جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3344 - 2011 / 4 / 22 - 15:03
المحور:
كتابات ساخرة
أنتم من المؤكد أنكم مخطئون جدا إذا كان لديكم اعتقادٌ بأن حضوري في هذا الكون مثل غيابي, فأنا أهم شيء في هذا الكون الفسيح وأنا وحدي من كسب المعركة ضد آلهة الظلام والعماء كما كسبها من قبلي مردوك ضد الآلهة تعامة في ملحمة (الإينوما إيليش- عندما في الأعالي-) واسمحوا لي في هذه العجالة القصيرة أن أقوم بتصحيح مفاهيمكم عن نوعي وعن جنسي وعن اسمي وعن كيفية لفظه ومتى سيصبح ذهابي خسارة كبيرة لكم وللكائنات الأخرى وللجمادات, فأنا إذا رحلت فهذا يعني خسارة كبيرة لكم وخصوصا بعد أن كسبت آخر معركة كانت ضد الآلهة التي كانت تتسلط عليكم حيث أجبرتها على التخلي عن حكمكم بطريقتها القديمة غير الشرعية التي كانت تمتص دمائكم هي والزعماء العرب الذين كانوا دوما متفقين مع الآلهة على تسخينكم وذبحكم وسلخكم وبتر أطرافكم وخصوصا أطراف الذين يحلمون بممارسة الحرية.
وفعلا أنا لا يمكن أن أتصور هذا العالم من غير وجودي المهم جدا كوجود الأمطار والرياح والبراكين والزلازل,حتى أنني أعتبر نفسي أهم من كل البراكين ومن كل القوى المنتشرة في الطبيعة لأنني سيطرت على مجرى الريح وعلى أشعة الشمس وهدمت الأبنية القديمة وبنيت أبنية حديثة , وهنالك كثير من الأشياء التي تم وجودها في هذا الكون من أجل المحافظة على وجودي وعدم انقراضي فلو انقرضت أنا فلا داعي أبا لوجود باقي الناس فأنا رقم (1) والباقي لا أعرف كم يبلغ رقمه , ولا أظن إذا غادرت هذا الكون أن تبقى الكرة الأرضية مستديرة الشكل أو بيضوية الشكل فمن الممكن أن تصبح متساوية الأضلاع أو مثلثة الشك أو من الممكن أن تجتمع هي وباقي الكواكب للتظاهر احتجاجا على ذهابي, ودائما ما أقفُ كثيرا أمام المرآة وأنا أنظر في شكلي وفي لوني الذي ليس مثله لون وشكلي الذي ليس كمثله شكل, وأستطيع وأنا واقفٌ بمكاني أن أعرف ماذا يجري على الطرف الآخر من الشاطئ أو على الحافة الأخرى من الكرة الأرضية, فعندي إحساس ليس كمثله إحساس وعندي وسائل اتصال ليس كمثلها وسائل حتى أن الملائكة المزعوم وجودهم هم والجن والعفاريت لا يملكون أجهزة كالتي أملكها في مطبخي وغرفة نومي وفي مكتبتي وفي سيارتي, وعندي شعور ليس كمثله شعور ولولا الخجل ولولا أن يتهمني الناس بالغرور لقلت عن نفسي بأن الإنسان الذي سبقني في وجوده على الأرض كان خليفة الرب , وطوال عمري وأنا أتصارع مع ألله على هذه الأرض وعلى من يحكمها وكثيرا ما تقاتلتُ معه على المرأة هذا المخلوق الذي أراده ألله أن يكون ضعيفاً وأردته أنا أن يكون قويا وفي النهاية انتصرت إرادتي وسحقت القوى القديمة التي تستقوي على المرأة وجعلت المرأة تحكم نفسها بنفسها ولا تسمح لله بأن يلعب بها كيفما يشاء, ولولا خوفي من أن يتهمني الناس بالجنون لقلت بأن كل المخترعات التي اُخترعت قبلي كان المخترعون قد اخترعوها من أجل استقبالي حين أولد لتكتمل المعركة الحقيقية , ولولا الخوف من أن يقول الناس عني بأنني مجنون فعلا لقلت أيضا بأن كل الاكتشافات التي تمت قبلي كان العلماء قد اكتشفوها من أجلي أنا من أجل أن أنتصر على شريعة الله التي تريد إذلالي وجعلي عبدا خانعا وذليلا ولكن بفضل علمي ومهارتي استطعت أن أقود معركة الحرية والليبرالية ضد من أصفهم بالمُستعبِدين لي , وحين تعرفون من أنا فلا أظن بأنكم ستستغربون أو ستتهمونني بالجنون, فصدقوني حين تعرفون من أنا وما سبب وجودي على الأرض لقلتم بأن ما أقوله أنا نفسي قليل بحقي وأستحق بأن يقال عني أكثر من ذلك واستحقُ بأن أُعبد وبأن تطاع شريعتي التي لا يوجد مثلها شريعة فلم يبقى شيء إلا وقلته ولم يبقى موضوع إلا وناقشته ولم يبقى عِلمٌ إلا وفتحته ولم يبقى اكتشاف إلا واكتشفته فأنا بحق أمهر مخلوق على وجه الأرض وقد مكث ألله قبلي على وجه هذه الكرة الأرضية دون أن يفعل أي شيء وكانت الناس أيام حكمه يموتون دون أن يستطيع تقديم المساعدة لهم ولم يكن باستطاعته نقل الناس بالطائرات أو توفير سرعة الاتصال بالإنترنت حتى جئتُ أنا أخيرا وبيدي كل الحلول, وأرجو منكم الجلوس قبل السجود لي حتى تسمعوا قصتي للنهاية فأنا لم أنته بعد من سرد كلامي, ومن الممكن أن تقولوا بأن المخلوقات البحرية قد وجدت أيضا من أجلي أنا ومن أجل المحافظة على وجودي وبأن احتلالي سلم الأولويات على قائمة الغذاء والثقافة في العالم كان ضرورة حتمية حتى أن الديناصورات قد انقرضت من أجل أن أعيش أنا, والقطط سيفية الأسنان قد انقرضت أو قد غادرت الأرض حين رأتني أنمو وأتكاثر, ذلك أنا الإنسان.
أنا أصل الكون وأصل الوجود وأصل الحرارة وأصل البرودة والسخونة والصقيع , وأنا أصل الشر وأصل الخير وأنا النور الذي يبدد الظلمات, وأنا أصل المشاكل كلها وأنا سبب حل كل المشاكل العالقة حتى بين الإنسان وبين خالقه وأن مشكلتي مع ألله كانت على طريقة الحكم, ومنذ أن وجدت على هذا الكون وأنا في حالة صراع مع ألله على من يحكم الأرض ومن يرثها وعلى من يكون خليفة الأول وفي النهاية أظن بأنني انتصرتُ على ألله وأخذت الحكم منه, فأنا الآن أحكم بطريقة أخرى بعيدة في أسلوبها عن أُسلوب ألله القديم الذي كان يضع الحجر في فمي لكي يسكتني عن الكلام وعن التفكير فأنا الآن أصنع ثقافة وأصنع حضارة , ويجب أن تعلموا بصدق بأن الفترة الطويلة التي كان ألله فيها على الأرض يحكم لم يستطع أن يجد لنا دواء لألم الرأس أو الأسنان أو وسيلة حديثة للاتصال, وكان طوال فترة حكمه ينظر إلينا كديدان وكحشرات ولكن بفضلي أنا أصبح للإنسان قيمة بعد أن استوليت على دفة قيادة السفينة.
وأنا وحدي من يملك الحلول, وأنا الهواء الذي يحرك الأشجار ومن رأسي تنبعث الروائح الجميلة والأفكار المتعددة والاتجاهات الفكرية المتعددة , ولا يوجد مثلي على وجه هذه الكرة الأرضية لا ولا حتى أي شبيهٍ بي لذلك أحذر من محاولة تقليد نسختي الأصلية ,ومن فمي تنبعث الكلمات الساحرة التي تتحرك القلوب لها بمجرد أن تمر بآذان من يسمعني وأنا الذي تطربُ له الصخور والجبال وأنا الذي لمواله الغنائي تخرجُ الأفاعي من جحورها فأنا الكلمة الطيبة واللحن العذب والآلة الموسيقية,ومن أجلي أنا خُلق هذا الكون ومن أجلي أنا وُلد هذا الكون ومن أجلي تشكل الضباب ومن أجلي ارتفعت الجبال ومن أجلي أنا تراكمت الثلوج وأنا الذي من أجله خُلقت نار العشق ونار الهوى, وأنا الوحيد الذي يقف ضد قوى الشر وقوى الظلام ,وأنا هو أصل العالم وأنا الأول الذي ليس له ثاني ,وأنا الوحيد في هذا العالم وأنا القريبُ وأنا البعيد, وأنا الذي لا يسأل عنه أحد ولا أحب بأن يذكر أحد اسمي كما كانوا في الماضي يذكرون اسم ألله الذي كنت في نظركم خلفته, فأنا الآن أحكم لوحدي دون أن يكون معي ودون أن يرسل لي رسلا من لدنه, وأنا الذي لا يسأل عن أحد حين يريد أن يفعل شيئا, وأنا الذي يغني متى ما شاء أن يغني وأنا الذي أرقص متى شئتُ أن أرقص وأنا أخلع ثيابي أينما يطيب لي وأنا من يُذري هواءه في المكان الذي يعجبه , وأنا أنام على طريقتي وأصحو على طريقتي وآكل وأشرب وألبس ثيابي على طريقتي ولا أحبُ أن أقلد أحد بمشيته ولا أحبُ أن يقلدني أي شخص بمشيتي أو بطريقة أكلي وشربي ومشيي ونومي وصراخي وضحكي وبكائي, فأنا أبكي على من شئت وأنا أضحك على من شئت وأنا أحب المرأة التي تخترقني بسهام عيونها حتى النخاع الشوكي وأنا أموتُ في المرأة التي تقسمني إلى نصفين وأنا الذي لا يمكن أن يركع إلا للمرأة التي أحبها وجعلها آلهته, وأنا الذي يمشي في الظلمات مثل عود الثقاب ومثل الضوء في بداية النفق ونهاية النفق, ولا يمكن أن أتصور العالم من غير وجودي ولا يمكن أن أتخيل الكون بدوني أنا, فبدوني لا يمكن أن يكون هذا العالم إلا بائسا وحزينا وكئيبا يحكمه أنبياء ألله على طريقتهم ,ولا شيء يُزين منظره ومحضره ووجهه, وبدون كتاباتي لا يوجد لا شعر ولا كتابة ولا فصاحة ولا أدب, وبدون لوحاتي الفنية التي أرسمها بالكلمات لا يمكن أن يكون هنالك فن تشكيلي أو تعبيري أو رمزي أو تكعيبي أو دادائي ولو بقي ألله يحكمكم لما شاهدتم لوحاتي ولا رسوماتي ولا قصائدي ولا ثقافتي ولا حضارتي ولو بقي ألله يحكمكم لَما تساوت المرأة بالرجل ولبقيت مخلوقة من ضلعه الأعوج ولكن بفضل وجودي خلقتها معي مرة أخرى من ضلعٍ مستقيم الشكل, وبدون مخيلتي العجيبة لا يمكن أن أتصور أن في الأدب أدب فانتازي أو هستيري , ومن الممكن أن تستغني دول العالم عن قادتها ومن الممكن أن تقوم الثورات من أجل الإطاحة بالملوك وبالحكام ولا يمكن أن تندلع في يومٍ حار أو عاصف وبارد ثورة من أجل إسقاطي أنا لأن العالم والناس بدوني لا يمكن أن يكونوا أي شيء فمن الممكن أن تعيش الناس من غير شمس أو هواء ولكن لا أعتقد بأن الناس سيعيشون بدوني شريعتي وحريتي ,فأنا وجودي مثل وجود الشمس والهواء والماء والأوكسجين أو أنا الشمس والهواء والماء والتراب ومن جسمي تتشكل كل عناصر الطبيعة وبالإتحاد معي تتحد القوى الكونية وتكتمل المجموعة الشمسية وإذا جربني أحدكم دقيقة أو ساعة فلا أعتقد أنه من المقدور له أن يستمر وجوده بدوني فأنا حالتي إدمان وحبي إدمان وحريتي إدمان, وأنا الذي لا يقهره أحد وأنا الذي لا يغلبه أحد وأنا الذي لا يضاهيه أحد وأنا الذي ليس قبلي أحد وأنا الذي ليس بعدي أحد, وأنا الذي إذا ما ذهبتُ في غيبوبة أو متُ موتا نهائيا لا رجعة عنه ,أو رحلتُ عن هذا العالم فإنني أعتقد أنه بعد رحيلي ستقوم القيامة وستخرج الأفاعي من جحورها وسيهجم الذئب على قطيع الغنم وإذا عاد ألله والحاكم العربي إلى حكمكم فستعود الذئابُ معهم لكي تهجم على قطيع الغنم وستقتل الذئلبُ كل يوم 100 رأس من الغنم من أجل أن تأكل رأسا واحد وستقتل الذئاب كل يوم 1000حَمَلٍ وديع من أجل أن يعيش ذئبٌ واحد على حسابكم جميعا , فأيهما الأفضل لكم؟ أن يحكمكم الله والملك والوطن المُزيف ! أم يحكمكم شرع الإنسان الذي يحترم الحرية والآخرين وكل الاتجاهات الفكرية؟ وإذا تركتكم سيعود الكون كما كان في البداية إلى عصره الجليدي وستعود الديناصورات لتحكم الأرض وستنتهي قصة الإنسان المحزنة على هذه الصفحة نهاية تراجيدية ومأساة شكسبيرية وسيبعث من في القبور منذ ملايين السنين وأنا الذي لا يمكن أن يغضب بسهولة وأنا الذي لا يمكن أن يرضى بسهولة ,وأنا الذي تنتفع بوجودي القوى البرية وأنا الظل الذي تجلس تحته العصافير والطيور المهاجرة, وأنا عيوني مثل بساط الريح وأنا دموعي مثل ماء الحياة وأنا عنفواني رهيب وإذا أردتم أن تعيشوا بكرامة فيجب عليكم أن تختاروا بيني وبين آلهتكم القديمة وسدنتها.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟