|
المصالحة الفلسطينية بين الفرحة والتوجس
شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 3349 - 2011 / 4 / 28 - 20:24
المحور:
القضية الفلسطينية
يشهد العالم العربي منذ مطلع العام2011 ما يشبه تسونامي من الثورات المختلفة الأهداف والدوافع مع اختلاف الجهات التي تقف وراء هذه الثورات المسيّسة والغير مسيّسة بذات الوقت .ولأن الفلسطينيين اعتادوا أن يكونوا ضحية الأنظمة العربية على مدار عقود من الحكم الدكتاتوري وأن يكونوا دائما الشماعة التي تعلق عليها هذه الأنظمة فشلها في إدارة أزمات البلاد والتعاطي مع ما تحتاجه الشعوب . ولذلك كان الصواب في ردة الفعل الفلسطينية مع اختلاف أطيافها هو الحياد التام تجاه ما يحدث في البلاد العربية كونه شأنا داخليا بحتا يخص شعوب هذه الدول والتي يجب أن تقرر وحدها ما تحتاجه وما تسعى إليه من خلال ثوراتها ضد الأنظمة . وحتى لا نخسر شعوبا عربية شقيقة ولا نقامر بحياة فلسطينيي الشتات فإنه يتوجب على المسؤولين الفلسطينيين الحرص الشديد في التصريحات حول الوضع العربي حتى نتجنب تحوّل الصراع مع الأنظمة الدكتاتورية إلى صراع ضد " الدخلاء " كما بدأت بعض الأنظمة بالترويج . رغم ذلك فالمفرح في خضم تسونامي الثورات وفي غمرة الانشغال العربي والدولي تبدأ تباشير المصالحة الفلسطينية بالظهور في القاهرة ، وبوادر انقشاع غيمة الانقسام الأسود الذي جعل بعض العرب يعاير به الفلسطينيين ويسخر من نضالاتهم التاريخية التي تضررت بشدة أثر هذا الانقسام البغيض . ورغم المفاجأة التي أحدثها توقيع اتفاق مبدأي حول المصالحة بين طرفي النزاع إلا أن هنالك دوافع أحاطت بالطرفين وحاصرتهما وجعلتهما وأخيرا يفهمان أنه لا مناص من أن تكون أرض فلسطين هي المرجعية في الخطوات والمنهجيات سواء على صعيد المقاومة أو على الصعيد التفاوضي ، وأن أي رهان على تحالفات إقليمية هو رهان خاسر مآله الزوال خاصة بعد أن انهارت أنظمة أعتى وأشد من تلك التي تجابه شعوبها الآن بالحديد والنار . لقد فهمت حركة حماس أن الوضع العربي وخاصة في سوريا لا يحتمل الانتظار وكان لا بد من الخروج من عنق الزجاجة بالعودة لتوحيد شطري الوطن وتوحيد المسار رغم اختلاف الأيدلوجيات ولذلك فوجئنا بالعقبات من ناحية حركة حماس قد تذللت بسرعة وبادر أشد المعارضين من قيادة الحركة إلى التوجه للقاهرة لحسم الأمور ، مع وجود بشائر تختلف عن تلك التي سبقت في مكة وصنعاء وغيرها ، والتي أحبطت الشعب الفلسطيني طويلا . أما السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس فقد أدرك أن استمرار الانقسام يعزز الموقف الصهيوني المتهرب من استحقاقات السلام المزعومة والذي يستمر في نهج الاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية ، لذلك بادر بعدة سبل لحسم هذا الصراع ، وأيا كانت خسارة فتح من حيث النفوذ الأمني فإن المكسب الشعبي أكبر بكثير مما يمهد لمكسب سياسي مستقبلي اعتمادا على قاعدة شعبية عريضة كانت بحاجة للصقل ونفض الغبار الذي تراكم حولها، وتغذيتها بقرارات فلسطينية حرة ومصيرية قد تحدث طفرة في الديمقراطية الفلسطينية مستقبلا ، ومن يدري إن ذهبنا لكثير من التفاؤل بأن يصبح تداول السلطة أمرا اعتياديا وحضاريا في فلسطين ويكون الاقتراع هو سيد الكلمة دون خوض أي نزاعات مدمرة . ومن ناحية أخرى فإن لهذه المصالحة ايجابيات معنوية وسياسية كثيرة ، ليس على الفلسطينيين فحسب وإنما على مصر والتي يدرك ساستها الآن أن تحقيق هذه المصالحة أمر دقيق جدا رغم الأزمة المصرية ،وأن فتح الورقة المصرية وعدم التعنت حول هذا الأمر دون اعتباره قرآنا لا يُختَلَف عليه ، هو أمر ضروري لحسم الخلافات التي تعتبر شأنا فلسطينيا خالصا تلزمه رعاية من الشقيقة مصر بحكم دورها وأهميته في العالم العربي ، وبحكم الروابط التاريخية والمصيرية بين فلسطين ومصر وشعبيهما . لذلك فإن تحقيق المصالحة في القاهرة سيكون بمثابة انتصار سياسي كبير يثبت أن مصر لم تترك القضية وأنها تتعافى من أزمتها لتستعيد دورها الإقليمي الذي لا يمكن التنكر له من أي طرف . وأخيرا فإن المأزق الكبير بانتظار نتنياهو المتأزم أصلا والفاشل سياسيا بحكم جميع الأوساط " الإسرائيلية "، فقد تورط كثيرا بمسألة الاستيطان وأحرج الحليف الأمريكي باستخدام الفيتو في مجلس الأمن ، كما تورط داخليا مع نجاح المساعي الدبلوماسية الفلسطينية في كسب اعتراف عدد من الدول الهامة والمؤثرة ، ودخل في حالة من التخبط هو وحكومته والتي بدأت بتصريحات ترهيبية ضد السلطة الفلسطينية وحركة حماس بمجرد الإعلان عن الاتفاق الأولي للمصالحة . ولكن إن كانت الجهتان تؤمنان بأن صراعهما لا يأتي إلا بالخسارة للفلسطينيين فإنهما ستمضيان قدما في سبيل تحقيق المصالحة وإحراج حكومة الاحتلال وفضح ممارساتها الإرهابية ، والاستمرار في العمل على إبراز القضية الفلسطينية أمام الرأي العام العالمي وحماية الثوابت والمقدسات ودعم صمود الشعب الفلسطيني أمام طغيان الاحتلال الصهيوني ، مما سيضمن الاستمرار في المكاسب السياسية الهامة ويحافظ على المنجزات التي حققها الفلسطينيون بحنكتهم وثباتهم وصمودهم رغم كل الأزمات .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سامحنا يا فيكتور
-
ربيعٌ يشتاق لنزف الوردة
-
لعبة تحرير الأخبار
-
خمسٌ على هامش الوطن(4)
-
صراع المثقفين وعجز المسؤولين
-
أيّنا يا حبُ سيمضي للنهاية ؟
-
أيها الكبير :هل استثنيت أحدا ؟
-
خمسٌ على هامش الوطن(3)
-
شوكة الغرباء -نص نثري
-
حرية لأجل غزة
-
خمسٌ على هامش الوطن(2)
-
شركة جوال وخدماتها الخاصة جدا !!
-
في مرجل الذكرى
-
خمسٌ على هامش الوطن
-
وعاد لينتظر
-
جامعة فلسطين الدولية وسنوات الضياع
-
تغطية للجلسة الثانية من ملف القصة القصيرة جدا بغزة
-
اسمي - أريدُ-
-
ندوة عن القصة القصيرة جدا في غزة برعاية ملتقى الصداقة الثقاف
...
-
كقمحٍ يفرُّ نحو الرحى
المزيد.....
-
لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف
...
-
أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
-
روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ
...
-
تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك
...
-
-العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
-
محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
-
زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و
...
-
في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا
...
-
النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
-
الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|