|
سوريا: كرامة نساء السادس عشر من آذار وثورة الكرامة
مهجة قحف
الحوار المتمدن-العدد: 3330 - 2011 / 4 / 8 - 09:44
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
قامت مجموعة من طلاب المدارس الابتدائية و الاعدادية بكتابة "الشعب يريد اسقاط النظام" على حيطان الأبنية في درعا في جنوب سورية. وتم بالخامس من آذار اعتقال خمسة عشر طفلاً منهم. و يبدو أن قوات الأمن عذبتهم و قلعت أظفار أصابع بعضهم. و في شباط كان قد اعتقل اطفال في حملة اعتقالات بالشمال تستهدف الاكراد. فاصبح جميع هؤلاء الأطفال أصغر سجناء الرأي في سوريا، بعد أن أحتلت هذه المكانة سابقاً الطالبة ذات السبعة عشر ربيعاً (حين اعتقلت عام 2009)، طل الملوحي، التي اعتقلت لأنها نشرت مدونات تتضامن مع أهالي غزة و مع غاندي و عبرت عن شعورها بالمساواة بينها و بين رئيس دولتها. ولكن دعونا نتذكرها هنا بينما يتشعب الحديث عن أمور مستجدة تتعلق بالثورة السورية. في الثاني عشر من آذار 2011، خرج الأكراد في القامشلي يهتفون "تذكروا شهداءنا" (وذلك في ذكرى الأحداث التي وقعت في عامي 2004 و 2008 حيث قتلت السلطات السورية مجموعة من الأكراد). وكانت هارفين أوسي، عضوة أحد الأحزاب الكردية في سوريا، تحمل مكبر الصوت في حشد يبلغ عدده ألف و خمسمائة مشارك و تدعو إلى إلغاء أحكام الطوارئ و إطلاق السجناء و إعطاء الشعب حريته، وهي نفس المطالب التي نادى بها لاحقاً المتظاهرون في جميع أنحاء سوريا في الايام التالية. فهتف الجموع "الشعب يريد اسقاط النظام" لتصبح هذه العبارة البشارة التي سيحملها الجماهير في تسعة وعشرين مدينة سورية. و كان البعض يفترض أن سيكون يوم الثلاثاء في الخامس عشر من آذار هو اليوم الموعود، حيث دعا القائمون على صفحة الثورة السورية على الفيسبوك أن تكون هناك مظاهرات احتجاجية يقوم بها الشعب السوري. ولكن من الذي يختار يوم الثلاثاء لثورة؟ هل من المعقول ان تصنع ثورة عن بعد ام هي تلد على الارض بتسلسل احداث بعضها مخططة و بعضها عفوية لا يتوقعها احد؟ لقد شهد ذلك اليوم حراكا خفيفا وبعض الاعتقالات. في اليوم التالي، قامت مجموعة من النساء، مع الرجال، برفع طلب "أطلقوا سراح معتقلينا" فتم اعتقالهن على الفور. و طفح الكيل... هذا ما حصل أمام قصر العدل بدمشق في السادس عشر من آذار. تجمع عدد من اسر السجناء و المتعاطفين معهم مطالبين باطلاق سراح سجناء الضمير. وقد أطلقوا على هذه المبادرة "اعتصام الأهالي" وليس "مظاهرة احتجاج". حملوا الرجال والنساء و الأطفال—و هم من جميع طوائف سوريا وقومياتها و مناطقها لان النظام يقمع الجميع-- صور السجناء وطلبوا أن يتحدثوا مع وزير الداخلية. قيل لهم "انتظروا هنا"، ثم جاءت قوات الامن لتفرقهم بالهراوات. قام أحد الرجال المعتصمين باللجوء إلى اسلوب اللاعنف الكلاسيكي وذلك باسترخاء جسده كوسيلة للمقاومة و لاضطرار الامن لحمله فجروه. و آخر شج رأسه. وكانت قوات الأمن السوري تتصرف بعنف وقسوة، وهو أمر مألوف مع الاسف. قال احد المشاركين أن طفلاً عمره عشرة أعوام رفع صورة أمه المعتقلة فتلقى مباشرة ضربة من أحد رجال الأمن قذفته مسافة بين المعتصمين. أما سهير الأتاسي، فقد سحبوها من شعرها ووضعوها في باص صغير، الأمر الذي تكرر مع غيرها من النساء كما حدث مع ميمونة العمار وهي حامل في شهرها السادس. ما حدث ذلك اليوم مشهد مخز: اعتداء وحشي على مواطنين محترمين وقفوا بشكل حضاري كأسرحنونة برجالها ونسائها واطفالها ليقدموا إلتماسا من أجل أفراد عوائلهم المسجونين مفعمين بالقلق و بالمحبة— فضربوا و اهينوا. لقد وقفوا أمام مكاتب حكومية يفترض أنها تخدم المواطنين، لكنهم تلقوا الهراوات و الشتائم القذرة من رجال الأمن الذين أصابوا أكثر من ثمانية عشر امرأة وأربعة عشر رجلاً بالضرب و ان كان هذا العدد الذي تم توجيه التهم إليهم في اليوم التالي. إعتقال ميمونة العمار وطفل لم يتجاوز العاشرة من العمر هو لا شك من أحقر تلك الاعتقالات. ورغم أنها أنتهت بإطلاق سراحهما خلال ساعات، لكن تم عبر الهواء وصف هذا المشهد المخزي. و هذا ما يذكرنا بالاهانة التي وجهها شرطي في سوق الحمدية في 17 شباط و من هنا انطلق شعار" الشعب السوري ما بينذل." إن القشة التي قصمت ظهر البعير بسوريا هي اهانة النساء. بعض هؤلاء النساء لهن ادوار كناشطاط حقوقية ، مثل سهير الأتاسي وكذلك هارفين الأوسي التي قادت يوم حداد في القامشلي. إنهما، بالمناسبة، من الموقعات على اعلان دمشق (عام 2005). وكانت سهير الاتاسي تنظيم عصيان مدني لا عنفي منذ الثامن والعشرين من كانون الثاني ، مشجعة بذلك أعداداً متزايدة من الشباب و الصباية بالتائقلم على فكرتي حرية التعبير و حرية التجمع. لكن وجود النساء في ذلك اليوم، رغم ادوارهن الاخرى، ابرزهن كونهن أمهات وأخوات وزوجات أوبنات المسجونين و المسجونات اي كنساء عاديات من الشعب. فهذا زاد من استياء الناس من المعاملة التي تلقوها من النظام. كان بين الذين اعتصموا في السادس عشر من آذار في دمشق عدد من درعا ،ولاعجب، فلدرعا منذ الخامس من آذار عددا جديداً من السجناء وهم الاطفال. وبذلك تكون درعا قد نالت ضربة مزدوجة باعتقال اطفالها ثم اعتقال النساء اللواتي سعين لأطلاق سراح الاطفال. إن هذا الهجوم قد انتشر وصفه في سوريا رغم مصادرة الأمن لأجهزة الموبايل في محاولة يائسة لمنع ظهور الخبر. وكان للإهانات التي تعرضت لها النساء صدى كبير في "جمعة الكرامة" الثامن عاشر من آذار. بعد هذه الإعتداءات في السادس عشر من آذار، لم يعد الاحتجاج مرتبط بقضاية فكرية قد تكون بعيدة عن الجماهير المشغولة بالحفاظ على بقائها. ولم تعد مجرد دعوة على القيسبوك معرضة لتهمة الحكومة بانها خطة مدبرة من قبل ما يسمى بالمتآمرين من خارج سوريا. ورغم أنه كانت هناك نتيجة ضعيفة للدعوة عن طريق الفيسبوك للاحتجاجات في الخامس عشر من آذار، فإن الثامن عشر من آذار، أو ما يسمى بجمعة الكرامة، قد شهد مابين ثلاثمائة وأربعمائة ألف مواطن في شوارع سوريا. عندما طلقت النار قوات امن الدولة على المتظاهرين العزل، تلقى رجال درعا الرصاص بصدورهم ليكونوا أول من سقط في تلك المظاهرات الباسلة. هذه المجزرة قد ألهبت الغضب الشعبي، مما زاد من الاحتجاجات في جميع أنحاء سوريا. وإذا كانت أجساد الرجال والشجاعتهم هي أكثر وضوحاً في تلك المرحلة، وإذا كانت شجاعة النساء بعد الثامن عاشر من آذار لا شك سوف توضح اكثربعدما نعلم المزيد عن انواع مشاركاتهن الخفية و البارزة—كانت مبادرة النساء قبل الثامن عاشر من آذار موجودة على الساحة وكانت سبباً رئيسياً لانطلاق جمعة الكرامة. كذلك كان للأكراد في شمال سوريا دوراً مشهوداً في تجهيز الشعب للمناداة وبصوت عال بمطالبهم.و قد سبق الاطفال الجميع. اذاً، عندما تروى قصة الثورة بتسلسل احداثها، علينا أن لا ننسى أنها ليست قصة شخص معين ، أو جنس واحد، أو مجموعة محددة من المواطنين، بل هي قصة ايدي كثيرة من الشعب يعملون لتحقيق هدف واحد. ولنتذكر أيضاً أن كرامة المرأة، مثلها مثل كرامة الرجل، كانت أحد الدوافع وراء هذا النضال الثوري للشعب السوري.
#مهجة_قحف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz: حقيقة زيادة منحة المرأة الم
...
-
عندي بسكليتة ما بعرف سوقا ركبنا عليها.. حدث تردد قناة وناسه
...
-
الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب في قراءة في
...
-
الرفيقة لبنى الصغيري عضوة المكتب السياسي : البلاغ كان محط ان
...
-
الرفيقة نادية تهامي عضوة المكتب السياسي : مراجعة مدونة الأسر
...
-
الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب : بناء مجتم
...
-
مصر.. تأييد حكم الإعدام لـ سفاح التجمع -قاتل النساء-
-
ينتظرها نقاش في البرلمان.. مدونة الأسرة بالمغرب تدخل مرحلة ا
...
-
التعدد والإرث.. تعديل مدونة الأسرة في المغرب يثير جدلا
-
آلام الساق عند النساء قد تشير إلى حالة صحية خطيرة
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|