أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رباح حسن الزيدان - مفهوم العلمانية















المزيد.....

مفهوم العلمانية


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3328 - 2011 / 4 / 6 - 10:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"العديد من الناس يعتقدون بإله واحد،الآخرون في أكثر من إله. و آخرون يرفضون الإعلان عن هذا. و أخيرا هناك من لا يؤمن نهائيا. لكن الجميع يعيشون معا. وهذه الحياة المشتركة، منذ الإعلان الأول لحقوق الإنسان، يجب أن تضمن للجميع وفي نفس الوقت حرية المعتقد و المساواة في الحقوق. حرية المعتقد تستبعد كل خوف ديني أو إيديولوجي. أما المساواة في الحقوق فهي تتناقض مع إعطاء قيم مميزة و امتيازات لاعتقاد ما، أو حتى للملحدين.الدولة هي شيء مشترك للجميع إذا عليها أن تكون حيادية (neuter في اللاتينية) على صعيد جميع الأديان و الطوائف، وتعني كما وردت في اللاتينية "لا أحد و لا الآخر".
هذه الحيادية الطائفية أو الدينية هي في نفس الوقت ضمان للإنصاف، النزاهة و التجرد و هي شرط من أجل كل شخص، مهما كانت قناعاته الروحية ( نزعة إنسانية ملحدة أو نزعة إنسانية دينية على سبيل المثال)، من أجل التعايش و التعارف في "الجمهورية"، الدولة أو المدينة، حيث كل الأفراد أو الأعضاء في المدينة يتواجدون على قدم المساواة. الانعتاق العلماني لا يمكن إذن اختصاره إلى أحكام قانونية أولية أو في حدها الأدنى، ولا في امتناع الدولة عن التدخل. هذا الانعتاق يدعو قبل كل شيء إلى مقياس واحد في جميع الحقول أو المجالات.
إن العلمانية التي علينا المطالبة بها اليوم تضم جانبين أساسيين: الأول يتعلق بتنظيم "المدينة" وهي العلمانية السياسية، والثاني يرتفع و يرتقي بإدراك وتصور الحياة. الدولة العلمانية، هي تلك التي تحقق فصلا فعليا وحقيقيا بين الفضاء العام و مؤسساته (التي هي إرث مشترك)، و بين المؤسسات الدينية " كنيسة، جامع...الخ" ومعها القناعات الدينية أو الفلسفية المختلفة ( التي تعود للفضاء الخاص للمواطن ). إنه الشيء الوحيد الذي يضمن المساواة بين المواطنين مهما كانت قناعتهم كما يضمن نزاهة وتجرد السلطة. إنه الضمان الوحيد لحرية كاملة في الاعتقاد والإيمان، و حرية في التفكير... وفي الدين أيضا.
الدفاع عن مبدأ علمانية الدولة و عن السلطات العامة ليس خاصية أو إقطاعية لمجموعة من المؤمنين فيها أو لمجموعة من الملحدين الذين يرون أنهم ناطقين باسمها، ولكن لأنه لا يوجد حرية دينية خارج الدولة العلمانية. منذ أن تصنف الدولة بشكل علني أو ضمني أنها كاثوليكية، إسلامية، مسيحية، يهودية أو ملحدة فهذا كله ضد العلمانية لأن حتى الدولة الملحدة هي ضد العلمانية و تتساوى بذلك مع الدولة الثيوقراطية. فمع هذا التصنيف أو التعبير عن الدولة نكون قد أصبحنا " ما تحت المواطنة " و خاصة فيما يتعلق بالأقليات التي لا تنتمي إلى الدين أو الطائفة الرسمية السائدة. في الواقع هناك استحالة مطلقة لقيام أية ديمقراطية من غير علمانية سياسية وهذا المتطلب هو مشترك بين جميع الديمقراطيين كانوا ليبراليين، مسيحيين، إسلاميين أو إسرائيليين. ضمن هذا المعنى، العلمانية ليست فريقا صغيرا sous-groupe في المجتمع سيتفق على " الاعتراف " بفريق آخر، بل إنها مبدأ لتنظيم الأشياء العامة المؤسسة على رؤية كلية شمولية للمجتمع.
ولكن بمعنى آخر، نفس الكلمة "العَلمانية" تنظر ليس فقط إلى متطلب يتعلق بالتجرد و النزاهة أو إلى استقلالية كاملة للسلطات العامة تجاه القناعات الدينية أو الفلسفية، ولكن أيضا كمفهوم للحياة حيث الأسس المكونة لحياتنا ( الدولة و المجتمع ) ليست طائفية بل هي غريبة عن كل مرجعية سماوية، ما فوق طبيعية surnaturelle أو متعالية.هذا المعنى الثاني هو في نفس الوقت أكثر اتساعا ( حيث أنه يتضمن أكثر من متطلب "سهل" للفصل بين الدين والدولة ).إنه ضمن هذا المفهوم، هنا، نحن نستطيع أن نستخدم المصطلح "علمانية " عندما نعرَّف أو يتم تعريفنا بشكل فردي ranscende.
"هذا المفهوم للحياة يتضمن ليس فقط الانعتاق بالنسبة لتقاليدنا الدينية و متعلقاتها القديمة archaïsme، و لكن أيضا بالتحديد هو الانتماء إلى " كل" القيم الإيجابية : الإنسانية، حب الآخر، المواطنة، الانعتاق، الاستقلال، السعادة، العدالة والقدرة على التمرد. مع هذه الأشياء نجرب بناء أخلاق جديدة بعيدة وغريبة عن كل متعال أو ما فوق طبيعي غير إنساني. هذا المفهوم للحياة ليس دين آخر يمكن أن نضع مقاربة واحدة له هي الإلحاد".
إنه يضم بشكل جوهري جانبا إنسانيا وبعدا أخلاقيا. في كلمة واحدة، إنه انشغال و اهتمام بالمعنى و الجوهر الذي يمكن أن نعطيه لوجودنا و سلوكنا. كما أنه ليس بحثا لوجود مسبق "مزور" أو مجرد abstrait "سماوي"، بل بناء متعب لوجودنا الخاص فينا كبشر.هذه العلمانية يتم الحصول عليها من "روحية أنسيّة" spiritualité humaniste مركبة و مؤلفة في "إعادة تنظيم أو تهيئة" مثالية للديني، كما يرى "إدوار ديل رويل" في كتابه "العلمانية، إنسانية كثيرة الإنسانية"، أو من مفهوم هو مادي بشكل جوهري. و الحوار حول كل ذلك يبقى مفتوحا.
ما هو يقيني، أن العلمانية كمفهوم فلسفي، ليس طائفي، ليس من شأنه "التمأسس" institutionnalisation، لأنه كما هو في الواقع على ضوء النساء و الرجال الذين يقتسمون معنا نفس المتطلبات من الديمقراطية السياسية و من التعددية، فإنه ليس من الضروري أن يتقاسموا معنا قيمنا وفي كل الأحوال لهم رؤيتهم المختلفة (الطائفية ) لأساس هذه القيم. و لكن نحن نطلب أن يكون هذا المفهوم للحياة " معترفا به " و كأنه شرعي مثل المفاهيم المأخوذة أو التي استلهمت من هذه أو تلك العقيدة الدينية، وأن العلمانيين ( اللاأدريين، الغنوصيين، الملحدين، الماديين...الخ ) يحصلون كمواطنين و بشكل كامل على نفس الحقوق التي يحصل عليها مواطنوهم الآخرون من ذوي القناعات الدينية أو الطائفية.
تلك النظرة الإجمالية لمبدأ العلمانية تأخذ شكل الحقيقة: حيث لا يمكن الإجبار و الفرض على الجميع، و المراجع المشتركة ( الدولة، المجتمع، الدستور، الخ ) عليها أن تكون متحررة من الوصاية التي تفرض امتيازا معينا. وحتى تكون مقبولة أو مؤكدة كليا ، تلك الحقيقة تستوجب شرطين متزامنين تحقيقهما يبين الطابع الإيجابي للعلمانية: الأول، أن القوة العامة public power أو [ puissance publique، بالفرنسية ] مكشوفة موضحة أو ملكا للجميع و توضع قبل كل شيء في مقدمة ما يوحد الجميع ( وهذا مبدأ عالمي، حيث يخضع لنظرات و آراء مختلفة ووفق المجتمعات وثقافاتها ). ثانيا، كل شخص يتعلم طريقة العيش أو القناعة التي يريدها وتناسبه بشكل يكفي للبعد عن التعصب و اللاتسامح (مبدأ للتمييز الداخلي يشمل أو يضم التسامح الأهلي المدني، ويجعل بالإمكان المناقشة و الحوار ضمن الفضاء العام ).
من ضمن هذه النظرة الإجمالية للعلمانية، أن العلمانية ليست نظاما للاختيار الروحي الخاص، لكنها تشكل شرطا لإمكانيته، وهذا ما يسميه Kant نطاقا استعلائيا ranscendence وهي صفة لمجموعة المبادئ المتعلقة بالفكر من دون غيره، و هي ذاتية من تجربة خاصة.
كيف " تعيش الاختلافات " من غير التخلي عن اقتسام المراجع أو "الاستنادات" المشتركة التي هي الدولة و المجتمع ويمكن إضافة الدستور؟ سؤال يطرحه ويجيب عنه Henri Ruiz و له مقدار كبير من الأهمية خاصة اليوم حيث التعددية من خلال قناعاتها يمكن أن تشير إلى ذلك بفسيفساء من المجتمعات الخاصة، فالأعضاء و كأنهم تخلوا أو " زهدوا " ببعض اختلافاتهم، بسبب الأخطار المواجهات بين هذه التجمعات أو الجماعات الخاصة وعلينا أن نتخيل حجم الخطر من هذه الاصطدام.
المجتمع السياسي التي تسميه التقاليد السياسية " المدينة "( في الإغريقية polis و في اللاتينية civitas )، أخذ اسم "الدولة " في مفردات القانون، و هذا تمييز دقيق و جوهري عن "الحكومة" التي يدار من خلالها،هنا العلمانية تتعلق بمبدأ توحيد الناس أو الأفراد داخل هذه الدولة. تفترض العلمانية تمييزا في القانون بين الحياة الخاصة للإنسان كما هو، و بعده dimension العام كمواطن: إنه كإنسان خاص، في حياته الشخصية، الإنسان يتبنى قناعات روحية، دينية أو لا، و يمكن أن يتقاسمها مع الآخرين : ولكن انطلاقا من هذا، القوة العامة public power عليها ألا تخاف إذا كان التعبير عن القناعات و الطوائف يبقى متماشيا مع حق الآخر. سنلاحظ أن هذا " الانشطار" أو القدرة على الحفاظ عليه ليست عملية سهلة التطبيق دائما، خاصة أنه لم يعرف أو يعترف به كتشريع إلا في العديد من المفاهيم المتعلقة بالقانون، بسبب القلق من استقلالية الفرد، بينما العلمانية تبحث عن التضامن بين الأفراد. من هنا أهمية أو ضرورة دراسة العلاقات بين القانون و التاريخ، حتى نعيد الأخذ بالحسبان تاريخ المقاومات لفكرة العلمانية، و تقلبات مسيرة الانعتاق العلماني. من هنا أيضا الفائدة من قراءة الظواهر الاجتماعية، السياسية و الثقافية التي يمكن أن تؤثر في وضوح الخط الفاصل بين المنطقة الخاصة و المنطقة العامة فيما يتعلق بمسيرة حياة الإنسان.فالدين حملنا مسؤوليته و تقلده، ومن ثم أصبح رمزا، معطينا له " نحن البشر" ترجمة أو رواية خاصة، أو شكلا من المتطلبات تجعله سابقا في الوجود أو موجودا من قبل .



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم المجتمع المدني العالمي
- رؤية هيجل للمجتمع المدني
- مفهوم المجتمع المدني
- العلمانية في الدساتير الفرنسية
- هل تغيرت العلاقة بين الدين والدولة في فرنسا ؟
- إشكاليات قانون العلمانية في فرنسا
- إدارة العلمانية في ألمانيا
- الولايات المتحدة : العلمانية والدين بين المجتمع و الدولة
- الثورة اليسارية في الاسلام
- المفاهيم المبهمة للعلمانية
- الجابري والاعراب نظرة ورأي
- موت النزعة الانسانية في العالم الاسلامي
- ابن خلدون ومكيافيلي في عيون الوردي
- من اسباب الخلاف بين الدين والسياسة
- أول أنتصار للدولة على الدين في الاسلام
- المعتزلة وتبني منهج العقل
- شر البلية ما يضحك
- تاريخ الالحاد
- يا حوم اتبع لو جرينا *
- خوارق اللاشعور


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رباح حسن الزيدان - مفهوم العلمانية