أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن النعيمي - مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل















المزيد.....


مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل


عبدالرحمن النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 997 - 2004 / 10 / 25 - 08:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


يبدو ان المجالس الرمضانية باتت مناسبة للحديث عن موضوع الساعة، وهو تقرير شركة مكينزي وما اثارته ورشة العمل التي عقدها ديوان سمو ولي العهد من طموحات ومخاوف حول مستقبل الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البحرين خلال السنوات العشر القادمة.

ومن الطبيعي ان يكون موقف أي فئة اجتماعية من هذا التقرير ومن تلك التصورات نابع من مصالحها الاقتصادية، التي يراها البعض بأنها منسجمة مع المصلحة الوطنية، رغم تصادم رؤى الفرقاء من التجار والعمال وغيرهم، فكل منهم يرى تطابق مصالحه مع مصلحة الوطن!!

ولعل الأهمية الحالية للورشة او التقرير تكمن فيما اثارته من نقاشات حادة وسط المجتمع ومن اشراك قطاعات تتزايد يومياً من الفئات الاجتماعية في معرفة خفايا واسرار هذه الشبكة المعقدة العنكبوتية من المصالح التي اوصلتنا الى الوضعية الراهنة، التي يتفق الجميع بأن بها سلبيات كثيرة، مما يشير إلى ان ثمة خطأ ما في بداية المسيرة، ولو كان بسيطاً ، فالانحراف ـ كما يقول المهندسون ـ يبدأ بزاوية ضيقة ثم يكبر حتى يصل الى محطات لم يكن يعرفها من بدأ الانحراف!!

ولعل التحقيقات التي تقوم بها الصحافة هذه الايام ـ سواء في المجالس الرمضانية او الندوات المختلفة ـ تكشف مواقف مختلف الاطراف التي ـ كما يدعي كل منها ـ قلبها على البحرين، ونرى تناقضات وتعارضات واختلافات في تقيمم ما وصل اليه التقرير من حلول واستنتاجات.

موقف بعض رجال الاعمال

في عنوان صحفي مثير نشر بالامس، جاء فيه: "رفض كامل لمشروع ماكنزي" ، حيث يرى بعض رجال الاعمال بأنه "معول هدم للاقتصاد"، وتعالت الصيحات في ذلك المجلس الرمضاني بأن تطبيقه يعني ان يعلن جميع الصناعيين والمقاولين والتجار افلاسهم ويفتشوا عن مكان آخر!! ولعل ما لفت الانتباه مسألتين: الاولى ان رجال الاعمال رفضوا المشروع لأنه لم يكن معداً من قبل خبراء بحرينيين!! والثاني ان لديهم عمالة اجنبية سيضطر أحدهم الى دفع قرابة نصف مليون شهرياً عليها حسب مشروع ماكينزي.

في ندوة جمعية العمل الوطني الديمقراطي التي اقامها الدكتور خالد عبدالله، الخبير البحريني المعروف قال بأنها الفرصة الاخيرة للاوضاع في البحرين اذا اردنا اصلاح الخلل الذي نراه في مختلف مرافق حياتنا، وطالب الجميع بالعمل لانجاح هذا المشروع الحيوي الذي اعتبره عملية جراحية، وان على الجميع ان يقدم تضحيات لانجاح هذه العملية.

وقبل ذلك عقدت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية في مقر جمعية العمل ورشة حول التقرير تحدث فيها كثرة من النشطاء السياسيين والعاملين في الحقل الاقتصادي، وقفوا الى جانب التقرير، من حيث الحاجة الى معالجة مشكلة الفقر وتدني الاجور والبطالة واسبابها المتعددة التي من بينها تدفق العمالة الاجنبية وخاصة المسماة (فري فيزا)، وفوضى السوق.

وفي مجلس الدوسري في البديع مساء الخميس المنصرم، قال الخبير الاقتصادي الاخ ابراهيم شريف بأن من الضروري اضافة رجل اخرى الى طاولة المشروع تتعلق بالاصلاح السياسي لتكون الطاولة ثابتة ولا يمكن هزها.

وفي الوقت الذي اقامت غرفة التجارة والصناعة ندوة متواضعة حول التقرير وابدى بعض التجار حماسهم له، وبعضهم تخوف من ابداء الراي حيث يراقب ردود فعل اقطاب النظام ـ غير المتفقين على التقرير على ما يبدو ـ والبعض يحسب حالياً والبعض يحسب للسنوات القادمة وبالتالي يلتزم بالمثل العربي الاستسلامي (لسانك حصانك!!)!!

اين اتحاد النقابات والمؤسسات الاخرى؟

ومن المؤسف اننا لم نسمع ندوة واحدة او فعالية او نشاطاً واحداً قام به الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين حول هذا التقرير، وهو المعني اكثر من غيره باصلاح سوق العمل ومواجهة مشكلة البطالة وزيادة الاجور ومستوى المعيشة وغيرها من العناوين التي يتوقع الجميع ان يكون للاتحاد مساهمة كبيرة واساسية في هذه المرحلة، ولم نر نشرة له منذ ان انتهى من مؤتمره التأسيسي او دراسة حول هذا الموضوع الشديد الاهمية والشديد الارتباط بوضعية العمالة المحلية والاجنبية والخصخصة ومستقبل الحركة النقابية والعمالية في البحرين، وكأن الامر لا يعنيه!!! وقد يكون عذره انه في مرحلة حرجة من تأسيسه، ولكن هذه الملفات وغيرها لن تنتظر حتى يفرغ الاتحاد العمالي من ترتيب اوضاعه الداخلية!! خاصة وان الكثيرين يريدون له أن ينشغل بتلك الأوضاع ولا يشتغل باوضاع العمال ومصالحهم، ولا شك ان هذا سيسجل على رصيد ادارته الحالية في السنوات القادمة.

كما ان كافة الفعاليات الشعبية، من نسائية وشبابية وطلابية وبلديات، معنية بمستقبل الوضع الاقتصادي في البلاد، ومدى دخول المرأة في سوق العمل، وكذلك الشباب، وانعكاس المشاريع التنموية على البيئة والسكن وغيرها من الامور التي تهم كل مواطن، فالمطلوب تغيير كامل في المسار، قد نجد أنفسنا امام ثورة في الاسعار وتكاليف المعيشة، ووضع المرأة في سوق العمل وهجرة الشباب، ناهيك عن اشكاليات خدم المنازل والنواخذا والبحارة وغيرها من الفعاليات الاقتصادية.

لذا فالمطلوب من الجميع ان يقول كلمته، ايجاباً أو سلباً، اذا اردنا ان نعزز الديمقراطية والشفافية ونكتشف مواقف كل الاطراف .. لنصل الى تقاطع محدد بين المسارات والاجتهادات، تعبر عن ما ينفع شعب البحرين ومكانتها الاقتصادية، وما يخفف العبء والخسائر على بعض القطاعات، بل وما يمكن ان نحدده من دور مستقبلي للجهاز الحكومي بعد ان كان هو الراسمال الاكبر في البلاد، والمطلوب منه ان يتحول الى اكبر قطاع خدمي (تعليمي وصحة وبلديات، وبنية تحتية اساسية وأمن وسواها من المهمات للدولة العصرية).

وخلال السنوات الماضية كان هناك عشرات الندوات والمؤتمرات على الصعيدين المحلي والاقليمي ناقشت مشالك البطالة والعمالة الاجنبية وتطرقت الى اوجه الخلل في الاوضاع الاجتماعية، وخرجت بعشرات القرارات الصائبة وغير الصائبة، ولم يكن للكثير منها نصيب من التطبيق لاسباب لا بد من التفتيش عنها وسط زحمة الحوار الدائر حول الموضوع.

ومن المؤسف انه وسط كل النقاش يقوم البعض بتوجيه التهم الى القوى السياسية وان عملها يقتصر على المزايدات والشعارات وانها تريد شحن الشارع وانها تريد تهريب الاستثمارات ورجال الاعمال وغيرها من التهم، لمجرد ان هناك اعتصامات او مسيرات بين الفترة والاخرى، او مطالبة باستقالة الحكومة او رئيسها، وهي تحركات شعبية لا يمكن مقارنتها ـ بأي شكل من الاشكال ـ مع ما يجري في البلدان الرأسمالية الاخرى، التي تتقدم ولا تعرف الارباك لمجرد اضراب عمالي حتى لو وصل الى شل قطاع الطيران المدني او قطاع الزراعة كما حصل عدة مرات في فرنسا او كوريا الجنوبية او غيرها من البلدان المتقدمة، فالكل يعترف بحق الاخر في التعبير عن موقفه، اذا وصلت الامور الى درجة التصادم الكبير في تلبية المصالح، وبالتالي استخدام ادوات ضغط مشروعة ومقرة من قبل الجميع باللجوء اليها.

تهمة الاستعانة بالاجانب

برزت خلال الاسبوع المنصرم، على صعيد التجار والحكومة تهمة الاستعانة بالاجانب، حيث اشارت احدى الصحف الى استياء الحكومة من لقاء الجمعيات الاربع مع السفير البريطاني، (وهو اجتماع لم يتم، ولن ينكر احد حصوله لو حصل، خاصة وان السفير البريطاني كما الامريكي يمثلون الدولتين الصديقتين لحكومة البحرين حسب ما يقول المسؤولون الذين يعتبرون بلادنا في تحالف استراتيجي مع الغرب، ووقعت حكومتنا الرشيدة اتفاقية التجارة الحرة مع واشنطن!! هذه الاتفاقية التي فتحت الابواب على مصراعيها لكل صاحب عمل امريكي، مهندساً او طبيباً او محامياً أن يفتح مكتباً، مستشفى او غيره وكأنه في بلاده، وكذلك الحال بالنسبة للبحريني حيث يمكنه الذهاب الى امريكا وسيعامل على قدم المساواة مع الامريكان!!)، وفي الحالة الثانية انتقد بعض التجار التقرير لأنه من صنع اجنبي، ولم يعتمد على الخبرات المحلية!!!

في البداية لا يحق لمن يعتمد بدرجة كبيرة على الاجانب ان يوجه تهمة الاستعانة بالاجانب في مشروع ماكينزي الا اذا اكتشف البعض ان هذا المشروع سيحول البحرين الى دولة اشتراكية (كيف وهو يطالب بتحرير سوق العمل !!!) وسيقضي على الصناعة التي يراها البعض العمود الفقري للبلاد (متجاهلاً أن النفط هو العمود الفقري وأن القطاعات الاخرى تعيش بفضل ما تدره الصناعة النفطية من عائدات فاقت التصور في السنة الاخيرة، دون ان تخبرنا حكومتنا الرشيدة ما وصلت اليه ودون ان يكلف احد من نوابنا الافاضل مغبة استفسار للحكومة عن ارتفاع اسعار النفط ونتائجه وانما يقترح تحويل الشعب الى متسولين امام دار الحكومة لاعطاء كل عائلة مبلغا عشوائياً يصل الى خمسمائة او الف دينار عيدية!!)

واذا كان الاخوة التجار والصناعيون يرون ضرورة ان نعتمد على الخبراء البحرينيين، ويشيدون بالكفاءة البحرينية، فلماذا لا يزداد اعتمادهم على هذه الكفاءات؟.. ويكون التوجه ـ من قبلهم ـ بتقليص العمالة الاجنبية في شركاتهم ضمن خطة وطنية يتفق عليها الاطراف المعنيون (ارباب عمل، اتحاد العمال، الحكومة) تدخل البلاد في مسار التصحيح التدريجي للخلل الذي نعيشه، ويكون الشعار الذي نرفعه جميعاً هو الافضلية للعامل والمستخدم البحريني، وتتكاتف كل الجهود لخلق الشروط الضرورية لذلك، بدءاً من تصحيح مسارات التعليم الى دور النقابات والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الى معاهد التدريب الى الحركة السياسية وغيرها ضمن حملة وطنية واسعة لتحقيق الهدف وهو ان يكون البحريني هو الاول في التوظيف تطبيقاً لنص دستوري واضح (العمل حق لكل مواطن) حتى لو قدمنا الكثير من التضحيات في فترة محددة.

وفي الوقت الذي ننتقد الاخوة التجار على هذه الجزئية من ملاحظاتهم على تقرير مكينزي، ونحن اول من انتقد (عقدة الخواجة) لدى القطاع الخاص ولدى حكومتنا الرشيدة التي لا تعرف التخطيط للمستقبل ولا ندري بعد عدة سنوات الى اين سنصل في الكثير من مرافق حياتنا، فان من الانصاف القول بأن هذه الشركة العالمية تتمتع بمصداقية كبيرة، وكانت حريصة على تقديم صورة صادقة عن الوضع الخاطئ الذي يعيشه المجتمع والاقتصاد البحريني والاخطار المحدقة به اذا استمرت السياسات الاقتصادية والتعليمية على النحو الذي نشاهده في الوقت الحاضر.

وليست البحرين هي الدولة الوحيدة التي واجهت مشاكل في مسارها الاقتصادي، بل ان الدول الخليجية والعربية ودول العالم الثالث تعاني من هذه الوضعية، بل ان البلدان الراسمالية العريقة عانت وقدمت الكثير من التضحيات والدماء والحروب الداخلية والخارجية، حتى وصلت الى اوضاع راقية في الوقت الحاضر، لا تخلو من المنغضات كما نشاهد في الاتحاد الاوربي او الولايات المتحدة او غيرها من الدول التي تسعى نحو التكتلات الاقتصادية الضخمة لتعويم ازماتها او مساعدة بعضها البعض للخروج من الازمات. وكانت النقاشات في كافة البلدان التي تشكو من مثل الاشكاليات التي نعاني منها، هي: من اين نبدأ؟ من السياسي او الاداري او الاقتصادي او التعليمي؟ ام ان كافة المسارات يجب ان تسير متوازية مع بعضها البعض، ونعمل على ان يصب كل مسار في المجرى العام لتقوية المسارات الاخرى.

وحيث اننا امام هذه المسارات، فان من المفيد ان نتوقف امام المسار السياسي الذي شكل الانفراج السياسي مفاجأة كبيرة ـ للكثير، بما فيهم اقطاب الحركة السياسية ـ في بداية الامر حيث لم يكن احد يتوقع ان تقدم السلطة على اغلاق ملفات استمرت عقوداً من الزمن.. وان تفتح مساراً آخر حمل من الافراح الكثير وحمل من الصعوبات الكثير ولا يزال .. ضمن عملية الصراع من اجل الافضل.

اصلاح المسار السياسي

سنتحدث عن المسار السياسي والاصلاحات التي جرت فيه ونقارنه بما يجب ان تكون عليه الاوضاع في المسارات الاخرى، الادارية والاقتصادية والتعلميية، لنرى الايجابيات والخلل هنا وهناك، والتضحيات التي يمكن للاطراف ان تقدمها في هذا المسار .. وبالتالي كيف نستفيد لاصلاح المسارات الاخرى.

فمنذ مطلع القرن المنصرم، شهدت البحرين حركات سياسية علنية وسرية، طغى الجانب السري عليها منذ الصدام مع هيئة الاتحاد الوطني عام 1956، ورصدت الحكومة الملايين في اجهزة الاستخبارات، وتقوية الخبرات الاجنبية والمحلية واستعانت بالانجليز والاشقاء العرب من سوريا واليمن والاردن، بالاضافة الى اجانب من باكستان وغيرها، لملاحقة هذه الحركات ورصدها واعتقال نشطائها، بل ووجدت ان عليها ان تبعد بعض المواطنين عن العمل في الاجهزة الامنية والعسكرية انطلاقاً من الخوف منهم، وكل هذا التوجه كلف الدولة مليارات من الدنانير على المدى العقود الماضية اضافة الى ما نعانيه حالياً من تجنيس عشوائي لبعض الاخوة العرب العاملين في القطاع الامني والعسكري، اضافة الى الاجانب في هذا القطاع، الا ان تولي الملك حمد مقاليد السلطة قد فتح آفاقاً رحبة امام البلاد وأمام الحركة السياسية عندما الغى قانون امن الدولة واصدر أمراً بالعفو العام، وخرج المئات من السجون وعاد الكثيرون من الخارج، وبدأت الحركة السياسية تفتش عن اسلوب علني لنشاطها توافقت عليه مع السلطة ضمن مسمى الجمعيات السياسية على ان يكون انتقالياً، لتتحول هذه الجمعيات السياسية الى احزاب سياسية على غرار البلدان المتقدمة في هذا العالم، خاصة وان شعب البحرين معروف بانخراطه في النشاط السياسي ..

وشهدنا بروز الكثير من الجمعيات السياسية التي نبتت كالفطر عام2001، حيث اراد كل طامح سياسي ان يجرب حظه، كما الحال في التجارة والمقاولات والصناعة وغيرها.. ولكن الربيع لا يستمر، والتكلفة كبيرة، ووجد البعض ان عليه ان يغلق دكانه او ينزوي او يفتش عن مسارات اخرى.. وبقيت بعض التنظميات. ولكن لا يمكننا القول بأننا قد وصلنا الى نقطة النهاية.. بل سنشهد المزيد من الاندماجات والمزيد من الانشقاقات.. اذا تعززت الاجواء الديمقراطية داخل الحركة السياسية، وتم التوصل الى حلول لبعض القضايا الكبيرة المعلقة مع السلطة، واذا تمكن البعض من مغادرة قبيلتهم وطائفيتهم السياسية حيث التغني بامجاد الماضي متجاهلاً ان الناس تحكم على الحركة السياسية ، ليس فقط بماضيها وانما بما تقوم به من اعمال وما تحدده من مواقف حيال الصراع الدائر حالياً في البلاد، وعلى مستوى المنطقة برمتها.

ولكن الحكومة وكل من تعود على الركود والسكون من فئات اجتماعية ومن يطالب بطاعة اولى الامر من القوى الدينية والسياسية.. لم يعجبهم المسار العلني السلمي والمناقشات السياسية الحادة التي تعبر عن طبيعة الصراع في مجتمعنا، ولذلك طالبوا بسن قانون للجمعيات السياسية ينسجم ورؤية الحكومة لما يجب ان تقوم به هذه الجمعيات (تنشغل بالسياسة ولا تشتغل بها).

القضية كبيرة على الطرفين. فالحكومة التي قامت بحل المجلس الوطني لأنها ترفض تحويل الاراضي الى ملكية عامة للدولة، وليس للاسرة الحاكمة او الامير يتصرف بها كما يشاء، وكذلك الدخل النفطي الذي تضاعف في السبعينات ..لا تريد للوقت الحاضر ان تكون في البحرين حركة سياسية نشطة وقوية تطالب بالفصل بين السلطات وبان يكون الشعب مصدر السلطات جميعاً وان يكون لدينا دستور عصري يؤسس لدولة المؤسسات ولاقانون، ولا يكون احد فوق القانون، بل وتخضع الحكومة للمساءلة ويتم تغييرها وجلب حكومة جديدة بناء على برامج وسياسات جديدة تتصدى لسياسات الحكومة السابقة، كما نشاهد في كافة البلدان الديمقراطية. ومن الجهة المقابلة هناك الحركة السياسية التي طالبت بالعودة الى تفعيل الدستور وميثاق العمل الوطني واقامة برلمان له كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية .. اضافة الى حرية التعبير والتنظيم لقوى المجتمع المدني بما في ذلك التحول الى احزاب سياسية ونقابية عمالية واتحادات مهنية .. بما يعززالاصلاح السياسي ولا يبقي الامور على ما كانت عليه، ولا يتحول الاصلاح الى عملية تجميلية شكلية للنظام القائم.

عدم تطور هذا المسار السياسي هو الذي وضع الاصلاح السياسي في الثلاجة.. هو الذي يعرقل الاصلاح السياسي ولا يجعله يتقدم الى الامام..لأن المطلوب من الجميع ان يقدم تضحيات حقيقية.. وبالدرجة الاساسية مؤسسة الحكم نفسها.. تقديم تنازلات من السلطات التي تملكها لقوى المجتمع، وتطوير عمل القوى السياسية، مع التمسك بما نص عليه الدستور حول طبيعة النظام في البحرين وخضوع الجميع له، وان يمارس الجميع العمل السياسي بعلنية وسلمية بعيداً عن كل أشكال العنف او التآمر على النظام…

ولأن الحكومة خائفة من المستقبل.. ولا تدري الى اين ستؤول الامور.. فانها جمدت المسار السياسي .. بل يمكن القول بانها قد تتراجع اذا اصرت على تمرير قانون الجميعات السياسية الذي سيمنع كل الجمعيات السياسية عن العمل العلني في البلاد.. وبالتالي يعيدنا الى المربع الاول.

واذا كانت الحكومة واركانها قد ضاقوا ذرعاً بالحركة السياسية والحوار حول الدستور.. ويتمسكون بما وصلت اليه الامور ويدفعون العلاقة نحو المزيد من التأزم .. فان الصراع من اجل الاصلاح السياسي سيستمر.. ونحن على ثقة بأن جلالة الملك وسمو ولي العهد يقفون الى جانب تطوير العملية السياسية والوصول الى توافق مع القوى السياسية ضمن رؤى عصرية تختلف عن الرؤية السكونية والامنية التي تعشقها الحكومة.

المسار الاداري

لن نتوقف كثيراً عند الاشكالية الكبيرة التي يعاني منها الجهاز الاداري الحكومي وترهله وتضخمه وفساده، والامراض التي تعشعش فيه، وما ارتبط به من تدني الانتاجية.. لكن سنشير الى الوضعية التي كشف عنها يوم الاثنين الاسود.. في وزارة الكهرباء.. حيث تفاجأ المسؤولون بانقطاع الكهرباء الكلي عن البحرين، وتدفقوا على المحطات ليروا كفاءة القائمين على الصيانة .. فاذا بهم يتصببون عرقاً مذهولين، عاجزين عن معرفة من اين يبدأون .. ليستدعوا مهندسين بحرينين اكفاء تم استبعادهم منذ فترة على ضوء المحسوبية والتمييز وسواها من الامراض المعشعشة في كافة اجهزة الدولة.. ليتم تشغيل المحطات بعد ذلك.

لن نتوقف طويلاً عند هذه الكارثة التي قد تتكرر.. لذا فان المطلوب هو أخذ هذا الملف فقط، ودراسته بدقة وتصحيح المسار في هذه الوزارة بنفظها جيداً… ثم أخذ ملف وزارة اخرى او مؤسسة اخرى كدائرة الاحصاء المركزي التي لا تعرف كيف تستبدل مخططات باخرى او يضع المسؤولون اسمائهم على الخطط التي يضعها مهندسون اكفاء ـ اشادت بقدراتهم شركة مكينزي عندما اطلعت على تقاريرهم ودراستهم واستغربت ابعادهم عن موقع المسؤولية ـ بعيدين عن الاضواء .. او يحشون المؤسسة او الوزارة باقربائهم والمحسوبين عليهم، او يرسلون الى الدورات اناس لا علاقة لهم بموضوعات الدورات… وغيرها ويجلبون شركات لوضع برامج بديلة في عملية هدر للملايين من ميزانية الدولة.. او وزارة الصحة .. او غيرها

ويقول الناس حالياً ان الحاجة ماسة الى غربلة الجهاز الحكومي .. وابعاد كثرة من مسؤولي الصفوف الاولى في الكثير من الوزارات.. ووضع الرجل المناسب الكفؤ في المكان المناسب.. فقد نتمكن خلال سنوات قليلة من ايجاد ادارة حكومية صالحة، نشطة، فعالة، ضرورية لأي اصلاح في المسار الاقتصادي.



#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطط لتحرير سوق العمل في البحرين
- هل يشعل البحر إشكالية جديدة في البحرين؟
- عائدات النفط المتصاعدة وترابطها مع الإصلاح السياسي
- معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية
- الإعلام ودوره في مرحلة الإصلاح والحوار الوطني
- من أين نبدأ بالإصلاح؟
- حوار مع النعيمي في المشاهد السياسي
- أهمية بناء الكادر للحركة السياسية


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن النعيمي - مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل