|
المرأة.. وصخب الهتافات!
زينب حفني
الحوار المتمدن-العدد: 996 - 2004 / 10 / 24 - 12:26
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
هل المرأة العربية ما زالت تقف عند مفترق طرق، بالرغم من عصر الفضائيات، وثورة التكنولوجيا التي أدت الى تلاشي الكثير من المفاهيم الاجتماعية في العديد من المجتمعات العربية؟! هل الانفتاح الثقافي والاجتماعي والسياسي ساهم في تغيير بعض الاعراف المرتبطة بالمرأة العربية؟! هل بالفعل المرأة العربية استطاعت تحديد اهدافها، والتعبير عن مطالبها في مجتمع ينضح بالذكورية؟! هناك من يرى بأن المرأة هي أول من تجني على بنات جنسها، وان من النادر ان تتبنى امرأة آراء امرأة أخرى!! وان المرأة بطبيعتها لا تثق في جنس حواء، بل ان معظم النساء في داخلهن قناعة ذاتية بأن المرأة لا تملك القدرة الكافية لحل مشاكل مجتمعها، لاحساسها بأنها مهيضة الجناح بحاجة الى رجل يأخذ بيدها ويريها الدرب الآمن الذي يجب عليها ان تسلكه.
لقد لفت انتباهي مؤخرا، الخبر الذي نشرته الصحف عن برنامج "الاصلاح العربي"، الذي انعقد مؤخرا في واشنطن، بالولايات المتحدة الامريكية، والذي اشرفت على تنظيمه اليزابيث تشيني، ابنة نائب الرئيس الامريكي، هادفا الى تعزيز ونشر الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط، من خلال اطلاع النساء العربيات على الدور الذي يجب ان تقوم به المرأة الامريكية في عملية الانتخابات لجهة الترشيح للانتخابات أو لجهة تنظيم الحملات الانتخابية، وكيفية خوضها كمرشحة داخل امريكا، وقد اشتركت في البرنامج 50 امرأة عربية من عدة دول عربية. وقرأت كذلك عن التغطية التي تمت مع حرم ملك البحرين اثناء لقائها مع طالبات جامعة البحرين، ودعوتها النساء البحرينيات الى وجوب اثبات استقلاليتهن عبر التصويت الحر في الانتخابات التشريعية.
جميلة هذه المحاولات التي تحدث هنا وهناك في تعليم المرأة أصول الديمقراطية، أو تنبيهها لحقوقها السياسية، لكنها ليست بجديدة على تاريخنا الاسلامي كما يعتقد الكثيرون، الذي يحفل بالكثير من المواقف المشرفة لنساء عربيات، كانت لهن ادوار ايجابية داخل مجتمعاتهن، بل واستطعن قلب أوجه عصورهن ببسالتهن وسعة أفقهن. لكن القضية في رأيي لا تنتهي بفتح الباب على مصراعيه أمام المرأة وتشجيعها على المشاركة السياسية. القضية في رأيي أعمق من هذا بكثير، وهي قضية تصب في تأمل الواقع العربي اليوم!! والسؤال التلقائي الذي يطرح نفسه.. هل بالفعل المجتمعات العربية متقبلة في داخلها فكرة حق المرأة في الانتخاب والتصويت؟! إذا سلمنا جدلا بنجاح المشاركة السياسية للمرأة في عدد من الدول العربية مثل مصر وتونس والمغرب، سنجد ان نسبة نجاحها ضئيلة مقارنة بدول الغرب، بل ان بعض الدول تدخلت حكوماتها، لفرض بعض اسماء نسائية داخل برلماناتها، لكي تستطيع المرأة من خلال مقعدها تمثيل بنات جنسها والتحدث باسمائهن. في دول الخليج يختلف الوضع جذريا، فهناك دول تتقيد بأعرافها، وتحرص على عدم الخروج عن تقاليدها الاجتماعية، التي هي اشد تأثيرا على الافراد من روافد أخرى، ويكفي ان ننظر الى دول مثل قطر والبحرين وعمان كنماذج، والتي منحت المرأة الحق في المشاركة السياسية انتخابا وتصويتا لنرى انها فشلت فشلا ذريعا، في الوقت الذي ما زالت الى اليوم المرأة الكويتية تصارع من أجل انتزاع هذا الحق دون جدوى. كل هذه الصور المتباينة المضمون، تؤكد بأن المجتمعات العربية بصفة عامة، والخليجية بصفة خاصة، ليست مؤهلة نفسيا للسماح للمرأة بأن تحمل على كتفيها قضايا مجتمعها، وتتحدث باسم افرادها، وهناك مشاعر لاارادية داخل جلَّ افراد المجتمعات العربية تؤمن بأن المرأة تعجز عن حل القضايا، فكيف بتلك التي عجز عن حلها عتاولة الرجال!! كما ان المرأة نفسها للأسف لا تثق في بنات جنسها، وتوليهن ظهرها، بل في قرارة نفسها ونتيجة لتربيتها الاسرية، والمفاهيم التي تلقتها في صغرها، تستحلي تبعية الرجل، وترشحه لدائرتها عن قناعة كاملة، كما ان النساء يحرصن على تتبع خط أزواجهن في مواقفهم السياسية، لأن خروجهن عن خطهم قد يتسبب في حدوث خلافات وانشقاقات داخل الاسر.
في كتابها "شهرزاد ليست مغربية" تحكي فاطمة المرنيسي عن تجربتها بعد عودتها من امريكا، بعد حصولها على شهادة الدكتوراه، معتقدة بأن كل ابواب العمل ستكون مفتوحة على مصراعيها أمامها، لتفاجأ بأن المجتمع ينظر الى المرأة الناجحة بتحفز وريبة وشك، وتحكي عن صدفة جمعتها بأحد الرجال كان يردد بصوت مسموع بأنه لن يسمح يوما لامرأة بأن تقاضيه، أو تدافع عنه، أو تدير أعماله. هذا الموقف الذي سردته المرنيسي في كتابها حدث عام 1973، فهل تغيرت نظرة المجتمع الذكوري للمرأة العربية بعد مرور ما يقارب الثلاثة عقود، أم ان الوضع ما زال على ما هو عليه؟!
هل يمكن للمرء ان يمشي قبل ان يحبو؟! هل يستطيع الانسان ان يمسك العصا من قعرها ويتكئ عليها؟! هذا للاسف ما فعلته المجتمعات العربية مع نسائها!! واجب حتمي ان يكون للمرأة منبر تعبر من خلاله عن قضاياها، لكن الامر ليس بهذه السهولة، ولا يكفي ان يصدر حاكم دولة فرمانا يجيز به حق المرأة في المشاركة السياسية، ثم تجري الامور عشوائيا!! لا بد من بحث أمور أكثر أهمية، والانطلاق يبدأ من قاعدة البيت، بتعويد الفتاة على تحمل مسؤولياتها، وتوابع قراراتها، لأن هذا سيصقل شخصيتها ويدفعها تلقائيا الى احترام ذاتها واحترام الحرية الممنوحة لها، خاصة في دول الخليج العربي، التي ما زالت المرأة ترفل في عباءة الترف، وتستعذب رخاوة العيش!! بجانب تعويد الولد منذ صغره على ان المرأة ليست مجرد معمل لتفريخ الدواجن، بل كائن له حقوق وعليه واجبات، ليتقبل فكرة مشاركتها له في جوانب الحياة، حتى لا يستخف بقدراتها حين يكبر ويعي الدنيا من حوله، مفسحا عن قناعة المجال أمامها لكي تثبت كفاءتها. كما يرى احد الكتاب العرب ان رفع شعار "المرأة هي الحل"، سيساعد المرأة على الخروج من دائرة التقوقع، مؤكدا ان اصل البلاء في المجتمعات العربية يكمن في الهيمنة الذكورية، وفي تفشي الامية التي وصلت الى اكثر من النصف، وان تشجيع المرأة على التعليم والمعرفة سيؤدي على المدى البعيد الى خلق مجتمعات اكثر تقدما وتطورا، كما حدث في المجتمعات المتحضرة التي فتحت الباب على مصراعيه امام المرأة لكي تتعلم وتصل الى ارقى المناصب.
دعونا نتوقف ولو هنيهة عن التنديد صباحا ومساء بالتحرر الجنسي الذي وصلت اليه المجتمعات الغربية، ولننظر الى الكأس من نصفها الملآن، لنجد ان المرأة الغربية تدرجت في المناصب حتى وصلت الى منصب رئاسة الوزراء، وهو ما يؤكد ان القضية في اساسها هي قضية رواسب اجتماعية، ومشاكل عالقة داخل النفس العربية. إنها مسؤولية مجتمع بكامل افراده، وليست لائحة تكتب بحبر اسود "انتخبوا هذه المرأة" والسلام!! (الشرق الأوسط اللندنية)
#زينب_حفني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|