أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف السقا - ليل الهلاوس














المزيد.....


ليل الهلاوس


شريف السقا

الحوار المتمدن-العدد: 3330 - 2011 / 4 / 8 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


استلقي علي تلك الأريكة البالية مصطحباً كوباً من الشاي .....كان الخدر بدأ في السريان في جسمه بعد هذا العشاء الدسم ....أشعل سيجارة وامتص الدخان بلذة .....كان الهواء لا يزال يعربد خارج الدار و المطر لا يتوقف عن الهطول ....لا يقطع هذا الليل الجاثم بثقله علي القرية سوي أصوات نباح تأتي متقطعة من بعيد .....

شعر بالبرد جذب غطاء قديم قدم عمره ....ذلك الغطاء الذي لا يزال يشتم فيه رائحة أمه ....لقد ذهبت وذهب الجميع لكن رائحتهم في اشيائهم بقيت.....



أغمض عينيه ....شعر ببرودة قارصة تقضم أطرافه ...إنكمش داخل نفسه حتي بدأ في الإرتجاف ....اشتعل رأسه من الحمي ....وأصبح البرد والحرارة يتقاتلان لإحتلال أكبر مساحة في جسده .....لم يكن أمامه سوي الإستسلام ......



إنزلق بهدوء إلي هاوية الحمي السحيقة تلك اللحظات التي يتوقف فيها الزمن و يبدأ الإنسان في الدوران......ينتصف الدائرة .....بين الحقيقة والوهم ...معلقاً بين الحياة والموت .....ينظر إلي شاطيء الحياة من بعيد و يحدق في أعين الموت الجاحظة ذو الإبتسامة الساخرة ......



تذوب جدران ذكرياتك و تسبح إلي المجهول و تطفو علي السطح كل نفاياتك .....



شعر بيد حانية تربت علي رأسه وتخترق أناملها الدقيقة شعر رأسه .....هتف أمي ....رفع يده لكنه رآها تمشي مبتعدة .....سخيفة تلك الحياة تعبث بعقولنا تخطف من أحببنا ولا تترك لنا سوي رائحتهم واطيافهم تحوم حولنا بعبث .....



نحن لم نكن لنصبح و إذا اصبحنا كنا كحطام هشيم في خريف زائل تتقاذفنا الظنون و نبحر في الأوهام عمراً .....ولانجد من العبث فكاكاً .....



انطلقت كل الأشباح في تلك الدار وملأته بالصخب ...رائحة خبز الصباح ....و جلبة أبيه التي يثيرها عند قدومه و ذهابه إ للحقل ....وضحكته المجلجلة وصوته الخشن .....ضبط الحياة فجأة بعد موات سنين .....تساقطت الرتابة و شاهد كل ما كان قبل سنوات ....تتابعت المشاهد و توالت بسرعة مذهلة .....شاهد كل ما سقط منه علي مر الإيام ........الإبتسامات و لحظات الحزن ....كان يسمع أصواتها و خيل إليه إنه يستطيع إن يمد يده ويلمسها .....ركضت الأحلام الجميلة ناثرة عطرها الأخاذ في الأنحاء حتي كشرت كوابيسه القبيحة عن أنيابها وهمت بالتهامها .....أصبح في حالة سيولة لم يعرف لها مثيل .....يطفو في الفضاء .....غير معلقاً بشيء ......



من المرعب إن تري تفاصيل حياتك تعرض أمامك وترغم علي مشاهدتها ....لكنك تعلم انك لن تستطيع استعادتها ....فلا أحد يمكنه إن يمسك خيوط الدخان ......



صوت أبيه الأجش لا زال يرن ...لا تنحني يا بني فمن تعلم الإنحناء لن يستطيع إن يصلب قامته يوماً ....ربما لهذا إجتثته تلك العاهرة الملقبة بالحياة في ريعان شبابه فهي لا تحب من لا ينحني .....



رائحة الندي في الصباح ....أصوات السنابل الذهبية تتراقص في الأفق.....اختلاسه لتلك النظرات للجسد البض ذو المنحنيات الثائرة....طعم تذوق الفاكهة المحرمة أول مرة ....



دقات الباب الخشبي في الصيف الحار وذلك الرجل ذو السترة الصفراء و جداول العرق تنز منه و يستعصي علي منديله التقاط حباتها.....يومها أخرج الورقة الوردية التي تبشره بدخل الجامعة .....صدحت الزغاريد في الأنحاء وابتسم ذلك الرجل في بلاها حتي ظهرت أسنانه الصفراء المتأكلة ...إنصرف بعد إن دس بعض النقود في جيبه ...كان الجميع سعيداً لكنه لم يكن كذلك .....كيف يفرح لما لم يتمني أو يشتهي ......



اجتاحه الخوف ...وبدأ في سرد كل ما يتذكر من الكلمات المقدسة لعلها تسكت عواء الشياطين المتصاعد لكن كان الوقت قد فات .....فهو لا يزال أسيراً لهلاوس الليل والحمي ........



#شريف_السقا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة
- رائحة وطن يحترق
- المصنع
- الرحلة
- مرض الرجوع إلي الخلف
- عدالة البؤس و بؤس العدالة
- الشرخ
- الفراغ
- داخل الغرفة
- أتذكر ؟
- كازابلانكا
- كلب السيد
- أميرة الأمل
- العزلة
- سفر الخروج
- فارس لا يموت
- روليت
- درج الذكريات
- قصة جارية
- مدينتنا و قميص عثمان


المزيد.....




- -الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا ...
- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف السقا - ليل الهلاوس