أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز العرباوي - حرية التعبير: الأسس والمبادئ :















المزيد.....


حرية التعبير: الأسس والمبادئ :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 22:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا كانت الحرية بمفهومها الشامل تعتبر من ضرورات الحياة عند الإنسان بصفته فردا داخل مجتمع متحرك غير ساكن وميت، فإن حرية التعبير وإبداء الرأي هي الأساس القوي لحصول الحرية بتجلياتها العامة والخاصة. بمعنى أن ضرورة حرية التعبير داخل المجتمع من ضرورة البقاء والاستمرارية. ولذلك فحماية حرية التعبير تتجلى في عدم إبداء الصمت والبحث عن منطقة يدفن فيها المرء نفسه حيا، فالتعبير إكسير الحياة والبقاء مادام المرء موجودا في هذه الدنيا الفانية .
إن حق الفرد داخل المجتمع في إبداء الرأي والتعبير عن مواقفه وقناعاته الفكرية والسياسية والدينية هو حق عيني مادي محسوس وليس حقا غائبا متجاوزا، ذلك أن علاقة الفرد بالمجتمع علاقة مباشرة محسوسة تفرض فيه المساهمة بالرأي والنصيحة لكل الأفراد الآخرين حاكمين ومحكومين، وهذا ما يعكس تلك النظرة الإيجابية لهذا الفرد داخل مجتمعه .
إن محاولة استبعاد مفهوم حرية التعبير والحظر على كل الوسائل المتاحة لتمرير الرأي والموقف هي محاولة فاشلة نظرا لتعدد الوسائل المتاحة وسلاسة الاتصال بيم الشعوب وبين أفراد المجتمع الواحد، وبالتالي أصبح اليوم بإمكان أي فرد أينما كان في العالم أن يبدي رأيه ويعلن موقفه السياسي والفكري والديني في العديد من القضايا الوطنية والعالمية .
وفي ممارسة حرية التعبير يتجابه وعيان: وعي الفرد الذي يعبر عن رأيه وموقفه يحمل وعيا تشكل عبر زمن خاص، وفي شرط تاريخي وفكري وثقافي واجتماعي ليس دائما يكون صائبا، ووعي المجتمع بكل مكوناته المختلفة. ولا يمكن تصور حرية التعبير غير حاملة لوعي يكون بمثابة حركة تصحيحية لواقع سياسي وثقافي متراجع عن تكريس كل الحقوق الإنسانية. ولكن المهم هو وجود مجابهة بين الوعيين في عملية التواصل والتفاعل .
إن التناقضات متعددة المستويات بين ما هو متحقق في مجال الحريات وما هو غير متحقق، بين ما هو مكتمل وما هو غير مكتمل، بين ما يعلنه المرء في التعبير عن رأيه وما لم يعلنه درءا للأخطار التي قد يتعرض لها، بين واقعه وبين أفقه، .... كل هذا ينتج اختلافا جذريا بين الوعي والممارسة، بين إرادة المعرفة وطرق ممارستها، بين الطموح الفكري والسياسي ومعوقاته التي تقف في طريقه، بين الذاتية والموضوعية، بين الفردية والجماعية،... ولذلك فإن الأساس المعرفي لهذا الوعي الفردي بحرية التغبير هو القدرة على النظر إلى الواقع ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ودينيا من زاوية عقلانية ومنطقية تسمح بتجاوز العوائق التي يحملها الفكر الفردي والمجتمعي والسلطوي الحاصل اليوم في أغلب المجتمعات النامية ...
إن الاختلاف الجذري بين الوعي والممارسة راجع إلى النظرة التي يلقيها الفرد والسلطة السياسية في مجتمع ما على إمكانية ممارسة الحد الأدنى من حرية التعبير والرأي، تختلف عن النظرات المختلفة لكثير من القضايا الحقوقية الأخرى بكونها نظرة متناقضة تنبني على العديد من المنطلقات والمسلمات التي تختلف بدورها من فرد إلى آخر. وهي نظرة تبتعد عن القاعدة الأساسية لكل قضايا الإنسان وحقوقه تتعالى على المعطيات المباشرة المتعارف عليها والتي يؤمن بها كل فرد على حدة. فحرية التعبير كحق إنساني لا تقدم نفسها كموضوع محدد ومنظم ضمن إطار فكري وسياسي وديني موحد بين كل الناس في العالم. فقد تختلف في النظام والموضوع والفكرة الأساس والرؤية للقضايا الثقافية والسياسية... وقد يكتنفها الغموض كثيرا والخلط بيم كموضوعاتها وأشكالها ومصادرها ....
إن أشكال التعبير المتاحة لها شروطها الخاصة في التكون والتحول والتطور، تخضع لمتطلبات الاختلاف الفكري والسياسي، وتتأثر بعوامل موضوعية في إضفاء الصفة الحقوقية عليها بفعل القناعة السائدة في كل مجتمع. وبذلك يمكن مقاربة أشكال التغبير من منطلق فكري وسياسي وتاريخي يجعل منها أمرا حقوقيا لا يمكن البتة الحد منه أو منعه بأي شكل من الأشكال .
وقد عمل البعض على شرعنة حرية التعبير فكريا وسياسيا دون ضوابط أو شروط موضوعية عبر التأكيد على الحق في التعبير عن المواقف والرأي حتى ولو أدى هذا الحق إلى استفزاز الآخرين وإهانتهم وإهانة رموزهم السياسية والدينية. فهذه الشرعنة التي برروها ضمن إطار فكري غير مبني على احترام قيم وثقافات ورموز الآخرين، هي شرعنة فاقدة للاستمرارية وللبقاء بحكم تواجد من يواجهها ويوقف سيرورتها الفكرية والسياسية .
ونحن نؤكد رفضنا المطلق لشرعنة هذا النوع من التفكير في حرية التعبير والرأي التي يدعو إليها بعض المتطرفين في كل المجتمعات العالمية، وهو تصور لا ينطلق من منطلق فكري انغلاقي يضيق على حرية التعبير مع وضع خطوط حمراء غير منصفة تجاه الفرد والجماعة التي تمارس هذا النوع من الحرية، بل هو تصور ينبني على واجب احترام قيم ورموز الآخر عندما يفكر الفرد في التعبير عن رأيه وموقفه الفكري والسياسي. فنحن من دعاة الحرية في كل تجلياتها الإنسانية مع حرصنا على انتقاد كل أشكال التضييق السياسي والفكري والديني لكن من منطلق أن الحرية لا تعني الخروج عن العقلانية والانفلات والضرب في أعراض الآخرين والتسبب في الصراعات الفكرية والسياسية التي تقود إلى الحروب والدمار الإنساني عامة .
إن حرية التعبير لا تعني إعدام مبدأ الاختلاف بين بني البشر، وتكريس الرؤية السياسية الواحدة بالقوة والسيطرة العسكرية والمالية والاقتصادية. فكل ما نعيشه في عالم اليوم من كوارث سياسية حروب مدمرة للسلم العالمي سببه التفكير الأحادي الجانب والرؤية السياسية الأحادية التي تمنح القوي السيطرة على وسائل التعبير وأشكاله وبالتالي فرض النموذج الأوحد للموقف والفكرة والتنفيذ .
إم كل التحولات التي وقعت في عالم اليوم سواء على الصعيد السياسي أو الفكري أو الاقتصادي جاءت نتيجة التحولات التي عرفتها وسائل التعبير والاتصال، والتقدم التكنولوجي الحاصل، واكتشاف أشكال جديدة للتعبير عن الرأي والموقف، مع الاعتماد على أسس واقعية تحقق التعدد والاختلاف والرأي الآخر .
وتفترض حرية التعبير تجاوز العمومية التي تطبع الفكر والموقف، ذلك أن مفهوم الحرية يتضمن عدة مكونات وعدة علاقات بين هذه المكونات مما يجعله مركبا، وهو صيغة وسطية من المكونات المتعددة للحرية وبين العناصر الداخلية في كل مجتمع والتي ينبغي الكشف عنها، من أجل إدراك الطبيعة الخاصة لحرية التعبير وتحديد العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع الواحد وبينهم وبين الآخر في مجتمع مختلف. ولعل تفاعل الأفراد ال-ي يولد علاقات خاصة وعامة يولد محددات التواصل والتعايش فيما بينهم. هكذا إذن يكون التعبير كوسيلة للوجود مفهوما قابلا للتطور والتغير ضمن تحديدات تتعلق بمظهر الفرد وبفكره وقناعاته السياسية والفكرية .
إن اللغة العادية التي يقاس بها التعبير هي لغة تفترض تدخل الوعي الفكري ضمن محور الاختيار الذي يقع بين الفكرة الدلالية للتعبير عن الرأي وبين نفي الأفكار الأخرى المخالفة. بحيث أن العلاقة بين مكونات اللغة العادية واللغة التي ترتبط بالفكرة الأساس من التعبير هي علاقة مركبة تقتضي الحفاظ على الحد الأدنى من التوافق بين المختلفين في الرأي والموقف، التوافق على مستوى احترام رموز كل طرف وقناعاته وميولاته وأفكاره المتعددة. وانطلاقا من هذا يمكن تمييز مفهوم اللغة العادية واللغة التعبيرية التي قد تتخذ العديد من المواصفات حسب تموقعها في الخطاب البشري، وإلى حصر تلك العلاقة المركبة في مجال الفكر والسياسة .
إن الوصول إلى مسألة التوافق بين جميع الناس حول اللغة التعبيرية يقود إلى خلق جو فكري وسياسي وصحي سليم يخلق تدافعا فكريا وسياسيا ينبني على الاحترام المتبادل والتفكير في حقوق الآخر واحترام أفكراه وقناعاته، وهذا يدعو إلى تبني ثقافة جديدة تكرس التفاعل الإنساني بيم أفراد المجتمع الواحد، وبين كل المجتمعات الأخرى ....



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيز العرباوي، فارس ديوان العرب لعام ٢٠١&# ...
- من أجل الحفاظ على الخصوصية المغربية :
- دور المتعلم في الحياة المدرسية :
- هل هي صخوة عربية فعلا؟
- الحرية: رؤية نقدية :
- قراءة في كتاب --- العراق في القلب--- للدكتور علي القاسمي
- السينما المغربية والرداءة الفنية :
- محاكمة غير منحازة للإعلام الحديث : عزيز العرباوي
- التعليم طريق نحو تحقيق الشغل :
- كتاب جديد للدكتور علي القاسمي--- لغة الطفل العربي ---
- حوار مع المفكر والمبدع الدكتور علي القاسمي : أجراه عزيز العر ...
- حكاية من خشب : قصة قصيرة
- حرام عليهم ...: قصة قصيرة
- اختطاف مصطفى ولد سلمى عملية مفضوحة :
- أسرار الطقوس -- قصة قصيرة -- عزيز العرباوي
- بساتين الصمت : قصة
- وجوه الألم ....: قصة قصيرة
- الحاقدون.....: قصة قصيرة
- لقاء محزن ....: قصة قصيرة
- الكتابة لعنة ونقمة...: ق.ق.ج


المزيد.....




- غموض بمسار الطائرة الأذربيجانية وسبب عبورها بحر قزوين قبل تح ...
- -ثقب جسم الطائرة الأذربيجانية دليل دامغ على صاروخ أرض جو-.. ...
- سوريا.. أحمد الشرع -الجولاني- يشعل ضجة بمزاعم حمل -مسدس- بظه ...
- حفل تنصيب ترامب و-طوفان من الاهتمام-
- ملياردير روسي يعلن مكافأة ضخمة لمن يسقط طائرة -إف – 16-
- مؤسسة روسية تجري دراسة لمواصفات -شوكولاتة دبي-
- انقطاع الاتصال مع إدارة مستشفى كمال عدوان بعد محاصرته من قبل ...
- موزمبيق.. مئات القتلى والفارين من السجون وسط احتجاجات على ال ...
- إسرائيل تعتقل طبيبا أردنيا خلال مهمة إغاثية إلى غزة
- خبير: سيصعب على الأوروبيين تبرير دعمهم لكييف بعد تصريح ترامب ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز العرباوي - حرية التعبير: الأسس والمبادئ :