أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 2














المزيد.....

دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 2


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3343 - 2011 / 4 / 21 - 00:42
المحور: الادب والفن
    


قراءة تحليليّة لرواية عراقي في باريس، لصموئيل شمعون



يزرعُ صموئيل شوارعَ باريس بتساؤلات لا حصر لها، يسيرُ بهمّةٍ لا تلين جيئة وذهاباً حتى يبزغ الفجر أو حتّى يفتح مقهى ما أبوابه للزائرين فيعبر المقهى وكأنّه آتٍ محمّلاً من ثمارِ معركةٍ إنتصر فيها على أنين الغربة والصعلكة، غربة ذات أنياب شرسة لكنّها لا تخيف صموئيل بل تزيده تشبّثاً بحلمه الكبير بكتابة سيناريو سينمائي عن والده الأصم والأبكم، هذا الوالد الذّي أحبّه صموئيل حبّاً عميقاً، من خلال تواصله الجميل مع عوالمه عن طريق الاشارات، وأرجح الظنّ أن الّذي خلق في أعماقِ صموئيل شهوة الإبداع والبحث وقدرة التحمّل والتسكُّع هو والده، فقد منحه قدرة خارقة على تحمّل مرارات الحياة، فربّما تساءل صموئيل في قرارة نفسه مراراً، أنّه بألف خير طالما يرى ويسمع ويحكي ويبتسم ويرتشف نبيذه المسكّر بلذّة فائقة، مقارنةً بوالده الأطرش والأبكم، لهذا نراه يتواصل مع والده أكثر مما كان يتواصل مع والدته وبقية أسرته، من خلال لغة الاشارات التي اخترعاها وكم كان حوارهما عبر الاشارات حميماً وساخراً ورشيقاً وانسانياً، متعلّقاً به تعلّقاً رائعاً، ووفاءاً من صموئيل أطلق على موقعه الرَّاقي اسم كيكا، وكيكا كان لقباً يكنّى به والد صموئيل إشارة إلى أنه أطرش وأبكم، إلا أن صموئيل لا يكترث إلا للمحبة، محبة والده ومحبة الحياة كلّها رغم مرارتها، يعبر صموئيل اليابسة والبحر بدون مجاذيف لأنّه يعتمد على المصادفات تارةً وعلى مغامرات تصلح أن تكون مواضيع لأفلام سينمائية، ويلمس القارئ أن رواية "عراقي في باريس" هي عشرات القصص وأكثر من رواية، إنّها رواية الرّوايات ..

إنَّ أكثر ما لفت إنتباهي عبر متون الرّواية كلّها، أن صموئيل لم يتوقّف عند جنون الحرب وويلاتها ولا عند السياسة والسياسيين الذين زجّوا وطنه في حروبٍ مفتوحة على قبّة السَّماء إلى أجلٍ غير مسمَّى، ومع كلّ هذا الغليان الكوني والمحلّي على العراق، فإنّ صموئيل لم يتوقَّف عند هذه المحطّات كي لا تبرقع تشردّه الجميل، وكي لا تخدش اِيقاعات شخيره وهو مسترخٍ في محطّات القطار بعيداً عن ضجيج الحرب وويلاتها التي لا ترحم حتى أعماق الحلم، لهذا فقد شطب شمعون غطرسة الحرب وجنون ساسةِ الحرب من شهقته الروائيّة وكأنّه يقول أنتِ يا حرب وأنتم يا ساسة لا وقت لديَّ للحديث عنكم وعليكم، إنَّ كأساً من النّبيذ المعتّق بعد تشرّدٍ طويل أفضل من رحى حروبكم المغبرة بترهَّاتِ الحياة!

صموئيل شمعون، روائي من نكهة الفرح وساخر سخرية جامحة مكتنزة بعفوية الأطفال الكبار، يحوّل بدهاءٍ راقٍ كلّ هذه المصائب إلى بسمة طفل في صباح باكر، ولا يفوته أن يسخر أحياناً حتّى من ذاته ومن محيطه ومن الدُّنيا برمَّتها فلا أهداف عملاقة لديه، ويرى أنَّ الذين لديهم أهداف عملاقة، ما هي أكثر من أبراج طينية هشّة، تقتلعها الرّيح وهي أشبه ما تكون أبراج من الرَّماد والتّبن المتبقّي من طعام الأحصنة التي يمتطيها في أحلامه في اللَّيالي القمراء بعيداً عن مادّيات وشرور العالم، لأنه يرى أن جنون الإنسان منبعث من شراهة الإنسان ولهاثه خلف مادّيات الحياة، خلفَ قشور الحياة، فلا يهمّه شيئاً، حتى ولو فشل في تنفيذ حلمه، لأن صموئيل روائي بارع من خلال تصعلكه وتشرُّده في محراب الحياة، يستقبل التشرّد بطريقة طريّة وكأنه مندلق من صدرِ نيزك للقيام بهذا الدَّور في سيناريو الحياة، بحثاً عن تحقيق سيناريو فيلم سينمائي يكون بطله روبيرت دونيرو.

يمتلك الرِّوائي خصائل إنسانية راقية، فلا يملك ضغينة في قلبه، يدافع عن نفسه وعن أصدقائه بكلّ شهامة، ويدوّن نصّه وكأنه يعيش لحظة التَّدوين والكتابة، فلا يميّز القارئ فيما إذا يقرأ نصّاً روائيّاً أم أنّه يعايش المتشرد تشرُّده الحقيقي، فلديه قدرة كبيرة على نقل تصعلكه إلى بياض الورق بدون أيَّة تحفُّظات وتزويقات، فهو أمين وصادق في ترجمة تجربته بكلِّ تلاوينها ومراراتها، حتّى أنّكَ تشعر وأنتَ تقرأ النصّ، أنَّه يأخذ أشدّ المواقف قساوةً بنوع من الدُّعابة والطرافة وكأنَّ ما حصل له لا يؤلمه أو يعرف كيف يتجاوزه بصبرٍ أيّوبيّ، مركّزاً على أقرب حانة كي يخلخل كلّ ما جار عليه الزَّمن بكأسٍ من النبيذ المسكّر.
.... ... .. .... ..... .. ... ... ... .. ... ...!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 1
- تعالي على أجنحةِ الرِّيحِ 49
- قفشات والدي مع الفنان عمر اسحق
- تشبهينَ حلماً هائجاً 48
- صوتُكِ متلألئٌ بنداوةِ الحنينِ 47
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 10
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 9
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 8
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير7
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 6
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير4
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 3
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 5
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 1
- تحريرُ فلسطين والأراضي المحتلة بطريقةٍ تخرقُ الأساطير 2
- ترتِّلُ لأمواجِ البحرِ ترتيلةَ العيدِ 46
- بوح شفيف يصبّ في الذَّاكرة البعيدة
- زهرةٌ مسترخية بينَ ربوعِ الأقاحي!
- ننثرُ السنابلَ فوقَ خدودِ المروجِ 45
- تأمُّلات متعانقة مع تجلِّياتِ الخيالِ


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - دراسة تحليلية لرواية صموئيل شمعون 2