|
مسؤولية النظام السعودي والإدارة الأمريكية في استمرار المجزرة باليمن!
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 3329 - 2011 / 4 / 7 - 02:37
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
منذُ مطلع شهر شباط الماضي والشعب اليمني يخوض نضالاً سلمياً من أجل الحرية والديمقراطية في اليمن الذي ابتلى بنظام حكم دكتاتوري عشائري متخلف منذُ 32 عاما، حيث قاد الضابط المغمور علي عبد الله صالح انقلاباً عسكرياً، واستطاع الاستيلاء على الحكم في تشرين الأول عام 1979 ليؤسس هذا النظام الفاشي الجاثم على صدور الشعب اليمني التواق للحرية، ومارس كل الوسائل والسبل لتزييف إرادة الشعب اليمني كي يستمر على رأس السلطة، مدعوماً من قبل أبنائه وأقاربه الذين بوأهم أعلى المناصب العسكرية والأمنية والإدارية، حتى تحول نظامه إلى نظام حكم العائلة، كما فعل سلفه صدام في العراق تماماً. لقد مل الشعب اليمني من وضعه المأساوي، وضاق ذرعاً بعصابة علي عبد الله صالح، مطالباً بالتغيير، وفسح المجال لإقامة نظام حكم ديمقراطي في البلاد، متخذاً من التظاهر السلمي وسيلته الوحيدة لتحقيق التغيير المنشود في البلاد.
لكن الدكتاتور صالح بدلاً من يستجيب لإرادة الشعب المتمثل بالمظاهرات التي عمت كافة مدن البلاد،وضمت ملايين الشباب اليمني الذي يعاني من البطالة والتهميش والفقر، والهادف لتأمين مستقبل آمن يحقق له حياة كريمة في ظل نظام قائم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقد أرعبته تلك المظاهرات الشبابية لجأ إلى استخدام القوة في محاولة لفض المظاهرات والاعتصامات.
لكن محاولات النظام باءت بالفشل في ثني الشباب، بل زادت من عزمهم وتصميمهم على تحقيق التغيير مهما عظمت التضحيات، وتصاعدت أعداد المنظمين للتظاهرات والاعتصامات في مختلف المدن اليمنية لتثير قلق النظام الذي أخذت أركانه تتزعزع، وبادر العديد من أعوان النظام يتخلى عنه، ويعلن انضمامه إلى الحركة الديمقراطية للتغير، مما جعل الدكتاتور يفقد أعصابه، ويدفع بأجهزته القمعية للتصدي لانتفاضة الشعب، باستخدام السلاح، وغاز الأعصاب السامة، التي حصدت أرواح المئات من الشباب، وإصابة الألوف بجراح، وبالتسمم. ورغم استمرار نظام صالح في التصدي لاتنفاضة الشباب، وتصاعد أعداد الشهداء والجرحى فإن الإدارة الأمريكية والنظام السعودي يقفان حائلا دون إسقاط نظام صالح بحجة تعاون صالح مع الولايات المتحدة في محاربة القاعدة التي اتخذها صالح ذريعة لدعم نظامه الذي يوشك على الانهيار.
لكن الحقيقة التي لا تخفى على أحد أن الانتفاضة التي يقودها الشباب لا علاقة لها مطلقاً بالقاعدة، والكل يدرك أن القاعدة صناعة أمريكية بتمويل سعودي، وكل عناصر القاعدة تخرجوا على أيدي منْ يسمون أنفسهم برجال الدين!! الذين يتولون إدارة المدارس الدينية، المرتع الخصب لعناصر القاعدة التي نشروها في مختلف بلدان العالم، بما عرف بالأفغان العرب، والبوسنيون العرب، والشيشانيون العرب، والكوسوفيون العرب، وغيرها من بلدان العالم التي لا تأتمر بإرادة الولايات المتحدة الأمريكية. والكل يدرك العلاقة التي ربطت زعيم القاعدة أسامة بن لادن بعائلة الرئيس الأمريكي السابق بوش، ومشاريعهم الاستثمارية المشتركة في الولايات المتحدة.
إن السبب الحقيقي لموقف حكام السعودية من انتفاضة الشعب اليمني هو الرعب الذي ينتابهم من قيام نظام حكم ديمقراطي عند حدودهم الجنوبية، وخوفهم على نظامهم الخارج من العصور الوسطى، والغارق في الرجعية والاستبداد، حيث لا برلمان ولا دستور ولا قوانين مدنية، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة التي تدعي برغبتها بنشر الديمقراطية والحرية في مختلف بلدان العالم، والتي تدرك تماماً طبيعة هذا النظام المتخلف عن العصر، ما زالت تدعمه وتحميه منذ جرى اللقاء بين الرئيس الأمريكي روزفلت ومؤسس المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل سعود على ظهر الطراد الأمريكي [كويني ] في البحيرات المرة، وسط قناة السويس.
وكان الرئيس روزفلت قد بعث بلجنة رئاسية إلى الشرق الأوسط برئاسة [هارولد أكس] زارت كل من السعودية والعراق وإيران والكويت والبحرين وقطر، وعند عودتها قدمت تقريرها إلى الرئيس والذي بدأ بالعبارة التالية: { إن بترول الشرق الأوسط هو أعظم كنز تركته الطبيعة للتاريخ، وأن التأثير الاقتصادي والسياسي لهذا الكنز سوف يكون عظيماً. وخلص التقرير للقول: إن الشرق الأوسط مجرة كونية هائلة من حقول البترول، لا يعرف أحد نظيراً لها في الدنيا، وأن السعودية هي شمس هذه المجرة، فهي أكبر بئر بترول في الشرق الأوسط، وأن الظروف فيها مناسبة، حيث فيها الملك عبد العزيز آل سعود يريد شيئين، المال وحماية العرش، وإن على الولايات المتحدة أن تقوم بتأمين ذلك. وبالفعل فقد تم ترتيب الأمر مع الملك عبد العزيز عندما التقى به الرئيس [روزفلت] على ظهر الطراد الأمريكي [كويني] في البحيرات المرة، وحصلت أمريكا على نفط السعودية بموجب الاتفاق بين الملك وشركة[أرامكو] المؤلفة من أربعة شركات نفطية هي [نيوجرسي] و[تكساسكو] و[سوكال ] و[سكسوني] بنسب متساوية.
لقد وقف رئيس أكبر شركة نفط أمريكية [سكسوني فاكوم ] عام 1945 ليقول بالحرف الواحد : { إن إدارة شؤون البترول تختلف عن إدارة شؤون أية سلعة أخرى، ذلك أن شؤون البترول في 90 % منها سياسية، و10 % منها فقط بترول، وإذا كان محتّماً على الولايات المتحدة أن تدير شؤون البترول في العالم، فإن عليها أن تدرك طوال الوقت بأنها مطالبة بأن تفعل ذلك حتى خارج حدود سياستها الإقليمية، وخارج قيود القانون الدولي إذا دعا الأمر ذلك}.
إذا من أجل البترول تجد الولايات المتحدة نفسها ملزمة بحماية النظام في السعودية، وتلبية كل مطالبه، لأن هذا الموقف يتعلق بالمصالح الأمريكية، ولهذا السبب بالذات نجد الولايات المتحدة تقف هذا الموقف المتردد من دعوة الدكتاتور علي صالح للرحيل عن السلطة كي لا تزعج النظام السعودي الذي ينتابه القلق على مستقبل نظامه على الرغم من استمرار المجزرة التي اقترفها وما يزال نظام صالح للتشبث بالحكم ولو على جماجم الشباب اليمني المناضل من أجل مستقبل أفضل.
إن الولايات المتحدة مدعوة إلى الضغط على النظام السعودي لأجراء إصلاحات جذرية في البلاد تستجيب لمطالب الشعب السعودي التواق للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وان تمارس الضغط الحقيقي على الدكتاتور علي صالح للرضوخ لإرادة الشعب والرحيل عن السلطة، والكف عن سفك دماء الشباب اليمني التي تراق كل يوم، فلا مفر من الرضوخ لإرادة الشعب الذي عقد العزم على إسقاط هذا النظام مهما غلت التضحيات.
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتفاضة الشعب اليمني وحقيقة الموقف الأمريكي والسعودي!
-
نظام البعث في قلب العاصفة، والشعب السوري يطالب بالحرية
-
وثيقة تدين الطالباني والبارزاني بخدمة المصالح الأمريكية، واب
...
-
لماذا يتلكأ المجتمع الدولي بإنقاذ الشعب الليبي من بطش القذاف
...
-
زيف الديمقراطية في العراق الجديد!
-
بمناسبة عيد المرأة: لترتفع راية النضال من أجل تحرر المرأة وم
...
-
النهوض الثوري للشعوب العربية يتطلب قيام جامعة عربية تمثل إرا
...
-
غداً يقول الشعب العراقي كلمته الفاصلة
-
النصر والظفر لثورة الشعب الليبي الجسور ضد نظام الطاغية المجن
...
-
أنتم مدعون للنهوض يا شباب العراق، والمستقبل لكم قطعاً
-
مقدمة كتاب :صدام والفخ الأمريكي
-
ثورة شباب مصرالشجعان تزازل عروش الطغاة في العالم العربي
-
فاقد الشئ لا يعطيه
-
لتتعزز ثورة الشعب التونسي من أجل الحرية والديمقراطية والعدال
...
-
لبنان في مواجهة العاصفة!
-
تاريخ الجيش العراقي ودوره السياسي في البلاد
-
مكافحة الإرهاب يتطلب حملة عالمية واسعة على المستوى العالمي
-
حكومة الماكي الجديدة، ومحنة الشعب والوطن!
-
أهية اختبارات الذكاء في تحديد مستقبل ابنائنا
-
الوالدين والموقف من الغريزة الجنسية لدى الأبناء المراهقين
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|