مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)
الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 06:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
السيد مصطفى جمال الدين :
هو مصطفى بن السيد جعفر بن السيد عناية الله جمال الدين ولد في قرية المؤمنين التابعة لقضاء سوق الشيوخ في عام /15/11 1927
اشرقت شمس الناصرية في ذلك اليوم لتنجب عملاقاً من عمالقة الشعر العربي , والفكر الانساني . عاش في منطقته ودرس في كتاتيبها ثم سجل في الابتدائية في ناحية كرمة بني سعيد فاكمل المرحلة الرابعة . في عام 1938 انتقل الى النجف الاشرف فالتحق بالجامع الهندي حيث التقى بالعلماء والادباء . لكن بعد فترة وجيزة تعرض جده الى عارض صحي مما دعى العائلة للعودة الى الناصرية لكن الفتى الواعد بقى لكي يكمل دروسه في النجف وبقيت معه امه لكي ترعاه , وحينما كتب الاهداء في كتابه البحث النحوي عند الاصوليين ذكر إيثار والدته والبقاء معه فكتب ( اللهم وكما كانت عيناها أنيس طفولتي , وسراج ظلمتي , فاجعل ثواب ما بذلته من جهد أنيس وحشتها وسراج قبرها )
عُرف عنه النبوغ المبكر والذكاء الحاد وقوة الحفظ , درس قطر الندى وبل الصدى(كتاب نحوي) وقسم من الالفية عند ابن عمه السيد محسن جمال الدين استمر بالدراسة الحوزوية بالاضافة الى النحو والبلاغة والصرف والمنطق حتى اكمل مرحلة السطوح . كان استاذه المرجع آية الله الشيخ محمد أمين زين الدين والشيخ سلمان الخاقاني الاثر الكبير في حياة السيد الادبية وقد وضعا اللبنة الاولى من ارشاده على الطريق الصحيح . فيقول (كنت ادرس عند الشيخ علي زين الدين شرح الالفية وقسما ً من المختصر للتفتزاني , ودرست حاشية (ملا عبد الله ) في المنطق عند الشيخ محمد رضا العامري و(الشرائع ) عند الشيخ عبدالكريم شمس الدين و(المعالم) و(اللمعة) المرحوم الشيخ محمد علي الصندوق ولكني تمحضتُ في اكثر دروسي بعد ذلك على يد الشيخ محمد امين زين الدين فاخذت عنه (الكفاية) و(الرسائل) وقسماً من (المكاسب) و (شرح منظومة السبزواري) في الفلسفة الاسلامية وقد تنقلت في حياتي الدراسية على اساتذة كثيرين , ولكني لم اجد من هو أجلى بيانا ً واكثر ايصالا ًمن الشيخ محمد امين زين الدين .)(الديوان ج 1 ص 41)
وحينما كان يسافر استاذه كان يجد السيد العناء في الحصول على استاذ كاستاذه زين الدين .
اما عن حياته الادبية فيقول السيد مصطفى جمال الدين ( فإذا كنت مدينا ً فيها لاحد فلهذين الشيخين الجليلين : محمد امين زين الدين.... وسلمان الخاقاني , فهما اللذان وضعا اللبنة الاولى في اساس ظللتُ ابني عليه , بعد ذلك حتى خُيل إلي انه اعجب كثيراً من النظارة) (الديوان ج 1 ص 42)
بعد مرحلة السطوح انتقل الى مرحلة البحث الخارج عند السيد الخوئي (مرجع شيعي) لمدة اكثر من ست سنوات . بدأ السيد مصطفى جمال الدين مع اناس اكبر منه سناً , لهم ثقافة واسعة , وتطلع ادبي جم , فعاش معهم تلميذاً في مدرسة الخليلي كان يستغل ايام العطل في مطالعة كل جديد من كتب ومجلات وصحف .
بعد حين من الزمن صار السيد مصطفى محور مجموعة ادبية حيث كان هو اكبرهم سنا ً اطلق الشاعر جميل حيدر اسم على هذه المجموعة ب(اسرة الادب اليقظ) التي كانت تضم كل من الشيخ جميل حيدر (من الناصرية ) السيد محمد حسين فضل الله ( مرجع دين كبيرعُرف بانفتاحه على الحالة الاسلامية عامة) والشيخ محمد الهجري (عالم دين سعودي ) كانت هذه المجموعة النشطة المتحركة اثرها في الواقع الحوزوي حيث ساندت موقف الشيخ محمد رضا المظفر بتطوير المناهج الحوزوية .
غرس هذا التيار اول بذرة , فقام بتأسيس كلية الفقه . كتب السيد مصطفى جمال الدين في الفقه والاصول . عُين معيداً في كلية الفقه لاحتلاله المركز الاول من الناجحين وذلك في عام 1962 . في تلك المرحلة عندما كان استاذا ً في الكلية الف كتابه (الايقاع في الشعر العربي من البيت الى التفعيلة) . في سنة 1969 قدم على الماجستير بجامعة بغداد حول( القياس حقيقته وحجيته) فنال الشهادة بتقدير جيد جدا ً ثم طبع كتابه بعد ذلك عام 1972 . في نفس الوقت سجل اسمه في دار العلوم بالقاهرة للحصول على شهادة الدكتوراه لكن الشيخ ابوزهرة (عالم دين مصري) المشرف على الاطروحة وافاه الاجل قبل ان يشرع السيد بالبحث ,الامر الذي دعى السيد بترك امر القاهرة والتوجه الى بغداد للحصول على الدكتوراه .
يمتاز السيد مصطفى جمال الدين بعقلية خصبة واعية وراقية لذلك كان لا يعتمد على التأريخ في كل قضاياه كما يعمل السطحيون , لانه كان يدرك ان الحاضر يختلف عن الماضي في معطياته وآفاقه ومداليله , الماضي عنده لايوازي الحاضر بل ان الحاضر يجب ان ينهض من على ركام الماضي , لذلك كان يدعو الى التجديد في منهاج التدريس التي قضى عليها عقود من الزمن . واحسب انه رأها لاتجدي ولا تغني فكان يصر في طلبه هذا فيقول ( فاني كنت احس بعمق الاهتزاز الذي تستبطنه مقررات هذه الجامعة الدينية وجمودها وعدم اخذها باسباب التطور المطلوب , لذلك كان شغلي الشاغل كشاعر يستطيع ان يوصل فكره للناس بأقرب وسيلة , واكثرها اثارة لحماس الذين يشعرون مثلي بهذا النقص والجمود , او الذين هم على استعداد للشعور به , لذلك حشدت كل طاقتي وانا اشارك بكثيرٍ من حفلاتها العامة , أن اثير هذا الموضوع وبخاصة في الحفلات التي تعقد لتكريم احد مراجع الدين او تأبينه .
والحق ان مثل هذا التصريح الغير مرغوب فيه عند المنتفعين من رجال الدين يحتاج الى رجل مملوء بالعلم والفكر والادب ومحصنٌ بقوة إلاهية قبل القوة البشرية ليتحمل عبء العواصف البهيمية القادمة من العوام بتحريض المنتفعين .
في أوئل الخمسينات شارك في حفلات تأبين احد مراجع الدين (الشيخ محمد رضا ال ياسين ) بقصيدة نشرت في مجلة ( البيان ) النجفية و (الالواح ) اللبنانية تحدث فيها عن تطور الدراسة في الجامعة الازهرية وطلب من مراجع الدين النظر بجدية لتطوير الدراسة في الجامعة النجفية وكان مما قاله في ذلك :
هلاّ تكونون من مصرٍ وأزهرها – كما يكون من السلسال منبعه
ام لا : فنحن اناسٌ عمرنا سفهٌ – إن لم نكن ب(اتى زيدٌ )نضيعه
وثارت ثائرة المحافظين على هذه الدعوة لتجديد مناهج الدراسة واستُغلت المقارنة بين النجف والازهر ذريعة للحملة على دعوته التجديدية .) الديوان ج 1 ص43
بعد هذا العرض الجديد الذي هز عرش المترفين والمتخفين , ثارت صيحات الطعن واللعن , ضد السيد مصطفى جمال الدين لكنه بقى لم يهتز عوده ولم تفلح تلك الصيحات في قعوده , بل زاد حماساً لمنهجه الرسالي فراح بقصيدة اخرى يبين هُزل المنهج المتبع فيقول :
هذي ( المناهج ) أطمارٌ مهلهلةٌ --- مرَّت على نسجها الاحداث والعُصرُ
وسوف يأتي زمانٌ لاترون بها --- إلا خيوطاً لهمس الريح تنتشر ُ
يشاهد المتتبع لحركة السيد مصطفى جمال الدين الاصلاحية التجديدية انه حاول تجديد آلة التفكير و السير في مواكبة التطور والابداع الحاصل في بعض الدول العربية و دول الغرب البعيدة والتي رشحَ منها الشيء القليل الى بلادنا , والتطور والنهضة التي كان يعوّل عليها السيد مصطفى كانت في شباب هذه الامة الواعدة , لكنه يدرك سلفاً ان لغة الغوغاء اكبر واوسع من لغة المفكرين والناضجين , فلم يغب عن ذهنه الشباب فخاطبهم بقصيدة كشف فيها عن المحنة التي يواجهونها وخاصة المجتمع النجفي الذي اثقل بكثرة المواعظ وقلة المتعظين وتحذلق الوعاظ دون دراية بالواقع الذي يعيشه الشباب , فراح بقصيدة يهجو كل ما هو سيء , من مناهج وعلماء غاطين في غياهب الادعية والزيارات . من دون مواربة او تزلف فيقول
ياقوم حسبكم الخمول فقد مضى – زمنٌ بفطرتها تشب الرضع
والعصر عصرٌ لا يشبّ وليده – إلا ليعجبه المفِنُّ المبدعُ
عصر المدارس عذبها و أُجاجها – تبنى العقول بما يضر وينفع
لا عصر كتّابٍ قصارى جهده – صحف مباركة وآي ٌ ممتع
صونوا مناهجكم تصونوا دينكم – وابنوا العقول يقُم عليها مجمع
فالدين ليس يَربه ويسوسه – شيخٌ بمحراب الدجى يتضرع .
اشتهر السيد مصطفى جمال الدين عربيا ً ودوليا ً واصبح نجما ً عراقيا ً بعد اشتراكه في المهرجان الكبير بمؤتمر الادباء العرب الذي عقد في بغداد عام 1969 بقصيدة لملم جراحك حيث فاجأ الحاضرين بتلك القصيدة الرائعة بعد نكسة حزيران 1967 . كان صوته الجهوري وإلقائه العذب وكلماته المنتقات اثر واضح على من يتقنوا فن الشعر والادب , في ذلك المؤتمر الذي هز جدرانه برائعته , كان الاستاذ انيس منصور (مصري) قال عبارته المعروفة والمشهورة قال ( لقد خدعنا بمظهره ) الامر الذي جعل الادباء المصريين يكتبون عن السيد مصطفى جمال الدين في كتاباتهم مثل الاستاذ صالح جودت وانيس منصور وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم مما مهد لحضور السيد الواسع في المجتمع المصري . ثم بعد حين التقى السيد مصطفى جمال الدين باحمد الصافي النجفي (شاعر عراقي ) فقال له النجفي (اهم شيء انا اعتز به هو حضورك مؤتمر ادباء العرب ووقوفك بعمامتك هذه لتخبرهم بان الشعر العربي و الادب العربي هو للعمائم اولا ً ) كان الجميع يتوقع من هذا الشيخ ان يقول مرثية لا ترقى الى شيء واذا به يصدح ويشنف مسامع شعراء العرب بقوله :
لملم جراحك واعصف ايها الثار--- ما بعد عار حزيران لنا عارُ
وخل عنك هدير الحق في اذنٍ --- ما عاد فيها سوى النابال هدارُ
وخض لهيب وغى لابد جاحمها--- يوماً فإن بريق السلم غرارُ
ان تحرق البغي .. تجلوا ذُلَّ موقفنا --- أو تَحتَرق فطريق الجنة النارُ
الى ان يقول :
اعراس وهران في الخرطوم صاخبةٌ --- وجُرح تونس في البحرين نغَّارُ
والقدس عارٌ طَعمنا منه دجلتنا --- مُرّاً ومُجَّت به في النيل أثمارُ
في عام 1974 نال شهادة الدكتوراه بتقدير ممتاز في رسالته الموسومة ( البحث النحوي عند الاصوليين )
بغداد في ضمير السيد مصطفى جمال الدين :
تعد قصيدة بغداد رائعة من روائع الادب العراقي والعربي حيث تغنى السيد جمال الدين بهذه المدينة العراقية المطبوعة في قلب الابداع العربي وتاريخ العرب , وبما ان الشاعر يحمل هم الانسانية والثقافة والابداع نراه لاينتمي الى طرف دون طرف , او يميز طائفة على اخرى .
في قصيدة بغداد نجده يستعرض صور العصر الذهبي لمدينة بغداد في الحكم والسياسة والعلم , والادب , والفن وغيرها ثم يتساءل عن بناة هذا العصر : أهم الخليفة و الوزير و الحاجب والامير ؟ حيث لا نجد في تاريخنا العربي غير بغداد المدورة . أم هم القائد والمعلم والمهندس والفيلسوف والشاعر والفنان والمزارع وامثالهم , ممن تناسى التاريخ مساهماتهم في بناء هذه الحضارة العربية ؟ ويدعو في النهاية لتكريم بناة بغداد الحقيقيين وبخاصة العيد الالفي كان مشتركاً بين بغداد وفيلسوفها العربي ابي يوسف الكندي . فيقول في مطلع هذه القصيدة :
بغداد ما اشتبكت عليكِ الاعصرُ – إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ
مرّت بك الدنيا وصبحك مشمسٌ-- ودجت عليك ووجه ليلك مقمرُ
وقست عليك الحادثات فراعها – ان احتمالك من أذاها اكبرُ
حتى اذا جُنت سياط عذابها -- راحت مواقعها الكريمة تسخرُ
فكأن كِبركِ اذ يسومك تيمرٌ – عنتاً – دلالُك اذ يضمك جعفرُ
وكأن نومك اذ اصيلك هامدٌ – سِنةٌ على الصبح المرفه تخطرُ
وكأن عيدك بعد الف محولةٍ – عيدُ افتتاحك وهو غض مثمرُ
لله انت فأي سرٍّ خالدٍ – أن تسمني وغذاء روحك يُضمرُ
ان تشبعي جوعاً وصدروك ناهدٌ – او تظلمي أُفقاً وفكرك نيرُ
بغداد بالسحر المُندى بالشذى ال – الفواح من حلل الصبا يتقطرُ
بالشاطئ المسحور يحضنه الدجى – فيكاد من حُرقِ الهوى يتنورُ
واذا تهدَّج بالرصافة صوتهُ – جفلت بمصر على صداه الاقصرُ
الى ان يقول
والان يابغداد يأزف موعدٌ – لك في الخلود قلوبه تتنظرُ
من كل من اعطاك غضّ شبابه – ومضى بذابل عمرهِ يتعثرُ
يترقبونك : والطريق امامهم -- جهم المسارب ضيقٌ مُستوعرُ
يبس الزمان وهم على اطرافه – عذب بما تَعدينه مُخضوضرُ
فتعهدي ما يأملون وانعشي – لقياهم فهم بمجدك اجدرُ
رفعوك من قطع القلوب وحقهم – منك الوفاء لهم بما هو اكثرُ
الموقف السياسي :
لم نسمع ان السيد مصطفى جمال الدين قد انتمى الى حزب سياسي ومن حقنا ان نتعرف على اسباب هذا العزوف والكشح عن السياسة من قبل السيد جمال الدين , أَلِوَهنٍ في مداركه السياسية ؟ او لرغبته في ترك السياسة ؟ فيجيب :
( انا لست سياسياً محترفاً ولم احاول طيلة عمري ان انتمي الى اي حزب او تكتل سياسي دينياً كان او علمانياً ليس ذلك لاني لا افهم في السياسة كما يقولون فظروفنا نحن العرب والواقع الذي تعيشه امتنا جعلت من السياسة خبزنا اليومي وفرضت على كل واحد منا ان يكون سياسيا ً رغم انفه فأنا افهم السياسة اذن كما يفهمها المحترفون ولكني اعتقد ان موقفي هذا ينطلق من كوني شاعراً يؤمن بحريته في اختيار مواقفه من القضايا العامة التي تحيط به وفي طريقة تناوله لهذه المواقف والانتماء السياسي – او هكذا عودتنا صرامة الانتماء في وطننا العربي – لا يتركوا مجالاً لأي شاعر يريد ان يعبر عن مشاعره واحاسيسه ,في قضيةٍ ما , بالشكل الذي يمليه عليه وجدانه, لذلك توصلت من زمن بعيد الى رأي قاطع هو : ان الشاعر العربي إما ان يكون شاعراً ....او سياسياً منتمياً وفكرة وجود الشاعر المنتمي اشبه بفكرة وجود بعض الحيوانات الاسطورية , ليس له واقع في عالمنا العربي واذا افترضنا وجود ذلك (الشاعر المنتمي ) افترضنا وجود مخلوق مشوه الملامح , لا تستطيع ان تلحقه بالشاعر ولا بالمنتمي لان الانتماء يتطلب الخضوع الصارم , الذي نعرفه لمواقف جهته , فينتقص ذلك من شاعريته بمقدار خضوعه لانتمائه والعكس صحيح ايضاً . )
هاجر السيد مصطفى جمال الدين عام 1981 من العراق الى الكويت ثم انتقل الى سوريا طاف في أرجاء العالم ينقل هموم شعبه ومحنة وطنه وعذابات مواطنية .
له قصائد عديدة تَنَقَلَ بها بين المرح والفرح الى الحزن والغربة ومن الغرام والعشق الى الوطن وهمومه فكتب في مجالات عدة .
هذه قصيدة يصف بها الوطن فيقول :
ويا وطنا ً لو ان الخلد ازرى برونقه--- لقلت له حسودُ
اديم ثراك اروع ما نُفَدي --- ونبع رواك انبل ما نرودو كأن حصاك ممتقعاً --- قلوب يقلبها على ضرمٍ صدودُ
وطيب نسيمك الساجي--- عتاب تهدهده على امل وعودُ
احبك بل احب خشوع نفسي--- ببابك حين احلم بيعود
واعشق فيك آهة كل قلب--- له بين الثرى غزل فقيد
وقصيدة اخرى هي تلك التي كتبها في حال العراقيين في مخيم رفحاء وعن يقظان الطفل الذي ولد في رمال الصحراء فقال :
ياوليد الصحراء ذكربني قو----مك أن العراق كان وكانوا
وسيبقى غيرُ الفراتين لم يص---- نع عراقاً وليخسئ النسيانُ
كيف غالوا دم الشعيبة والعش---- رين والكوت واستباحوا وخانوا
كيف تظما بنت الرميثة في نجد---- وتسقى فراتها الذؤبان
كيف جاءت بنو تميم من الهند --- وهلت من مكة التركمان
كيف يُنمى الى علي فتىً يأباه --- من لؤم عنصرٍ مروان
وليقل ما يريد ولينشر الاعلام--- ما شاء بثه السلطان
فسيأتي يومٌ به ينطق الحق --- بليغا ً ويخرس الخيزران
وستنشق عن بنيها بطون الارض --- والغادرون كانوا فبانوا
وبسوق الشيوخ لا رمل رفحا --- من جديدٍ سيولد اليقظان
وسترتدُ كل شاخصةٍ خجلى --- وتبقى لأهلها بغدان
الفراتان ماءُ يعرب لا الاتراك --- ترعاهما ولا ايران
ياوليد الصحراء انت على الصحراء --- نبتٌ يغرى به الارجوان
ولدتك الشحناء ذئباً فكن--- ذئبَ فلاةٍ في جوفه انسان
وللسيد مصطفى جمال الدين ذائقته الخاصة في شعر الحب والغرام فنجده يخرج طليقا ً ليكتب شعراً من بحر الشعور , بعيداً عن عقد المجتمع وتحذلقات الوعاظ , وايماناً منه بالموقف والمبدأ الذي هو عليه , فيكتب قصيدة الماجن (الديوان ص 275) لكي يرخي اوتار الشعور صوب اللاشعور فتكون هذه الابيات التي يحتاجها العاشقون والمحبون والهائمون لكي تكون بلسم لجراحهم واصلاحاً لحالهم . فيقول :
تقول لي والحب مغفٍ على – يمناي -: ياذا الشفة الاثمة
انت الذي قلت : جنان الهوى – ريحانهن القبل العارمة ؟ !
وقلت : ما الحب سوى دوحةٍ – اغصانها السواعد الناعمة
اوراقها تلك الشعور – تفيَّأتها الانفس الهائمة ؟ !
وهذه النهود اثمارها – والزهر تلك الاوجه الباسمة ؟ !
فقلت : يا سيدتي لم اقل – إلا الذي انت به عالمة !
لم ينصف الحب الذين اجتنوا- اشواكه ,واجتنبوا باسمة
والحب يا سيدتي..نقمة ٌ – زائلة ٌ..ونعمة ٌ دائمة
فما لنا نحن جنود الهوى – وقد حملنا النقم الصارمة
إلا انتشاءٌ من رضاب اللُّمى- وسكرةٌ بالمقل الحالمة !!
قالت: اذن ياسيدي هذه – مقلتي الفاترة الساهمة
خذها فدى عينيك واعطف على – شفاهي السكرانة الواجمة
قلت :ونهداك ؟ !فقالت : وماشئت ! – فصاح الحب يا ظالمة
في يوم الاربعاء المصادف 23-10-1996 فارق السيد مصطفى جمال الدين الحياة فارق الحياة وعينه شاخصة الى وطنه وربوع منطقته واصدقائه ,رحل فترك ادباً جما ً وتراثاً خالداً رائعاً في ديوانه (الديوان) صدر كتاب في ذكراه السنوية الاولى اسمه ( سيد النخيل المقفى) يحتوي على بعض قصائده الغير منشورة وبعض كلمات الادباء فيه وشيء من سيرته الابداعية .
مصطفى العمري
#مصطفى_العمري (هاشتاغ)
Mustafa_Alaumari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟