جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 23:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على المرء أن يثور على نفسه أولاً قبل الثورة على أي شيء آخر...
عندما تبدأ الثورة من الداخل ضد الإعتياد على قبول الواقع كما هو، وضد الخوف من تغييره، فعندها يمكنها أن تتحول إلى زلزال يهز الكيان من الخارج. فعلى الثورة أن تحطم الحواجز الداخلية قبل أن تنطلق لتخطي العقبات في الخارج... لأن الخارج ما هو إلاّ انعكاس لما هو في الداخل...
فمن لا يعرف معنى الحرية الداخلية سيتوه في بحثه عنها في حياته خارجاً، وفي الغالب سيصبح أسيراً للفوضى والعشوائية ظاناً أياهما الحرية...
وكذلك من لا يتمتع بالسلام والطمأنينة في الداخل لا يمكن له بلوغهما في الخارج حتى وإن كان كل ما حوله يدل على الهدوء والسكينة...
ومن لم يتذوق طعم المسؤولية في عمقه لن يكون قادراً على حمل ثقل التغيير والمضي قدماً باتجاه حياة أفضل...
فعلى الإنسان أن يمتلك ما يريده في داخله أولاً قبل أن يثور ويطالب بامتلاكه خارجاً...
إن الظلام القابع في داخل كل منا هو الدكتاتور الأعظم الذي ما زال يحكم البشرية...
نعم ففي الظلام تموت الإنسانية أولاً لتصبح بعدها كل عمليات القتل والتصفية و الإغتصاب والقمع أمور في غاية البساطة ودون أي رادع داخلي، حيث أنه هناك تكون قد بردت المحبة وتلاشت ومعها تحوّل الداخل إلى قفرٍ موحشٍ...
في ظلامه الداخلي يتخبط الإنسان باحثاً عن نفسه ولا يجدها لأنه في أول خسائره يكون قد خسر نفسه ظاناً أنه قد ربح العالم.
وفي الظلام يتحول المرء خادماً لهذا النظام وفي ذات الوقت يكون هو الضحية. يقود الآخرين في ظلامهم ليسقط الجميع في حفرةٍ لم يرها أيٌ منهم، فأعمى يقود أعمى يسقط الإثنان في حفرةٍ...
لا يمكن لأي ثورةٍ أن تنجح في نشر النور ما لم يكن النور ساكناً فيها...
فكم من ثورةٍ سُرِقَت وضاعت في غياهب الظلام لأنها كانت ثورة ظلاميين ضد الظلام وكل ما حدث كان أنه تم الإنتقال من ظلام هذا إلى ظلام ذاك... وما زال الظلام مستمراً....
ثورة الحياة هي تغلغل النور في أقبية الظلام.... هي عودة دفء الإنسانية لتلك القفار الباردة...
ثورة الحياة تبدأ بتفجر النور من الداخل... وتنتقل شعاعاً يملأ الآخرين إنسانيةً... وأمامه يتقهقر الظلام ويتلاشى تلقائياً... فإننا بالنور نحيا.. وبالنور نتحرك... وبالنور نوجد... وأماّ النور فينتظر أن يولد فينا... كيما من خلالنا يصل للآخرين ويولد فيهم...
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟