أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - لا تقل السلف الصالح بل قل الخلف الصالح















المزيد.....

لا تقل السلف الصالح بل قل الخلف الصالح


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 3320 - 2011 / 3 / 29 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فلم ولن نعدم الوسيلة في أن نكون نحن الخلف أيضآ صالحين وأن نكون نحن الخلف أيضآ محترمين ، لا يجب أبدآ أن نظل أسر فكر ماضوي ونعيش في عصور غير عصرنا ونتمثل أمورآ ومظاهر لا تمت لمعايير ولا مظاهر عصرنا بصلة فنكون كمن يصر على ارتداء الجلابيب وسكنى الخيام وركوب الجمال ويرى في اطلاق اللحى بشكل كث دلالة على الايمان والوقار وطريقآ الى الدرجات العلى في يومنا هذا .

ان المسألة تتمثل لا في الوقوف على الشكلية والمظهريه الثابتة لعصر ولى ومضى ولا على حرفية ثابتة لنص ، وانما ايمانآ فعليآ بأن الدين فعلا صالح لكل زمان ومكان لا مجرد مقولة تلوكها الألسنة في اطار سعي أصحابها الى اعادة انتاج الماضي وتمثله وأنه الطريق الوحيد للنهضة المزعومة التي يدعون اليها وبما يعنيه ذلك من انسلاخ وانفصام مجتمعي وعقلي وحتى مظهري عن الواقع وعن الحاضر لصالح البائد والماضي .

هذا الايمان الفعلي بالصالحية الأبدية للدين لكل زمان ومكان يستلزم لتحقيق وديمومة هذه الصلاحية أن نعي تمامآ زمنية النص وزمنية التفسير والتطبيق فلا نحمل كتب التفسير وكتب التراث أكثر مما تحتمل فأهلها حينما أبدعوها (مع عدم التسليم بالموافقة على كل ما أتوا به) فهم في النهاية انما هم بشر لا ملائكة ولا رسل ولا معصومين لهم ظروفهم الحياتيه والتاريخية وبيئاتهم التي عاشوها وماتوا فيها فلم يموتوا فينا بل ماتوا وحالوا ترابآ قبل ان يولد أجداد أجدادنا ، فكل بيئة وكل عصر يفرضون على أهلها نمطآ معينى من الأطر القيمية والفكرية التي تستجيب لتحديات ومفاهيم هذه البيئة فلا وجود لعالمية المفهوم والتفسير ولا اطلاقآ لعمومية الشرح والتوضيح الا لنص مقدس وارد في كتاب أنزل من لدن الرحمن الرحيم ، أبدعه الله فعلآ ليكون منارة للعقول الحاضرة على شواطئ كل زمان ومكان .

ان الايمان الحقيقي لا مجرد المقولة الكلاميه بأن الدين دائم وصالح لكل زمان ومكان هو السلاح الأساسي في المعركة الذهنيه ضد الكفر والالحاد ، ان الأصل والغاية النهائيه للدين هي تحقيق العدل الالهي ذلك لأن العدل أساس الملك والملك لله فلا يرث الله أرضآ يشيع فيها الظلم والبهتان والبغي والبغيان ويحكمها قوم من ظالمين الديكتاتوريين الذين تتحلق حولهم جماعات ممن أسموا أنفسهم رجال دين (سواء كانوا ممن يرهبون أو ممن يتكسبون فالدين لديهم في النهاية مصدآ لأذى وزلفى لحاكم أو مصدرآ لدخل وعز دائم) ليحللوا ويشرعنوا ما بفعله الحاكم الظالم ويكرسوا حكمه وحكم أولاده من بعده وكله باسم الله ورسوله والدين فيجتروا المناسب من الآيات ويخرجونها من سياقها الكلي نصآ ودلالة ويروجوا ويوقنوا الايمان بأحاديث هنا وهناك تنسب الى الرسول الكريم تشرع الظلم وعدم الخروج عن الحاكم والقبول بأن تكون فيكم أمة تورث عصرآ بعد عصر وتنهب ثرواتها يومآ بعد يوم .

يبتعدون بذلك بالناس عن الكينونة الحقيقية المرادة من الله للناس ألا وهي المحبة والعدالة والحرية والمساواة ، فكما قال ابن القيم الجوزيه والأهم كما يقول المنطق والعقل السليم ان (الناس عطلوا العقول وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد وسدوا على الناس طرقا كثيرة هي طرق الحق ظنا منهم بمنافاتها للشريعة ) ، فأينما كانت مصلحة المسلمين كان شرع الله ووجهه كما قال ابن تيميه وابن القيم الجوزيه أيضآ .

ولكن تحديد وتعريف هذه المصلحة اختص بها نفر من الناس أنفسهم ولا يقبلون جدالآ ولا نقاش في ذلك لا عتبارات من ضيق أفق أو سعي لسلطة أو جاه وشهرة ومال ، لا يؤمنون أو يتجنبون الاقرار الحقيقي الواقعي بأنهم محض بشر يمكن أن يصيبوا ويمكن أن يخطئوا ، يمكن أن يكون قولهم صواب يحتمل الخطأ وقول غيرهم خطأ يحتمل الصواب ولا ضير في ذلك ، فقد أخطأ سيدنا عمر بن الخطاب وأصابت امراة من العوام لا هي عالمة ولا فقيهة في الدين ، وقال الهدهد لسليمان } أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأٍ بنبأٍ يقينٍ } [ سورة النمل / 22[ فمرة أخرى ما عرفناهم ملائكة ولا رسلآ منزلين ، فلا وجود لمن يعرف باسم أعلم أهل الأرض فلو كان لهم وجود فالأولى ان يكونوا الأنبياء والرسل ، اذن فلم لم يستطع سيدنا موسى عليه السلام من أن يدرك الماهية الحقيقية لأفعال عبد الله الفاضل الخضر رحمة الله عليه ، ولم قال سيدنا محمد رسول الله أنتم أعلم بشؤون دنياكم .

أليس هناك ما يعرف بالمذاهب السنية والشيعية ، أليس على رأس كل مذهب من تلك عالم أو امام كل يرى الدين بمنظور معين يختلف مع غيره في جوانب ويتفق في جوانب ، أي أنهم في النهاية رأوا في الدين ومن الدين ما لم يراه غيرهم ، فلماذا اذن رفض المخالفة أو المغايرة أو قصرها فقط على ثلة من الناس الاقدمين وحرمان الحاضرين بل وحتى المستقبلين من سنة الخلاف والمغايرة طالما ان الهدف الأوحد والأسمى هو تحقيق الامر الالهي بالمحبة والعدالة والحرية والمساواة في كل عصر وكل مكان لا في عصر واحد ونسخه في كل العصور بما لا يستجيب لسنة بل فريضة التطور والتقدم ، ففكر نسخ القرآن على الألواح والجلود غير فكر نسخه على الاوراق غير فكر يسمعه على الاذاعات والتلفاز غير فكر يقرأه على شاشات الكمبيوتر ، فان كان هناك تطور في كتابة النص فلابد أن يكون هناك تطور في قراءة النص ، لقد وهب الله سبحانه وتعالى لنا العقول ولايمكن ان يعطينا شرائع مغايرة لهذه العقول كما قال ابن رشد .

أوَليس عثمان وعلى ومعاويه بن سفيان والزبير بن العوام وطلحة بن عبد الله وعائشة وغيرهم عشرات من الصحابة والحسن والحسين وزين العابدين أليس كل هؤلاء سلف صالح اذآ لماذا حدثت في عهدهم الفتنة الكبرى والحروب والمعارك التي تشعب وتفرق فيها المسلمون دروبآ ومذاهب وطوائف والتي لا يزال المسلمون يعانون منها حتى اليوم ويكفر كل فريق الآخر ، أليس معاوية بن سفيان الذي حارب المرتدين في حروب الرده وولاه عمر بن الخطاب على الأردن ودمشق وولاه عثمان على كل الشام ، أليس هو ذاك الرجل الذي أسس الملك العضوض في الاسلام وجعل المسلمين أمة تورث الى أبناء الملوك ومازلنا بسبب تلك السنة السيئة التي استنها معاويه نعاني أشد المعاناه من الظل والديكتاتوريه ناهيك عما فعله هو وأتباعه في أهل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، أليس هؤلاء كلهم من السلف .

فان جنبنا جانبآ أركان الاسلام الخمسة المعروفة والنهي عن القتل والسرقة والزنا والربا والغش والخداع وهي أمور معلومة بالعلم العام بل وفي كثير منها فطرية وكل ما سبق تمثل أركانآ معلومة في كل دين مع اختلاف في الطريقة والأداء ، فان خالفت فيما يدعون اليه أو ما وصلت اليه زناد أفكارهم قالوا انك خارج عن اجماع الامة عن أية أمة يتحدثون ما علمناهم يومآ قد اتفقوا على كل شئ بل هي مذاهب وطوائف وفتاوي من كل شيخ تغاير الآخر ، وما علمناهم أجروا استفتاءً بين الناس على أمر من الأمور التي يريدون الزام الناس بها ، والذي ان حدث يظل بعده كل امرئ مسؤول أمام ربه عما يفعل هو لا عما يفعله غيره لأن كل نفس بما كسبت رهينه ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وجزاؤه الى الله ، والله يعلم ونحن لا نعلم ما في النوايا وما تخبئ الصدور .

ان الشهداء الذين يسقطون في ثورات التحرر العربية التي اندلعت في كل انحاء العالم العربي ضد الظلم والفجور والطغيان ضد الفساد والافساد ، لا فقط ضد حكام طغوا وبغوا ظلوا سنين طويلة ماكثين على عروشهم بلا عمل وبلا اجتهاد بل ضد خوف تمكن في القلوب قرونى طويلة فما اورثنا الا الفقر والمهانة وضياع شأننا بين الأمم ، فلازلنا أمم تعاني أغلبيتها الساحقة من الفقر والحاجة والعوز وتستشري الأمية والجهل والمرض في عقول وأجساد الكثيرين من أبنائها ، وهي تعوم على بحور من الخيرات حتى تلكم التي لا تمتلك في باطن أرضها ذهبى أسود فانها تمتلك على سطحها ذهبآ من كل الألوان علمناه من كم المليارات المنهوبة في دولة ( أفقروها ) كمصر .

لما عندما بدأت الدعاوي الى الثورة في السعوديه وفي كل مكان سعى كثير ممن يسمون أنفسهم سلفيون الى الدعاء في السعودية و مصر من على المنابر ألا تخرج ثورات في السعوديه مرددين أن يحفظ الله بلاد الحرمين وأن يديم عليها الاستقرار والأمان في اطار من التلاعب بالألفاظ والنوايا كما وأن استمرار الظلم والقمع والديكتاتوريه وتوريث الحكم هو الاستقرار والسلام والنعيم ونقيض ذلك من عدل وحرية ومساواه هو الفوضى عينها والدمار شأنها والخراب طريقها .

أليس أعظم الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر ، أليس هؤلاء من قال الله فيهم }ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتآ بل أحياء عند ربهم يرزقون {، فلم حرم من يسمون أنفسهم مشايخ وعلماء دين وأيضآ أعضاءً في هيئة كبار العلماء تلك المظاهرات والثورات واعتبروها اثم وعدوان لا على الحكام فقط بل على الله أيضآ متخذين آيات الله هزوآ مخرجين اياها من سياقها ودلالاتها ومقاصدها مستغلين اما جهل وسطحية عند اناس واما أناس جبلوا على الخوف والجُبن والسلبية فتلقفوا ما قالوه من يسمونهم علماء ليبرروا بذلك جبنهم امام أنفسهم وأمام أولادهم .

فانه وفقآ لفتاوي هؤلاء فان تلك الثورت عار وذنب وخطيئة مدنسه لابد من التبرأ منها والتوبة عنها حتى نقابل الله بقلب سليم أو هكذا يقولون ، وبالتالي وبشكل منطقي وواضح لالبس فيه فان من يسقط قتيلآ في هذه الثورات لا يعد شهيدآ بل آثم قلبه وسَئٌ فعله ولابد من الاستغفار له لعل الله يخفف عنه العذاب ، فأي دعوة وتشجيع ودعم للظلم والبهتان أكثر من ذلك والقبول بجور الحاكم وبطشه ورضاء بمهانة بين الأمم التي حققت أمجادها بحريتها وعدالة حكامها احقاقآ للقول بل للحكمة بأن الله ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الأمة الظالمة ولو كانت مؤمنة .

وان عد من سقط قتيلآ في هذه الثورات عد شهيدآ والشهداء منزلتهم معروفة عند ربهم باجماع شيوخ وأئمة التفسير وباجماع العامة كلهم أوَ ليس الله سبحانه وتعالى هو القائل أيضآ }ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق{ ، } ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيمآ { ،}ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة{ نفهم من هذه الآيات الكريمة وذلك فعلآ أن الانتحار باطل عظيم يسقط كل عمل صالح قام به صاحبه ويدخل صاحبه الى النار وذلك باجماع كتب التفسير لشيوخ وأئمة كل العصور ، اذن كيف نفهم ونتصور مصير من قتل نفسه حرقآ ... ليحرق بناره الظالمين والطغاه وينير بناره طريق الحرية أمام شعوب العالم ويزين بناره طريق الجنة أمام شهداء الثورات .

رحمة الله عليك يا شهيد الأمة يا أعظم الشهداء ... يا أيها الخلف الصالح ... يا محمد البوعزيزي .



#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس الأعلى وحماية الثورة المصرية
- دلالات غزوة الصناديق
- ردآ على النظام السوري
- ردآ على النظام السعودي
- نظرة في العلمانية
- ماذا تعني السلفية ؟
- في المادة الثانية من الدستور المصري
- في الخطاب والفكر الديني


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد حمدي سبح - لا تقل السلف الصالح بل قل الخلف الصالح