|
مهرجان الحب والثقافة
قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3322 - 2011 / 3 / 31 - 14:44
المحور:
الادب والفن
احبك يا مدينتي حبين، حب لأنك مسقط رأسي وعلى ارضك اكتسبت حقوقي كانسان وإن تَكُ تلك الحقوق مازالت منقوصة غير كاملة. وحب لأنك مدينة التاريخ والحضارة والتألق. احبك ايتها المدينة التي زاد عمرها على خمسة قرون ولكنك تثبتين لمدن العالم أنك صبية جمالا ودلالا وصبابة .احبك يا مدينة مدني صالح، ويوسف نمر ذياب ،وسعدي السعدي والكثير من المبدعين الأحياء . احبك ايتها الملهمة لنا وللآخرين. انني احبك مفتخرا الى الحد الذي قد اكون فيه مغرورا غرورا لا يفسد الود الذي بيني وبينك، وبيننا نحن ومن يعرفك. احبك يا مدينتي لأنك تحبين الناس كافة. لا فرق عندك بين الغني والفقير. ولا فرق عندك بين القوي والضعيف. ولا فرق عندك بين الأسود والابيض. ولا فرق فيك بين حواء وآدم فالكل عندك خلُق في أحسن تقويم. احبك يا مدينتي لأنك حضن دافئ ينبض بالحب عرافا للجميل ونكرانا للذات. أحبك لأنك الماضي بأبهى صوره والحاضر بأحلى أيامه. احبك لأنك الوداعة والأنس والمحبة. للناس يا هيت في مدنهم عيد او عيدان، وللمدن جيل او جيلان، ولكن العيد فيك اعياد والجيل بأحضانك أجيال. اكتب اليوم عن حبي لهيت وهذا غير جديد، فانا متيم بها وباهلها. ولكن ما اكتبه اليوم غير الذي كتبته في الايام الخوالي، فحيث زلزال اليابان وقتلاه، وحيث انتفاضات الشعوب العربية وثوراتها على انظمتها الفاسدة التي تكلل الكثير منها بالنصر، عقد (الشباب) في هيت مهرجانهم الثقافي السنوي الثاني للفترة من24 الى26/3/2011. لقد كان المهرجان حافلا بالكثير من الفعاليات الادبية والفنية ساهم بها العديد من مثقفي وفناني العراق .فلا تكاد محافظة من محافظة العراق لم يحضر عنها ومنها اديب او شاعر او فنان .حضر الجميع للمشاركة في المهرجان بإبداعاتهم ،وجاءوا ليقدموا لهيت ولأهلها شعرا ،ونثرا ،ولوحة ،ومقالة ،ومحاضرة، تكريما للأدب والفن ولمحبيهما. ولم يأت اي من هؤلاء البررة لمال او لجاه. وقد جاء البعض منهم من منفاه ليقدم للهتيين ما جاد به. لقد شارك الفنان المبدع سعدي الحديثي بالمهرجان محاورا ومناقشا ومنشدا في جلسة خصصت له تحت عنوان (سعدي الحديثي – عابر الليل-) ولكن فناننا الأصيل لم يكن عابر ليل بل كان سيد يوم في هيت، فقد اعاد الجميع الى ايام اعالي الفرات الجميلة، الى حيث النايل و العتابة والسويحلي. وادت الأم آزادوهي صموئيل مشهدا مسرحيا راقيا أداءً ورصانة ومعنى. ابكت به الحاضرين بالقدر الذي افرحهم ،وقد عبرت به ومن خلاله عن مأساة الأم العراقية ومعاناتها في حروب وطنها الخاسرة .لقد قالت (الأم آزو ) - ولنسميها منذ اليوم بهذا الاسم – :(تبا للحروب) وسنقول معها: تبا للحروب ومرحى للسلام. وما بين الشعر والنثر والقصة ونقدهما وحلقاتهما النقاشية ومحاورهما توزعت القصائد في مروج جميلة ،تميزت بمشاركة رائعة من شاعرات عراقيات مبدعات. ومثلما هي القصائد زهور فقد كانت فقرات الجلسات الأدبية عابقة بعطر المحبة و(ريح العين) فكان للحاضرين موعد مع دراسات نقدية لديوان ،وبحث في قصيدة النثر، ومحاضرة في الزمن كمعيار في القصة القصيرة ،ونقد للمشهد القصصي في الانبار. وفي المحاور الثقافية العامة توزعت الجلسات. فكانت متنوعة معبرة عن صلة مباشرة وعن حاجة ماسة للناس ليزدادوا معرفة وثقافة ، فكانت محاضرة في الإعلام الإلكتروني ودوره في تشكيل الرأي العام، ومحاضرة في الثقافة البيئية، ومثلها في العنف الأسري ،ومحاضرة في الخط العربي ونشأته في محافظة الانبار، وقد ذكر المحاضر رأيا يقول: بان الخط العربي نشأ في مدينة هيت وبالذات في منطقة (بقة) التي تعرف اليوم بقرية (حسين بك) . وما بين الاستماع وعشق الشاعر لبعض الحي ،لابد لنا ان نعشق بعيوننا، وان نترك عشق بشار وأذنه. فكانت معارض المبدعين من ابناء المدينة وضيوفها زاخرة بكل ما هو رائع وجميل. فقد تضمن المهرجان معرضا للكتاب ،ومعرضا للسيراميك، ومعرضا للموروث الشعبي، ومعرضا للفن الفوتوغرافي. كثيرون هم المشاركون في هذه المعارض ولا اريد ان اذكرهم بالأسماء فأنسى واحدا منهم فيفسد النسيانُ للود قضية، ولكنهم جادوا فأجادوا. وما بين الصبح والعصر ،وما بين المغرب والعشاء، مرت (لمّات) كثيرة من خيالة الثقافة الأصيلة كانت لهم جلسات توزعت على وفق منهج منظم ودقيق. فمع صباحات فيروز عاش الهيتيون وضيوفهم ايامهم الثلاثة في ود ووئام وصداقة ستخلدها الأيام. وحين غنت لهم (زوروني كل سنه مره) غنى الضيوف معها في يوم المهرجان الأول، فزاروا متحف الشهيد احمد عفتان الذي ابهر حسن تنظيمه وترتيبه ومحتواه ضيوف المهرجان. لقد كان المتحف هيتا تاريخا، وتراثا، وحضارة . لقد اعادني المتحف الى ايام طفولتي وصبابتي وفتوتي وشبابي .ولكنني في ذلك اليوم لم أتمنَ، ولم يخطر على بالي قول الشاعر: الا ليت الشباب يعود يوما ....لأني رأيت سنين عمري فرحا بعيون الزائرين. ولم ينس الهيتيون ابن مدينتهم البار مدني صالح فقد خصصوا له جلسة مستقلة تليق به وبمكانته العالمية والعربية والوطنية ،فكان موضوع الدراسة (مدني صالح ،الاستقلال الفلسفي) وكانت شهادة حق من طالب لأستاذه. ومثلما هي مدينتنا مدينة للشعر، فهي مدينة للغناء - كما شهد لها ابو نؤاس بقوله: وعندنا ضارب يشدو فيطربنا.... وكان ذلك الضارب من أهل هيت وكان كما قال ابو نؤاس : سخي الجرم ذي أدب ... ، ولم ضاربنا في ايام المهرجان هيتيا ،فقد عزف لنا فنانون مبدعون على العود والقانون الحانا من التراث الموسيقي العراقي الأصيل .و كان جمال كريم كريما في عطائه حين غنى لنا (معاندين) و (محطات) ولكن عناده لم يدم أمام رغبة الجمهور فأدى رائعة نجاة (عيون الحب ) وانشدنا فابهرنا بهذا المقطع :(انا كل الي محيرني ومخلانيش أنام *** ازاي انا بسهر وازاي تئدر تنام)، ولكن الجميع سهروا ليلتهم تلك كما سهرتها نجاة ولم ينم منهم في هيت أحد. لن اتكلم عن طيبة أهلي وبشاشتهم وكرمهم فهذا ما لم تقره الأعراف ،ولا القيم الاجتماعية ،ولن افتخر بهذا بل اتركه لتقويم من حضر المهرجان من الضيوف الكرام ولكني اقول للجميع باننا نتمثل بأقوالنا وبأفعالنا بقول المتنبي العظيم: على قدر أهــل العزم تأت العزائم ***** وتأتي علــى قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها ***** وتصغر في عين العظيم العظائم والى ان نلتقي في المهرجان الثقافي الثالث استودع الجميع خيرا. والى هيت نسائها ورجالها الذين كانوا وراء اقامة المهرجان ونجاحه الف تحية وتقدير وكل مهرجان وهيت وأهلها وعراقنا وشعبنا بألف خير.
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زينب
-
عجيب امركم يا حكام العرب
-
قصيدة ايمان
-
حكومة من أزبري
-
ثورة الرافدين
-
الليلة التي لم يرحل بها مبارك
-
قميص أحمر
-
أسئلة مشروعة
-
إني قحطان محمد صالح الهيتي
-
عيناك هذا العالم المسحور
-
اعرفيني أولا
-
حبيبتي عمرها حبي
-
ولي انت
-
الحب والستون
-
مدينة ،ورجل ،وتراث
-
عام وأمنيات
-
الأدب والدين وحقوق العراقيين
-
الحوار والتمدن
-
طالب القرغولي وفرح العراقيين
-
مسكين ، ومسكينة ، ومساكين
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|