أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - لنا عبدالرحمن - ايزابيل اللندي أخرجت النساء من الأسر لتكتب عن أحاسيسهن















المزيد.....

ايزابيل اللندي أخرجت النساء من الأسر لتكتب عن أحاسيسهن


لنا عبدالرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 995 - 2004 / 10 / 23 - 14:48
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ايزابيل اللندي التي تجرأت علي كتابة «أفروديت» واقتحام «بيت الأرواح»، لتكشف عن «صورة عتيقة» و«أسرار حزينة في حياة باولا، منذ أن ترجمت جميع أعمالها إلى اللغة العربية لاقت، رواياتها اهتماما من المثقفين والقراء العرب وحظت كتبها بسرعة انتشار ملحوظة ونسبة مبيعات مرتفعة في معارض الكتب.

ولعل هذا الأمر يدفع للتساؤل عن محرك الابداع في مخيلة اللندي التي أعتبرت من أهم كاتبات (تشيلي)، ومن أكثر كاتبات (أميركا ـ اللاتينية) شهرة في العالم قاطبة، في عالمها الروائي أجواء تنضح بالصور والخيالات وتعبق بالسحر والأساطير، وكما تنساب الحكايا في ألف ليلة وليلة، تنسج ايزابيل اللندي من واقعها المتخيل عوالم من الحب والألم الحياة والموت، ورغم أن دخولها إلى عالم الأدب في وقت متأخر لم يمنع رواياتها أن تصبح الأكثر شهرة وتداولا،فإنها تصف هذا الأمر بقولها: «في سن لاتطمح فيه نساء أخريات بأكثر من رفو جوارب أحفادهن، اقتحمت الأدب اقتحاما وفوجئت بالصدى الذي أثارته كتبي لأني لم أكن أتوقعه».

بعد أن تجاوزت «إيزابيل» الأربعين كتبت روايتها الأولى «بيت الأرواح» التي تحولت إلى ثلاثية بعد إصدارها روايتي «إبنه الحظ» و«صورة عتيقة».. اقتحمت بجرأة نادرة حياة نساء يتجاوزن التقاليد الجافة، بحثاً عن ذواتهن من غير تنازل عن هويتهن النسوية التي سعت الكاتبة في معظم كتبها للتعبير عنها، وإثبات قدرة المرأة على الصعود والحفاظ على توازنها الداخلي أمام كثير من الأحداث والتغيرات التي تعصف بحياتها.

بطلاتها نساء يتتبعن مشاعرهن مسلحات بإرادة قوية وأهواء غريبة، لاتمنعهن من الدخول في علاقات حب سريعة قد تنتهي بالفشل، وتجر عليهن الخسائر، ورغم ذلك يبكين بصمت، ويتابعن الحياة بشغف لتأدية رسالتهن في الحب والزواج والأمومة.

** بحثاً عن الذات

من خلال اخترافها لجدارية العوالم الأنثوية الغامضة أصبحت «اللندي» من أشهر الكاتبات في النصف الآخير من هذا القرن ربما لنجاحها في استخدام الأساطير الخرافية وحكايا الجدات والأحداث الواقعية التي تميز عالم أميركا اللاتينية، لكن رواياتها لم تبتعد عن التاريخ السياسي والاقتصادي والأدبي أيضا.

تقول: «قبل شروعي في الكتابة أطلع على العديد من المخطوطات التاريخية منها مثلا تاريخ التشيلي لمؤلفيه انسينا وكاشيدو الصادر عام 1956، أما التفاصيل الأخرى مثل الطريقة في اللباس والطعام فقد استوحيتها من الصور التي أخذت للنساء والرجال في تلك الفترة أيضا عبر رسائل وصور قديمة».

خلال ما يقارب العشرين عاما أصدرت إيزابيل اللندي عددا من الأعمال الروائية الهامة منها: «بيت الأرواح» «إبنة الحظ» «صورة عتيقة» «الحب والظلال» «إيفالونا» «باولا» كتبتها خلال دخول ابنتها «باولا» في غيبوبة، مؤخرا أصدرت «اللندي» رواية بعنوان «مدينة البهائم» التي تتوجه فيها لاول مرة الى جمهور الشباب برواية يمتزج فيها السحر مع المغامرة والدعابة والطبيعة.

حيث تغوص في اعماق الانسان من خلال شخصيات مغامرة تنتمي الى أجيال وامزجة متباينة كتبتها خلال دخول ابنتها «باولا» في غيبوبة. كتبت ايزابيل اللندي مجموعة قصصية واحدة بعنوان: حكايات إيفالونا.

تعمل «اللندي» في رواياتها علي إعادة تشكيل المشاعر الإنسانية المقولبة مسبقا لتوافق الشرائع والتقاليد المتوارثة، تفككها لتشكلها من جديد، تغوص عميقا في الذات لتكشف بواطن الروح وتحللها بدقة فنان خبر الحياة وعرف أسرارها ومفاتيحها السرية، وهي لا تكتفي بالمشاعر المكشوفة والظاهرة، بل تتوغل في ثنايا التركيبات المعقدة في النفس البشرية.

حيث جرأة الكشف والتأمل والبوح اللامحدود عن واقع صلف في حياة البشر وفي أعماقهم، واقع شرس وقاسٍ يزيده مراره هاجس الفقر والتخلف والسلطة تلك العوامل التي تتحكم في حياة شعوب أميركا اللاتينية.

** لا تكتب عن الآباء

ولدت «إيزابيل...» عام 1942 في ليما عاصمة البيرو من أب يدعي «توماس اللندي» يرتبط بصلة قرابة مع الحاكم التشيلي سلفادور اللندي، لكن هذا الأب كان كثير الغراميات، وينتقل دائما من مكان إلي آخر، تاركاً عائلته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال، وحين كانت إيزابيل في الرابعة من عمرها غادر الأب العائلة نهائيا ليترك زوجته «فرانشيكا ليوناردو» وحدها مع الأطفال، إضطرت الأم أمام هذا الحدث المروع أن تعود إلى منزل عائلتها في سانياغو، لأنها لاتملك أي مهارات تمكنها من العمل، كما أن الطلاق كان محظوراً في تلك المرحلة.

ونجد إنعكاس هذا الواقع الأسري القاسي في كتاباتها، إذ أنها قلما تصور الآباء المثاليين، ونجد في رواياتها العديد من الأطفال المشردين والمحرومين من عاطفة الأبوة، كما تعترف بأنها «لاتستطيع أن تكتب عن الآباء أبداً، لعل هذا الأمر ساهم في ترسيخ جذور العلاقة مع والدتها التي تعتبرها القارئة الأولي لكل كتاباتها فقد أهدتها رواية «بيت الأرواح» و في «أفروديت» توجه شكر خاص لوالدتها علي مساعدتها في إنجاز معظم الوصفات الأفروديتية الواردة في الكتاب.

بعد ثماني أعوام من غياب الأب تزوجت الأم من رجل دبلوماسي، وانتقلت للحياة معه في بيروت، والزوج الثاني كان طيبا وعطوفا مع زوجته وأطفالها، لذا كان له تأثير إيجابي في حياة إيزابيل، مع أنها تشبهه بالضفدع لأنه لم يكن وسيما، لكنها تعترف بأنها كانت تسترق السمع للحظات الحب الحميمة بين أمها وزوجها.

** الفرار

في عام 1958 عادت إيزابيل إلى تشيلي بعد اضطراب الأحوال السياسية في لبنان، وهناك نالت الشهادة الثانوية وتزوجت من «ميغيل فرياس» ليستمر زواجهما 13 عاما، في هذه الأثناء استيقظت في داخلها رغبة الكتابة مما خلق فجوة في العلاقة بين الزوجين،إذ رفض «ميغيل» ميول زوجته الكتابية وأمام تدهور العلاقة بينهما لم تتردد إيزابيل في الفرار مع موسيقي شاب تاركة زوجها وطفليها، لتعود بعد مدة وجيزة خائبة ومدركة أن العواطف تحتاج لمقومات مادية للعيش، بعد تلك؛ المغامرة لم تستمر العلاقة طويلا مع زوجها بل انفصلا بهدوء وتفرغت إيزابيل للكتابة.

في أواخر الستينات، بدأت إيزابيل بالعمل في الصحافة، فكتبت في مجلة نسائية إسمها «بولا» وقد تخصصت في كتابة زاوية صحفية تعالج قضايا المرأة، بعد ذلك كتبت ثلاث مسرحيات وقصص للأطفال، ثم عملت في تقديم برنامج ثقافي للتلفزيون على مدى ثلاث سنوات، واستضافت شخصيات تشيلية مشهورة وحظي هذا البرنامج بالنجاح عند جمهور عريض من الناس.

واستمرت في عملها في الصحافة، لتأمين مستوى أعلى لمعيشة أسرتها وأولادها، خاصة مع تعرض عائلتها لصعوبات مالية كبيرة عقب حدوث الإنقلاب في التشيلي وإضطرارهم إلى المغادرة نحو فنزويلا، إثر مشاركة إيزابيل في حماية الشيوعيين، والملاحقين من السلطات، مما وضع إسمها في قائمة الأسماء الملاحقة.

** الفاكهة المحرمة

كانت إيزابيل في التاسعة والثلاثين من عمرها عندما بدأت في كتابة روايتها «بيت الأرواح» بعد تلقيها رسالة من والدتها تخبرها بأن جدها الذي بلغ التاسعة والتسعين من عمره يقضي ساعاته الأخيرة.

بدأت كتابة القصة على شكل رسالة إلى جدها لكن الرسالة تحولت إلى رواية، والرواية لم تجد ناشر يرضى بطباعتها لذا اضطرت إيزابيل أن تراسل الكاتبة والناشرة «كارمن سيليس» ليتم نشر الكتاب بعد ثلاثة أشهر، ومع أن الرواية منعت من دخول التشيلي، لكنها أدخلت سراً، وانتشرت في البلاد، وقد قارن النقاد هذه الرواية مع أعمال ماركيز التي تمزج الأجواء الواقعية والسحرية.

عام 1984 طبعت روايتها الثانية «الحب والظلال» التي قادت إلى لقائها مع رجل حياتها «ويليم غوردن» وهو محام أميركي أعجب جدا بالرواية، وجاء للتعرف إلى صاحبتها، ولدهشته فوجئ بوجود إمرأة سمراء قصيرة مع توقعه لقاء إمرأة طويلة شقراء وممشوقة، لقاء إيزابيل مع «ويليم» فتح لكليهما آفاقا روحية متنوعة، إذ كان هو يشكو من وحشة عميقة بعد موت ابنته بجرعة مخدرات زائدة، أما إيزابيل فكانت تحتاج للحب أيضا، تم زواجهما عام 1988، لتكتب رواية «الخطة اللانهائية» المستوحاة من ذكريات عائلة زوجها ومذكراته الخاصة.

وفي عام 1991، دخلت «باولا» إبنة إيزابيل اللندي غيبوبة إثر إصابتها بمرض منشؤه اليونان يدعي «بورفيريا» حالة اليأس التي تمكنت من إيزابيل ودفعتها لملازمة سرير «باولا» والتفكير بالانتحار، ثم اللجوء لاستخدام مختلف الوسائل التي تساعد على شفاء باولا، بما في ذلك طب الأعشاب والسحر، لكن كل ذلك لم يحل دون وفاة الابنة.

إزاء هذا الحدث المأساوي لم يكن أمام «إيزابيل» إلا تدوين مذكراتها التي تحولت إلى رواية طويلة أنقذتها من فكرة الانتحار، وأيضا أنقذت باولا من النسيان والتلاشي، صدرت رواية «باولا» عام 1994 جمعت إيزابيل مبيعات هذه الرواية، واتجهت نحو العمل الخيري، خاصة وأن الإبنة الشابة كانت ناشطة في هذا المجال وأمضت سنوات من شبابها كمتطوعة لمساعدة الفقراء، فأسست مؤسسة لمساعدة النساء والأطفال الفقراء، لإيجاد المأوي لهم وإعطائهم معونات تساعدهم على القيام بمشاريع اقتصادية تنقذهم من الحاجة والسؤال.

** تشويش الذكريات

في الثامن من يناير من كل عام تجلس اللندي للكتابة، إن هذا التاريخ مفتاح الحظ في كتاباتها لأنه جلب لها النجاح في روايتها «بيت الأرواح» تستدعي اللندي الصور والخيالات، وتقوم بطقوس تفتح أمامها أبواب عالم الكتابة تقول: أدخلت تقليداً مازلت أحافظ عليه وأخشى تغييره فدائما أكتب السطور الأولى في كتبي في هذا التاريخ أجلس في هذا اليوم وحدي في مكان يخيم عليه الصمت لساعات طويلة.

إنني أحتاج لزمن طويل كي أنتزع من رأسي ضجه الشارع وأنظف ذاكرتي من فوضى الحياة، ثم أشعل شموعاً لأستدعي ربات الإلهام والأرواح الحافظة وأضع زهوراً فوق طاولتي لأبعد الملل، وأعمال بابلو نيرودا الكاملة تحت الكمبيوتر على أمل أن تلهمني، فالرواية مشروع طويل النفس ولابد أن يتمتع الكاتب بالصمود والانضباط بصورة خاصة، فكتابة رواية أشبه بنسج سجادة معقدة من خيوط متعددة الألوان».

واللندي في علاقتها مع أبطال رواياتها تحس أنهم يقومون بما يجب عليهم القيام به ولا جدوى من تدخلها لتغيير قراراتهم وهي تؤمن أن المرء لا يستطيع دوماً وضع نهايات سعيدة للقصص لأن الكتاب سيصبح مثل رواية روسية صغيرة.

تسعى اللندي لتغذية ودائعها الباطنية بالسفر والتعرف إلى شعوب بعيدة وغريبة عنها تماما، كل ذلك يؤدي بها إلى الاكتشاف في رحلة نحو الداخل نحو الذاكرة والتجربة والألم والحنين، الإنفصال والضياع وهي تعتقد بأن المرء يكتب بهدف تجنب ولو قليلا تشويش الذكريات.

لكن اللندي في تقييمها لحياتها الأدبية تدرك جيداً أن لها حظ مجنون قائلة «الكثير من الناس يفعلون الكثير، وهم يكتبون بانضباط طوال سنوات، وسنوات ويموتون دون الحصول على أي جزء من النجاح الذي حصلت عليه كتب من خلال حظ صاف حسن هناك عمل لكن هناك حظ أيضا لا يمكن انكاره».



#لنا_عبدالرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - لنا عبدالرحمن - ايزابيل اللندي أخرجت النساء من الأسر لتكتب عن أحاسيسهن