أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - النيوكلاسيك















المزيد.....

النيوكلاسيك


محمد عادل زكى

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 10:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مع الربع الأخير من القرن التاسع عشر،تبلورت أفكار المدرسة النيوكلاسيكية، والتى تسوق خطأ على أساس من كونها إمتداداًً لأفكار الكلاسيك، وكى تقوم بتفريغ العلم من محتواه الإجتماعى، بل ولا ضرر كذلك لديها من عزله عن العلوم الإجتماعية الأخرى،فعلم الإقتصاد بالنسبة للتيار النيوكلاسيكى هو علم معملى إلى أبعد حد، والعلاقات الإقتصادية،المتمثلة فى الإنتاج والتداول والتوزيع، بين أفراد المجتمع إنما هى علاقات بين الأشياء المادية، أى ليست بالعلاقات الإجتماعية.
ويُُؤسس على ذلك هذا التيار الفكرى، والذى سيكون تياراًً جارفاًً، فكرة المنفعة كمركز تدور فى فلكه جل العلاقات الإقتصادية بمفهموها الذى لا يرى سوى علاقات بين الإشياء المادية الخاضعة للمعادلات الرياضية والدوال الخطية والرسوم البيانية، وبتلك المثابة يمكننا القول بأن التيار الفكرى النيوكلاسيكى قد قام بتقديم موضوعاًً غير مسبوق للعلم، يعتمد على تفسير شاذ للقيمة؛ إذ المبدأ الأساسى عند النيوكلاسيك ان المنفعة هى عماد القيمة، وهو المبدأ الذى يناهض كما رأينا ما قال به الكلاسيك وبصفة خاصة أدم سميث وديفيد ريكاردو الأباء المؤسسون، ولقد برز هذا المبدأ إبتداءًً من الأهمية النسبية للأموال إنما تعتمد على التقدير الذاتى لمجموعة المستهلكين. هنا سيكولوجية المستهلك العادى هى نقطة البدء التى على أساسها لا تتحدد قيمة السلعة فحسب، وإنما التوزيع ذاته؛ بعد أن تم تعميم مبدأ المنفعة على عناصر الإنتاج.
لقد كان الإهتمام الأول للكلاسيك هو موضوع النمو والتطور والإنتاج وتوزيع الدخل، وكان ذلك أمراًً مفهوماًً ومبرراًً، فقد ظهرت الألة على المسرح الإجتماعى بمنتهى الوضوح والفاعلية وجعلت من جميع العلاقات الإقتصادية بين أفراد المجتمع علاقة تبدأ وتنتهى حيث الألة، والإنتاج الأمر الذى يستدعى ظهور تفسيراًً علمياًً لتلك الظواهر التى أخذت فى التبلور فى تلك الحقبة وبصفة خاصة الإنتاج(من خلال الألة بالطبع) والمنتجين(مستخدموا الألة) ومن ثم توزيع الإنتاج والأجور.
أما النيوكلاسيك، فان دائرة التبادل، وإنما إبتداءًً من الإستهلاك، هى مجال الإنشغال الأساسى، وفى حقل التبادل يظهر أشخاص هم من قبل الرجل الاقتصادى، الرشيد الحكيم، الذى يسعى إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من الإشباع لحاجاته، ولكنه حال سعيه هذا تحكمه"الحاجات المادية غير المحدودة" ويراد إشباعها بأشياء مادية"محدودة"ومن هنا لم يجد النيوكلاسيك بداًً من دراسة العلاقة بين الأنسان والأشياء المادية دراسة كمية، تهمل المظهر الكيفى للظواهر.
أما عن القيمة، فيذهب تيار النيوكلاسيك لتحديد ثمن السلعة فى السوق، وإبتداءًً من إنطلاق تحليلهم من دائرة التبادل، وليس الإنتاج كما ذكرنا، إلى أن الأثمان تتحدد فى الأسواق وفقاًً لقانون العرض والطلب، الطلب يتحدد على أساس المنفعة وسلوك المستهلك(الرشيد الحكيم) فى السوق، أما العرض: فيتحدد على أساس سلوك"المنظم" فى السوق.
ولقد إرتبط التغير الفكرى الذى صاحب النيوكلاسيك بالتغييرات الإقتصادية والإجتماعية التى حدثت فى دول غرب أوروبا، إذ مرت هذه الدول بمرحلة من الركود وتخلصت منه، وصار الإعتقاد بأن الإهتمام بالنمو والتطور ليس بتلك ضرورياًً كما فعل الكلاسيك، إذ أن النمو، فى تقدير النيوكلاسيك، يتم من تلقاء نفسه دون حاجة جدية لدراسته وتفسير ظواهره على الصعيد الإجتماعى.
كما إرتبط كذلك التغير الفكرى الذى صاحب ذلك التيار، بما لحق، آنذاك، البيئة الثقافية والعلمية من تطور، فقد كانت العلوم الطبيعية والرياضيات فى تقدم مستمر وواضح فى هذا العصر، الأمر الذى إنعكس على كتابات النيوكلاسيك، فرغبوا فى الإبتعاد عن اللغة المصطلحية والتعبيرات اللفظية، ومالوا بقوة نحو القياس الكمى عن طريق التعبيرات الرياضية، وإستعاروا أيضاًً بعض الألفاظ من العلوم الطبيعية، كما أنهم ظهروا أكثر ميلاًً لتجريد الظواهر الإقتصادية، والنظر إلى علم الإقتصاد كعلم منفصل عن العلوم الإجتماعية والسياسية، والسياسية بصفة خاصة، الأمر الذى عنى سلخ علم الإقتصاد من دائرة التاريخ والعلوم الإجتماعية، وصار ينظر له على أنه عِلم بحت يحوى نظريات ثابتة قابلة للتطبيق دائماًً، حالها حال ما يتعلق بالعلم المعملى.
جاءت المدرسة النيوكلاسيكية، وقد وجهت سهام النقد العنيفة جداًً لكتابات ماركس، ولكى تقدم موضوعاًً جديداًً كما ذكرنا لعلم الإقتصاد، ولكى تنشغل بدراسة العمل وليس العامل، والمنتج الفرد وليس الرأسمالى، والمستهلك وليس الفرد، رغبة فى الإبتعاد عن التحليل الطبقى الذى أعطاه ماركس.
إبتداءًً من النصف الثانى من خمسينات النصف الثانى من القرن الماضى، طرأت على المدرسة النيوكلاسيكية تغيرات واضحة، فلقد تحول إهتمام التحليل من الجزئى إلى الكلى، من تحليل توازن المستهلك والمنتج، إلى تحليل توازن الإقتصاد القومى. جاء هذا التبدل كبلورة لما أسهم به ليون فالراس، فى العودة إلى إستخدام تحليل التوازن الشامل بكيفية لم تكن معهودة من قبل؛ وبطريقة خاصة فى التحليل بإستخدام نظاماًً من المعادلات الرياضية فى محاولته للبحث عن التوازن الإقتصادى العام. ظلت هذه التحولات فى حقل التيار النيوكلاسيكى فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى محصورة فى مجال النظرية الأكاديمية، والمراجع والمؤلفات العلمية. أما على الصعيد السياسى الإقتصادى فلم يكن لها أدنى تأثير، فخلال تلك الفترة كان المذهب الكينزى يشهد قمة إنتصاراته وطغيانه الفكرى، واضعاًً ما عداه من مذاهب وأفكار فى الزوايا المهملة، فحتى نشوب الحرب العالمية الأولى، كان مذهب الحرية الإقتصادية سائداًً إلى حد بعيد فى الأوجه المختلفة للنشاط الإقتصادى، ولكن ما أن إندلعت نيران الحرب، تبدلت الأحوال وتغيرت التصورات، فخلال الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين(1919-1939) وهى الفترة التى زاد فيها تركز رأس المال، وتبلورت فيها الإحتكارات الصناعية الضخمة، إعلانا لبداية سيادة المشروع الرأسمالى فى شكله الدولى، وكذلك تعرض النظام الرأسمالى للعديد من التوترات، بدءًً بثورة العمال فى المانيا1918، ثم أزمة الديون والتعويضات التى قدرتها معاهدة فرساى على المانيا 1919، فأزمة الكساد الكبير1929، وبروز الحرب النقدية والتكتلات الإقتصادية، ثم إنهيار قاعدة الصرف بالذهب. . . فكان طبيعياًً ظهور الكينزية، فى زمان الأزمة فى شكلها الدورى، ونظريتها التى تعتمد على وجوب التدخل الحكومى بوصفه عاملاًً مساعداًً فى تحريك الإقتصاد الذى كف عن السير، بعدما لاحت فى الآفاق الأزمات متتالية.
فى ظل هذه الهيمنة الكينزية، كان هناك تيار فكرى يتكون فى أحضان التيار النيوكلالسيكى، هو تيار النقديين بقيادة ملتون فريدمان، والذى سيتزعم حملة ضارية على الكينزية، كى ينتهى الأمر باختلاف جذرى، وتوارى للسياسة الكينزيةـ وظهور التيار النيوكلاسيكى المطور. تيار النقديين. والذى سوف يلقى تطبيقاًً رسمياًً فى الفترة من 1979 حتى 1984، وبصفة خاصة فى المملكة المتحدة بزعامة مارجريت تاتشر، والولايات المتحدة برئاسة رونالد ريجان، ولم تكن النتائج سعيدة على الإطلاق؛ فقد تعمق الكساد، وإستفحلت البطالة، وإنخفض الميل الإستثمارى، وإزدادت الضغوط التضخمية، نتيجة للزيادة الواضحة فى عرض النقود، بالإضافة إلى إضعاف المركز التنافسى للإقتصاد داخل السوق الرأسمالية العالمية



#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطور الرأسمالى وتعميق التخلف
- جذور التخلف الإجتماعى والإقتصادى فى مصر
- كيف تنظر النظرية الرسمية إلى التخلف
- (فى التناقض) لماو تسى تونج
- أمثلة على أزمة فهم الأزمة
- الشركات الإمبريالية
- تراث البله
- االإقتصاد السياسى هو علم فائض القيمة
- بصدد 25 يناير
- خواطر وأفكار أستاذنا العلامة محمد دويدار(الجزء الثانى)
- خواطر وأفكار أستاذنا العلامة محمد دويدار
- الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى
- الإقتصاد المصرى والإقتصاد الإسرائيلى، فى أرقام
- القيمة لدى ادم سميث
- التحريف تخريبا وتخريفا
- الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية، إهداء من تشافيز إلى أوب ...
- فنزويلا كما صورها جاليانو
- فنزويلا ليست إيران
- كولومبوس وفجر العالم الرأسمالى
- شبح يخيم على أوروبا/ رفائيل ألبرتى


المزيد.....




- في تركيا.. دير قديم معلّق على جانب منحدر تُحاك حوله الأساطير ...
- احتفالا بفوز ترامب.. جندي إسرائيلي يطلق النار صوب أنقاض مبان ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يتسلم مهامه ويدلي بأول تصريحات ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض عدة اهداف جوية مشبوهة اخترقت مجالنا ...
- شاهد.. لحظة هبوط إحدى الطائرات في مطار بيروت وسط دمار في أبن ...
- -هل يُوقف دونالد ترامب الحروب في الشرق الأوسط؟- – الإيكونومي ...
- غواتيمالا.. الادعاء العام يطالب بسجن رئيس الأركان السابق ما ...
- فضائح مكتب نتنياهو.. تجنيد -جواسيس- في الجيش وابتزاز ضابط لل ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
- تحليل جيني يبدد الأساطير ويكشف الحقائق عن ضحايا بومبي


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكى - النيوكلاسيك