|
البكاء..--Grisis1946- وسفينة إلى الهند 1947 لانغمار بيرغمان
بلال سمير الصدر
الحوار المتمدن-العدد: 3322 - 2011 / 3 / 31 - 22:57
المحور:
الادب والفن
البكاء..""Grisis1946" وسفينة إلى الهند 1947 لانغمار بيرغمان بيرغمان يبدو هزيلا في أول أفلامه يبدأ بيرغمان في فيلمه الأول هذا كمخرج بصوت راوي يخبرنا عن قرية هادئة وفقيرة،اقرب إلى العزلة ولكن هناك شيء قادم بحضور سيدة غنية إلى القرية، ومعها ستبدأ هذه المسرحية، والراوي يقول أنها دراما تحدث كل يوم ، ولا يمكن القول عنها أنها مرعبة بل كوميدية... الصراع يبدو واضحاً بين سيدتين ، فالسيدة الأولى أم لفتاة تدعى نيللي التي تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما في أحداث الفيلم وهي تريد أن تأخذها إلى استوكهولم بعد هذا الهجران الطويل من مربيتها الحقيقية" Mutti". الفيلم يظهر كأنه يعبر عن اختلاف الطبقات، بيرغمان يروي قصته بأساليب مألوفة سينمائياً تختلف تماماً عن لغته السينمائية القادمة واتي اشتهر بها فيما بعد،بحوارات مكثفة وهو المشهور بالتقشف الشديد في حواراته، وتكاد شخصياته تمتهن الصمت، ولكن يضيف المعاناة بمعناها الدرامي الجزئي وليس بمعناها الكلي ، فمن المعروف عن بيرغمان انه يناقش القضايا الكبرى والعنصر الإنساني بمعناه العام، من خلال الخاص بل الخاص جداً. والقصة تبدو مألوفة ومفبركة أحيانا وتتجه أحيانا نحو المبتذل والمتوقع، ولولا عنصر المعاناة والإيقاع الحزين لاعتبرنا أن هذه القصة هي احد قصص الأربعينات الرائجة جداً في تلك الفترة في هوليوود وغيرها، وبيرغمان يوظف الموت في الفيلم لإيقاع القصة ضمن المتوقع، والإيقاع الذي يلحن عليه بيرغمان يبدو ضعيفاً، ولا ينبأ أبدا بان هناك مخرج على شاكلة بيرغمان قادم بقوة... وعندما تشعر" Mutti" باقتراب اجلها، تذهب لرؤية نيللي في المدينة،التي تقع ضحية لجاك المخادع الذي كان يعبث أصلا مع والدتها. والقصة عند الذروة إلى حد الميلودراما. فيلم "البكاء.. 1946" هو سرد طبيعي لقصة درامية تخلو من العنصر السوداوي، ومن التوظيف السينمائي المبدع غير العادي الذي ألفناه عند بيرغمان، ولكن قد تكون هذه القصة هزيلة ولكنها قد تكون أيضا مقدمة صحيحة لما سيقوله بيرغمان لاحقاً. وربما الفقر والمرض والانتحار أيضا وهي احد المواضيع الأثيرة عند بيرغمان هي التي ألهمت مخرجنا للكتابة عن معاناة الإنسان لاحقاً. ولكن بيرغمان يبدو محايداً جداً في هذا الفيلم وكأنه سارد وربما هذا هو الهدف من استخدام سارد للأحداث في البداية كمقدمة لأحداث الفيلم. إذا الظهور الأول لبيرغمان كمخرج كان هزيلاً، وكلمة الظهور الأول بحد ذاتها تعطي التبرير لبيرغمان على هذا الظهور الهزيل. والفيلم قد يكون جيداً ولكن من المستحيل أن نقول ذلك إن كان بيرغمان هو المخرج... أما الفيلم الثالث في مسيرة بيرغمان (سفينة إلى الهند 1947) فهو يبدو بأي حال من الأحوال أفضل من فيلم البكاء لأنه من الممكن مشاهدة العناصر الأثيرة المعروفة لاحقا عند هذا المخرج فجوهانسون (Birger Malmsten) وبعد سبع سنوات من الغياب وهو المحمل بالذكريات غير السعيدة حول هذا الماضي المظلم فيقرر استرجاع ذكرياته ليتحرر من الألم الذي يصطرع في داخله خاصة عندما يعلم من حبيبته سالي أن والده توفى بمرض ذات الرئة. الوالد القاسي( الكابتن Blom) كان يعذب جوهانسون في صغره ولم يكن يحبه بسبب الحدبة التي في ظهره(أي في ظهر جوهانسون) بل لازال يعايره بها حتى بعد أن صار شابا،والأب شخصية ديكتاتورية تتسكع في عالم الاستعراضات ليلتقط منها (Sally ) ويحضرها للعيش معه في القارب على الرغم من وجود الزوجة وتنشأ حالة من الكره الشديد بين الوالد وابنه خاصة عندما تقع سالي في حب جوهانسون وتعترف بعدم حب الوالد. يحاول الكابتن Blom وهو الذي تنبأ الأطباء بأنه سيفقد بصره بعد فترة قصيرة قتل ولده ثم يحاول الانتحار برمي نفسه من أعلى الشرفة ولكن بدلا من أن يموت يعيش مشلولا ما تبقى له من العمر. على الرغم من أن جوهانسون يعاني من مشاكل نفسية عميقة من النظرة الاجتماعية الدونية والانتقاص الذاتي والعقد الشخصية،وعلى الرغم من وجود أبعاد للشخصيات من حيث تعمد العزلة والكره الذي يحيط بكل شيء من خلال هذه العلاقة التي تحكم الشخصيات المركزية الأربعة ولكن بيرغمان لم يناقش ذلك بطريقة عميقة باستثناء مسحة الحزن الواضحة على وجه جوهانسون،ومقارنة مع فيلم البكاء فهذا الفيلم يبدو أفضل ويمكن البحث فيه عن عقد درامية والتمحيص عن مدلولات خفية ويبدو بحد ذاته فيلما نقيا صافيا مركزا على عقد عديدة دون الدخول في التفاصيل...تلك التفاصيل التي أكسبت بيرغمان شهرته هذا على الرغم من أن الفيلم أحيانا يقع في الميلودراما غير المحسوبة أبدا ويحاول استدرار العواطف ويظهر أحيانا شيئا من إبداع بيرغمان القادم في استخدام زوايا الكاميرا حين يسلط الكاميرا على ظل الوالد وهو يحاول قتل ابنه بحيث ظهر الوالد من خلال الظل كالوحش تماما،في لقطة تشبه إن لم تكن تحاكي تقنيات التعبيرية الألمانية.... فيلم (سفينة إلى الهند1947) لا زال ينقصه الكثير وهو متخلف تماما حتى عن أفلام بيرغمان متوسطة المستوى على شاكلة العار وساعات الذئب.
#بلال_سمير_الصدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليالي كابيريا1957 لفدريكو فليني:كابيريا:الشخصية الوحيدة التي
...
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|