قلبي يئن لكن مستقبل مصر أهم

أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3329 - 2011 / 4 / 7 - 17:15
المحور: المجتمع المدني
    

إن قراءة الواقع المصري اليوم تجعلك تسأل وتلح في السؤال وتتمني أن تجد من يصدق معك ويجيب , وإن حدث فهل من ساعي إلي الأخذ بيد هذا البلد الأمين الذي لم يتأخر يوما عن تلبية نداء المنادين . هل وصل بنا الحال أن نشارك دون تفكير في تدفق أنهار الحاقدين بحيث تروي بما تحمله عطش الغلابة والجوعي من أبناء هذا الشعب الطيب المتسامح ؟ أسئل ولعلي أصل قريبا إلي أجوبة تساعدني علي أن اصمت وأنضم إلي ركاب قطار التعميير بعد التغيير , وادرك أن الوقت قد حان لنضع سبل حفظ حقوق هذا الشعب ونترك القائمين علي استردادها من أهل القضاء وغيرهم من المسؤلين الذين أقسموا علي الكتب المنزلة بالمحافظة علي ثروات هذه الأرض كما أقسموا علي حفظ العرض , وأن نتخطي هذه المرحلة لنتدارس سويا سبل الخروج من هذة المرحلة دون أن نخسر الكثير مثلما توحي بعض السلوكيات بإمكانية حدوث ذلك إما نتيجة الاندفاع المصحوب بعدم الدراية والتحمس دون مراعاة صعوبة هذا التحول أو الرغبة في ازاحة كل ما كان بالأمس دون تمييز.
إن حديثي – كوني أستاذا جامعيا – ينطلق من تعاملاتي اليومية مع ثمرة الغد الواعد التي زرعناها لتبقي هي أمل الغد وعقول وسواعد تمتد ما بين اليوم والغد لا تتخللها نبرة الكد ولا صوت يسهل علي أعدائه كسره فينهدم أمل البناء وتتراجع خطي التطوير فيسهل علي المتسلقين ركوب الموجه ليسيروا الغد وتصبح ثورة الشباب كنزا في أيديهم ملكوه دون جهد .
نعم أنادي بأعلي صوتي لكل مخلص لا يرجو أن يأتي اليوم عليه لينكس الرأس أو أن يتبجح ظننا أنه بني وشيد ولا يعلم أنه لم يشيد إلا ثكنات الرعب وسجون القهر , أنادي علي أولادي شباب مصر بضرورة التعلم من التجربة اليابانية وليس كما يفعل البعض وينادوا بالتجربة الدانماركية , وأقصد تجربة اليابان التي تجعلك تقف أحتراما ووقارا لهذا الشعب الذي قال رجاله ونسائه كلمة واحدة : نظر كل واحد من أبناء هذا الشعب إلي ركام المباني وقال سنعيد بناء هذه المدن علي أحدث طراز . انتهي الكلام وبدأ العمل .
أما نحن ماذا فعلنا هل بعد أن استشهد الشباب ووصلنا إلي حقائق الأمور ؟ هل وضعنا المسؤلية في يد المسؤلين وتركناهم يقومون بواجبات التغيير والإصلاح وبدأ كل منا مشواره الفعلي يضاعف من حجم انتاجه ويزيد من ساعات عمله أملا في أن نصبح جديرين بهذه الثورة أم أننا نقضي الساعات والأيام , بل والشهور في البحث عن كلمة أو معلومة عما فعله أيا من أفراد النظام السابق لنتحدث عنها ونتناقش بأصوات عالية تصل إلي حد التصادم ظانين أن هذه هي الحرية والديموقرطية ناسين أن هناك علي الضفة المقابلة للثورة علي أرض مصر أناسا لا يروا في الثورة أية فائدة , بل أنها اظهرت أسوأ ما في سلوكيات البعض من شراسة السلوك وتخبط نهج التفكيير , بل وعدم فهم الكثيرين لمتطلبات المرحلة التالية للثورة وهو ما يخيفني لأننا نكابر ونرفض أن نرصد خطوات الإصلاح بعد أن تحمل الجيش مسؤلية وأمانة هذه المرحلة , علينا أن نرصد خطواته وما يقوم به في أسلوب يؤكد للجميع أننا نتظر حصد مكتسبات الثورة , ليس فقط علي المستوي الاقتصادي المعيشي ولكن علي كافة الأصعدة .
أثناء ذلك لا يمنعنا مانع في متابعة ما يحدث من تحولات مرئية ومحاسبات للفاسدين , دون أن نفقد القدرة علي المتابعة اليومية أو الأسبوعية حين يعلن المتحدث الرسمي للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ما تم وما سوف يتم دون توقف قطارات الأصلاح لأن ما فسد كثير وما ضاع أكثر فلا نتمني أن يصبح الغد مثل الأمس فيضحك علينا الكثير وعندها يقولون ما لا نود سماعه من السابقين الفاسدين .
علينا أن نضع أمام أعيننا القدوة الحسنة من شعوب العالم التي دمرتها الحروب في أعقاب الحربين العالميتين ومن دمرتها البراكين والزلازل والأعاصير ومن دمرتها خراب عقول وضمائر حكامها المتعالين المتكبرين المتمسكين بكراسي السلطة أكثر من تمسكهم بدينهم ولا بقناعاتهم أنهم سيرمون في حفر ضيقة لن يزاحمهم فيها إلا الدود والعفن . علينا أن نبني لكي نسكن وأن نزرع لنأكل وأن نصنع لكي نطور وأن يكون لنا فائدة بين أقراننا فليس من المعقول أن نبقي علي هذه الصورة المشينة التي تضحك علينا أطفال العالم .
وأخيرا عليك أخي الشاب أن تفعل كما أوصتنا الأديان السماوية , علينا أن نزع الفسيلة التي في أيدينا حتي ولو كان هذا أخر ما تفعله قبل أن تغادر هذه الحياة , فما أجمل الدرس الذي تعلمته من المزارع البسيط الذي يغرس النخلة للغد دون أن ينتظر ثمارها التي تغيب قليلا , علينا ألا نجعل أولادنا يضحكون علينا اليوم ويمحون ذكرانا بالغد ويهيلون علي تاريخنا أكوام الرمال , بل قد يصل بهم الحال – وهم في ذلك براء – إلي إلقاء سيرتنا وتاريخنا وصورنا في مزبلة التاريخ , عندها سيسأل سائل أين هؤلاء من شرفاء التاريخ والصالحين من أهل الديانات في كل زمان ومكان .

#أحمد_صقر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات