|
المستفيدون من عدم قبول تركيا في الإتحاد الأوروبي
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 995 - 2004 / 10 / 23 - 14:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لقد نفذ صبر تركيا من الإنتظار الطويل لتلقّي الضوء الأخضر لركوب القطار للحاق بأوروبا ، هذا الأنتظار الذي طال أكثر من اللازم بسبب التقد م البطئ السلحفاتي الذي احرزته معاملات طلب نيل العضوية طوال هذه الفترة . فقبل أسابيع قرر المجلس الأوروبي، وعلى مضض، و كأبغض قرار السماح لتركيا لإجراء معاملات العضوية في النادي الأوروبي. و قد ارتفعت الأصوات العنصرية من المانيا و فرنسا لعرقلة دخول تركيا لأوروبا ، بالمطالبة بإجراء استفتاء شعبي يصوت فيه الاوروبيون بالرفض أو القبول ، و يرجح أن تكون الأكثرية المصوتة ب"لا" عنصرية كبيرة . و قد قام الحزب الديمقراطي المسيحي فعلا بجمع تواقيع من الألمانيين لأجل رفض قبول تركيا في الإتحاد. فبعد الاصلاحات الكبيرة في تركيا في مجالات حقوق الإنسان ، و القضية الكردية ، وارتفاع وتيرة الإنتاج لم تبق من حجج لعدم قبولها في الإتحاد الاوروبي. و السؤال الذي يبرز هو من يسفيد من عدم قبول تركيا ، و من يخسر؟ إن المستفيدين الأكبر كثيرون ، وتأتي في مقدمتهم القوى القومية المتطرفة و الاسلامية السلفية الرجعية ، سواء داخل تركيا أو محيطها العربي و الإسلامي. فهذه القوى ماانفكت تهاجم تركيا لعلمانيتها و انفتاحها على العالم ، و تتهم نظامها بالخيانة و الغدر بالإسلام ، و تخليها عن قيمه وتعاليمه. أنهم يريدون تركيا يمزقها التخلف والفقر و الجهل و التطرف . لهذا فالرفض يمكن ان تستغله هذه القوى لرفع درجة العداء للاوروبيين و العالم من جهة ، و تشديد خطابها الرجعي و حتى الدموي ضد التقدميين و العلمانيين . ففي الظروف التي تدفع بتركيا و العالم الإسلامي إلى القطيعة أو الإبتعاد عن اوروبا و الغرب وفي فترات الأزمات الصعبة ، والشعور بالتمييز عن بقية العالم ، يمكن للاثنيات المختلفة أن تبلور خطابها القومي العنصري ، وأن تعيد عقارب الساعة إلى وراء ، و تخلق قوادها الكاريزميين مرة أخرى في عصرنا ، عصر الانفتاح و و اشتباك المصالح و الاندماج . و هذا الهاجس الخطير لا يستوعبه أكثر الاوروبيين ، فلا يدركون مدى الخطر الذي سيداهم العالم المتمدن في حالة تصاعد النزعات القومية و السلفية في الشرق . فأكثر الاوروبيين يسيطر عليهم هاجس الخوف من زوال هويتهم المسيحية و ثقافتهم المختلفة عن ثقافة الشرقيين و المسلمين خاصة وقد عبر بابا روما عن هذا الهاجس العنصري بصراحة بالغة . و يعتبرون دخول تركيا في اوروبا قياما آخر للامبراطورية العثمانية ، عدوهم اللدود. لكنهم يتناسون أن ملايين المسلمين يقيمون في اوروبا ، أكثرهم اندمجوا في حياة الاوروبيين ، ويعيشةن مثلهم . فرفض تركيا من نيل عضوية النادي الاوروبي يصب الماء في طاحونة التطرف القومي و الديني سواء في العالم الاسلامي ، أو الغربي. وإن تركيا الأوروبية ستكون بوابة العالم العربي و الاسلامي للعالم الغربي ، و و ستزيد من التبادل الثقافي و الحضاري بين شعوب العالم. و ستكون اوروبا جيراننا و سنتبادل المفاهيم المتمدنة بسهولة لخير شعوبنا، و سيضمن الأمن والسلم في العالم. و القضية الكردية التي قطعت شوطا كبيرا في طريق الحل بعد الإصلاحات الواسعة التي جرت في مجالات حقوق الإنسان و الحريات ، ستتحول إلى مسألة اوروبية ، و لن تستعصي عن الحل آنذاك ، ففي اوروبا حلت قضايا أكثر تعقيدا و اشكالية . لذا يرى المرء مدى استقبال الأكراد و فرحهم لتركيا الاوروبية والعلمانية.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شتّان بين التعاليم الدينية و سلوكيات شعب العراق السمحاء
-
لماذا تراجعت الثقافة التقدمية و التحررية في العراق؟
-
شفاه الموت
-
بين المادة التاسعة من القانون الأساسي في العهد الملكي و الما
...
-
الأديب السويدي المنتحر ستيغ داغرمان و حفرياته في النفس الإنس
...
-
الحياة مثل العشب
-
صلاح الدين و صدام
-
أحلام خضراء تخضب خطواتي
-
الشرق و الغرب التقيا في اسطنبول قلبيا
-
عربدة مقتدى زوبعة في فنجان
-
في المربد عرس واوية حقيقي
-
العفاف الإسلامي المغلوط
-
مراهنة خاسرة على الأخلاق
-
في الخيال الشعري
-
فوق شاهدة ضريحك اخضرّت أحلامي
-
ثياب الامبراطور بوش
-
لا تقولي في القرآن برأيك ، يا بلقيس !
-
مد وجزر
-
جياد من ريح
-
قصائد معمّدة في زرقة الليل
المزيد.....
-
كانت فاقدة للوعي.. فيديو درامي يظهر طفلاً يوقف شرطيًا لإنقاذ
...
-
بتصميم مبهر.. عُمانية تصنع برقعًا من 3 آلاف ملعقة معدنية
-
مزينة بالأسماك والدلافين.. العثور على فسيفساء مخفية منذ آلاف
...
-
اليونسكو تبدي قلقها إزاء حرمان نحو 2,5 مليون فتاة أفغانية من
...
-
مصر.. مصطفى مدبولي يكشف عن تطور جديد بشأن تسليم أرض رأس الحك
...
-
وزارة الصحة في غزة: عدد القتلى تجاوز 40 ألفًا خلال 10 أشهر م
...
-
قائد قوات -أحمد- الروسية: الوضع تحت السيطرة ونواصل تطهير أطر
...
-
سودانيون يتخوفون من المستقبل بسبب تعديل إجراءات الإقامة في م
...
-
-إيران تصعد محاولاتها لتدمير إسرائيل- – يديعوت أحرونوت
-
الوجود العسكري الأوكراني يتوسع: رصد مركبات في سومي مع استمرا
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|