقد؟
للجماعة تخلف عن ركب الصراعات داخل الحركة الشيوعية العالمية يعد بعشرات السنين فبشكل مقتضب نجمل أن ثمة عالميا الخوجيون الذين اعترى موقفهم المهاجم لماو تراجعا نسبيا و خفت لهجتهم أوخفتت فى بعض البلدان على الأقل. و ثمة الماويون بشيئ من التفرعات و الذين يستميتون عموما فى الدفاع عن الماركسية-اللينينية- الماوية كمرحلة جديدة، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية و يطبقونها و يطورونها ليجعلوا منها قائدة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و فى الهند و الفليبين مثلا قطعوا أشواطا جبارة فى هذا الاتجاه . و هنالك ندوة بروكسال ذات التيار الوسطى و التى تجمع بين تيارات مختلفة من التحريفية السوفياتية الى الأحزاب الكوبية و الكورية الى الأحزاب التى تسمى نفسها ماركسية-لينينية و منها الحزب الشيوعي الألباني وريث حزب العمل الألباني و الذى (الحزب الشيوعي الألباني) يعتبر ماو تسي تونغ ماركسيا عظيما كان صديقا للشعب الألباني و تصريحات الندوة التى ينظمها حزب العمال البلجيكي لا تهاجم ماوتسي تونغ بل تعتبره شيوعيا عظيما و ان وجهت بعض الأحزاب و المنظمات المساهمة فى الندوة نقدا لهذه أو تلك من أفكاره وان وضعته منظمات و أحزاب على نفس المستوى مع غيفارا و هوشي منه وكاسترو و غرامشى...
فأين سيجد الجماعة موقعهم من الاعراب ؟ بالتأكيد خارج التاريخ أصلا و خطهم الايديولوجي و السياسي الانتقائي التروتسكي الخوجي سيجعل المتعاملين معهم – هذا ان وجدوا من يتعامل معهم – يتساءلون فى أي حقبة من التاريخ يعيش أهل الكهف هؤلاء الذين أوقفوا تاريخ نضالات وتجارب البروليتاريا فى 1956و حصرا فى الاتحاد السوفياتي و لا يملكون قراءة علمية( و نشدّد على قراءة و ليس صفحة تزخر بالعموميات) لتطوّر الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية و للتجربة الإشتراكية الصينية و لتجربة ألبانيا و تجربة الفتنام و كوريا و كوبا ...و لحرب الشعب لعقود الآن فى الهند و الفليبين و النيبال و تركيا و البيرو ...التى ، على حدّ علمنا ، لم يكتبوا عنها شيئا يذكر.
التحريفية و انهيار الاتحاد السوفياتي:
لا يرى الجماعة من تجارب البروليتاريا العالمية سوى تجربة الاتحاد السوفياتي و لا يعتبرون التجارب الأخرى اشتراكية بالمرة فلا يذكرونها بصورة محددة و مباشرة واسمية و لا يمدونا بسوى صيغ عامة للتعمية و تجنب الدخول فى التفاصيل التى تضيعهم باعتبار عدم امتلاكهم للبوصلة الايديولوجية و السياسية و التى تفضح خطهم الانتهازي اليسارى الذى يدعون بناءه على أساس الماركسية-اللينينة . فمنذ الصفحة الأولى يأخذون فى التعويم قائلين " عاشت الطبقة العاملة و عموم الكادحين على امتداد القرنين الماضيين أعظم تجاربها الثورية بدءا من كمونة باريس المجيدة سنة 1871 و مرورا بثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى فى روسيا سنة 1917 و انتهاء بالثورات الاشتراكية فى عدد من بلدان أوروبا الشرقية و الوطنية التحررية فى بعض أقطار العالم الأخرى". و نفتش بدقة صفحة صفحة و فقرة فقرة فلا نجد أي تفصيل يخص هذه الثورات الاشتراكية و الشيئ عينه بالنسبة للثورات الوطنية التحررية و نترقب منهم الى يومنا هذا أن يصرحوا أو يمدونا بتصريحات سابقة أي ثورات يقصدون ؟ و هل يدخلون ضمنها الصين و فتنام و كوبا و ألبانيا الخ أم لا؟ مع أننا لا نتوقع منهم اجابة لأنهم يتهربون عن قصد و ليس صدفة من الإعراب عن قناعاتهم المهتزة و المضطربة و سنضطر الى الانتظار لأشهر ان لم نقل لسنوات . و يسترسل الجماعة فى الصفحة الأولى ذاتها فيعربوا عن أن:" هذه التجارب لم تعمر طويلا اذ سرعان ما نحرت من الداخل و ضربت من الخارج من قبل القوى الامبريالية العالمية فاندثرت و فسحت المجال لعودة العلاقات الطبقية البائدة الرأسمالية منها بالخصوص" .
حقيقة لا يسعنا هنا الا أن نلفت النظر من جديد الى المصطلحات الانشائية الغريبة عن الماركسية مثل " نحرت من الداخل " و أن نضع اصبعنا على الجرح فنسأل بلا مراء : من نحرها ؟ و كيف ؟ و من أين أتت التحريفية فى مجتمع متكون من طبقات صديقة هي الطبقة العاملة و الفلاحين و المثقفين الثوريين حسب تنظيرات الحزب الشيوعي السوفياتي وعلى رأسه ستالين ؟ و كيف انتصرت التحريفية وبالتالى البرجوازية الجديدة على الخط الثوري فى مجتمع لا صراع طبقي فيه حسب الدستور السوفياتي لسنة 1936؟ أسئلة لا أجوبة لها لديهم سوى جواب مثالي فى أحسن الأحوال غير مادى تاريخي ،جواب الفهم التآمرى للتاريخ خاصة و أن ستالين الماركسي العظيم لم يفهم المسألة لأخطاء سببها الحدود التاريخية و أخرى تمت بصلة لنوع من الفهم غير الجدلي للصراع الطبقي فى المجتمع الاشتراكي و علاقته بصراع الخطين داخل الحزب الشيوعي. من تناول بالدرس و التحليل المسألة وطبق الدروس المستقاة من الصراع مع التحريفية عالميا و صينيا هو ماو تسي تونغ بما سمح له الى جانب مسائل أخرى بقطع خطى ذات أهمية تاريخية عالمية و تطوير الماركسية-اللينينية الى الماركسية-اللينينية-الماوية فى الأقسام الثلاثة المكونة للماركسية.
لذا عن الأسباب التى تقف وراء خسارة البروليتاريا للدول الاشتراكية يأخذنا الجماعة فى متاهة تعويمية معددين دون تحليل عوامل عامة لا تسمن و لا تغنى من جوع المعرفة على غرار " نحرت من الداخل و ضربت من الخارج" . و الأسباب العميقة عن لماذا و كيف تم تحول الحزب الشيوعي السوفياتي الى حزب تحريفي فغير لونه و غير معه لون الدولة من الاشتراكية الى الرأسمالية فلا كلمة و لزوم الصمت المطبق منبعه مزدوج اذ من جهة يسمح للجماعة بالمناورة و عدم تقديم تفسير قد يلحقهم قسرا أو طوعا بخانة من خانات التفاسير المتوفرة على ساحة الحركة الشيوعية العالمية منذ عقود و من جهة أخرى يغنيهم عن عناء البحث الجدى و التنقيب المرهق.و ستالين الذى وقفوا عنده و أوقفوا تاريخ الحركة الشيوعية العالمية عنده أو عند المؤتمر 20 للحزب الشيوعي السوفياتي لن يسعفهم بحكم أنه هو ذاته الماركسي العظيم قام بأخطاء جدية فى هذا المضمار كما سلف و أن بيننا . و فى الوقت الذى توصلت فيه غالبية المنظمات و الأحزاب الماركسية-اللينينية و الماركسية –اللينينية –الماوية الى حسم أن السبب الرئيسي لخسارة البروليتاريا لدولها الاشتراكية السابقة داخلي يكمن فى الحزب و تطور صراعاته الداخلية فى علاقة جدلية بالصراع الطبقي قوميا و عالميا وفى إرتباط بالقاعدة المادية المولّدة للرأسمالية و صراع الطريق الرأسمالي و الطريق الإشتراكي، بقي الجماعة عند العموميات المسطحة لأناس غير متمكنين من أدوات التحليل العلمي فوضعوا كافة الأسباب فى سلة واحدة و على نفس المستوى من الأهمية و أعادوا علينا ترهاتهم بالصفحة 5 : " و لكن زوال الدولة الاشتراكية منذ أواسط الخمسينات لا يرجع الى أزمة الفكر الماركسي كما ينظر لذلك الامبرياليون و أذنابهم من الانتهازيين بل هو مرتبط بالمسائل العملية و بالتجربة التاريخية للاشتراكية و سيطرة التحريفية على قيادة الحزب البلشفى و الدولة السوفياتية و علة بقية الأحزاب الشيوعية و الدول الاشتراكية فى العالم و بالتخريب الذى قامت به القوى المعادية للثورة البروليتارية ( من هي تحديدا ؟ لا جواب . التعليق لنا ) من داخل الاتحاد السوفياتي و البلدان الاشتراكية الأخرى و من خارجها و فى مقدمتها الدول الامبريالية : ألمانيا النازية و اليابان خلال الحرب العالمية الثانية و الامبريالية الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ".( و نترك لكم التعليق على : لا يرجع الى أزمة الفكر الماركسي ...بل مرتبط بالمسائل العملية " آخذين بعين الاعتبار العلاقة الجدلية بين الممارسة و النظرية فى نظرية المعرفة الماركسية كما طورها ماو : ممارسة – معرفة – ممارسة جديدة للتأكد من صحة المعرفة فمعرفة جديدة فى لولب متصاعد ...
ان العلاقات الرأسمالية هي علاقات طبقية ( و حتى العلاقات الاشتراكية طبقية )لا تندثر طوال المرحلة الاشتراكية كمرحلة انتقالية مديدة من الرأسمالية الى الشيوعية و انما تظل مستمرة الوجود و تتوالد لأن "الحق البرجوازي " والتناقضات بين العمل الفكرى و العمل اليدوى و بين المدينة و الريف و بين العمال و الفلاحين ... و قانون القيمة لا تزال سارية المفعول و كما قال لينين فى "الدولة و الثورة " الدولة الاشتراكية دولة برجوازية دون برجوازية، هدفها التضييق قدر الامكان على العلاقات الرأسمالية فى البنية التحتية وفى البنية الفوقية أيضا و توسيع العلاقات الاشتراكية فى صراع محتدم (أضاف ماو) بين الطريق الرأسمالي و الطريق الاشتراكى ينعكس طبعا داخل الحزب الشيوعي فى شكل صراع خطين من واجب الشيوعيين خوضه بلا هوادة صيانة للخط الثوري و فى سبيل تطويره و دحضا لخط السائرين فى الطريق الرأسمالي احدى نواتات البرجوازية الجديدة و ان انتصر الثوريون يظل الحزب و بالتالى تظل الدولة على الطريق الاشتراكى و ان انتصر الخط التحريفي الذى يستمد قوته من "الحق البرجوازي "و بقية التناقضات التى لم تحل بعد نهائيا، يضحى الحزب معاد للثورة والدولة دولة برجوازية تعيد تركيز الرأسمالية . و من له أدنى شك فى أن العلاقات الرأسمالية ما صارت "بائدة" فى المجتمع الاشتراكي و لا يريد التعمق كثيرا فى القضية فعليه/فعليها بالعودة على الأقل الى ستالين فى آخر كتاباته وبخاصة " القضايا الاقتصادية للاشتراكية فى الاتحاد السوفياتي ".
زيادة على ذلك، التجارب الاشتراكية محل البحث لم" تندثر" و انما هي حية بمعنى أنها منبع المستوى النظري الذى بلغته الثورة البروليتارية العالمية و تبقى ليس فحسب تراثا و ذخيرة حربية وحسب بل هي بعد تقييمها و استخلاص الدروس الايجابية منها و السلبية تنير درب الموجة الثانية من الثورة البروليتارية العالمية فى ظل قيادة الماركسية-اللينينية-الماوية. عدم استيعاب الجماعة للتحريفية و قاعدتها الأرستقراطية العمالية فى البلدان الامبريالية ( مثلما مر بنا فى بداية المقال حول العصر ) وللتحريفية كخط ايديولوجي و سياسي يمثل الطريق الرأسمالي و البرجوازية الجديدة المناقض للخط البروليتاري و الطريق الاشتراكي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و للتحريفية ضمن الحركة الشيوعية العربية كتيار برجوازي هيمن و لا يزال و نخر و لا يزال هذه الحركة جعلهم ينسون هذه التحريفية و بالتالي لا يبذلون أي جهد لمحاربتها و من لا يحارب التحريفية يسقط عاجلا أم آجلا فى أحابيلها بشكل من الأشكال و يساهم فى تأبيد هيمنتها على الحركة الشيوعية العربية و من هنا يجرى التخلى عن قيادة البروليتاريا من خلال أداتها الحزبية للثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة وهو ما حصل فعلا فى عدة أقطار عربية و فى تونس اتخذ هذا التخلى شكل القومجة بشتى الصور. يقول الجماعة " و نظرا كذلك لضعف نمو الطبقة العاملة و غياب البديل الثوري الشيوعي أو قلة اشعاعه و تأثيره فى صفوف الجماهير ، تبوأ ت البرجوازية الوطنية الدور القيادي فى حركة التحرر الوطني..."(ص6) و يتناسون التحريفية.
التهجم على الماوية :
اقسى و أهم الرصاصات و القذائف و القنابل وجهها الجماعة للماوية – لا للتحريفية المعاصرة و لا للدغماتحريفية الخوجية - و خصّوها بفقرات طويلة تكرّر الترّهات الخروتشوفية و الخوجية بصدد الماوية ،على وجه الخصوص بالصفحتين 10 و 11.
1) " و لا يعقل هنا أن نتحدث عن تناقضين أساسيين فى المجتمع مثلما تنظر لذلك المجموعات الماوية تناقض بين الامبريالية و الشعب و تناقض بين الاقطاعيين و الفلاحين فى الريف . و لا تصح هذه الرؤية لأنها تتناقض مع التنظيرات الماركسية-اللينينية فى المستوى الايديولوجي و كذلك السياسي . فمن الخطإ القول بوجود تناقضين بمعنى رئيسيين يشقان المادة اذ لا يوجد الا تناقض رئيسي واحد و تناقضات ثانوية . و من الخطا أيضا فصل الاقطاعيين عن جبهة الأعداء و الفلاحين عن جبهة القوى الثورية . و تريد المجموعات الماوية من وراء هذا الفصل الاشارة الى أن الاقطاع يمكن أن يعادي الامبريالية ، ذلك الاقطاع المستنير الذى نظر له ماوتسي تونغ ، كما أن فصل الفلاحين عن الشعب يدخل فى اطار ابراز أهمية دور الفلاحين فى الثورة مقارنة مع دور الطبقة العاملة بتعلة أن كثرة عدد الفلاحين تجعلهم قادرين على الزحف على المدينة و تحريرها ( محاصرة المدينة بالريف) و هذا التحليل يؤدى فى المستوى العملى الى تبنى الفكرة التى مفادها أن القيادة فى الثورة يمكن أن يضطلع بها الفلاحون و ليس الطبقة العاملة ". (ص10)
2) " الثورة المطروحة فى القطر العربي التونسي هي ثورة وطنية ديمقراطية ذات أفق اشتراكي وهي نمط جديد من الثورات البرجوازية الديمقراطية التى أفرزتها المرحلة المعاصرة من تطور الرأسمالية الى امبريالية و ظهور الاستعمار العالمى المباشر و غير المباشر . و تستهدف الثورة الاطاحة بالامبريالية و عملائها المحليين و ارساء الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين الفقراء كخطوة أولى فى اتجاه تركيز ديكتاتورية البروليتاريا و بناء الاشتراكية العلمية ( و ليس سلطة الطبقات الأربعة المكونة للجبهة كما تنظر الى ذلك المجموعات الماوية).(ص10)
3) " و عندما نتحدث عن التحالفات لا يجب أن نضع على قدم المساواة كما تفعل ذلك المجموعات الماوية بل ينبغى أن نفرق بين الحليف الاستراتيجي للطبقة العاملة و بين الحلفاء التكتيكيين : فالفلاحين الفقراء هم الوحيدين الحليف الاستراتيجي للعمال بينما بقية الطبقات التى يمكن أن تعادى الامبريالية هي حليف تكتيكي للعمال كما أن طبقة الاقطاعيين فى مرحلة سقوط العلاقات الاقطاعية لا يمكن أن تقوم بدور تقدمي فى التاريخ و لذلك لا يمكن أن تكون باعتبارها طبقة أو أفرادا من طبقة من مكونات الجبهة المعادية للامبريالية و القوى الرجعية . فلا يصح الحديث عن اقطاع مستنير تقدمي كما نظر الى ذلك ماو تسي تونغ و المجموعات الماوية فى تونس ( موقف الشود من خير الدين التونسي ) و اقطاعا آخر أسود رجعيا. فطبقة الاقطاعيين مثلها مثل البرجوازية فى البلدان الامبريالية كفت و منذ زمان عن أن تقوم بأي دور تقدمي فى التاريخ."
لا أدنى ظل للشك أن هذه التهم و التشويهات لا تتجاوز بالنسبة لمن لديه إطلاع على أدبيّات الحركة الشيوعية العالمية كونها تكرار قرص مشروخ لترّهات خروتشوفية و خوجية – و إن إحتجّوا على هذا فليقدّموا لنا أدبيّاتهم حول التنظيرات الخروتشوفية فى " نقد المفاهيم النظرية لماو تسى تونغ "-دار التقدّم ، الخروتشوفي و حول التنظيرات الخوجية فى " الإمبريالية و الثورة" الخوجي التى منها نهلوا بوضوح نقدهم لماو_ بيد أنها تحتاج منّا الى رد دقيق و مطول بالمراجع و المستندات الضرورية و بحكم أن هذه الخزعبلات مفصلة فى وثيقة أخرى للجماعة : " هل يمكن اعتبار ماوتسي تونغ ماركسيا-لينينيا؟" سنعمل لاحقا على تناول هذه الأخيرة بما يلزم من أسلحة النقد العلمية من وجهة نظر الماركسية –اللينينية-الماوية كأرقى تلخيص لعلم الثورة البروليتارية العالمية لنفند هذه التهم من جذورها بالحجج الدامغة فى مقالات أخرى .
خاتمة :
تشكلت الجماعة فى مرحلة الهجمة الشرسة على الثورة البروليتارية العالمية من قبل الامبريالية ومن قبل الخوجية و ذلك بعد وفاة ماوتسي تونغ و الانقلاب المعادي للثورة فى الصين وهي كأي مجموعة تحمل سمات المرحلة و أهم هذه السمات التى كشفنا هي محاولة تملصها من أفكار ماو تسي تونغ الماركسية-اللينينية التى بني عليها خط الثورة الوطنية الديمقراطية/ الديمقراطية الجديدة مع احتفاضها باسم الوطنية الديمقراطية لتجعله هوية لها و تبنيها بالتالي مقولات تروتسكية اعتمدتها الخوجية فى هجومها الدغمائي التحريفي الشرس على الماوية و من هنالك على الماركسية-اللينينية ذاتها و لا أدل على ذلك من ما حللنا و كذلك من اعتمادهم فى وثيقتهم "هل يمكن..." على الكتابات الخوجية و ان حاولوا التباين كذلك مع الخوجيين المفضوحين فى تونس : حزب العمّال الشيوعي التونسي. و فضح الثوريون فى العالم و فى تونس الخوجية باعتبارها دغمائية - تحريفية و سقطت ألبانيا ووجد الجماعة الذين بنوا قصورهم من ورق التروتسكية و الخوجية أنفسهم يحلقون و يسبحون فى الفضاء على غير هدى فصبوا طاقاتهم فى النقابات و باتوا تيارا نقابويا لا غير بخطاب طلابي فى بداية الثمانينات و ان تحدث بعضهم عن مراجعة هذا التوجه. لم تستطع التروتسكية و لا الخوجية و لن يستطيع هؤلاء الخوجيين المتسترين بناء حركة ثورية فكما قال لينين ملخصا التجارب الثورية " لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" و هؤلاء لا يملكون النظرية الثورية فكيف لهم أن يبنوا حركة ثورية ؟ و النظرية الثورية البروليتارية العالمية اليوم هي الماركسية-اللينينية-الماوية و على أساسها ينبغى بناء حركة ثورية لها خط ايديولوجي و سياسي صحيح من شأنه أن يفتح آفاق التطور نحو انجاز المهام الثورية الملقاة على عاتق البروليتاريا فى تونس و فى الوطن العربي كجزء لا يتجزء من و فى خدمة الثورة البروليتارية العالمية .
2 - بعض النقد لبعض نقاد الماوية
( ملاحظات نقدية ماوية لوثيقة " الثورة الوطنية الديمقراطية و المرتدون مؤسّسو "العود") ================================================
" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة.وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية... - ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر .فان النزعة التحريفية ظاهرة عالمية... - ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..." لينين- الماركسية و النزعة التحريفية- ===========================
إنّ قراءة متأنية لوثيقة " الثورة الوطنية الديمقراطية والمرتدون مؤسسو "العود" " مكنتنا من ملاحظات نقدية إضافية نعرضها فى ما يلى من فقرات دفعا للنقاش المثمر و البناء و توضيحا لحقيقة "الجماعة " التى تقف وراء تلك الوثيقة .
1/ براغماتيون و ذوو نظرة مثالية إحادية الجانب فى قراءة الوضع العالمي :
يلتقى الجماعة مع حزب العمل الوطني الديمقراطي فى تقييمهم للوضع العالمي الراهن إلتقاء كليا . فوفق ما نقلوه عن "العود" (ص1) : حالة الجزر الشاملة طرحت على القوى الثورية ضرورة إعادة تكييف نفسها من أجل المحافظة على جوهر عملنا". ووفق ما نطقوا به هم أنفسهم – الجماعة - :"… فى ظل حالة الجزر التى تعيشها الحركة الثورية و التقدمية و التى إنعكست بالسلب على الوضع القومي ، فى ظل كل هذه الأوضاع طرح الدكتور و مجموعته على أنفسهم إعادة النظر فى مرجعيتهم الفكرية و خطهم السياسي السابق و تجربتهم المضنية و إعادة تكييف (كالحرباء)" (ص2) . و تكرر الفكرة لاحقا فى الصفحة الموالية حيث نقرأ :" : فإلى أي مدى أفلحت قيادة "العود " الجديرة بالإحترام بتوجهها "الجديد" هذا فى تطوير الماركسية اللينينية و فى تطبيقها "بشكل خلاق" على واقع القطر التونسي فى زمن العولمة الإمبريالية آخذين بعين الإعتبار حالة الجزر الشاملة التى تعيشها الحركة الثورية فى العالم و باذلة قصارى جهدها "لتخليص البشرية " جمعاء من براثن الإمبريالية عدوة الشعوب و التقدم بها نحو المجتمع الشيوعي الخالي من إستغلال الإنسان للإنسان الذي طالما بشروا به ؟" إن "الجماعة " شأنهم فى ذلك شأن العود من دعاة "حالة الجزر الشاملة ". بيد أن التحليل الملموس للواقع الملموس يكذب هذا التوصيف . فى الحقيقة منذ خسارة الصين الماوية أواسط السبعينات ، على إثر الإنقلاب التحريفي الذى أعاد تركيز الرأسمالية فى آخر معاقل البروليتاريا ، منذ تلك الخسارة الفادحة ،إنتهت مرحلة و بدأت مرحلة أخرى بمعنى أن الموجة الأولى من الثورات البروليتارية بتياريها :الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية /الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ، التى دشنتها ثورة أكتوبر قد إنتهت لتبدأ مرحلة جديدة تم الإعداد لها عن طريق الدفاع عن مكاسب الموجة الأولى و تطوير عمل الأحزاب و المنظمات الشيوعية على أساس علم الثورة البروليتارية العالمية . و بالفعل إنبرى بصورة خاصة الشيوعيون الماويون (و ثمة فروقات هامة بين فكلر ماو تسى تونغ و الماوية ليس هنا مجال تفصيلها) عبر العالم يدافعون عن المكاسب التاريخية و يقيمون تجارب دكتاتورية البروليتاريا خلال المرحلة /الموجة السابقة قصد التمسك بما هو صائب و تجنب ما هو خاطئ مستقبلا . و بعد ذلك أخذ الشيوعيون الماويون يعملون طاقتهم على إفتكاك السلطة فى عديد البلدان عبر خوض حرب الشعب أو الإعداد لها مبينين للعالم حيوية الماوية و مسفهين إعلان" نهاية التاريخ" و "موت الشيوعية". و من ينظر إلى الوضع العالمي الراهن بموضوعية و يقرأه قراءةعلمية دون نظارات تحريفية يلمس بوضوح مدى تقدم الماويين نحو قيادة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية التى تلوح فى الأفق و ذلك فى تركيا و الفليبين و البيرو و النيبال و الهند إلخ .
صحيح أنه ليس للبروليتاريا اليوم سلطة دولة و صحيح أنه الجزرحاليا مطبقين المادية الجدلية هو الطرف الرئيسي فى وحدة الأضداد أو التناقض مد/جزر و لكنه ليس جزرا شاملا و العمل جاري بإتجاه تغيير الوضع و النهوض بالمهمة الجسيمة ألا وهي إفتكاك سلطة دولة و تشييد سلطة بروليتارية لذا الحديث عن حالة جزر شاملة يترجم من ناحية نظرة ميتافيزيقية مثالية ، غيرمادية جدلية تنكر الحقائق الملموسة على أرض الواقع و يترجم من ناحية ثانية سعي العود و الجماعة كل من منظوره، بما هم براغماتيون ،إلى إشاعة الإحباط خدمة لسياساتهم و يترجم من ناحية ثالثة تملصهم من العمل الثوري للمساهمة فى الثورة البروليتارية العالمية . فالعود بالإحباط يفسر تحوله عن أطروحاته السابقة نحو الشرعوية و "الجماعة" بالإحباط يفسرون تمسكهم بالحلقية كما هو بين من خلال وثيقتهم التى ننقد:" فالمسار التاريخي الذى تأخذه عملية بناء حزب الطبقة العاملة ينطلق من الحلقات التى يجب أن تتطور كما و نوعا و أن تتوحد تدريجيا و تلتحم بالجماهير لكي تمهد لتأسيس الحزب لا أن تبقى متخلفة و منعزلة عن الجماهير و ضعيفة كحالة الوضع فى تونس التى وصفها الجماعة ."(ص12)
و منبع هذا النهج فى التفكير تصفوية البرجوازية الصغيرة التى ترى بنظرة إحادية الجانب الظلام فى كافة أرجاء العالم و لا ترى المنارات، ترى الجزر و لا ترى المد أي تنظر إلى حركة العالم نظرة مثالية ميتافيزيقية تنافى المادية الديالكتيكية . فى "أنتى دوهرينغ" ، متحدثا عن الديالكتيك و الحركة الديالكتيكية التى تتم فى الطبيعة و المجتمع و الفكر و تحول الكم الى كيف و نفي النفي ، حدد إنجلز التناقض كسبب باطني لكل تحول قائلا : " إن الحركة نفسها هي تناقض " ( ص 144، دار دمشق للطباعة و النشر ، الطبعة الخامسة 1981) و "إن النشوء المتواصل لهذا التناقض و حله ...هما بالضبط ماهية الحركة " (ص145) .
و كلا المجموعتان تهربان إلى الأمام فى مزيد التنكرلشيوعيين ماويين ضد العود و للنضالات الثورية للشيوعيين الماويين عالميا غاضين النظر عنهم و الحال أنهم يشكلون رأس حربة القوى الثورية فى عالم اليوم . و من المعلوم أن ماركس و إنجلس رفعا شعار "يا عمال العالم إتحدوا " و جاء لينين ليطوره فى مرحلة الإمبريالية ليصير "يا عمال العالم و شعوبه و أممه المضطهدة إتحدوا"أ و العود مثله مثل" الجماعة " عزلا نفسيهما لأكثر من عقد و عملوا جاهدين على عزل من حولهم عن الحركة الشيوعية العالمية و إنغلقا كل الإنغلاق إلى درجة أن العالم لا يتجاوز بالنسبة لهم حدود القطر وإلى درجة جعل الطبقة العاملة فى القطر و كأنها ليست جزءا من الطبقة العاملة العالمية الواحدة ذات المصالح الإستراتيجية الواحدة و المصلحة التاريخية و كذلك المهمة التاريخية الواحدة :قبر الراسمالية و تحقيق الشيوعية . و من هنا لا ينظرالعود و لا "الجماعة" أبعد من أنفهما فيجحدون بذور و بوادر النهوض الثوري الذى تتقدم الماركسية- اللينينية -الماوية لقيادته بخطى ثابتة .
و اللافت فى وثيقة "الثورة الوطنية ..." أن "الجماعة" إلتزموا الصمت إزاء ردة العود بشأن مسألة الأممية و لم يتطرقوا للموضوع ذلك أنهم هم أنفسهم و منذ نشأتهم إلى يومنا هذا لم يعملوا من أجل المساهمة فى الصراعات و النقاشات التى عصفت بالحركة الشيوعية العالمية و لم يعملوا من أجل بناء منظمة شيوعية عالمية توحد البروليتاريا الثورية فالقضية خارج إطار مشاغلهم التى إنصبت على العمل النقابي الإقتصادوي لا أكثر فصاروا معروفين بأنهم أساسا تيار نقابي لا غير.
2/ مثاليون ميتافيزيقيون :
"إن المبدأ الأساسي للديالكتيك هو أنه ليس ثمة حقيقة مجردة فالحقيقة ملموسة أبدا." لينين.
لا غرابة فى أن يبلغ الضعف النظري ب"الجماعة " حد إستعمال صيغ لا تمت بصلة للمادية الجدلية بل تتضارب معها أيما تضارب ومن الأمثلة على ذلك نسوق : 1- "...جمل فضفاضة صالحة لكل زمان و مكان يمكن أن تتبناها كل الأحزاب... "(ص9) إنهم يعتمدون صيغا مثالية بحتة (صالحة لكل زمان و مكان+ كل الأحزاب ) تذكرنا مباشرة بالقوالب الدينية القائلة على سبيل الذكر إن "الإسلام صالح لكل زمان و مكان " فهل الجمل الفضفاضة التى يتحدث عنها "الجماعة " صالحة لزمان ما قبل وجود الإنسان على سطح الأرض و صالحة على كوكب الشمس الحارقة ؟! 2- "إن تاريخ الحزب البلشفي على سبيل الذكر يبين لنا أن الحلقات الماركسية إنتشرت كالفقاقيع فى كل مدن روسيا القيصرية ...(ص12).
صيغة "كل " تعميمية إطلاقية مثالية ركن إليها "الجماعة " لتعليل عدم المضي قدما فى تأسيس حزب الطبقة العاملة و الإنغماس فى الحلقية على إعتبار أن التأسيس بالنسبة لهم يستدعى ضرورة إنتشار الحلقات فى" كل" المدن و لما لا فى "كل "الأرياف .و هذه الصيغة إلى جانب ذلك لا تعكس حقيقة واقع روسيا قبل تأسيس الحزب الإشتراكى الديمقراطى و سندنا فى ذلك "تاريخ الحزب الشيوعي (البلشفى) ..." فما سندهم فى ما يدعون؟ ( و نعتقد أن تنظيرات "الجماعة " حول الحزب الشيوعي تأسيسا و بناءا و توجها و ميزات و أسلوب عمل إلخ تقتضى أن يفرد لنقدها كراسا خاصا .) 3- لا شك أن من تمعن فى وثيقة "الجماعة" لاحظ دون عناء أنهم أشبعوا الماوية شتما و فى الوقت نفسه إستحسنوا (يعلقون ب"حسنا"(ص 14) و "جميل جدا "(ص21) و"كانت تلك طريقة الجماعة للوصول إلى السلطة السياسية –نقول كلنت –وهي طريقة لا يمكن لأحد أن يشكك فى ثوريتها "(ص23) و "قد أنتجوا كتابات عديدة يشرحون فيها بإطناب تلك المسألة و قدموا فيها براهين مقنعة "(ص26) إلخ) أطروحات الماوية حول الثورة الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة التى كان يدافع عنها سابقا "المرتدون" . إنهم بمثالية ميتافيزيبقية لا يحسدون عليها يفصلون الخط الإيديولوجي عن الخط السياسي فيكيلون السب للماويين ويتبنون خطهم فى الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات !
4- فى نهاية سورة غضبهم جادوا علينا بما صدمنا و تطلب منا إعادة القراءة المرة تلو المرة فى سعي منا لفهم "بناء الإشتراكية العلمية "! و ما قدرنا . ما قصد إليه "الجماعة " هو بناء الإشتراكية كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية بينما الإشتراكية العلمية وهي من أبسط مفاهيم علم الثورة البروليتارية العالمية ،هي أحد مصادر الماركسية الثلاثةحسب لينين فى "ماركس ، إنجلس ، الماركسية" .و قد إستعمل إنجلز هذا المفهوم لدحض نقيض الإشتراكية العلمية أي الإشتراكية الطوباوية وللتعريف بالإشتراكية مبنية على العلم لا على طوباويات .( مؤلف إنجلز "الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية "إضافة لكتاب لينين يضعان النقاط على الحروف) . و بالمناسبة فإن شعار" الجماعة " فى نشريتهم :"الإشتراكية العلمية هي الحل " يحمل فى طياته تأثرا بشعار الإخوانجية "الإسلام هو الحل " . و و نكررها هنا الإشتراكية العلمية ليست سوى مصدر من مصادر الماركسية الثلاثة وهي الفلسفة المادية الجدلية و الإقتصاد السياسي الماركسي و الإشتراكية العلمية . و من هنا لا يعتمد "الجماعة " إلا مصدرا واحدا من مصادر الماركسية و يضعان فى ركن المصدرين الآخرين جاعلين الماركسية قائمة على أساس واحد لا ثلاثة أسس مترابطة ترابطا جدليا .
3/ مرتدون عن منهجية تناول الردة :
قام نقد "الجماعة" للعود بشكل رئيسي على مقارنة وثائق صدرت سابقا مع الوثائق التى على قاعدتها تأسس العود . و العامود الفقري لمحاججة "الجماعة" هو تبيان أن مؤسسي العود مرتدين . بيد أن كراس "الثورة الوطنية ..." حمل فى طياته الكثير من المسائل التى عمل "الجماعة " على طمسها و هنا من واجبنا إثارتها و منها : 1/ سؤال بحجم جبال الهيمالايا يفرض نفسه فرضا : فكما يقول "الجماعة" كان مؤسسو العود من الماويين و ماو تحريفي حسب تأكيداتهم المتكررة أي كان مؤسسو العود-حسب الجماعة أيضا- تحريفيين مرتدين عن الماركسية اللينينية منذ بداياتهم الأولى، عندئذ : كيف يرتد من كان أصلا مرتدا تحريفيا ؟
2/ كتب "الجماعة " فى "هل يمكن ..." (ص 44) : لقد بدأ إرتداد كاوتسكي منذ 1912 و إرتد نهائيا فى 1914 فكان لينين يتابع مواقفه و أدبياته كمن يتابع درجة الحرارة لدى مريض فيعلن عن موته عندما يموت و كذا لينين أعلن عن إرتداد كاوتسكى زمن حياته فقومه تقويما علميا لا عدميا :فحدد تاريخ ثوريته و كتاباته الموثوق بها ووضع حدا فاصلا بين تاريخ إرتداده و قد قال فى هذا الشأن :" إقرؤوا كتابات مرتد قبل أن يرتد ". و مثلما لم يطبقوا هذا المنهج السليم على تقييم ماو تسى تونغ لم يطبقوه على ردة مؤسسى العود بما أنهم لم يوضحوا لنا متى بدأ إرتدادهم و لم يقوموهم تقويما علميا لا عدميا و لم يعلمونا بكتاباتهم الموثوق بها و لم يدعوا القراء إلى قراءة كتابات المرتدين قبل أن يرتدوا . و هكذا نقف على ردتهم هم عن المنهجية اللينينية فى تناول الردة .
3/ إعتبار مؤسسي العود من المرتدين يقتضى ضمن ما يقتضيه تأكيد حقيقة أن ضمن من عملوا على نحو أو آخر مع مؤسسي العود ثمة من وقفوا ضد الردة و صارعوها بما اوتوا من جهد على كافة الأصعدة و ظلوا متمسكين لا بأطروحات الثورة الوطنية الديمقراطية فحسب بل بالماوية أصلها و منبعها . وهذا ما لم يلمح إليه "الجماعة " لا من قريب و لا من بعيد معتقدين بمثاليتهم الفجة التى تعيد إلى أذهاننا سياسة النعامة بأنهم بإنكارهم للواقع يضربون عصفورين بحجر واحد يحملون على العود و يهمشون من بقي من الماويين فى إتجاه القضاء نهائيا على الماوية و متخيلين بإنتهازيتهم أن حيلهم ستنطلي على الجميع فيظهرون بمظهر المدافعين بلا منازع عن أطروحات الثورة الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة .
4/ لماذا حدثت الردة ؟ سؤال يتجنبه "الجماعة" تجنب الطاعون لأنهم كمثاليين ميتافيزيقيين و كخوجيين متسترين لا يملكون أجوبة مقنعة تستخلص منها دروسا للمستقبل نظريا و عمليا . حبروا بخاتمتهم (بالصفحة 34 تحديدا ) : " إن حالة المد الرجعي لا تتجسم اليوم فى الهجمة الإمبريالية الصهيونية الرجعية على العمال و الشعوب المضطهدة فى العالم فحسب ، بل و أيضا فى الإرتدادات و الإنقلابات التى تقوم بها بعض الأحزاب و التيارات و العناصر (التى كانت تعبر عن إنحيازها للطبقة العاملة و الشعب عموما و تدعو إلى الثورة الإجتماعية ) على أفكارها و خطها السياسي و تسقط فى مستنقع الإنتهازية فتصبح قوة رجعية تعمل على إعدام الوعي الطبقي الثوري و أداة لتفسيخ الجماهير و الثورة الإجتماعية كأي قوة رجعية أخرى . ذلك ما حصل لمؤسسي "حزب العمل الوطنى الديمقراطي " و عدد من العناصر "الوطنية " الناشطة فى الحقل النقابي و فى الساحة الشعبية عموما ." فلم يقدموا أية إجابة علمية حتى فى ما ختموا به، ما صاغوه هو تفسير ميتافيزيقي بالسبب الخارجي و ليس بالسبب الباطني. و إن صبوا جام غضبهم على الماوية و كأنهم يودون إفهامنا بصورة غير مباشرة أنها وراء الردة فإننا نطالبهم بتفصيل جذور إرتداد من أسموهم ب"عناصر وطنية ناشطة فى الحقل النقابي " أي رفاقهم إلى زمن قريب و هم غير ماويي الإنتماء الفكري طبعا؟
مع ذلك لو تفحصنا الصراعات الطبقية و الوطنية (التى هي فى نهاية المطاف صراعات طبقية و معادية للإمبريالية ) عالميا لوجدنا حقيقة مفادها أن الشيوعيين الماويين لا سيما فى آسيا و أمريكا اللاتينية لم يتخلوا عن الماوية و لم يرتدوا عن الثورة البروليتارية و إنما بالعكس رفعوا راية الماوية و دافعوا عنها وطبقوها و طوروها و هاهم يشكلون رأس حربة الموجة الجديدة للثورة البروليتارية العالمية التى تلوح فى الأفق و المسترشدة بأرقى ما وصل إليه تطور علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية –اللينينية-الماوية . و الذين يريدون إجابات عن ردة بعض من كانوا من أنصار الماركسية –اللينينية –فكر ماو تسى تونغ ( و لن ندخل فى تفاصيل إختلافات الماوية عن فكر ماوتسى تونغ فليس هذا مجاله) و حتى "العناصر الوطنية الناشطة فى الحقل النقابي " فلا يجب أن يلجؤوا" للجماعة " الخوجية المتسترة ذات التخريجات المثالية الميتافيزيقية و إنما عليهم بالمادية الجدلية التى طورها ماوتسى تونغ بعد لينين و قانونها الجوهري فى فهم الأشياء و الظواهر و السيرورات الطبيعية منها و الإجتماعية عن طريق تحليل ينبنى على قانون التناقض/ وحدة الأضداد ،"إزدواج الواحد" الذى يعنى ضرورة خوض صراع الخطين داخل منظمة أو حزب بروليتاري من أجل تطويرهما و صيانة طابعهما الثوري و كل تهاون فى هذا يؤدى إ لى التحريفية . شرح هذا قد يقتضى صفحات و صفحات فى كراس مفصل آخر غير أننا نلمح هنا فقط للقاعدة الفلسفية المادية الجدلية لذلك: - و "لأجل إدراك جميع تفاعلات العالم من حيث "حركتها الذاتية " ، من حيث تطورها العفوى ،من حيث واقعها الحي ،ينبغى إدراكها من حيث هي وحدة من الأضداد"("حول الديالكتيك"-التسطير من وضع لينين). "إن مفهومي ...التطور الأساسيين هما : التطور بوصفه نقصانا و زيادة ، بوصفه تكرارا، و التطوربوصفه وحدة الأضداد" (المرجع السابق) . - " إن قانون التناقض فى الأشياء ،أي قانون وحدة الضدين هو القانون الأساسي الأول فى الديالكتيك المادي ". ( ماو تسى تونغ ، فى التناقض ،م1 ) -"إن قانون التناقض فى الأشياء أي قانون وحدة الضدين هو القانون الأساسي فى الطبيعة و المجتمع وهو بالتالي القانون الأساسي للتفكير." ( ماو تسى تونغ ، فى التناقض ،م1 ) - " العلة الأساسية فى تطور الشيئ إنما تكمن فى باطنه لا خارجه ، فى تناقضه الباطني . و هذا التناقض الباطني موجود فى كل الأشياء وهو الذى يبعث فيها الحركة و التطور ".(ماو تسى تونغى ،م1،ص 456) .
-" إن هذا التناقض الكامن فى باطن الأشياء هو العلة الأساسية فى تطورها ، أما الصلة القائمة و التأثير المتبادل بين شيئ و آخر فهي علة ثانوية ".(ماو تسى تونغ،م1،ص 456) .
4/ إنتهازيون:" يأكلون الغلة و يسبون الملة" :
" يأكل الغلة و يسب الملة " هذا المثل الشعبي ينطبق تماما على "الجماعة " حيث أنهم كما سنرى و يعلم الكثيرون يستعملون المقولات الماوية بصدد الثورة الوطنية الديمقراطية و يحملون على ماو بكل ما أوتوا من جهد . و هم فى كراس " الثورة الوطنية الديمقراطية ..."يعلقون على الأطروحات الماوية ب"حسنا"(ص 14) و "جميل جدا "(ص21) و"كانت تلك طريقة الجماعة للوصول إلى السلطة السياسية –نقول كلنت –وهي طريقة لا يمكن لأحد أن يشكك فى ثوريتها "(ص23) و "قد أنتجوا كتابات عديدة يشرحون فيها بإطناب تلك المسألة و قدموا فيها براهين مقنعة "(ص26) إلخ و مع ذلك يشن هجوما مسعورا على الماوية منبع الأطروحات الوطنية الديمقراطية فى صلب الحركة الماركسية- اللينينية فى القطر .
فى ما أسموه بحثا –وهو أبعد ما يكون عن البحث العلمي من منظور بروليتاري – و إختاروا له من العناوين "هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيا لينينيا؟ " أفردوا جزءا هو الرابع و أجهدوا أنفسهم طواله أيما إجهاد ليثبتوا عبثا أن "مقولة شبه مستعمر شبه إقطاعي ليست ماوية فى أصلها". و من الفقرة الأولى بصورة مثالية و بقفزة بهلوانية مثالية جعلوا "مقولة شبه مستعمر شبه إقطاعي " تستحيل إلى مفهومين إثنين "مفهومي "شبه مستعمر" و "شبه إقطاعي" فاكين الروابط المتداخلة بينهما و بالتالي تداخل علاقات الإنتاج شبه المستعمرة و شبه الإقطاعية و تلازمهما فى المستعمرات و أشباه المستعمرات أو المستعمرات الجديدة فى مرحلة الإمبريالية ،أعلى مراحل الرأسمالية و الأنكى أن" مقولة شبه مستعمر شبه إقطاعي "(ص47)تنشطر بمفعول سحري لتصير مقولة "شبه مستعمر" و "شبه إقطاعي "(ص53)!
و بلا خجل و بأبعد ما يكونوا عن النهج العلمي الصارم فى البحث و الظروف المعنية ب" مقولة شبه مستعمر شبه إقطاعي " ،لاحقوا إنجلز فى كتابه "حرب الفلاحين فى ألمانيا " لينتزعوا إنتزاعا من إطاره إستعماله لمفردة "شبه إقطاعي " و كأن ألمانيا سنة 1848 لم تكن بلدا راسماليا و إنما بلدا يمكن مقارنته بالصين وهي بلد مستعمر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي ، طامسين بذلك الفروق بين لبلدان الرأسمالية ما قبل المرحلة الإمبريالية (ألمانيا على سبيل المثال) و المستعمرات و أشباه المستعمرات (الصين مثلا) التى تتقاسمها و تعيد تقاسمها القوى الإمبريالية فى ما بينها معطلة تطورها المستقل و مخضعة لها للتقسيم العالمي للعمل الذى تفرضه عليها فرضا بالتعاون مع العملاء الكمبرادورو الإقطاعيين المحليين .
فضلا عن هذا عمد "الجماعة " الماكيافليين العاملين بالغاية تبرر الوسيلة – دحض الماوية بأية وسيلة – إلى التمويه مستشهدين بلينين فى مقال "الديمقراطية و الشعبية فى الصين " و بالمؤتمر الثاني للأممية الشيوعية سنة1920 ثم بالمؤتمر السادس للأممية الشيوعية و ستالين فى مقاله "ملاحظات حول المواضيع الراهنة حول الصين " الصادر سنة 1927 و بعد ذلك أضافوا تكثيفا للغبار شيئا من "تاريخ الحزب الشيوعي فى الإتحاد السوفياتي (حزب البلشفيك) الصادر سنة 1938 و فى الأخير شيئا من "كتاب الاقتصاد السياسي " الصادر سنة 1954 و لكن ما من مصدر من هذه المصادر أسعفهم ب"مقولة شبه مستعمر شبه إقطاعي "مستعملة كوحدة مفهومية كل ما ذكروه هو إما شبه إقطاعي فى هذا المصدر أو شبه مستعمر فى مصدر آخر .
كل هذا بينما يشهد التاريخ بدلائل دامغة بأن ماو تسى تونغ إستعمل "شبه مستعمر شبه إقطاعي " بوجه خاص منذ ديسمبر 1939 فى كتابه الشهير و القيم للغاية "الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني "و مؤلفاته اللاحقة تزخر بهذا التحديد لطبيعة المجتمع الذى يستدعى نوعا جديدا من الثورات ، ثورة ديمقراطية جديدة /وطنية ديمقراطية قبل المرور إلى و تمهيدا لمرحلة الثورة الإشتراكية .
كما أن مؤلفات ماو ،حتى تلك التى تعود إلى أواسط العشرينات تقوم بتحليل "طبقات المجتمع الصيني " و طبيعة الثورة و أعدائها و حلفائها و التكتيك و الإستراتيجيا و مستقبل الثورة إلخ و ذلك إستجابة للواقع و متطلباته و تلبية لتوجيه لينيني. ففى تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق فى 22 نوفمبر 1919 ، ورد على لسان لينين :" أنتم تمثلون منظمات شيوعية و أحزابا شيوعية تنتسب لمختلف شعوب الشرق . و ينبغى لى أن أقل إنه إذا كان قد تيسر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، إذا كان قد تيسر لهم القيام بمهمة فى منتاهى العسر وإن تكن فى منتهى النبل هي مهمة إحداث طرق جديدة للثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمة أعظم و أكثر جدة ...
و فى هذا الحقل تواجهكم مهمة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كله من قبل : ينبغى لكم أن تسندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى . وهذه مهمة عسيرة ذات طابع خاص ، غير أنها مهمة تعطى أطيب الثمرات ، إذ تجذب إلى النضال تلك الجماهير التى لم يسبق لها أن إشتركت فى النضال ، و تتيح لكم من الجهة الأخرى الإرتباط أوثق إرتباط بالأممية الثالثة بفضل تنظيم الخلايا الشيوعية فى الشرق ... هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى أي كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا . لا بد لكم من وضع هذه القضية و من حلها بخبرتكم الخاصة ..." و جاءت تجربة الثورة الديمقراطية الجديدة /الوطنية الديمقراطية الصينية بقيادة الشيوعيين و على رأسهم ماو تسي تونغ لتخط بدماء الشعب الثوري طرقا جديدة للثورة ثم جاءت تجربة بناء الإشتراكية فى الصين والثورة الثقافية البروليتارية الكبري طريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا إلى جانب الصراع الكبير ضد التحريفية المعاصرة لتكون من أعظم مساهمات ماوتسى تونغ الخالدة التى ينكرها عليه" الجماعة" المثاليين الذين لا يعترفون بالوقائع الملموسة و يصرون على نشر سفاسف ضد الماوية من قبيل أن ماو لم "يساهم فى إثراء الحركة الشيوعية " (ص61 من "هل يمكن إعتبار ماو ..." ).
إن طرح مسألة "مقولة شبه مستعمر شبه إقطاعي " على النحو الإنتهازي الذى طرح به "الجماعة" الذين تجمعوا أواخر الثمانينات المسألة بغرض التنكر للتاريخ الثوري للماوية و لإسهامات ماو الخالدة فى علم الثورة البروليتارية العالمية يتزل طبعا ضمن الهجوم المسعور على الماوية و هنا بالضبط ضمن سعيهم المحموم للتخلص من إرتباطهم بتاريخ الماوية و أطروحاتها منذ أواخر الستينات . من الثابت فى تاريخ الماركسية فى القطر أن الحركة الماركسية- اللينينية فى تونس طورت أطروحات الثورة الوطنية الديمقراطية فى مواجهة الأطروحات التروتسكية المتنوعة و ذلك إستجابة لمتطلبات التشكيلة الإقتصادية الإجتماعية فى القطر و قوميا و فى علاقة بالصراع العالمي الضاري للماركسية الليتنينية بقيادة ماوتسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني فى المعركة الكبرى ضد التحريفية المعاصرة .
و من المعلوم أن أطروحات الثورة الوطنية الديمقراطية إستمدت رئيسيا من التجربة الصينية و من الوثائق الماوية و بخاصة من "مقترح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية " الذى يعد حجر الزاوية عالميا فى القطيعة الفكرية والسياسية و التنظيمية العلنية مع التحريفية المعاصرة إثر سنوات من الصراع المحتدم داخل الحركة الشيوعية العالمية . و هذا المقترح هو البيان الذى على أساسه قامت الحركة الماركسية اللينينية و تشكلت أحزاب خارج الأحزاب التحريفية أو بالإنشقاق عنها بعد أن بلغ الصراع و فضح الخط التحريفي مداه و لم يبق سوى المضي فى خطوة إعادة تشكيل الحركة الشيوعية العالمية التى نخرتها التحريفية، إستنادا إلى الماركسية الليبنينية التى إستمات فى الدفاع عنها و تطويرها الماويون الصينيون على وجه الخصوص.
وقطعا لدابر أي ظل للشك فى ما تقدم حول "يأكل من الغلة و يسب الملة"( علاوة على توفر إمكانية العودة إلى بعض المراجع المتداولة حتى فى المكتبات على غرار : من تاريخ اليسار التونسي/ عبد الجليل بوقرة ،سيرس للنشر و الحركة الشيوعية فى تونس 1920—1985 لمحمد الكيلاني الخوجي حين كتب ذلك المؤلف ضمن هجوم مسعور على الماوية و المهاجم لللينينية فى كتابات لاحقة. و حتى الوطنيون الديمقراطيون فى "فى الرد على مشروع مبادرة "حزب العمل الوطنى الديمقراطي " سجلوا بالصفحة 7 : " لقد تأسست النواة الأولى للخط و عبرت عن نفسها علنا فى 23 أفريل 1975 عبر بيان "البيان السياسي لحركة الطلبة الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة التونسية " وهذا البروز و هذا التشكل فى إستقلال تنظيمي كلي على منظمة الشعلة . و إن كان هنالك من تقارب فإنما مرده فى التقاطعات الفكرية و السياسية العامة التى كانت نتيجة لتأثر كلا الطرفين بأطروحات الثورة الصينية ". ) نستسمحكم فى عرض مطول نسبيا لفقرات من واحدة من أهم وثائق الستينات التى إعتمدت و لا تزال تعتمد فى الصراع ضد التحريفية المعاصرة و التى تبين بجلاء أولا أن أطروحة الثورة الوطنية الديمقراطة أطروحة ماوية يعتاش منها الجماعة و فى ذات الوقت يكيلون لها أفضع الشتائم و ثانيا أن عديد التهم الموجهة لماو لا تعدو كونها كذبا رخيصا نقلا عن التحريفيين السوفيات والدغماتحريفية الخوجية . (ملاحظة :التسطير من وضعنا) .
مقترح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية (رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ردا على رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي المؤرخة فى يوم 30 مارس (آذار ) عام 1963 ) / دار النشر باللغات الأجنبية ،بيكين 1963 . ص14: إن مناطق آسيا و أفريقيا و أميركا اللاتينية الواسعة هي المناطق التى تتجمع فيها مختلف أنواع التناقضات فى العالم المعاصر ، و الإستعمار أضعف ما يكون سيطرة فى هذه المناطق ، وهي مراكز عواصف الثورة العالمية التى تسدد الآن الضربات المباشرة إلى الإستعمار . إن الحركة الوطنية الديمقراطية الثورية فى هذه المناطق و حركة الثورة الإشتراكية العالمية هما التياران التاريخيان العظيمان فى عهدنا الحاضر . إن الثورة الوطنية الديمقراطية فى هذه المناطق هي جزء هام من الثورة البروليتارية العالمية المعاصرة .
ص 17: تواجه الأمم و الشعوب المضطهَدة فى آسيا و أفريقيا و أميركا اللاتينية المهمة الملحة مهمة محاربة الإستعمار و أتباعه . إن التاريخ ألقى على عواتق الأحزاب البروليتارية فى هذه المناطق رسالة مجيدة هي أن ترفع عاليا راية معارضة الإستعمار و معارضة الحكم الإستعماري القديم و الجديد و تحقيق الإستقلال الوطنى و الديمقراطية الشعبية ، و أن تقف فى مقدمة الحركة الوطنية الديمقراطية الثورية ، و أن تكافح من أجل مستقبل إشتراكي .
ص18 : و ينبغى للبروليتاريا و حزبها أن يوحدا على أساس التحالف بين العمال و الفلاحين جميع الفئات التى يمكن توحيدها و أن ينظما جبهة متحدة واسعة ضد الإستعمار و أتباعه . و من أجل تعزيز و توسيع هذه الجبهة المتحدة من الضروري أن يحتفظ الحزب البروليتاري بإستقلاله الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي و أن يصر على قيادته الثورة . على الحزب البروليتاري و جماهير الشعب الثورية أن تتعلم كيف تتقن النضال بجميع أشكاله بما فى ذلك النضال المسلح . عليها أن تهزم القوة المسلحة المعادية للثورة ،بالقوة المسلحة الثورية كلما لجأ الإستعمار و أتباعه إلى القمع المسلح .
ص19: و إن البرجوازية بصفة عامة فى هذه البلدان ذات طبيعة مزدوجة فعندما يجرى تشكيل الجبهة المتحدة مع البرجوازية ينبغى للحزب البروليتاري أن يتبع سياسة الإتحاد و النضال فى آن واحد . و ينبغى أن يتبع سياسة الإتحاد مع البرجوازية طالما كانت تميل نحو التقدمية و معادية للإستعمار و الإقطاع ، و لكن ينبغى أن ينتهج سياسة النضال ضد ميولها الرجعية ، ميول المصالحة و التواطء مع الإستعمار و القوى الإقطاعية .
و فيما يختص بالمسألة القومية فإن نظرة الحزب البروليتاري إلى العالم هي الأممية لا القومية . و فى النضال الثوري يؤيد الحزب البروليتاري القومية التقدمية و يعارض القومية الرجعية . و يجب عليه دائما أن يرسم خطا فاصلا واضحا بين نفسه و بين القومية البرجوازية و لا ينبغى له أبدا أن يقع أسيرا لها .
ص20: و إذا أصبحت البروليتاريا ذيلا للإقطاعيين و البرجوازيين فى الثورة ، فإنه لا يمكن أن يحقق نصر حقيقي كامل للثورة الوطنية الديمقراطية بل و حتى إذا تحقق نوع من النصر فإنه من غير الممكن أيضا أن يوطد ذلك النصر .
ص 63-64: إن التجربة البالغة الأهمية التى جنتها الحركة الشيوعية العالمية هي أن تطور الثورة و إنتصارها يرتكزان على وجود حزب بروليتاري ثوري . لابد من وجود حزب ثوري . لا بد من وجود حزب ثوري مبني على أساس النظرية الثورية و الأسلوب الثوري للماركسية اللينينية . لا بد من وجود حزب ثوري يعرف كيف يمزج بين حقيقة الماركسية اللينينية العامة و بين الأعمال المحددة للثورة فى بلاده. لا بد من وجود حزب ثوري يعرف كيف يربط القيادة ربطا وثيقا بالجماهير الواسعة من الشعب . لا بد من وجود حزب ثوري يثابر على الحقيقة و يصلح الأخطاء و يعرف كيف يباشر النقد و النقد الذاتي . مثل هذا الحزب الثوري فقط بوسعه أن يقود البروليتاريا و الجماهير الواسعة من الشعب لهزيمة الإستعمار و عملائه و يكسب النصر التام فى الثورة الوطنية الديمقراطية و يكسب الثورة الإشتراكية ."
5/ دغمائيون :
بإختصار "الجماعة" الإنتقائية خوجية متسترة إيديولوجيا تعتمد الخوجية التى تنهل من التحريفية السوفياتية لتواجه بجبن الماوية ثم تلتف بعد ذلك على خط الثورة الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات الماوي الأصل لترفعه فى وجه الخط السياسي التروتسكي و الخوجي و من ناحية أخرى ترفع شعار الثورة و تمارس الإقتصادوية و النقابوية و بالتالي الإصلاحية وتنظر للحلقية و كأبعد ما تكون عن المادية الجدلية تمزج بين المثالية الميتافيزيقية و الفلسفة البراغماتية البرجوازية . هذا ليس غريبا من دغمائيين أوقفوا تاريخ الحركة الشيوعية العالمية فى الخمسينات و تنكروا لما بعد ذلك الخمسينات و أوقفوا تطورهم الفكري و النظري عند ما كان شائعا من أطروحات وطنية ديمقراطية بعموميتها فى صفوف الحركة الطلابية فى بداية الثمانينات . فى حين صرح لينين منذ 1899 فى "برنامجنا " :"نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذى يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد فى جميع الإتجاهات إذا شاؤوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة ".
بالضبط على العكس منهم طبق ماو تسى تونغ علم الثورة البروليتارية العالمية صينيا و عالميا مطورا الماركسية -اللينينية إلى مرحلة جديدة ثالثة و أرقى هي الماركسية- اللينينية- الماوية و لكن الدغماتحريفيين و التحريفيين بجمع أرهاطهم يجحدون هذه الحقائق .
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء .إن النظرإلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي."( ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "12 مارس/أذار 1957 "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ص21-22)./
===========================================
3- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!
تطبيقا لشعار الوضوح النظري و السياسي مثلما سمّاه الرفاق الشيوعيون الماويون فى المغرب ، و بحثا عن صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي المحدّد فى كلّ شيئ كما قال ماو تسى تونغ ، نتناول فى هذا المقال مسألة محورية فى النضال النظري الذى نخوضه ونحثّ الرفاق الشيوعيين الماويين و غيرهم على خوضه ذلك أنّه لا حركة ثورية دون نظرية ثورية و سحبا لهذه المقولة الأخيرة اللينينية العظيمة لكونها تلخّص حقيقة موضوعية عميقة و تركّز دروسا إستخلصت من التجارب العملية للنضال البروليتاري عالميّا ، على واقعنا اليوم ، نرفع راية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ". و من حصيلة تقييمات لنا سابقة للوضع عالميّا و عربيّا و قطريا، لمسنا إنحرافات خطيرة عن إيديولوجيا البروليتاريا العالمية ما جعل ، ضمن أسباب عدّة أخرى ، ممارسات الحركة الشيوعية العربية تحيد عن الهدف الأسمى ، الشيوعية و جعل الكثير من مكوناتها تنخرط كقوى إصلاحية فى العمل فى إطار الحفاظ على السائد أو العمل فى إطار دول الإستعمار أو الإستعمار الجديد. و منذ الخمسينات ، بقدر ما كان الخطّ الإيديولوجي و السياسي قريبا من الماوية كانت المنظمات و المجموعات و الأحزاب الشيوعية ثورية و بقدر إبتعادها عن الماوية ، كانت تنهشها الإنتهازية اليمينية و اليسراوية . و هذا صحيح ، حسب رأينا ، بوجه خاص فى المغرب و تونس.
1- الشيوعية ، لا الإشتراكية العلمية :
وعادة ما تعرّف الجماعات - و نخصّص هنا الحديث أساسا عن" الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين"، الوطد- التي تدعى الإنضواء تحت لواء الشيوعية نفسها- إيديولوجيا بأنّها تتبنّى الإشتراكية العلمية وهذا منها فى يوم الناس هذا خطأ نظري نشرحه فى الحال.
و مثلما سجّلنا بالعدد الأوّل من نشرية " لا حركة شيوعية دون ماوية" ،ضمن مقال " الديمقراطية البرجوازية القديمة ام الديمقراطية الجديدة الماوية " الإشتراكية إشتراكيات ( و الشيوعية اليوم شيوعيات) :" و يكفى بهذا المضمار التذكير بعنوان كتاب إنجلز " الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية " من ناحية أولى ؛ و فقرات ماركس و إنجلز فى البيان الشيوعي :" الإشتراكية الرجعية : أ- الإشتراكية الإقطاعية ب- الإشتراكية البرجوازية الصغيرة ج- الإشتراكية الألمانية و الإشتراكية "الحقّة" ، الإشتراكية المحافظة أو البرجوازية ، من ناحية ثانية؛ و مقالات لينين عن الإشتراكية الديمقراطية و عن الإشتراكية الإمبريالية من ناحية ثالثة ؛ و كتابات الشيوعيين الماويين،زمن ماو و بعده، عن الإمبريالية الإشتراكية و عن مفهوم الإشتراكية دون صراع طبقي الخوجية و عن الإشتراكية ( دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج) كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية مديدة تعجّ بالصراعات الطبقية و تتضمنّ كلا من إمكانية التقدّم نحو المجتمع الشيوعي العالمي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية ..."
قال إنجلز فى مستهلّ المقال الأوّل من كرّاسه المنشور سنة 1892 " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " : " إنّ الإشتراكية العصرية ، من حيث مضمونها هي فى المقام الأوّل ، نتيجة لملاحظة التناقضات الطبقية السائدة فى المجتمع العصري بين المالكين و غير المالكين ، بين الرأسماليين و العمّال الأجراء ، من جهة ،و لملاحظة الفوضى السائدة فى الإنتاج من جهة أخرى. و لكن هذه الإشتراكية تبدو فى البدء ، من حيث شكلها النظري ، كأنّها مجرّد إستمرار ، أكثر تطوّرا و إنسجاما ، للمبادئ التي صاغها المنورون الفرنسيون الكبار فى القرن الثامن عشر" و عند نهاية هذا المقال الأوّل ، خلص إنجلز إلى أنّ " و لهذا لم تعد تبدو الإشتراكية الآن إكتشافا حققه من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك ، بل صارت تبدو نتيجة ضرورية للنضال بين الطبقتين الناشئتين تاريخيّا، البروليتاريا والبرجوازية. و لم تبق مهمتها إبتداع نظام إجتماعي على أكثر ما يمكن من الكمال ، بل غدت دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي الذى أدّى بالضرورة إلى نشوء هاتين الطبقتين و إلى نشوء الصراع بينهما ،و إيجاد الوسائل فى الوضع الإقتصادي الناجم عن هذا التطوّر ، من أجل تسوية النزاع. و لكن الإشتراكية السابقة لم تكن متلائمة مع هذا الفهم المادي للتاريخ مثلما كان فهم الماديين الفرنسيين للطبيعة غير متلائم مع الديالكتيك و مع علم الطبيعة الحديث."( الطبعة العربية ، دار التقدّم موسكو ،ص 38و 65) .
إذن نشأت الإشتراكية العصرية مع المجتمع العصري نتيجة صراع الطبقتين الناشئتين البروليتاريا و البرجوازية و بدأت أقرب إلى أفكار فلاسفة الأنوار –القرن 18- " و إكتشافا من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك" لتغدو إشتراكية علمية بما هي تعتمد دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي ، و الفهم المادي التاريخي لذلك صارت تسمّى إشتراكية علمية بعدما كانت طوباوية.و عليه الإشتراكية كوحدة أضداد ،تناقض إنقسمت ( بمعنى "إزدواج الواحد" اللينيني و الماوي) إلى طوباوية و علمية كمظهري هذا التناقض. و تمكّنت الإشتراكية العلمية من إلحاق الهزيمة بالإشتراكية الطوباوية و سادت عالميّا إلاّ أنّ هذه الإشتراكية العلمية ستشهد هي ذاتها صراعات داخلية ستفرز عديد التياّرات أهمّها التياّر الماركسي الذى لن يفتأ يتطوّر هو ذاته و " ينقسم " ( بمعنى إزدواج الواحد) فى مسيرة نموّه و حركة تطوّره إلى اليوم. " حتى بين المذاهب المتعلّقة بنضال الطبقة العاملة و المنتشرة بخاصة فى صفوف البروليتاريا ، لم ترسّخ الماركسية مواقعها دفعة واحدة ...و حين حلّت الماركسية محلّ النظريات المعادية لها ،و المتجانسة بعض التجانس، سعت الميول التي كانت تعبّر عنها هذه النظريات وراء سبل جديدة. فقد تغيّرت أشكال النضال و دوافعه ،و لكن النضال مستمرّ ...بنضال التيار المعادي للماركسية فى قلب الماركسية... لقد منيت إشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة ،وهي تواصل النضال، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية."( لينين: المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد الأوّل، الجزء الأوّل، ص 86-87 ضمن نص " الماركسية و النزعة التحريفية" ).و" أدّى النضال ضد المحرّفين إلى نهوض مثمر فى تفكير الإشتراكية العالمية النظري بقدر ما أدّى جدال إنجلس مع دوهرينغ قبل عشرين سنة." ( مصدر سابق ، ص 89) و يخلص لينين إلى أنّ " نضال الماركسية الثورية الفكري ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر، ليس سوى مقدّمة للمعارك الثورية الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو إنتصار قضيّتها التام، رغم كلّ تردّد العناصر البرجوازية الصغيرة و تخاذلها." ( المصدر السابق ، ص 95). و" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي " (ماو تسي تونغ :خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية ، مارس 1957 )
و يبرز جليّا أن الإشتراكية التي إنكبّ إنجلز على الخوض فيها فى ذلك الكرّاس تحيل على الصراع الطبقي و المادية التاريخية و هذا لا يعدو أن يكون مكوّنا من مكوّنات الماركسية الثلاثة وهو ما أكّده لينين فى " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " حيث إعتبر مذهب ماركس " بوصفه التتمّة المباشرة الفورية لمذاهب أعظم ممثلى الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية " ( لاحظوا جيّدا أنّه لم يستعمل مصطلح " الإشتراكية العلمية" بل فقط " الإشتراكية" مثلما فعل فى كرّاس "كارل ماركس" ). ف" مذهب ماركس "، الماركسية ،:" هو الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية فى القرن التاسع عشر: الفلسفة الألمانية ،و الإقتصاد السياسي الإجليزي،و الإشتراكية الفرنسية .و إنّنا ستناول مصادر الماركسية الثلاثة هذه ،التي هي فى الوقت نفسه أقسامها المكوّنة الثلاثة."( لينين ، المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد 1، الجزء 1، ص 78/79).
و من هنا لا يفعل من يريد أن يماثل بين الماركسية أو الشيوعية و " الإشتراكية العلمية" سوى العودة إلى ما قبل لينين و اللينينية و ليّ عنق الشيوعيين إلى الخلف، نحو القرن 19. و هذا بوضوح إنحراف نظري و كذلك تنازل نظري –سياسي يهدونه على طبق لأعداء الشيوعية مقدّمين أنفسهم بتعلّة عدم تنفيرالجماهير ،على أنّ هدفهم الأسمى بالتالى هو الإشتراكية و ليس الشيوعية بطورها الأدنى الإشتراكية و طورها الأعلى الشيوعية ، وفق كتاب لينين " الدولة و الثورة" ، يتوصلون إليه عبر الصراع الطبقى الذى تعترف به و تقرّه حتى البرجوازية و الذى لا يحدّد بحدّ ذاته من هو الماركسي. فى رسالة وجهها ماركس إلى فيدميير ،بتاريخ 5 مارس /أذار 1852 ،أعرب عن أنّه :
" فيما يخصنى ليس لى لا فضل أكتشاف وجود الطبقات فى المجتمع المعاصر و لا فضل إكتشاف صراعها . فقد سبقنى بوقت طويل مؤرخون برجوازيون بسطوا التطوّر التاريخي لصراع الطبقات هذا ، و إقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الإقتصادي .و ما أعطيته من جديد يتلخّص فى إقامة البرهان على ما يأتى : 1"- إن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل تاريخية معينة من تطوّر الإنتاج 2- إنّ النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا ، 3- إنّ هذه الديكتاتورية نفسها ليست غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالى من الطبقات...".و معلّقا على ذلك ، كتب لينين: " ...الأمر الرئيسي فى تعاليم ماركس هو النضال الطبقي هذا ما يقال و ما يكتب بكثرة كثيرة. بيد أنّ هذا غير صحيح. و عن عدم الصحة هذا تنتج ،الواحد بعد الآخر ، التشويهات الإنتهازية للماركسية و ينتج تزويرها بحيث تصبح مقبولة للبرجوازية. ذلك لأنّ التعاليم بشأن النضال الطبقي لم توضع من قبل ماركس، بل من قبل البرجوازية قبل ماركس ،وهي بوجه عام مقبولة للبرجوازية. و من لا يعترف بغير نضال الطبقات ليس بماركسي بعد ،و قد يظهر أنّه لم يخرج بعد عن نطاق التفكير البرجوازي و السياسة البرجوازية. إنّ حصر الماركسية فى التعاليم بشأن النضال الطبقي يعنى بتر الماركسية و تشويهها و قصرها على ما تقبله البرجوازية. ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا. و هذا ما يميّز بصورة جوهرية الماركسي عن البرجوازي الصغير ( وحتى الكبير) العادي."( لينين،" الدولة و الثورة " ص 35-36 ،الطبعة العربية، دار التقدّم موسكو).
و نستشفّ ممّا تقدّم أنّ دعاة " الإشتراكية العلمية" بكلمات لينين يشوّهون الماركسية بإنتهازية و يزوّرونها و يبترونها لتصبح مقبولة للبرجوازية . و يتغافلون عن ما يميّز " بصورة جوهرية" الماركسي عن غيره. و لئن عرّف لينين حينها الماركسي بمن" يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا" فإنّ الشيوعيين الثوريين الماويين ، وبعد مراكمة تجارب إشتراكية بقيادة أحزاب شيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين خاصة ، يضيفون أنّ الماركسي صار من يعترف بتواصل وجود الطبقات و التناقضات الطبقية و التناحرالطبقي فى ظلّ الإشتراكية و بضرورة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا( نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا كما صاغها ماو و طبّقها فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. )
وننهى هذه النقطة بالتأكيد على أنّ إيديولوجيتنا هي الشيوعية و ليست الإشتراكية العلمية و الشيوعية ، قال ماوتسى تونغ فى " حول الديمقراطية الجديدة" ( 1940 ،م 2) " هي نظام كامل للإيديولوجيا البروليتاري وهي فى نفس الوقت نظام إجتماعي جديد. و هذا النظام الإيديولوجي و الإجتماعي يختلف عن أي نظام إيديولوجي و إجتماعي آخر ، وهو أكثر النظم كمالا و تقدّمية و ثورية و منطقية فى التاريخ الإنساني."
2- الشيوعية، لا البلشفية :
و فى نفس السياق ، فى يومنا هذا ، يتجه البعض من مدعى تبنّى الشيوعية إلى إعتبار أنفسهم تيّارا بلشفيّا و هذا فى حدّ ذاته إنحراف خطير . فالبلشفية وهي تعنى الأغلبية نتيجة إنقسام – إلى أغلبية و أقلّية- داخل الحزب الإشتراكي الديمقراطي الروسي إبّان مؤتمر ( راجعوا لينين " خطوة إلى الأمام ،خطوتان على الوراء") صارت ميزة الأغلبية التي ساندت أطروحات لينين حينها تفرّقهم عن المناشفة ، الأقليّة.و بالتالى كانت البلشفية نقيضا للمنشفية فمثلما مرّ بنا بأنّ الإشتراكية العلمية كانت نقيضا للإشتراكية الطوباوية .و ظلّ إستعمال البلشفية كمصطلح مفيد فى علاقة بثورة أكتوبر الإشتراكية التي قادها البلاشفة إلى درجة انّ هناك من ذهب للحديث عن الثورة البلشفية عوضا عن الثورة الإشتراكية. و بقيت صفة البلشفية ملتصقة لسنوات بإسم الحزب الشيوعي السوفياتي إلاّ أنّها لم تكن من صلب إسمه الذى كان " الشيوعي" بل ملحقا به و أحزاب الأممية الشيوعية ، الأممية الثالثة ،سيرا على خطى لينين و منهجه أطلقت على نفسها أسماء تعكس هدفها الأسمى أي الشيوعية فكانت تسمىّ الحزب الشيوعي لبلد ما ، كالحزب الشيوعي الفرنسي أو الحزب الشيوعي الصيني إلخ و لم تردف الإسم بالبلشفية. هذا من ناحية ،و من ناحية ثانية ، تعلّقت البلشفية بالتجربة الروسية و تاريخيّا كانت نهاية الذين حاولوا إستعمال صفة البلشفية للمزايدة بالثورية خارج الإتحاد السوفياتي نهاية تعيسة. و نضرب على ذلك مثال الصينيين الذين لقّبوا أنفسهم ب"البلاشفة مئة بالمئة " و دفعوا الحزب الشيوعي الصيني إلى إستنساخ الطريق الروسي و تركيز النشاط الحزبي فى المدن لتحريرها أوّلا كما حصل أثناء ثورة أكتوبر ، فتسبّت دغمائيتهم هذه فى تكبّد الثورة جيشا و حزبا و جماهيرا أفدح الخسائر و لولا نضال ماو تسى تونغ ضدّ خطّهم الخاطئ هذا الذى لم يفقه شيئا من دعوة لينين لأحزاب المستعمرات و أشباه المستعمرات للبحث عن طرق جديدة للثورة ( أنظروا العدد الأوّل من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية" ، مقال " الديمقراطية القديمة البرجوازية ام الديمقراطية الجديدة الماوية " ) .و قد نقد ستالين ذلك الخطإ الدغمائي فى " ملاحظات حول المواضيع الراهنة " قائلا :" " رغم تقدّم حزبنا إيديولوجيّا ، نجد فيه بعدُ ، لسوء الحظّ، ما يدعون " قادة " يعتقدون بصراحة بأنّ الثورة الصينية يمكن قيادتها ، إن أمكن القول ، عبر البرقيّات ووفق المبادئ العامّة للكومنترن، دون الأخذ بعين النظر للخصوصيّات القومية للصين ، لإقتصادها ، لنظامها السياسي ، لثقافتها ، لعاداتها ، لتقاليدها . ما يميّز ، بالفعل ، هؤلاء "القادة" عن القادة الحقيقيين ،هو أنّه لديهم دائما فى جعبتهم صيغتان أو ثلاث،"تناسب " كافة البلدان وهي " ضرورية " فى كافة الظروف .بالنسبة إليهم ، لا وجود للحاجة إلى أن نأخذ بعين النظر الخصوصيّات القومية و المميّزات القومية الخاصّة لكلّ بلد ...هناك إذن محاولات وضع فى قوالب جامدة قيادة كافة البلدان..." ( و كلام ستالين هذا ينطبق على جميع الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين).
و عندما تمكّن الماويون من إلحاق الهزيمة بالخطّ الإيديولوجي و السياسي الدغمائي أواسط ثلاثينات القرن الماضى تمّكنت الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية من إعادة بناء قوتها شيئا فشيئا بخطى راسخة عبر إستراتيجيا حرب الشعب الطويلة الأمد و محاصرة الريف للمدن و كان لها الظفر عبر البلاد بأسرها سنة 1949 ممهّدة الطريق للثورة الإشتراكية فالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى (1966-1976) كطريقة ووسيلة جديدة لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و كلّها تعدّ من مساهمات ماو تسى تونغ فى إيجاد طرق جديدة للثورة و فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية. ( للمزيد حول " البلاشفة مئة بالمئة" : " فى الردّ على الهجوم الدغمائي التحريفي لأنور خوجا " ج . وورنير ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي ، بالأنجليزية و الفرنسية).
و نذكّر لمجرّد التذكير و ليس حجّة نعتمدها بأنّ مجموعة البلاشفة الجدد الكندية التي أثّرت فى هذا أو ذاك من عناصر " الوطد" عبر أعداد من مجلّة " ديماركاسيون" إنحلت منذ عقود الآن. كما نشير إلى أنّ عددا من البلاشفة الذين ساندوا لينين فى ذاك المؤتمر قد تحوّلوا فى السنوات اللاحقة إلى المعارضة و شكّلوا خطوطا تحريفية حتى . و كتابات لينين و ستالين تسجّل ذلك. و من ثمّة إستعمال كلمة بلاشفة بات اليوم ، فى القرن الواحد و العشرين لا يفيد بالضرورة الثورية و لا يحيل على إيديولوجيا ثورية اليوم . و حينما إنكبّ ستالين على تلخيص تجربة الثورة فى روسيا و الإتحاد السوفياتي ، أبرز تطوير لينين للماركسية و ما أصبح يسمّى كمصطلح علمي دقيق اللينينية ( لا البلشفية) كمرحلة جديدة ،ثانية و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية و مذّاك غدت الأحزاب الشيوعية الحقيقية تتبنّى الماركسية-اللينينية و تلاشى أكثر فأكثر إستعمال وصف البلشفي حتى فى الإتحاد السوفياتي.
و الآن و قد عمد البعض إلى إحياء هذا المصطلح غير الدقيق علميّا اليوم على أنّه نعت مميّز يطلق على الثوريين ، فإنّه يجدر بنا بعد إجلاء الأمر أن نقول لهم لا للنكوصية ، المصطلح الأدقّ عالميّا هو اللينينية . و لتقريب الصورة وليس للشتم أو التشويه ، صنيعكم هذا يشبه صنيع السلفيين المتزمّتين فى تمسكهم بتلابيب النصوص و ظواهرها و الإستماتة فى الدفاع عنها.وليعلم هؤلاء و غيرهم أنّ الرابطة التروتسكية بفرنسا التابعة للرابطة الشيوعية العالمية – الأممية الرابعة تصدر منذ سنوات نشرية بعنوان " البلشفي" روّج آخر عدد منها وهو العدد 195 فى مارس 2011.
إنّ الماركسية علم و العلم يتطوّر و يتعمّق بالضرورة و إنّكم بهكذا إنحراف تسيئون لستالين ذاته و أنتم تدّعون الدفاع عنه – دفاع دغمائيّ يستبعد نقد الأخطاء- بتشكيكهم فى اللينينية كمفهوم علمي دقيق. وفى الوقت نفسه ندعوكم رفاقيّا إلى جادّة الصواب و إلى عدم إيقاف تطوّر الماركسية عند ستالين و التجربة السوفياتية فالبروليتاريا العالمية راكمت قدرا هاما من التجارب زمن ستالين و بعده لا سيما التجربة الصينية الرائدة و غيرها و تجارب ثريّة منذ الستينات إلى يومنا هذا فى عديد البلدان وهي بالتالى تستدعى النقاش الجاد و الدراسة و التلخيص لتطوير الماركسية اللينينية التي أضحت حسب الشيوعيين الماويين الماركسية-اللينينية –الماوية على أنّ الماوية هي المرحلة الثالثة ، الجديدة و الأرقى. و لن تكفّ الماركسية-اللينينينة-الماوية ذاتها عن التطوّر و إلاّ ستموت . و على الشيوعيين الماويين أن يكونوا واعين تمام الوعي قبل غيرهم بفحوى قول ماو تسى تونغ : " إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ ان تتقدّم ، و لا بدّ ان تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها ان تكفّ عن التقدّم . فإذا توقّفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها، إلاّ أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية " . ( "خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " 12 مارس/ أذار 1957).
3- طليعة المستقبل لتحرير الإنسانية لا محافظون على الماضى:
تتكرّر فى كتابات " الوطد" و أقوالهم أنّهم المدافعون عن " الإرث الثوري" للبروليتاريا و بذلك يذكّروننا مباشرة بأنور خوجا و دفاعه عن " نقاوة " الماركسية. نشرح فنقول إنّ الدفاع عن ما يسمّيه الشيوعيون الماويون علم الثورة البروليتارية العالمية مظهر واحد من مظهري وحدة الأضداد أو التناقض بمعنى أنّ الإيديولوجيا الشيوعية تحتاج إلى مظهر الدفاع عن الصائب فيها و ما هو صحيح و سليم و لا يتضارب مع الهدف الأسمى ، الشيوعية كما تحتاج أيضا إلى نقد الأخطاء و الهنات فى الممارسة العملية الماضية و تصحيحها و تجاوزها .و بالتالى تطوير الماركسية و تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية يحصل أيضا إنطلاقا من المكوّنات النظرية الصائبة و الصحيحة الملخّصة للتجارب السابقة و كذلك مع تطوّر الممارسة العملية المستجدّة بمكوّناتها الثلاثة وفق ماو تسى تونغ : الصراع الطبقي و الصراع من أجل الإنتاج و الصراع من أجل العلم.
و بإعتبار الدفاع و التطوير مظهري تناقض يكون الدفاع فى فترة معينة هو الرئيسي و التطوير ثانوي و فى فترة أخرى يكون التطوير هو الرئيسي.و غالبا ما كان ، تاريخيّا الدفاع عن المبادئ الأساسية للشيوعية الثورية مدخلا و قاعدة لتطوير علم الثورة البروليتارية هذا. و يظلّ الأساسي و الجوهري فى الماركسية هو التطوّر و إن" توقّفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها" ، ماتت و تجمّدت.
بيد أنّ " الوطد" لا يتحدّثون إلاّ عن مظهر الدفاع و يتجاهلون مظهر التطوير مثلما فعل أنور خوجا من قبلهم فسقطوا مثله فى الدغمائية و تبعاتها الهدّامة. و بإيقافهم كخوجيين متستّرين لتطوّر الماركسية عند ستالين ،أنكروا التجارب اللاحقة التي راكمتها الثورة البروليتارية العالمية فى بلدان أخرى ،غير الإتحاد السوفياتي ،زمن ستالين و بعده. و بذلك أخفقواو يخفقون أيما إخفاق فى فهم إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي و البلدان الإشتراكية سابقا ، على غرار الصين ؛و لا يفهمون تواصل وجود الطبقات و التناقضات الطبقية و الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ،و النظرية التي طوّرها ماو تسى تونغ بهذا المضمار و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كثورة داخل الثورة ،إنطلاقا من تطوّر التطبيق العملي لعقود وفى مجالات متنوّعة. و إن تطرّقوا إلى تجارب فتنام و كوريا فهم يتعاطون معها بأسلوب إنتقائي بموجبه يذكرون عموميّات أو ما يرونه صالحا – براغماتيّا- و يغيّبون ما يحلو لهم تغييبه لعدم إنسجامه ورؤاهم المبنيّة على الخوجية و الأفكار المسبّقة و التهم الزائفة الموجّهة للماوية. وبالنتيجة من المستبعد – على حدّ علمنا فى الوقت الحالي- ان تكون لديهم بحوث و دراسات للتجارب الفتنامية و الكورية و الألبانية ... و كيفية تحوّل تلك الدول من دول تقودها البروليتاريا إلى دول برجوازية و من الإشتراكية إلى الرأسمالية. وفى حين لم يتخطّى هؤلاء الخوجيين المتستّرين مظهر الدفاع الملازم لهم لوحده – مع غياب التطوير- دافع الشيوعيون الماويون منذ زمن اولا عن ستالين و تجارب البروليتاريا العالمية و قيموها علميّا و من منظور بروليتاري و بمنهج مادي جدلي و مادي تاريخي و نقدوا الأخطاء و إستخلصوا الدروس و العبر و طفقوا مذّاك يواصلون المسار و يطوّرون علم الثورة البروليتارية العالمية و يمضون بالإشتراكية إلى أبعد نقطة ممكنة فى إتجاه الشيوعية ما أفرز فعلا و على قاعدة التطوّر العملي ،مرحلة جديدة ،ثالثة و أرقى فى هذا العلم هي الماوية (الماركسية-اللينينية –الماوية) وهي مرحلة ينكرها كلّيا التحريفيون المعاصرون و الخوجيون الدغماتحريفيون المفضوحين منهم و المتستّرين.
و لم يثن الماويين دفاعهم عن الماويّة عن مواصلة مشوار إستيعابها و رفع رايتها و تطبيقها و تطويرها. و تنهض تجارب ماويّة عديدة فى البلدان الإمبريالية و فى أشباه المستعمرات ، منذ الستينات و السبعينات دليلا على ما نقول. و اليوم يخاض نقاش و صراع حادين أحيانا حول التجارب البيروفية و النيبالية و الهندية فى أشباه مستعمرات ،و حول تجربة الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي فى قلب الغول الإمبريالي، و كذلك تدرس و تناقش و تطوّر عمليّا و نظريّا تجارب الماويين فى تركيا و الفيليبين و سيريلانكا ...و بالتأكيد سيفرز الصراع المبدئي جملة من الأفكار الجديدة المطوّرة للماوية ليس حاليّا كمرحلة جديدة ،رابعة و إنّما كجملة أفكار مستخلصة من التطبيق العملي للعقود الأخيرة تنير الطريق لقيادة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و على الشيوعيين الثوريين عبر العالم الإطلاع على هذه الصراعات و المساهمة فيها لمزيد توضيح الخطّ الإيديولوجي و السياسي و النضال بما هم أمميون بروليتاريون كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية.
و نعرّج بالمناسبة بإقتضاب ، فى ختام هذه النقطة ، على بعض أفكار الناطق الرسمي بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين الواردة فى ردّه منذ سنواتالآن على حزب العمل الوطني الديمقراطي – و لا ندرى هل هو متمسّك بها أم لا لكن نتناولها لإرتباطها بموضوع الحال و إنتشارها إلى حدود فى صفوف بعض المناضلين و المناضلات الذين يدعون تبنّى الشيوعية. فى ذلك الردّ عبّر عن كون فشل تجارب الإشتراكية،حسب رأيه، ( بالنسبة للشيوعيين الماويين هو هزيمة مؤقتة للبروليتاريا العالمية أمام البرجوازية، هزيمة للموجة الأولى من الثورة البروليتارية العالمية) يعزى جوهريّا إلى عدم إحترام الشرعية الإنتخابية و عدم تطبيق طريقة إنتخاب المسؤولين مثلما حصل فى كمونة باريس.
هكذا هو الآخر يعود بنا إلى ما قبل التجربتين السوفياتية و الصينية. و فضلا عن هذه النظرة النكوصية التي تجعل من تجربة كمونة باريس التي عمّرت أشهرا قليلة معدودة لا غير دون قيادة حزب بروليتاري حقّا أفضل من تجارب عقود من الإشتراكية بقيادة أحزاب شيوعية و فضلا عن جهله أو تجاهله أنّ فى الصين الماوية كان المسؤولون ، لا سيما خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، يخضعون لإنتخاب - لا التعيين- وليس من قبل أعضاء الحزب الشيوعي فحسب و إنّما من قبل الجماهير الشعبية أيضا و قد مورس حقّا و فعلا حقّ حسب الثقة منهم، فإنّ ذلك لم يمنع البرجوازية الجديدة أساسا و القديمة من الإنقلاب على الثورة و إعادة تركيز الرأسمالية. و منطق شكري بلعيد الشكلي البرجوازي المعتمد يضرب الشيوعية فى الصميم – نفس المنطق الذى قاده إلى إعتبار ما حصل فى تونس و ما سيحصل من إنتخابات مجلس تأسيسي " ثورة ديمقراطية ". فهو يتجاهل الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و يحجب، خدمة للأوهام البرجوازية التي يبثّها، أهمّ معيار فى تحديد التوجّه الصحيح للدولة الإشتراكية ومقاومة إعادة تركيز الرأسمالية و نقصد الخطّ الإيديولوجي والسياسي : هل أنّ السياسات المتوخاة و التوجهات المتبعة تسعى لممارسة الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية و معالجة التناقضات الموروثة عن المجتمع الرأسمالي ، بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و بين العمّال و الفلاحين ... و التضييق على " الحقّ البرجوازي" قدر الإمكان ...أم هي تعمّق الإختلافات و التناقضات و توسعها؟ هل تعمّق و توسّع ممارسة الجماهير للسلطة و التملّك الفعلي لوسائل الإنتاج و التوجه صوب الشيوعية أم العكس؟ هل تجري عمليّات إستعادة أجزاء السلطة المسلوبة من قبل " البرجوازية الجديدة " فى المصانع و المزارع و الدولة و الحزب ...أم العكس؟ هل يتبع الماسكون بالسلطة فى الحزب و الدولة الطريق الإشتراكي أم العكس الطريق الرأسمالي؟ و لن ندخل فى التفاصيل هنا- قد نعود للموضوع فى فرصة قادمة- و إنّما بعجالة نطرح سؤالا و نردّ على ملاحظة متوقّعة. و السؤال هو ، فى النموذج الذى يقترحه الذى صار ناطقا بإسم الحركة الوطنية الديمقراطية ، لو أخطأت الجماهير أو ضغط عليها أو ضلّلت لأسباب شتّى وإنتخبت أتباع الطريق الرأسمالي للمراكز العليا فى الحزب و الدولة ، هل سيتمّ القبول بهذه " الشرعية الإنتخابية" التي تحوّل الدولة و الحزب البروليتاريين إلى نقيضهما دولة و حزب برجوازيين؟ هل تقبل البروليتاريا بإعادة تركيز الرأسمالية ؟ ... و الملاحظة المتوقّعة هي أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى هي الأخرى لم تمنع التحريفيين –البرجوازية الجديدة من إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.و الردّ هو أنّها كوسيلة و طريقة جديدة ضمن نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا الماوية بالفعل حالت دون صعود التحريفيين إلى السلطة لسنوات عشر ، إلى وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب التحريفي سنة 1976. هذا من ناحية و من ناحية ثانية وفّرت قدرا هاما من " لأشياء الجديدة" والتطبيق العملي الذى لا زلنا نستفيد منه عالميّا إضافة إلى كونها مضت بالثورة إلى ابعد حدّ و إلى أعلى قمّة بلغتها الإنسانية فى السير صوب الشيوعية إلخ. و أفضل مثال حيّ عن ما يؤدّي إليه التيّار الدغمائي التحريفي النكوصي إذا ما إتبع منطقه إذا ما إتبع منطقه إلى نهايته هو المسار الذى إتبعه محمّد الكيلاني الذى صار منذ سنوات قائدا " للحزب الإشتراكي اليساري" حيث إنطلق فى مرحلة أولى وهو ضمن حزب العمّال الشيوعي التونسي الخوجي و أحد قادته البارزين من معارضة ماو بإستعمال ستالين ضدّه فى " الماوية معادية للشيوعية" وفى مرحلة ثانية وجّه نقدا لاذعا لما أسماه " اللغة الخشبية" لحزب العمّال ثمّ إنشق عليه ليكوّن حلقة الشيوعيين الديمقراطيين فالحزب الإشتراكي اليساري و إنتهى إلى إعتبار التجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي رأسمالية لا غير . و هكذا أسقط الماوية فاللينينية فالماركسية ليصبح من دعاة تبنّى الفكر الإنساني النيّر و التقدّمي . و أمّا حزب العمل الوطني الديمقراطي بعد أن مهّد له الطريق محمّد الكيلاني فقد تخلّى ، لشرعويّته، عن الماوية و اللينينية و الماركسية دفعة واحدة واضعا رموزا تحريفية و رموزا شيوعية ثورية فى نفس السلّة و مدّعيا تبنى بشكل عام الفكر الإشتراكي التقدّمي لا غير.
خاتمة :
مجمل القول ، يترتّب علينا أن نناضل بلا هوادة ضد تيّار خطير داخل الحركة الشيوعية فى القطر ، تيّار دغمائي تحريفي نكوصي عوض أن يمسك بقمّة تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية (الماوية) يدير ظهره له بمثالية و يلوى عنقه و ينهل من تجارب سابقة لينينة عند البعض و سابقة عن اللينينية عند الآخرين . بالتأكيد لا يتطلع هؤلاء لأن يكونوا طليعة للمستقبل و إنّما هم نكوصيون بإسم المحافظة على التراث الثوري أو الشرعية الإنتخابية و المنطق الشكلي. على الشيوعيين الثوريين ، الماويين الحقيقيين أن يكونوا لا أقلّ من طليعة للمستقبل إذا ما راموا لأنفسهم قيادة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و المضيّ بها أبعد ما أمكن صوب الشيوعية على النطاق العالمي. " و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس .و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."( انجلز ، ذكره لينين فى "ما العمل؟") . ========================---------------------------==========================
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 1 / مارس 2011)القلب على
...
-
تونس : قراءة فى بيانات المجموعات- اليسارية- حول العدوان على
...
-
بعض النقد لبعض نقاد الماوية ( ملاحظات نقدية ماوية لوثيقة - ا
...
-
تونس : مسرحية وزارة الداخلية (1 فيفري )
-
أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى ت
...
-
مواصلة الإنتفاضة الشعبية فى تونس: نقاط عملية
-
الديمقراطية القديمة البرجوازية أم الديمقراطية الجديدة الماوي
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|