أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مهند صلاحات - عندما يكتب الدولار قصيدة














المزيد.....

عندما يكتب الدولار قصيدة


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 998 - 2004 / 10 / 26 - 08:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في زمن يشنق الشاعر ويعلق الشعراء على أبواب المدينة ..........
في ظل أنظمة تصادر الحبر والورق من الأسواق كي لا نكتب قصيدة أو مقالة ....
في لحظات نهرب فيها من أنفسنا كي لا يستطيع المخبر السري الذي زرعته أجهزة المخابرات في دمنا أن يقرأ أفكارنا ونحن نحاول وصف الواقع بمقالة صحفية....
في عصر هجم النفط علينا كذئب جائع ... أكل أبنائنا ... سرق شرف نسائنا ... وباعنا في سوق النخاسة الأمريكية,
صار لكل شيء ثمن فقد مضى عصر المعلقات, وسوق عكاظ أغلق بالشمع الأحمر, وصودر الشعور من صدور الشعراء.
وصارت قصيدة العرب وإعجازهم الأدبي يكتبه الدولار.

حين إكتُشِفَ النفط في بلادنا العربية ظننا أن هذا الذهب الأسود سيدخلنا جميعا لعصر الحضارة حاملين معنا قيمنا وتقاليدنا وتراثنا الماضي بقوة أكبر.

لكن وعكس ما توقعناه جميعا, صودر منا التراث وصارت مجتمعاتنا مثل ناطحات السحاب من كثرة الطبقات الإجتماعية فيه.
فطبقة الأغنياء وطبقة الفقراء لم تعد صفة اجتماعية كافية لأن تصف مجتمعاتنا.
لقد دخل إلينا مصطلحات أخرى جديدة منها:
طبقة النفطيين, طبقة الفاحشين بالغناء, طبقة الفارهين, طبقة ملاك الشركات الكبرى, طبقة مصدرين الغاز, طبقة المتاجرين بأبناء الفقراء, طبقة رجال الدولة.
حتى طبقة الفقراء لم تبقى على حالها وتقسمت لطبقات
فغدى لدينا طبقة الجوعى , طبقة الذين يموتون جوعا , طبقة الفقراء , طبقات من الكادحين, وطبقة جديدة لمن هم تحت مستوى الفقر.

لست محللاً اجتماعيا لكي أحاول تقسيم المجتمع العربي بأكثر من هذه التقسيمات ولكني فقط معنيٌّ بأن أتسائل :
كيف يستطيع شاعر من الطبقات الكادحة أن يبحث بين حروف اللغة عن بعض حروف وكلمات يمزجها بشعوره ونظرته للحياة كي ينتج قصيدة !!!
ما لون هذه القصيدة التي لن تكون إلا سوداوية طبقية حاقدة على الواقع ؟؟
كيف سيستطيع أن يصف الوطن بالبرتقالة أو بزهرة النرجس وهو لا يعرف طعم البرتقال, ولا يعرف رائحة النرجس, لان زهرة النرجس في محلات الزهور يعادل ثمنها ثمن عشرة أرغفة يمكن أن تسد جوع أطفاله الذين ينامون كل ليلة بلا عشاء, يفيقون على قهر الحقيقة وينامون على حقد الواقع.

في هذا العصر النفطي الأسود حين أحاول أحيانا شراء جريدة اليوم إن توفر ثمنها لدي أدخل إحدى المكتبات وأغافل صاحب المكتبة لأتصفح بعض الكتب الجديدة التي نزلت للأسواق كي أرى ما نوعية الإنتاج الأدبي أو العلمي في الأسواق .
لفت انتباهي مؤخرا صدور أعداد كبيرة من دواوين الشعر العربي وتحديدا العامي الذي يشتهر به شعراء الخليج العربي.
بدا هذا الإنتاج غزيرا جدا, وحين أتصفح بعضه أرى رائحة النفط وباريس وسهراتها ولياليها الحمراء تفوح منه.
أرى حديثا عابرا من أحد الشعراء النفطيين مع بيروت يحدثها كأنثى في سهرة في شارع جان دارك أو جونيه.

هل بيروت صارت رمزا لسهر الباحثين عن المتعة والنساء ونوع جديد من النبيذ المعتق كقهرنا المعتق في صدورنا !!!
بيروت رمز الصمود اللبناني الفلسطيني في عام 1982م تتحول لشقق فندقية لباحثين عن متعة!!
قلعة شقيف المهدمة جراء الصواريخ الإسرائيلية تتحول إلى منتزه قومي.
مزارع شبعا المحتلة تباع صورها لسائح يعشق جمع الصور.
بيروت عاصمة الثقافة العربية .... صارت بيروت عاصمة النوادي الليلية للقادمين يحملون الدولار والنار والنفط والغاز.

أقف أحيانا على قصيدة كتبها الشيخ فلان بن الشيخ فلان فأجد كلاما يأتي من قلب محروق يتحدث عن القدس وينادي صلاح الدين,
يبكي ضياع بغداد, ودماء أطفال الفالوجة, وقهر الرجال في سجن أبو غريب.
أجد كلاما عن الجوع والقهر في سجن وغربة في منفى
بنفس الديوان أجد قصيدة أخرى تتحدث عن سهرة في شارع الشانزلزيه في باريس
وأخرى تحكي رحلة صيد في إحدى المزارع الضخمة في الخليج أو باكستان
وثالثة تصف رحلة سريعة في سيارة (الرولز رايز) أو جيب عابر للصحاري

لا شك هناك مفارقات ضخمة في ذات الموضوع فكيف يمكن لمن يركب ( الرولز رايز ) ويصطاف كل سنة في أسوان ولبنان وباريس وفلوريدا أن يصف حرارة الجوع وقهر الرجال وصوت القمع وسياط العذاب ؟؟؟

لا بد أن هنالك أشياء أخرى تدعونا للتساؤل للوصول للحقيقة :
هل فعلا باع الشاعر المقهور الذي لم يبقى مكتب صحيفة أو دار نشر أو مكتب أو مصنع أو شركة إلا وقدم به طلب توظيف بوظيفة كاتب أو فراش أو ربما ماسح أحذية ليأمن قوت ليلة أخرى إلى طويل العمر ليقوم طويل العمر بنشر ديوانه الجديد ؟؟

هل صار الدولار يكتب قصائدنا بعد أن باع امرؤ القيس ديوانه وقصائده ليشتري جينزا جديدا وتذكرة سفر لقضاء العطلة بعد موسم الغزوات في جزر المحيط الأطلسي ؟

هل صار النفط الأسود يقف في صف قضايانا القومية والإقليمية ويحمل بندقية ويقف على جبال نابلس يقاتل مع الثوار هناك ؟

هل حقيقة أن للنفط شعور مثلنا ؟؟
وهل النفطيين الغارقين بسكرهم في لاس فيغاس يستطيعون سماع أنين طفل تحت ركام منزله في الفالوجة ؟

وهل من الممكن أن يتبرع أحد شيوخ النفط ببناء مستشفى جديد في الصومال لأطفال يموتون جوعا وقهرا وضجرا يوميا بدل المستشفى الذي قصفته الطائرات الأمريكية أو دمرته الحرب الأهلية !!!
هل يعد عربياً من لا يثور لدم العرب المنساب كنهر العاصي عكس اتجاه أنهار الدم الأخرى وعكس بوصلة التاريخ أيضاً؟؟

هل النفط عربي ؟؟؟

لكن كما قال الشاعر العربي مظفر النواب :

هل عرب انتم!!!
"و يزيد" على الشرفة يستعرض أعراض عراياكم
ويوزعهن كلحم الضأن,
لجيش الردة!!!
هل عرب انتم !!!!
والله أنا في شك من بغداد إلى جدة
هل عرب انتم
وأراكم تمتهنون الليل
على أرصفة الطرقات الموبوءة
أيام الشدة؟؟
قتلتنا الردة ...قتلتنا الردة
أن الواحد منا يحمل في الداخل ضده



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصخصة حكومية
- الحمار يعلن الإضراب
- موظف إستقبال في المقبرة
- إلى العربي ... قبل هجرته الأخيرة
- قبل الرحيل ... يا رفاق أين الطريق
- بين الإرهاب المنظم والمقاومة الشرعية خيوط مصطنعة يحاول البعض ...
- إصلاح للثورة ام إصلاح للأنظمة .... ما الذي نحتاجه كيساريين ع ...
- في مصر ... جمعية مصرية لحماية حقوق الحمير والأسرى السياسيون ...
- حمى التاريخ .....
- رسالة من امرأة ما .....
- المشهد الذي لم يكتمل بعد / في ذكرى استشهاد القائد أبو علي مص ...
- رب الحجر / قصيدة غير منشورة للشاعر العربي الكبير مظفر النواب
- هم لم ينتصروا .... نحن الذين دوما نستسلم
- قلقيلية تبرز التضامن الاكبر مع الرفيق أحمد سعدات ورفاقه من خ ...
- وثيقة: مطالب الاسرى كما عرضوها على إدارة مصلحة السجون الاسرا ...
- بين سوبر ستار وإضراب الأسرى الفلسطينيين ... من يرقص على جراح ...
- بيان مناشدة عاجل من أهالي الاسرى والمعتقلين في مدينة قلقيلية ...
- الحرية للاسرى
- فكرة عابرة من صديق عابر
- فكرة ..


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مهند صلاحات - عندما يكتب الدولار قصيدة