أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - جعفر المظفر - المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)














المزيد.....

المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 21:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



وفيما بعد فإن هوية كلا الدولتين اللتين تلتا الدولة الأموية, أي العباسية والعثمانية, كانت هي نفس هوية الدولة الأم, أي دولة ( الخليفة الرئيس والرئيس الخليفة ), ومهما قيل عن طبيعة الاختلافات بين طبيعة هذه الدول الثلاث, هنا وهناك, فإن القاعدة الأساسية التي كانت تتحكم بسلوكها جميعا وبسعة الميادين التي تتحرك فيها كانت مرتهنة تماما ومتأسسة على هويتها المشتركة تلك, فلم يكن مسموحا لهذه الدولة أن تعود إلى حكم الخليفة, كما ولم يكن مسموحا لها أن تخرج عليه إلى حكم الرئيس, وكانت طبيعة التعاقد قد اقتضت أن تكون هذه الهوية هي خليط من إرادتين لا يجوز لأحدهما أن تخرج على الأخرى, وأن يكون نشاطها بالتالي محصورا في الميدان الذي أنجبته هذه المعادلة التعاقدية التي أدت بدورها إلى قيام كيان بنصف دين ونصف دولة.
من جهة أخرى كانت العلاقة بين الدول الأوربية والدين قد تكونت في رحم يختلف تماما عن الرحم الذي تكونت فيه العلاقة ما بين الإسلام والدولة, فالمسيح نفسه لم يكن أوروبيا, كما أن المسيحية لم تتوسع وتنتشر بسواعد لقومية دون قومية أخرى, لذلك فهو لم يرتبط بعلاقة أبوية بأي شعب من الشعوب الأوروبية, ولا كان أساسا لتكوين أمة أو لاتساعها كإمبراطورية ترفع الأعلام الدينية, ولا كانت هذه الدولة قد ولدت نتيجة لعلاقة تزاوجية أو تمازجية كتلك التي أنتجتها طبيعة الصراع الراشدي – الأموي. ولهذا نمت العلاقة بين الطرفين, الدين والدولة, بشكل مستقل تقريبا.
على الجانب الأوروبي, ظلت المؤسستان, الدينية والسياسية, رغم نوعية التداخل بينهما, مستقلتين عن بعضهما, فلم تفلح أحدهما في تطويع الأخرى كاملا أو إقامة علاقة كتلك التي أفلحت الدولة العربية بإقامتها مع الإسلام, أي دولة الرئيس الخليفة والخليفة الرئيس. والحقيقة إن دخول أوروبا " المسيحية" في عصر ظلامها كان جاء في أحد مشاهده الأساسية نتيجة لعجز المؤسستين, الدينية والمدنية, عن تحقيق الصفقة التي تم عقدها بصعوبة, ولكن بنجاح, بين الدولة الأموية والإسلام, والتي امتد التعامل بها في الدولة العباسية والعثمانية.
وكان ذلك أدى بطبيعة الحال إلى أن يبقى الصراع بين المؤسستين قائما ومتفاقما إلى أن حتمت طبيعة الحراك التاريخي حسمه لصالح أحدهما, فبدأت أوروبا, بعد انتصار العلمانية فيها, حركة غير مقيدة وغير خائفة وغير مترددة, لا بل ومتمردة على سلطة رجال الدين والكنيسة, فكان إن اجتمعت روح التمرد والتحدي ونشوة الحسم والنصر مع عوامل النهضة لتنتج تطورا سياسيا وفكريا وعلميا غير خائف أو متردد أو مجامل. وبهذا أصبحت الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس وصارت الأرض كروية, وبدأ بذلك عصر الأفكار والابتكارات الشجاعة التي لا يستطيع رجال الكنيسة أن يعقروا أرجلها أو يستعملوا الله ضدها.
من ناحية أخرى ظلت حالة التعايش أو التوافق بين فقه الدين وفقه الدولة العربية ودية لأن المجتمعات العربية ظلت طويلا تحت هيمنة المحتلين الأوروبيين الأمر الذي غيب فرص الصدام بين الفقهين, بل أن العكس كان حصل.. فلقد ساهم الإسلام ورجال الدين أيضا في النضال ضد المحتلين الإنكليز في العراق, أو الفرنسيين في سوريا والجزائر, مما جعل التوافق والتلاحم قائما وتغذيه علاقة حميمة, كانت قد نتجت من, ونجحت سابقا في إقامة دول إسلامية واسعة.
وحتى حينما تحررت الدول العربية من الاستعمار القديم فإنها ظلت تابعة ومرتهنة وغير متكونة بالمستوى الذي يجعلها في مواجهة مهام التقدم وحاجات النهضة وبما يؤسس لحالات الصدام التي توجب فك الإشتباك بين فقه الدين وفقه الدولة وصولا إلى علمانية واضحة وغير خجولة, ففي حدود التجارب التي عاشتها الكيانات العربية الجديدة لم تكن هناك حاجة أساسا إلى صراع ومجابهة وحسم من هذا النوع, فسواء دارت الأرض حول نفسها أو حول الشمس فإن ذلك ما كان سيفسد بينهما للود قضية.
إن المجتمعات الإسلامية ستبقى في حالة تعايش هدنوي بين فقه الدين وفقه الدولة إلى أن تحتم حالات التنمية والنهضة فك الاشتباك بين الطرفين أو إلى أن تقع الدولة تحت هيمنة ونفوذ الفكر والمؤسسة الدينية أو أحزابها الدينية أو المهجنة بما يؤدي إلى تجمع عوامل المواجهة وانفجارها.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون.. بين فقه الدين وفقه الدولة (2)*
- لو أن ميكافيلي بعث حيا يا موسى فرج
- مرة أخرى.. حول موقف المالكي من سوريا
- موقف المالكي من مظاهرات السوريين
- الإسلام .. بين فقه العقيدة وفقه الدولة**
- بين فقه العقيدة وفقه الدولة*
- عزت الدوري الرئيس السابق لمؤسسة شيطنة صدام
- حول الرسالة الكوميديةالأخيرة لعزت الدوري إلى القذافي
- كيف تتسبب السلطة البحرينية بالإضرار بعروبة البحرين
- هل سينجح العراقيون في امتحان البحرين
- كركوك هي كركوك وليست قدس الأقداس
- حظر الطيران والخوف من أمريكا
- وائل غنيم والماسونية وثورة مصر
- حاسة واحدة مع المالكي وأربعة حواس ضده
- وحدة فعل الاضطهاد تخلق وحدة رفضه
- نحو موقف أمريكي جديد من الشعب العراقي
- يا سياسي العهود الغابرة.. مكانكم الأرصفة
- وللميادين أرحام أيضا وليس النساء فقط
- أحلام العصافير أم إنه رالي الحرية
- حينما يكون للديمقراطية طغاتها أيضا


المزيد.....




- حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع ...
- صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
- بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
- فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح ...
- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - جعفر المظفر - المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)