|
من يرعبه الخطاب الديني لا يقود التغيير
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 21:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
البرادعي ، وفي أثناء معركة الإستفتاء ، وصف توظيف الخطاب الديني من أجل دعم نعم ، بإنه مرعب ، و ذلك في تعليق له . يبدو بالفعل أن الخطاب الديني كان شديد الوقع عليه ، لدرجة أن الرعب منه جمده ، فلم نشاهد له حملة حقيقية لشرح الموقف للشعب المصري ، فكانت قيادته الضعيفة الواهنة لحملة التصويت بلا سبباً في تلك الهزيمة الثقيلة التي منينا بها في مارس 2011 . أنا أعلق على ذلك التعليق برغم أن الأحداث تجاوزت معركة إستفتاء مارس 2011 ، لأن تعليق الدكتور محمد البرادعي ، رغم قصره ، يكشف جانباً مهماً من شخصيته ، و أفكاره ، و يلقي الضوء على المستقبل ، سواء مستقبل حملة البرادعي ، و حظوظه في الفوز ، أو مستقبل مصر في ظل قيادة البرادعي لو فاز - لا قدر الله - بمنصب الرئاسة . تعليق البرادعي يكشف التالي : أولاً : البرادعي يبدو إنه غير متصل بالواقع المصري ، فهو يتصور أن السياسة في مصر هي على النمط النمساوي ، و ربما نسى نفسه فتصور إنه يتنافس على منصب الرئاسة ، أو منصب المستشارية ، في النمسا . يبدو أن الحماية التي لازال يسبغها عمر سليمان - حاكم مصر الحقيقي في الوقت الراهن - على البرادعي للآن ، جعلته لا يعرف أن كل شيء في الحقيقة مباح إستعماله في الإستفتاءات ، و الإنتخابات ، المصرية ، و ذلك من الضرب تحت الحزام ، بالتشنيع ، و ترويج الإشاعات القذرة ، إلى إستخدام المال لشراء الأصوات ، إلى إستعمال أرباب السوابق ، و العاهرات ، و أن كل ذلك كثيراً ما تم تحت إشراف الأجهزة الأمنية الرسمية ، التي يفترض إنها تابعة للدولة ، أي للشعب ، و ليس للنظام الحاكم . ثانياً : إرتعاب البرادعي من الخطاب الديني دليل أخر على إنه لا يفهم المجتمع المصري حق الفهم ، و أنا هنا لا أعيب عليه إنه قضى شطر كبير من حياته خارج مصر ، فأنا شخصياًً في المنفى منذ سبع سنوات ، و لازلت ممنوع من العودة لمصر لليوم ، و لكني - و بعكس البرادعي - ملم بالمجتمع المصري ، بمشاكله ، و بتطلعاته ، على السواء . الشعب المصري أكثر الشعوب تديناً في العالم بحسب دراسة حديثة ، و هي حقيقة تدعمها المشاهدات ، و تدعمها الشهادات التاريخية ، لعل أشهرها - و ربما أقدمها - شهادة المؤرخ الإغريقي هيرودوت . شعب مصر ، بمسلميه ، و مسيحييه ، و غير ذلك من المعتقدات ، هو أكثر الشعوب تمسكاً بالدين ، فطبيعي أن يشكل الخطاب الديني جزء من خطابه العام ، و بالتالي جزء من خطاب فصائله السياسية ، و خطاب قادته الشعبيين . النصوص القانونية التي يُراد بها تحجيم الخطاب الديني في مجتمع متدين بطبيعته ، لدرجة أن الدين يجري في دمائه ، لا يمكن أن تفلح ، لأنها لا تتماشى مع طبيعة الشعب التي تريد أن تتحكم فيه . لهذا لا يمكن أن يفلح سياسي مصري يرعبه الإستماع للخطاب الديني الصادر عن خصومه السياسيين ، خاصة في مرحلة يتطلع فيها الشعب المصري إلى تغيير إيجابي حقيقي . هذه النقطة - و هي الثانية في الترتيب في هذا المقال - تدفعنا للنقطة الثالثة . ثالثاً : القضايا المتعلقة بالدين في مصر حالياً لا تقل في الأهمية عن تلك المتعلقة بالإقتصاد ، و ماء النيل ، و العلاقات الخارجية ، الإقليمية ، و الدولية ، و في مجتمعنا المصري المتدين بطبعه ، لا يمكن التعامل مع القضايا المرتبطة بالدين ، و منها تلك التي كانت سبباً في الكثير من التوترات الطائفية ، و لا أيضاً السير بالمجتمع المصري قدماً للإمام ، أي لا يمكن إحداث تغيير إيجابي ملموس ، و له صفة طول العمر ، و ذو حجم كبير ، بدون أن يكون قائد الدولة قادر على الخوض في المسائل الدينية ، خوض عارف ، و لا أقول خوض فقيه ، أو عالم . لكي يحدث تغيير إيجابي حقيقي في المجتمع المصري ، تقوده الدولة ، و بإسلوب مسالم ، فعلى قائد الدولة أن يكون قادر على أن يخوض ، و أن يدير ، حوار ديني محترم ، و عميق ، مع من يتفق معه ، و مع من لا يتفق معه ، من علماء الدين ، و مع السياسيين من بعض التيارات السياسية ذوات الصبغات الدينية التي تتبنى فكر مدارس فقهية مختلفة ، و أن يكون قادر على شرح الموقف للشعب المصري مباشرة ، و هذا الحوار ، و ذلك الشرح ، لن يكونا أبداً من جانب شخص يرعبه الخطاب الديني ، لدرجة إنه يجمد أوصاله ، و يعقد لسانه . البرادعي بخصائصه الشخصية السلبية في ميدان التواصل الإجتماعي ، المشابهة لخصائص جمال مبارك ، و منها ضعفه في النقاش ، و المناظرة ، و فقده للقدرة على التواصل مع الجمهور ، و إفتقاره لصفات القيادة ، مضافاً لذلك إرتعابه من الخطاب الديني ، هو هدف سهل للنظام ، و لن يقود أي تغيير لو فاز . البرادعي هو مرشح الأمن لشغل مقعد مرشح المعارضة ، في الإنتخابات الرئاسية القادمة ، لأنه الأضعف ، و حتى لو حدث و فاز بالرئاسة - لا قدر الله - فإن عهده سيكون إستمرار لتحكم الأمن في الشأن الداخلي المصري ، تماماً كما في حال فوز مرشح عمر سليمان ، أي في الحالين إستمرار للأوضاع الداخلية كما عهدناها في زمن مبارك المظلم ، لأنه سيكون أسير لمستشاريه الذين سيقدمهم له الأمن ، كما قدم له بعض أعضاء جمعية التغيير الداعمة له ، و مثلما يدعم الأمن حملته في فيسبوك حتى يكون مرشح المعارضة . الأمن يريد من الشعب المصري التصويت لواحد من إثنين ، البرادعي ، أو المرشح شبه الرسمي للنظام ، أي لواحد من إثنين لا يمسان نفوذه . دعمكم لحملتي للترشح للرئاسة ، و الذي يبدء بدعمكم لحقي في تجديد جواز سفري المصري ، و هو جواز سفري الوحيد ، و حقي في الخروج سالماً من رومانيا ، التي يتعاون جهاز إستخباراتها مع جهاز إستخبارات عمر سليمان ضدي ، ثم لحقي في العمل السياسي بحرية في مصر دون التعرض للإعتقال ، هو دعم للتعامل بجدية ، و حسم ، على أساس المصلحة العامة للشعب المصري ، مع القضايا المصرية ، الداخلية ، و الخارجية . لازال هناك وقت . إستعيدوا مصر .
03-04-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مباحث أمن الدولة تحاول الوقيعة بين الشعب و جيشه
-
إسبوعان من التظاهر و سيقف مبارك و سليمان أمام المحكمة
-
عندها سترون كيف تكون المعارك
-
حتى تصبح المبادئ و الأهداف واقع
-
الفرص يجب أن تتكافئ أولاً
-
جُمع قتل الثورة
-
هل سينطبق نموذج أمريكا اللاتينية على البحرين ؟
-
لكن النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف
-
كنا سنقضي على القذافي قبل الثالث من مارس 2011
-
في هذه الحالة سأخوض الإنتخابات الرئاسية
-
النفط العراقي يمكن أن يدعم الديمقراطية في الخليج
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي
-
ثورتنا على الظلم و الإفقار حلال
-
برغم الخطأ تظل الدعوة للغضب قائمة
-
يوم الإستفتاء يوم للغضب
-
على الثورة أن تقدم دستورها البديل ، أو مشروع دستور 2012
-
كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير
-
دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب
-
الثورة هدم و بناء ، و علينا أن نهتم بالعمليتين
-
لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|