|
أمثلة على أزمة فهم الأزمة
محمد عادل زكى
الحوار المتمدن-العدد: 3332 - 2011 / 4 / 10 - 17:59
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
أمثلة على أزمة فهم الأزمة إن الأزمة تُعَبِر دائماًً، بتقديرى، عن نفسها مِن خلال أزمة مقابلة تتمثل فى أزمة الفهم، ومِن ثم أزمة فى التحليل، بما يستصحب أزمة فى المعالجة والحل. أزمة فهم الأزمة، إذاًًًً هى الأزمة وليست الأزمة فى ذاتها، فالأزمة فى ذاتها دائماًًً ما تكون قابلة للتعامل معها كلياًًًً أو جزئياًًًً وعلى مستويات مختلفة مِن التناول ومِن الحل، وهو الأمر المستحيل طالما عجزنا عن فهم طبيعة الأزمة نفسها، وخصائصها الذاتية، وشروطها الموضوعية. فعلى سبيل المثال البسيط جداًً، والذى يُجسد وببساطة مَقُُولتنا: أزمة فهم الأزمة، وكما سنرى فيما يلى مِن الخطوات الفكرية التى سنمشيها سوياًًًً عبر فصول ومباحث الأطروحة، فحينما نَشبت أزمة النَفط الشهيرة فى ثمانينات القرن الماضى، تم التعامل معها على أساسٍٍ مِن كونها أزمة طاقة، أو أنها تكمن فى الدولار، أى أزمة نقدية، وذلك على الرغم مِن أن الأزمة كانت، ولم تزل، أزمة هيكل......أزمة نظام. أيضاًًً، تعتيم آخر، لم يكن بدون توافر السطحية والإبتذال، فحينما تبدت وإنتشرت ظاهرة الصناعات اليدوية، كصناعة الأحذية مثلاًً، فى بعض الأجزاء المتخلفة مِن الإقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر، فيتنام، على سبيل التمثيل، وتسويقها على الصعيد العالمى، كسلع تخص إستهلاك الطبقة العليا مِن المجتمع؛ لإرتفاع أثمانها بالنسبة لصناعة الآلة، أو الصناعات المحلية، تبدت فى المقابل التفسيرات الثورية!! والمدعية لنفسها النفاذ إلى بواطن الظاهرة؛ ذهاباًً إلى تفسير الظاهرة على أساس مٍن إندفاع رأس المال إلى تلك المناطق الفقيرة مِن العالم، وإستخدام عمالة رخيصة، تمكنه، أى رأس المال، مِن جنى الأرباح الطائلة مِن وراء الحصول على المزيد والمزيد مِن القيمة الزائدة. تتبدى أزمة فهم الأزمة هنا فى إلغاء الصراعات الطبقية بداخل المجتمع المندَفَع إليه والمتغلغَل فيه رأس المال، وتصوير المجتمع كوحدة واحدة متجانسة، (كلهم واحد) على الرغم من أن رأس المال هذا لن يندفع إلى منطقة ما مِن مناطق العالم الرأسمالى إلا وهو ضامن وجود وهيمنة الطبقة الموالية له، ومِن هنا فإن رأس المال لم يندفع كما يُقال، بل يُعاد توزيعه مِن خلال الطبقات الحاكمة المهيمنة فى الأجزاء المتخلفة، إن تلك الطبقات المسيطرة داخلياًًًًً تكون اليد الأولى حين جنى الربح. مثال آخر، الإقتصاد الإسرائيلى. فعادة ما يُدرس هذا الإقتصاد كإقتصاد دولة، لها موازنة عامة ونفقات عامة وإيرادات عامة، وميزان للمدفوعات ودخل قومى وناتج قومى، وخطط تنموية....إلى آخر تلك المظاهر المحِددَة لشكل وأداء الإقتصَاديات القومية. وهذا بالضبط ما يرفضه فن ترتيب الأفكار الذى يتعامل مع الإقتصاد الإسرائيلى على أساس من كََونِه إقتصاد "مشروع" دولة، وليس إقتصاد دولة. وحينئذ يتعين أن يسير التحليل فى إتجاهٍ مختلف تماماًً، وهو الذى يأخذ فى إعتباره العناصر الصحيحة المتَعين تحليلها وهى النفقات والإيرادات مع تساؤلات خاصة عن مَن الذى يتحمل النفقات؟ ومَن الذى يسيطر على الإيرادات؟ ومَن، مِن ثم، الذى يجنى الأرباح؟ بل وحتى حينما تناقلت وكالات الأنباء العالمية المسألة الفنزويلية، وهذا مثال آخر، ورئيسى فى مجرى التحليل، فقد هَرَعت بعض فصائل اليسار على وجه التحديد، بلا منهج واعٍٍ، لتأييد الإجراءات الراديكالية، دونَ الوعى بما يَحدث أو حدثَ بالأساس، فطالما تعلق الأمر، لديهم، بمؤسسة حُكم تُصرِح بأنها تتبنى أفكار ماركس ولينين وتروتسكى، وتقوم بتأميم الملكيات الخاصة، وتتحدى الولايات المتحدة الأمريكية، فالأمر على هذا النحو يستحق التأييد وإصدار البيانات وتنظيم المظاهرات، دون أدنى محاولة إنشغال بما أفرزته المسألة على صعيد التطور الجدلى الإجتماعى ذاته، وهو الأمر الذى، إذ ما تم تدبره، يُقدم نتائج مدهشة فى سبيل قيام اليسار بإعادة طرح نفسه، بيد أن الإنشغال بالنتائج الجاهزة ونظريات كراسات التعميم، هو الحال السائد فى ظل غياب المنهج الواعى. المنهج والقادر على إسعاف مَن أصابهم الإرتباك حينما أبصروا تحالفاًًً جديداًًً، شكلاًًً ومضموناًًً، وهو ذلك التحالف بين قوة العمل وبين رأس المال فى فنزويلا!! المثير حقاًًًً أن هذه المسألة تم التعامى عنها تماماًًًً والتستر عليها، بتعلية الصوت لجذب الإنتباه نحو مسائل سطحية توحى ظاهرياًًًً بإنتصار الإشتراكية على الأرض الفنزويلية. على الرغم مِن أن المسألة الفنزويلية نفسها مِن الثراء بالقدر الذى يُصبح باهتاًً معها كُُل الأحاديث عن إنتصار الإشتراكية. فالذى إنتصر فى فنزويلا، كما سنرى، المنهج، فن ترتيب الأفكار، وليس النظرية القابلة بطبيعتها للتطور. مثال آخر، وهو مُبسط كذلك للتدليل على ما نقول به مِن كمون الازمة فى فهم الأزمة، فطالما يتم تحويل"القيمة"، والقيمة الزائدة هى المقصودة، مِن الأجزاء المتخلفة إلى الأجزاء المتقدمة، فإنه يُصار إلى القول بأن بروليتاريا الأجزاء المتقدمة مدعوة إلى التضامن مع بورجوازيتها بغية الحفاظ على الوضع العالمى القائم، وإذا كان تحويل القيمة هذا إنما لا يُقلص فحسب تعويض العمل، وإنما هامش الربح المحلى كذلك، فيُصار إلى القول هنا أيضاًً بأن بروليتاريا الأجزاء المتخلفة مدعوة للتضامن مع بورجوازيتها فى صراعهما ضد الخارج. ولكن فى الحقيقة الأمر مختلف، وإنما قيل بذلك إبتداءً مِن مغادرة فن ترتيب الأفكار، فلا شك فى أن بروليتاريا الأجزاء المتقدمة تَتَلقى، لقاء إنتاجية مساوية، تعويضاًً وسطياًً أرفع مِن ذلك الذى يتلقاه العاملون فى الأجزاء المتخلفة. بيد أن الرأسمال، وتلك مساهمة سمير أمين، ولكى يُصارع ميل الربح للإنخفاض فى الأجزاء المتقدمة نفسها، كقانون موضوعى، يستورد يداًً عاملة منشؤها الأجزاء المتخلفة، فيدفع لها أجراًً أقل ويكلفها بأعمال أشق، ويستعملها فضلاًً عن ذلك لكى يضغط على سوق العمل، لديه، فى الأجزاء المتقدمة. وبالتالى لا يَصح على الإطلاق الحديث، على الأقل آنياًً، عن تضامنات مِن تلك الأنواع غير المفهومة أو على الأقل غير المبررة عِلمياًً. والأمثلة عديدة، ويَضيق المقام هنا للخوض فيها. ومِن ثم فإن الأمر يَقودنا كى نتعرف على الطريقة التى تُستعمََل، وبالأدق الذى يجب أن تُُستعمََل، مِن خلالها الذهنية فى سبيلها للتعامل مع إشكالية نظرية ما تشكلت على أرض الواقع فى لحظة تاريخية معينة. وهذا تحديداًً ما ينشغل به المبحث الثانى الذى يُُعالِِج قضايا المنهج وفن ترتيب الأفكار. مثال آخر، وحيث لا يوجد أى مبرر لإغفال الأحداث الثورية فى مصر والعالم العربى، بل هى فرصة ممتازة كى نقدم تصوراًً يثير النقاش ، ففى أكثر الكتابات نضجاًً (وللعجب ربما أكثرها إبتذالاًً) والتى تتناول ثورة 25 يناير، حاضرها، وكذلك مستقبلها، نجد مجموعة من التحليلات التى يجمع فيما بينهما ثلاثة أمور، لا رابع لهم، أولاًً: الإعتراف بعدم تحقيق الثورة لأهدافها، فلم تزل أذناب النظام تتحرك بفاعلية، وبوعى، ربما يفوق وعى الشباب الثائر. ثانياًً: التخوف من ركوب التيارات الدينية (الإخوان، السلف، الجهاد، . . . إلخ) للثورة وقيادتها نحو دولة الخلافة؛ فالساحة الآن تسع الجميع، وتلك الجماعات الدينية لا تعرف سوى السمع والطاعة، وأفضل تصوراتهم عن المجتمع: حكومة كافرة وشعب تائه. ثالثاًً: الإتفاق على عدم وجود ثمة تصورات محددة عن إتجاه الثورة، ومن ثم عدم إمكانية معرفة مستقبلها على المدى البعيد بوجه عام، إذ أن أفضل الإجابات عن مستقبل الثورة ترمى بنا مباشرة فى أحضان جنة الخُُلد!! تلك الأمور الثلاثة التى تتوقف عندها أكثر الكتابات نضجاًً، وربما بلادة، ولا تتمكن، فى ظل إرتباك شديد، من تجاوز مناقشة تلك الأمور كمشاكل نهائية، إلى فهم المشكلة المركزية التى يتعين التعامل معها بوعى ثورى حقيقى، لا يكتفى بفهم الأزمة، وإنما يتمكن من الوصول وبثقة ثورية حقيقية، راغبة فى تغيير حقيقى، إلى أزمة فهم الأزمة. تلك الأمور الثلاثة تقدم نفسها كجدار من ظلام، يسعى البعض إلى هدمه، والبعض الآخر أقصى أمانيه إحداث ثقباًً فيه كى يمر منه شعاع نور يحيى الأمل، وهنا تكمن الأزمة. إذ المشكلة ليست فى الجدار، فإنه لا يسد من الطريق سوى الأمتار المعدودة. إنما فى ذهنية من يقف أمام الجدار، ولا يجد أمامه سوى التعامل المادى معه، على الرغم من أن ترك هذا الجدار وظلامه، وتجاوزه إلى ما خلفه هو فى ذاته النفاذ إلى المشكلة، وبما يعنى، فى مرحلة تالية، بلوغ الشروط الموضوعية للتغيير الثورى، الذى لا يرفض النظام الفاسد؛ وإنما الرفض هو للنظام الذى نما فى ظله هذا النظام الفاسد. إنه الرفض لتقديمنا قرابين لنظام رأسمالى إنتهازى جبان، كان خير عوناًً لأقذر نظام قمعى. دعونا الآن نفعل ما لم يفعله آخرون، ولنتخيل المستقبل، إبتداءًً من المعطيات المتوافرة تحت أيدينا، فماذا تحت أيدينا؟ تحت أيدينا الآن: القوات المسلحة الباسلة، ووزارة تسيير الأعمال، وشباب ثائر، بلا هوية فى معظمه، وجماعات دينية (متربصة) منها ما يبدو ظاهرياًًً دون سلطة مركزية، ومنها ما ينظم وفق سلطة بطريركية، كذلك لدينا: مجموعات متفرقة من اليساريين، منهم من كان أحد مظاهر وجود ديموقراطى للنظام الفاسد نفسه، والتى يضاف إليها مجموعة من الأحزاب مقراتها الرئيسية بداخل مباحث أمن الدولة. ومنهم من كان صداعاًً مزمنا فى رأس النظام. ولننتقل خطوة إلى الأمام فى سبيل تخيلنا للمستقبل، فلقد أجريت الإنتخابات الرئاسية النزيهة، وجاء بموجبها الملاك ميخائيل رئيساًً للجمهورية!! كما أسفرت الإنتخابات، النزيهة كذلك، عن برلمان حقيقى يعكس إرادة الشعب، ويمثل إتجاهاته السائدة، أياًً ما كانت، السؤال الآن، وهو مهم جداًً أكثر من إجابته!! إبتداءًً من أن المهم الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله لتقديم إجابة؛ لا الإجابة نفسها. السؤال هو: ما هو النظام الإقتصادى الذى سوف يطبقه الملاك ميخائيل؟ وليس بإرادته، وإنما إذعاناًً، دون مبرر، لقانون حركة مهيمن، ونظام حاكم لجميع أجزاء العالم المتقدم منها والمتخلف، إنه النظام الرأسمالى. وفى ظل هذا النظام الرأسمالى الفاسد الذى تشكل فى ركابه النظام السياسى الفاسد، كان القهر، والقمع، والسحل، والجشع، والجوع، والفقر، والمرض. فهل سيطبق النظام الجديد نظاماًً مختلفاًً؟ لا يمكن أن يحدث ذلك إطلاقاًً. وما تصور ذلك سوى الوهم. إذ فات ثوار 25 يناير إن يوجهوا ضربتهم الغاضبة الكارهة والباغضة الرافضة للنظام الإقتصادى الذى إمتطاه، وبمنتهى السفالة، النظام الفاسد حال حكمه لهم لأعوام ثقيلة بطيئة، إنه النظام الإقتصادى الذى يحيا على دماء الجماهير الغفيرة. والأمثلة والنماذج كثيرة، وإكتفينا بذكر البعض منها أعلاه، ونتمنى أن نصل للأزمة الحقيقية ونتجاوز الأزمة الذهنية، وهى فى الواقع إنما هى أزمة التشوش والإرتباك والنظرة الأحادية، ورفض الآخر من باب أنه آخر، مجرد أمنية!!
#محمد_عادل_زكى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشركات الإمبريالية
-
تراث البله
-
االإقتصاد السياسى هو علم فائض القيمة
-
بصدد 25 يناير
-
خواطر وأفكار أستاذنا العلامة محمد دويدار(الجزء الثانى)
-
خواطر وأفكار أستاذنا العلامة محمد دويدار
-
الإقتصاد السياسى كعلم إجتماعى
-
الإقتصاد المصرى والإقتصاد الإسرائيلى، فى أرقام
-
القيمة لدى ادم سميث
-
التحريف تخريبا وتخريفا
-
الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية، إهداء من تشافيز إلى أوب
...
-
فنزويلا كما صورها جاليانو
-
فنزويلا ليست إيران
-
كولومبوس وفجر العالم الرأسمالى
-
شبح يخيم على أوروبا/ رفائيل ألبرتى
-
عالمية العلاقات الإقتصادية لدى روزا لوكسمبورج
-
أدم سميث
-
خواطر حول أرسطو وقانون القيمة
-
الكندى
-
فرنسوا كينيه
المزيد.....
-
في تركيا.. دير قديم معلّق على جانب منحدر تُحاك حوله الأساطير
...
-
احتفالا بفوز ترامب.. جندي إسرائيلي يطلق النار صوب أنقاض مبان
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يتسلم مهامه ويدلي بأول تصريحات
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض عدة اهداف جوية مشبوهة اخترقت مجالنا
...
-
شاهد.. لحظة هبوط إحدى الطائرات في مطار بيروت وسط دمار في أبن
...
-
-هل يُوقف دونالد ترامب الحروب في الشرق الأوسط؟- – الإيكونومي
...
-
غواتيمالا.. الادعاء العام يطالب بسجن رئيس الأركان السابق ما
...
-
فضائح مكتب نتنياهو.. تجنيد -جواسيس- في الجيش وابتزاز ضابط لل
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
تحليل جيني يبدد الأساطير ويكشف الحقائق عن ضحايا بومبي
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|