|
قضايا الفن والتعاطي معها مجتمعياً
حيدر الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 3343 - 2011 / 4 / 21 - 15:17
المحور:
الادب والفن
قيمة كل حضارة وأمة ما تقاس بتقدمها الفني والثقافي وما وصلت اليه من معارف في شتى المجالات وهذا عن طريق المشتغلين في هذه المجالات وما يصل للعالم وللمجتمع من نتاجات لهم سواء فنية او معرفية او ثقافية ،وبطبيعة الحال يرى البعض ان تلك الثقافات ترتقي وتتطور حسب البيئة التي تحيط بها وتوفر لها الأجواء سواء سلبية كانت ام ايجابية ، ربما لان تلك المعارف تتعارض مع أيدلوجيات الأكثرية في ذلك المجتمع ، وهكذا ثمة جدلية وصراع قائم بين ما يجب ان يشاع وما يجب ان يعمل به داخل تلك المجتمعات ، ويرى البعض ان بعض تلك الفنون والمعارف يجب ان يتقدمها سلم كامل لى صعيد الأمكنة كالصالونات الأدبية والمسرح ، فقديما كان يعرف استقرار البلدان على أساس توفر المسرح فيه وريادته من قبل الجمهور ، مع ثورة الاتصالات في المنطقة العربية برمتها بدء التعاطي مع المفردات الثقافية ينتشي شيئا فشيئا ولكن بقت سطوة المهرجانات ورعايتها هي المسيطرة وتنال حظوتها من الحضور الواسع ، وهذا لم ينطبق على الجميع فهناك نشاطات فردية اجتاحت الساحة كذلك كما حصل في العراق من نشاطات تقام على كاهل شخوص ينظموها ، كما يحصل في المعارض التشكيلية والعروض المسرحية ،وغيرها ، ولكن كل هذه الامور بدأت تأخذ إطار معين وتذهب الى جمهور معين ولم تعهد بنفسها لكسر روتين النخبوية ،فالكثير من المعارض التشكيلية التي تقيمها مؤسسات ثقافية لا يحضرها الا رواد الثقافة والادب والفن والمختصين ، بينما هذه قاعدة يجب كسرها الا ابعد من ذلك وفعلا حصل ولكن بصورة فردية كما أسلفنا وعلى سبيل المثال المعارض المدرسية للموهوبين وتشجيعهم رغم ان مادة الفنية مهملة تماما في المحاضرات المدرسية ولا اعرف السبب ؟ بينما يجب ان تستغل في استغلال مواهب الأطفال والطلبة وإبراز المائز منهم وتشجيعه على الاستمرار ، فلماذا الإهمال؟ ولماذا نبذ الفن داخل المجتمع؟ وطرح مفهوم خاطئ عن اشتغالات( الفنان) ويجهل الكثير ان اغلب أفعالنا في الحياة نابعة من الفن ويطلق عليها فن ، واغلب تداولنا مع الامور الحياتية يخضع لقضايا الفن ، كل الامور التي نستخدمها تدخل بصورة او اخرى في احد المجالات الفنية ...الزخرفة ...ألرسم ...الايقاع...المسرح والطقوس...التقاط مشهدية الواقع ...البناء ....التكوين ...البحث عن الجمال ....وغيرها تعبر عن ارهاصات الواقع وتصور الانسان المعاش ...في لوحة تشكيلية او عرضا مسرحيا ...وهكذا السينما والدراما ، وربما الدراما نأت بنفسها الى جانب الربح التجاري في خضم سطوة عقول اقتصادية على مكامن العمل ، وهذا يتبع ضمير المشتغل بالفن من المؤلف الى المخرج الى الممثلين ،لان اخطر القضايا المعمول بها داخل المجتمعات هي الدراما والسينما فهي تغير قناعات وتخلق أخرى مكانها ، وكم من التغيرات حصلت بفضلها ، وكم من حوادث وقعت جراءها ، اذن خطورة الفن يتأتى من كونه يفسر الإحداث ويحكم عليها ، ويطلق القناعات بالأسلوب المعمول به ،ليطرحها على طاولة المتلقي ... لكن هل ثمة متلقي واعي يعيد صياغة وفهم تلك الرسالة ( المرسلة) من قبل الفنان ؟ نحن نبحث عن هكذا متلق ويسعى الأديب والمثقف والمفكر لخلقه من خلال التنظير وزج المفاهيم المعاصرة التي يجب ان يتسلح بها المتلقي لفهم الرسائل المبثوثة ،لان جزء كبير منها يشكل خطرا على شريحة الأطفال والمراهقين والشباب خصوصا وكم من هذه الشرائح ذهب ضحية لمشاهد طغيان مرئية صورة الجسد منزلقا في مهاوي خطرة ، فالدراما التركية بدأت تشكل خطرا كبيرا على الأسرة في المنطقة العربية برمتها والامر ذاته مع السينما المصرية، على عكس الدراما الخليجية التي تعالج يوميات المجتمع الخليجي ، وعلى الاختلاف من الدراما العراقية التي تعالج معاناة المواطن العراقي ولكن مع اختلاف التعاطي مع الفكرة ( الثيمة) وهذا نابع من أفكار المؤلف وشركات الإنتاج ، فلم نرى أعمال جريئة تحرك الشارع بصورة حيوية كبيرة لإتلاف السلبي واستبداله بالايجابي بل وجدنا تسويق لألفاظ واسفاف في افكار مؤدلجة بعضها وأخرى أرشفة ما يحصل وحصل بدون التدخل وإبراز القيمة أي تركونا نكرر مشاهدة مشهد الشارع ولكن بصورة مفتعلة ادائية ؟ هل يمكن ان نقول ان هذا الامر يضف متعة المشاهدة فقط للمتلقي ؟ ! بدون البحث عن قيمة تزرع بذور التغيير والتغير داخل ذات الفرد المتلقي ، اذن نحن نتعاطى مع فن تصوير ! فالفن يجب ان يعبر القيم الجمالية الى قيم معرفية تزرع الأفكار والرؤى الى داخل المجتمع وتبث فيه الحيوية في رصد كل السلبيات والعمل على تغيرها من خلال الاستلهام من القيمة المعرفية لاي عمل فني ، ربما يرى البعض ان الفن المسرحي اكثر تأثيراً على المتلقي كوه يتواجه مع المتلقي ( الجمهور) وجها لوجه ويبث خطابه عن قرب ،ولكني ارى ان الفن برمته وكافة وسائله وإشكاله لو وظف لخلق نزعة وميول للتلقي الايجابي لدى عامة الناس من خلال دراسة القيم المعرفية من قبل الفنان قبل إطلاق أي عمل والابتعاد عن انعكاس أزمة الفنان في ( نصه ...عرضه ...عمله) ليكون الاس هو خلق القيمة بما يوازي خطابه المبثوث وتقنياته المتبعة ليكون الفن رسالة توجه خطاباتها عبر الوسائل المستخدمة الى الجمهور وتتعايش معه عبر إعادة خلق القناعات وفق طرح الرؤى الإصلاحية في مجالات الحياة كافة والعمل على نبذ السلبي بكافة إشكاله وأينما حل وحط ،حتى يكون التعامل بين المتلقي والفنان على أحسن ما يرام وتشكل بذلك علاقة وطيدة بينما أساسها المصداقية في تداول الموضوعات الحساسة التي تنتج قيم جمالية ومعرفية .
#حيدر_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عاهرة الجوع
-
اليابان بلا كهرباء ولا برلمان ؟؟!!
-
ما يجب ان يقال ...قبل ساعات من الانتخابات البرلمانية
-
هل توافقوني الرأي (نحتاج وجوه جديدة تحت قبة البرلمان القادم
...
-
هذيان خارج نطاق التغطية ( عندما يتكلم الصمت)
-
أنقذوا أطفال العراق يا (.........)
-
حوار مع الاديب الدكتور محمد طالب الاسدي
-
الاتفاقية الأمنية في الميزان
-
المسامحة والمصالحة
-
ساسة العراق تجمعوا في البصرة قبل أيام من الانتخابات!! لماذا
...
-
أعطني صوتك ... أمنحك النجاح
-
لماذا العزوف عن الانتخابات القادمة ؟!
-
الاتفاقية الأمنية وجروح العراق المتلاطمة
-
بوش أوباما يفوز بالانتخابات الأمريكية !!!
-
البصرة سلة خبز العراق ...ولكن
-
الصُحف تاريخ كبير وواقع مرير
-
أعمال شاقة لا تليق بشقائق الرجال وقوارير العراق
-
أرجوحة مايا
-
الشعب العراقي يراقب الانتخابات القادمة ؟؟ !!
-
رسالة إلى أمرآة مقدسة ...
المزيد.....
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|