عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
الحوار المتمدن-العدد: 3334 - 2011 / 4 / 12 - 00:30
المحور:
كتابات ساخرة
يعلن أحد المسؤولين بتبجح كبير أنّ يده ممدودة للطرف الآخر.. ويقول الطرف الآخر باحتيال أنّ اليد الممدودة هي يده، أما يد الطرف الأول فلم تمدّ يوماً. وبين ذي اليد وذي اليد لا ندرك في ما تمدّ كلّ هذه الأيادي، التي بعضها بيض تنشر الخير والتسامح والمحبة حتى نكاد نتقيأ من ادعاءاتها، وبعضها من حديد تضرب فتهتز الأرض منها ومن جبروتها، وبعضها يلهو ويلعب بخفّة وخفاء فيدخل بين المتآلفين ويجعلهم خصوماً وأعداء.
أيادٍ ممدودة على الدوام.. أيادٍ ممدودة بين المسؤولين يقابلونها حيناً فيعلنوا الحلف بين الشرق والغرب، والأسود والأبيض، والإشتراكي والرأسمالي، والوطني والمتأمرك، ويترفعون عنها أحياناً حتى تنقبض أكفها وتنسحب أذرعها كما لو كانت مبرمجة تحت أي ظرف وغرض. وما بين ذاك وذلك تنشغل الأيادي الممدودة بشعوب تضع أيديها فوق أعناقها، وتخفي وجوهها خوفاً من ضربة أو لطمة أو لكمة من أصحاب الباع الطويل، والباع حين يطول ويتمطط لا بدّ سيمدد اليد أبعد بكثير من قدرها.
يد ممدودة لا ينقطع وصالها إلاّ للإنشغال بنا. فتمدّ إلينا وتمتدّ نحونا خنقاً وقمعاً وكبتاً وتكميماً وإعداماً واعتقالاً وسجناً وبعثرة وقطعاً لكلّ ما ينقطع فينا. الماء مقطوعة والإتصالات مقطوعة والكهرباء مقطوعة... وأيّ عمل وأمل مقطوع أيضاً. أما نحن فمنقطعون إلى خوفنا وخنوعنا لكلّ ذي يد. وفي انقطاعنا نقطع على أنفسنا أيّ طريق لرفع أياديهم المتكالبة علينا، فننقطع مجدداً إلى خالقنا علّ صبراً علّمونا عنه بأيديهم يؤتي ثماره في أجل غير مسمّى فـ"يد الله فوق أيديهم".
"يد الله فوق أيديهم"، لكنّ "يد الله مع الجماعة"... وأيّ جماعة تلك التي يد الله معها سوى الجماعة التي تنشغل يدها بنا، بتوفيق من الله دوماً، وتأييد وتسديد. والتسديد يأخذنا بيدنا إلى الحتف رمياً برصاص أياديهم البيضاء التي تملأ السماء بأرواحنا، وتقلب الأرض لأجسادنا.
أيادٍ لهم متحالفة مع يد الله علينا.. والأيادي مشغولة بنا دوماً في تحالفها وتخاصمها.. مشغولة بضربنا وسرقتنا وسوقنا وضرب الدفوف لنا، أما نحن فمشغولون ببعبصة بعضنا، والتلويح من بعدها بأصابع النصر والشهادة وطبع الأكف على الحيطان، وإزالة الحبر عن أصابع اقتراع، وكلّنا أمل كاذب أن ننتشل البلد من عفريت تستند إلى كفّه... فما باليد حيلة!
#عصام_سحمراني (هاشتاغ)
Essam_Sahmarani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟