|
حلب الشهباء مؤشر الحسم في الثورة السورية الابية
سعاد جبر
الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 24 - 01:12
المحور:
حقوق الانسان
بين العراقة والصمود ، تقع ورقة حلب في المقدمة ، في حسم الثورة ، ونصرة الجماهير ، وتحطيم الأسوار الأخيرة ، والخلاص من حكم عائلة الأسد الدكتاتورية ، علماً بأن المدينة محكم الخناق عليها ، والسلطة الأمنية الفاسدة تعي ذلك ، وتحاول إجهاض تلك المدينة قبل تفتق وردها في الحرية .
لا يعد هذا الكلام مجرد أمنيات وتطلعات ، بل هو نابع من الأصالة التاريخية لتلك المدينة ، وما حملته من طباع أهل هذه المدينة التي ذكرها المؤرخون عبر التاريخ ، " اذ يتسم الحلبي بالحدة والصراحة في إبداء الرأي؛ والشجاعة في المواقف، وعدم قبول أنصاف الحلول، والدفاع عن الحقوق بكلّ قوة، وعدم قبول المساومة ، وتعظيم الشعور بأهمية الكرامة ، وعدم التنازل عنها ، مهما كلفه الأمر ، والحلبي في ساعة الحسم قمة في الحدة والانفعال والإصرار .
وامتداد عبق الثورة السورية الحمراء ، في درعا ودمشق ودوما وريفها وبانياس واللاذقية وحمص وحماة وادلب والقامشلي ، يجعلك تشعر أن ذلك هو تفتح أوراق الورد الذي سيزهر وسطه زنابق الحرية المشرقة التي تحملها نبض قلب الثورة في حلب الشهباء .
وسلوك النظام السوري السادي بأجهزته الأمنية الوحشية ؛ يجعل المتابع الأستراتيجي لواقع الثورة السورية ، يجزم بأن نهاية النهاية أوشكت لهذا النظام الفاسد الدكتاتوري ، الذي عذب شعبه ، وضلل عليه الحقائق عبر إعلامه الكاذب الذي يتقن مقولة "اكذب اكذب حتى تصبح الكذبة حقيقية" ، وقد تعلمها من رؤوس نظامه ، الذين لبسوا ثيات المقاومة والممانعة ، بالجعجعة والخطابات الرنانة ، وعند ساعة الحسم ، انطلقت رصاصاتهم الحية ورشاشتهم وقنابلهم لشعبهم الحر الأبي المعذب عبر تاريخ هذه النظام السادي الأسود ؛ الذي أفقر شعبه ، وحرمه الحياة الرغيدة ، وسلبه نفطه وخيراته ، وأذل شعبه أيما مذلة .
وكلماتي التي تستبشر بعبق الثورة في درعا شبة المحررة ، توجه الفأل الحسن بشأن مفأجاة الثورة السورية ، وحسمها في حلب الشهباء ، لصناعة التاريخ مرة أخرى من حلب الشهباء والبطولة والمفاخر ، والثقة معقودة عليها ، ولابد أن تشرق لحظة الخلاص من هناك ، لإسفار فجر جديد في حياة الثورة السورية الأبية ، ثورة الحرية والكرامة ، في ربيعها الأشم المزهر .
ولعله في ظل ما يعتصر المرء من الآلام والأكباد المتقطعة على رؤية إخوتنا الأحرار في سوريا وهم يغرقون بالدماء ، ويقتلون كالخراف ، في ظل صمت عربي وعالمي مخجل ، من قبل القناصة المحترفين ، الذي يتلذذون بتعذيب الضحية ، وقد بلغ حد الانتهاكات الدموية ، أن يضطر أهلنا هناك ، بالاحتفاظ بالجرحي في بيوتهم ، ويلجأوا للطب الشعبي ، لعلاج الجرحي ، وقد منعت عنهم سيارات الإسعاف ، وما تواتر عن الأجهزة الأمنية الهمجية بقتل الجرحي في المستشفيات ، بل أيضاً ضرب المتظاهرين الذي يشيعون الشهداء ، وفي الوقت ذاته ببرود قاتل ، يقال إعلامياً بأنه رفع قانون الطوارئ وتبني مشروعية حق التظاهر السلمي ، وهكذا بين كذب هذا النظام السادي والواقع الملطخ بالدماء ، تكتشف كذب هذا النظام الذي انتهت مدته ، وفقد شرعيته ، ويستند على الكذب والتزوير والفساد الإداري والإجرام الأمني ، والدعم اللامحدود من الحرس الثوري الإيراني ، في قمع المتظاهرين . كل هذه المؤشرات المؤلمة الدامية، في ظل سياسة من يدندنوا ليل نهار نريد أن نسرع لا أن نتسرع في الإصلاحات ، وهذا من باب شر البلية ما يضحك ، فكل تلك الكلمات المستهلكة من هذا النظام أصبحت شكل من السخرية ، يشبه السخرية التي سبقه بها صديقه الثوري في وعيده لشعبه الليبي بالقتل " زنقه زنقة ".
في ظل الألم والقهر والظلم والكبت ، يستحسن استصحاب الفأل والبشرى ، والرؤية المشرقة بالأمل ، ومن هنا فبشائر الثورة السورية ، أصبحت مزهرة في ربيع نيسان ، في تألق حلب الشهباء في الثورة ، ونظام بشار الأسد وأجهزته الأمنية الفاسدة في العد التنازلي الآن ، وهم يحتضروا ، وانتهوا سياسياً ، والشعب ينطلق بقوة وثقة ووحدة جماهيرية تثير إعجاب المراقبين ، تلمح من خلالها نضج ووعي هذا الشعب الذي يعليها عالياً " سلمية سلمية ، ويتعامل مع هذه الثورة بأنها فرصة يجب اقتناصها بذكاء ، وقد سقط جدار الخوف ، في ثورة حمراء يانعة تجتذبك فيها نداءات الحرية الصادحة في شوارع ومدن سوريا الجميلة ، التي تستعد لميلاد حريتها عاجلا لا أجلا .
والمتابع للثورة السورية الحرة ، يقرأ من خلال تكاتف وحدوي من قبل الشعب بكافة اتجاهاته ، الأمل المتقد المتجدد بهذه الثورة ....ثورة الكرامة والحرية ؛ وفي الأيام القادمة ستشهد الساحة المزيد من تهاوي هذه النظام ، من خلال منظومة استقالات ستشهدها تلك الثورة الأبية ، من قبل مناصب مهمة ذات تأثير في القرار السياسي والعسكري ، والأيام تحمل معها البشائر ، والترقب القادم لسقوط نظام بشار الأسد ، وتكوين جسم سياسي بديل يحمل براعم تلك الثورة الحرة ، لتشرق في ربيع ديمقراطي قادم ، يحترم الحرية وتداول السلطة والشفافية والعدالة الإنسانية ، والقضاء النزية الحر ، ونردد هنا في فألنا بالثورة السورية الجميلة الحمراء الذكية لماسات متلألئة للشاعرة القديرة المبدعة فدوى طوقان في سيمفونيتها الرائعة للحرية :
سأظل أحفر اسمها وأنا أناضل
فى الأرض فى الجدران فى الأبواب فى شُرف المنازل
فى هيكل العذراء فى المحراب فى طرق المزارع
فى كل مرتفعٍ ومنحدر ومنعطف وشارع
فى السجن.. فى زنزانة التعذيب.. فى عود المشانق
رغم السلاسل رغم نسف الدور رغم لظى الحرائق
سأظل أحفر اسمها حتى أراه
يمتد فى وطنى ويكبر
ويظل يكبر ويظل يكبر
حتى يغطى كل شبر فى ثراه
حتى أرى الحرية الحمراء تفتح كل باب
والليل يهرب والضياء يدُكُ أعمدة الضباب .
#سعاد_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العنف ضد الطفولة في ربيع الثورات العربية
-
المحرقة الصهيونية : الواقع والدلالات
-
الحوار المتمدن الواقع والتطلعات
-
العنف ضد المرأة العربية في النزاعات المسلحة (1)
-
تقييم واقع حرية التعبير عالمياً
-
الواقع السيكولوجي للحرب العالمية على غزة
-
الأسلام والغرب/ رؤية سيكولوجية
-
هندسة الذات والتجرد لله تعالى
-
سيكولوجية الواقع العراقي في ضوء متطلبات المجتمع المدني
-
ثقافة الحوار في مواجهة الفتنة المذهبية والاقتتال الداخلي – ا
...
-
نهايات السياسة في خريف اللحظات
-
الصراعات العربية العربية في استراتيجيات السياسة الأمريكية
-
هندسة الذات (11) :سيكولوجية الأتصال مع الأخرين
-
المعرفة والمستقبل
-
الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع
-
هندسة الذات 10: سيكولوجية الألوان والتواقيع الشخصية
-
سيكولوجية الحب في ثقافات الشعوب
-
محمود نجاد بين السيكولوجيا والسياسة
-
مستقبل النهوض المدني في المجتمع العراقي
-
رؤية سيكولوجية في ثلاثية ( رايس ، ليفني ، معوض ) السياسية
المزيد.....
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|