|
مدلول التصويت على خطة شارون: على أية مساحة تكون أرض اسرائيل الكبرى توافق!!
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 997 - 2004 / 10 / 25 - 09:46
المحور:
القضية الفلسطينية
كتبت في مطلع الأسبوع الماضي عن المدلولات الكارثية التي تنطوي عليها خطة شارون لفك الارتباط مع قطاع غزة بالنسبة لمصير ومستقبل الشعب العربي الفلسطيني وأرضه وحقه الشرعي بالحرية والسيادة والاستقلال الوطني. ورأيت من المناسب ان أعود ثانية الى هذا الموضوع لسببين مركزيين، الاول، اختلاط الرؤية لدى بعض القوى العربية والدمقراطية، وخاصة لدى القائمة العربية الموحدة في الكنيست وخارجها، وجنوحها الى التصويت بعد غد، الثلاثاء، كما اعلن زعماؤها ونوابها، تأييدًا لخطة شارون المأساوية. والثاني، حقيقة ومدلولات الصراع العنيف الدائر في داخل معسكر اليمين الاسرائيلي وعلى حلبة مختلف الاحزاب الصهيونية حول تحديد الموقف من خطة الفصل الشارونية. فبرأيي، وهذا ما يجب ان يدركه كل نصير للحق الفلسطيني المشروع بالتحرر والاستقلال الوطني، كل نصير للتسوية السياسية العادلة، ان الصراع حول خطة شارون لا يدور حول تحديد الموقف من تسوية سياسية ومناقشة ايجابياتها وسلبياتها، فالخطة المطروحة ليست خطة تسوية سياسية مرحلية، بل هي من حيث جوهرها ومدلولها خطة امنية تأخذ بالاعتبار الوضع الدولي والمنطقي ومتغيراته وحالة الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني في ظل فشل المحتل في حسم الصراع عسكريًا، وذلك بهدف تخليد الاحتلال على اكبر مساحة ممكنة من الارض الفلسطينية المحتلة. فالصراع حول خطة شارون للفصل احادي الجانب يجري بالأساس على الحلبة الصهيونية وعلى خلفية رسم حدود التوسع الاقليمي الصهيوني العدواني على حساب الارض الفلسطينية المحتلة في الظروف القائمة. بمعنى آخر لا يدور الصراع والنقاش بين غلاة اليمين المتطرف والفاشية العنصرية وسوائب المستوطنين وبين قوى يمينية أقل تطرفًا وقوى أحزاب "العمل" و"ميرتس" و"شينوي" حول خطة تسوية سياسية مع الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية – السلطة الوطنية الفلسطينية وتحديد الموقف منها، بل يجري الصراع والنقاش حول أية املاءات من طرف واحد، من طرف المحتل، يمكن فرضها على الشعب الفلسطيني في الظروف المنطقية والدولية القائمة. وبصورة أدق فإن الصراع الأساسي يدور حول حدود ومساحة ارض اسرائيل الكبرى، فقوى اليمين المتطرف من احزاب وربانيم وعصابات فاشية عنصرية واستنادًا الى ديماغوغية غيبيات دينية توراتية والى نظريات فاشية استعمارية تعارض الخطة الشارونية لانها تتمسك بأرض اسرائيل الكبرى من البحر الى النهر. وتهدد بتفجير حرب اهلية مواجهة جسدية وعسكرية عنيفة لعملية اخلاء مستوطنات في حالة صدور قرار حكومي بالاخلاء. ويدعو قادة المستوطنات والربانيم والتيارات اليمينية المتطرفة الضباط والجنود الى العصيان وعدم تنفيذ قرار اخلاء المستوطنات. هذا اضافة الى التهديد باغتيالات سياسية لرئيس الحكومة شارون وبعض وزرائه وللنواب المؤيدين لخطة الفصل.
مقابل هذا الموقف المغالي في رجعيته وغير المستعد للانسحاب من أي شبر ارض فلسطينية محتلة، فإن خطة الفصل الشارونية احادية الجانب ومن يؤيدها ويستعد للتصويت عليها مبنية على أساس انه في الظروف الدولية القائمة ولدفع عجلة المخطط الاستراتيجي العدواني لمحور الشر الامريكي - الاسرائيلي للهيمنة منطقيًا وكونيًا فإن "ماكسي" ارض اسرائيل الكبرى بضم كل المناطق الفلسطينية المحتلة منذ السبعة والستين لن يكون مقبولا دوليًا وسيعزل اسرائيل وعلى الحلبة الدولية ويعرقل استراتيجية الارهاب والهيمنة الامريكية – الاسرائيلية، كما انه سيؤلف "خطرًا ديموغرافيا" على موازنة العنصريين الديموغرافية وعلى الأكثرية اليهودية في "دولة اليهود" كما يتوجس غلاة العنصرية، خاصة وانه لا يمكن ترحيل اكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون فلسطيني بسيارات الترانسفير القسري كما حدث في نكبة الثمانية والاربعين. ولهذا فإن خطة شارون مبنية على معادلة ما بين "الماكسي" و"الميني" لتحديد حدود ارض اسرائيل الكبرى، من خلال ضم اكثر من "ميني ارض اسرائيل" الكبرى وعلى اكثر ما يمكن من الارض الفلسطينية المحتلة، اكبر مساحة من المناطق الفلسطينية وأقل ما يمكن من اصحابها الفلسطينيين. فالتصويت على خطة شارون بعد غد الثلاثاء يعني التصويت على أكثر من حرمان الشعب الفلسطيني حقه الشرعي بالحرية والسيادة والدولة والقدس والعودة. ولا يخفي شارون ومؤيدوه خطته لاعادة الانتشار عمليًا من قطاع غزة ان هدفهم الاستراتيجي هو تخليد الاحتلال الاسرائيلي بشكل معدل يتلاءم وظروف المرحلة لتضليل الرأي العام العالمي ولمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة او أي كيان فلسطيني له مقومات دولة. وهذا ما تؤكده مضامين وثيقة الفصل المعدلة التي طرحها سكرتير الحكومة على طاولة اعضاء الكنيست لمناقشتها والتصويت عليها يومي غد الاثنين وبعد غد الثلاثاء. وأجد من الاهمية بمكان نقل بعض ما تضمنته هذه الوثيقة عل وعسى ان تساعد في انقاذ بعض من اوقعهم الوهم في اختيار طريق الضلال والسقوط في الفخ الشاروني المنصوب والاعلان عن تصويتهم الى جانب خطة مصادرة الحق الفلسطيني المشروع المقنعة بقناع خطة الفصل من طرف واحد. كما اجد من الاهمية بمكان ان ما هو مطروح للتصويت عليه بعد غد هو مبادئ خطة الفصل ولن تشمل عملية التصويت اقرار او عدم اقرار اخلاء مستوطنات او التعويض على مستوطنين. وقد حرص واضعو خطة الفصل ان يبرزوا الهدف المركزي الذي يتوخاه شارون من وراء عملية اعادة الانتشار الامنية في قطاع غزة. فقد جاء في الوثيقة بالحرف الواحد "في كل تسوية دائمة مستقبلية، لن يكون هناك استيطان اسرائيلي في قطاع غزة، بينما بالمقابل، من الواضح بأنه ستبقى في الضفة الغربية مناطق ستشكل جزءًا من اسرائيل، وستضم في داخلها كتل الاستيطان اليهودية المركزية، بلدات مدنية، مناطق أمنية، واماكن لاسرائيل مصالح اخرى فيها". ومدلول ذلك ان استراتيجية شارون من وراء خطة الفصل مبنية على ضم اكثر من نصف مساحة الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة وضواحيها، ودفن أي احتمال لتسوية عادلة في مركزها قيام دولة فلسطينية مستقلة، على كامل التراب الفلسطيني المحتل منذ حرب حزيران العدوانية في العام 1967.
كما ان مضمون ومدلول وثيقة خطة الفصل يؤكد ما أكدناه مرارًا في معالجات سابقة ان مدلول الخطة ليس انسحابًا كاملا من قطاع غزة، بل عملية اعادة انتشار امنية لقوات الاحتلال وبشكل يعزل القطاع عن الضفة ويبقي القطاع واهله تحت رحمة الارهاب الاسرائيلي والاجتياح والعدوان في الظروف الملائمة للمحتلين. فقد جاء في الوثيقة "اسرائيل ستخلي قطاع غزة، بما في ذلك المستوطنات القائمة فيه. وستعيد انتشارها من جديد خارج منطقة القطاع، هذا باستثناء الانتشار العسكري في منطقة الحدود بين قطاع غزة ومصر "ممر فيلاديلفي". بعد استكمال هذه الخطوة، لن يبقى في المناطق التي سيتم اخلاؤها على اليابسة في قطاع غزة أي وجود اسرائيلي ثابت لقوات الامن الاسرائيلية. ستشرف اسرائيل وتتولى حراسة الغلاف الخارجي لليابسة، وستسيطر بشكل مطلق على المجال الجوي لقطاع غزة، وستواصل نشاطها العسكري في المجال البحري للقطاع. وسيكون قطاع غزة منزوعًا من الأسلحة التي لا يتفق وجودها مع الاتفاقات القائمة بين الطرفين". فالصلاحيات التي يخيطها المحتل على مقاسه وليحتفظ بها وفق خطة الفصل الشارونية لا تعني سوى وضع القطاع وسكانه داخل "كونتسلاغير"، جيتو، معسكر، معتقل جماعي، تحيط رقبته برًا وبحرًا وجوًا قوات الاحتلال الاسرائيلي وهراواتها الارهابية التهديدية الضاربة.
ان مسؤولية قوى السلام العادل وانصار حق الشعوب في التحرر والسيادة والاستقلال الوطني، مسؤولية اصحاب الضمير الانساني غير المفسود، من اليهود والعرب في بلادنا، ومختلف قوى السلام والحرية عالميًا، تصعيد الكفاح لافشال ودفن الاهداف الاستراتيجية الكارثية لخطة الفصل الشارونية. فهي خطة لن يكون مدلولها سوى مواصلة تدفق نزيف الدم من شرايين الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. ولا خيار للخروج من دوامة حمام دم الصراع وضمان الامن والاستقرار سوى انجاز التسوية السياسية العادلة حول طاولة المفاوضات مع الطرف الند، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، تسوية مضمونها ومدلولها زوال الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
اننا بموقفنا ضد خطة شارون الكارثية وعدم التصويت تأييدًا لها لا يعني أبدا اننا نلتقي بهذا الموقف مع موقف غلاة اليمين المتطرف وسوائب المستوطنين وقوى الفاشية العنصرية. فمن يلتقي معهم من حيث المدلول السياسي هو شارون وخطته، فكلاهما هدفه الاستراتيجي واحد وهو منع قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة ويختلفان حول مدى مساحة ارض اسرائيل الكبرى، وهل بالامكان، وبشكل مطلق ضم كل المناطق المحتلة ام الاكتفاء بضم اجزاء واسعة منها. ونحن ضد موقف الطرفين ومع الحق الفلسطيني المشروع. فهل تعودون الى الموقف الرشيد يا اخوتنا في القائمة العربية الموحدة وكل من يتأتئ في الموقف وتصوتون وتقفون ضد خطة شارون الكارثية!!
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن التصويت دعما لخطة دفن الحق الفلسطيني المشروع؟
-
التفجيرات في منتجعات طابا: ديناميت الشياطين في خدمة استراتيج
...
-
ماذا وراء هذا التزامن؟!
-
هل تستهدف مجازر حكومة شارون تحويل شمال القطاع الى منطقة عازل
...
-
عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا
-
لمواجهة مخطط الاستيطان والتصفية الاسرا–امريكي
-
صباح الخير صباحك منوّر يا أبا حنظلة
-
المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي
-
التفاعلات الجارية في الخارطة السياسية الحزبية الاسرائيلية
-
حتى لا نكون وقضايانا صفرًا على الشمال!
-
جون كيري يسجد أيضًا في بيت الطاعة الصهيوني
-
حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم
-
التطورات المأساوية على ساحة الصراع الأسرائيلي – الفلسطيني
-
القاضية دوريت بينيش تفضح عرض وعار تحالف -الشاباك- والحكومة
-
المدلولات الكارثية للسياسة الليبرالية الجديدة
-
تطوير الترسانة العسكرية الاسرائيلية في ارجوحة المخطط الاسترا
...
-
المدلولات الحقيقية لنتائج انتخابات برلمان الاتحاد الاوروبي
-
وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا
...
-
وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا
...
-
خطة (لفك الارتباط) بدون أي فك للرباط!
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|