|
شاهد عيان من اللاذقية
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 12:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
سحقاً لهذه الثورة الزائفة ولهؤلاء الثوار الزائفين ولكل من يطبل ويزمر لهم من إعلاميين وصحفيين وكتاب و"بلاشفة" سوريين، وقندهاريين معروفين، ومرتزقة وإعلام رخيص متاجر بدماء وآمال وتطلعات الشعب السوري البطل. سحقاً لآلات البترودولار الإعلامية التي حاولت تأجيج الحدث واللعب على الأوتار الطائفية الخبيثة وتوتير الأجواء ونبش الأحقاد، وكل عتبنا ولومنا الأليم على كل من عتـّم علينا وخنق أصواتنا وهمشنا وقذف بنا إلى زوايا الإهمال المتعمد كي لا نفضح هذا الإجرام وما يحصل على أرض الواقع وترك الساح سداحاً مداحاً للمغرضين والأفاكين والمأجورين والمزاودين. وسحقاً للمال النفطي الخبيث الملوث والمخضب بالدم هو وأصحابه، هذا المال الذي لم يستخدم يوماً لا للتنمية ولا للتنوير ولا للتحديث بل لتنمية نزعات القتل والتخريب وإشاعة الفتن والحروب والإرهاب وسفك الدماء في المنطقة وغيرها ونشر ثقافة الكراهية والتحريض والاستعداء بين الشعوب التي غضب الله عليها وقطنت هذه المنطقة الموبوءة بهؤلاء البرابرة النفطيين دعاة الحروب والكراهية. وسحقاً لأصحاب العمائم من عشاق الحرية الجدد الذين صبوا الزيت على نار الفتنة، هؤلاء الذين يعيشون في معاقلهم النفطية تحت الحراب والبساطير الأمريكية والقواعد الإسرائيلية مطأطئي الرؤوس كالأرانب التي لا حس ولا خبر لها ويستأسدون بخطابهم القبيح المدسوس ويؤلبون الناس على الفتن الطائفية، ممن تكرشوا وتورموا وتكورا و"تمليروا" وتوردوت وجوههم بالمال السحت الحرام عبر بيع الوهم والدجل واللعب بمشاعر البسطاء والمؤمنين، ويتلذذون باغتصاب الصغيرات ورميهم على قارعة الطرقات محرومات مكلومات مجروحات، لنكتشف فجأة أنهم صاروا من أصحاب وعشاق الحرية في العالم، ويدعون الشعوب للثورة، في الوقت الذي يؤمنون بفتاوى قتل الأقليات وحرمانها من الحياة.
فما حدث في اللاذقية في اليومين الماضيين كان بحق واحدة من أخس وأحط المحاولات لإشعال فتيل فتنة طائفية بغيضة تحت شعارات الثورة السورية الزائفة والكاذبة. مجموعات هائجة عابثة من المرتزقة والقتلة المأجورين المسلحين ببنادق "الصيد" الأتوماتيكية تجوب الشوارع والحارات لتزرع الموت وتعيث فساداً بالممتلكات العامة للشعب السوري، في هذه المدينة الأجمل والأروع والأبهى والأرقى التي عاش سكانها بمختلف طوائفهم على الدوام بمحبة وود وتآلف واحترام متبادل وتعايش قل نظيره في أرقى المجتمعات. مجموعات ظلامية رثة قبيحة محقونة مشحونة بالغل والسموم الطائفية خرجت من أوكارها لتقتل الناس في الشوارع والحارات وتصعد أعلى الأسطح والمباني السكنية المأهولة لتطلق النار عشوائياً على السكان الآمنين والمارة الأبرياء وعابري السبيل لتردي منهم القتلى والجرحى، هكذا وبكل دم بارد، ثم لنجد من يسمون "مثقفين" ومحللين وكتاب وبلاشفة ورؤساء تحرير صحف كبرى لهم في كل عرس قرص ينظرون من مكاتبعهم الفخمة في لندن وباريس وعواصم العدوان ولا يعرف غير الله من يمولهم ويفتح لهم مكاتبهم ويطبع لهم صحفهم، يهللون لهذا الفعل الشائن والقتل المجاني ويرقصون على جثث ودماء الأبرياء السوريين الذين سقطوا ولهذا الإجرام والمجرمين والقتل والمرتزقة المأجورين. لم تكن هناك ولا مسيرة سلمية "لا ألفية" ولا مليونية ولا حتى "مئوية" ؟أو بالحد الأدنى "خمسينية" تحمل لافتات أو ترفع شعارات وطنية أو إنسانية أو تحررية وتنويرية حتى نقول آمنا وصدقنا فإن لهؤلاء الناس مطالب مشروعة، وكل ما كان هناك عمليات قتل وإطلاق نار من شراذم موتورة ومنهم ما هو غير سوري وقد ضبطوا بالجرم المشهود واعترفوا من على شاشات التلفاز هدفهم الوحيد بث الفتن وترويع الناس الأبرياء الآمنين ليس إلا، ليجدوا في قنوات الدجل والارتزاق والتحريض الشامل من يروج لهم. ومن كان يـُقتل ها هنا ليس المتظاهرين، ومن كان يطارد ليس المحتجين "الديمقراطيين"، من أصحاب المشروع الإصلاحي التغييري، من كان يقتل وعلى أيدي هؤلاء "الثوريين" هو الشعب الأعزل المسكين وعاثري الحظ ممن تواجدوا بمحض الصدف في أماكن تربص وتمترس "الثوار الهائجين" الظامئين والعطشى للدم السوري البريء.
ما حدث كان مؤلماً فعلاً لجهة الإساءة المتعمدة لآمال وأماني وتطلعات السوريين الحقيقية والمشروعة في التغيير السلمي والإصلاح، وما حدث لن يصب إلا في طواحين الظلامية والاستبداد المقيم، وتكريس ثقافة الدم والإرهاب وتمجيد القتل الذي تحاول المنطقة التخلص من تبعاته وآثامه وتداعياته، ولم يكن، وبالمطلق، ولا بأي شكل من الأشكال لا مظاهرات سلمية ولا تعبيرات احتجاجية مشروعة وضمن القانون والنظام العام. في مصر وتونس وليبيا هجمت بلطجية الأنظمة على المتظاهرين السلميين، لكن في اللاذقية حصل العكس، إذ هجم بلطجو "الثورة" الظلامية على الأبرياء وعابري السبيل والسكان الآمنين، وحتى على رجال الأمن الذين لديهم، أوامر مشددة بعدم الرد وإطلاق النار، لتستغل هذه الشراذم المجرمة واقعاً ديموغرافياً وطائفياً معيناً دقيقاً وحساساً يدركه جيداً اللاعبون بالدم السوري، لتحويل الاحتجاج السلمي والمطالب الديمقراطية المشروعة إلى مشروع فتنة وحرب طائفية لا تبقي ولا تذر.
قطعان ظلامية هائجة منفلتة من أي عقال إنساني وأخلاقي وفكري وثقافي لا هم لها سوى إذكاء الفتن وتسعيرها وممارسة القتل بسادية هوليودية وميليشياوية يعجز عنها الخيال السينمائي، ثم نجد وبكل أسف، ومن بين ظهرانينا، وممن يسمون حقوقيون ومثقفون يهللون لكل هذا معتبرين إياه ثورة في محاولة للإساءة لمفهوم الثورة والثوار عبر التاريخ.
لا ندري أية ديمقراطية وأي ثورة هذه التي تحاول فيها قلة قليلة مشاغبة هنا وهناك "تدبلج بعض التيوبات" بشكل بدائي سخيف ومفضوح ومضحك، وتخدع به الرأي العام، ومنه من مظاهرات تونس ومصر ومن هنا وهناك، و"أي كلام"، وترسلها لقنوات الدجل والتحريض والتأجيج والكذب الشامل، أن تفرض رؤيتها ومشروعها على بلد بأكمله، مع بعض من الموتورين والحاقدين والفارين من وجه العدالة في سورية الذين يعتلون المنابر ليفرضوا ما يريدوا ومن فوضهم من الشعب السوري أصلاً ليتكلموا باسمه، ومن أنابهم عنه في مطالبه ممن يعيشون ويتمولون من "غائب" علمه، ولماذا لم "تثر" مدن كبيرة وعريقة كحمص وحلب ودير الزور والرقة، أم أن سكانها ليس لدهم "حس" ثوري كإحساس القتلة في اللاذقية؟ مع عدم الإنكار بالمطلق، والتأييد، ومن قبلنا، لكل المطالب الوطنية المشروعة العامة بالتغيير السلمي والديمقراطي وإلغاء قانون الطوارئ، وطي ملف الاعتقال السياسي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي ممن لم يتورطوا في أعمال إجرامية، والتأسيس لحياة سياسية صحية تنزع فتيل هذا الاحتقان والانسداد والتهل السياسي والمجتمعي القائم منذ عقود، والذي لا يعمل في النهاية إلا على مراكمة وترسيب كل عوامل الانفجار ولكن ليس بهذا الشكلل الدموي الهمجي البربري الاشمئزازي المقرف.
ليطمئن الجميع، لا شيء يبعث على الخوف والقلق على السوريين وعلى سوريا وعلى شعبها الطيب المسالم الأبي البريء من هذه الشراذم وأفعالها المنكرة، وستنتهي هذا الفتنة قريباً جداً وستفشل هذه المحاولة البائسة الأخرى، وبعد أن تنتهي هذه الفلول وتخضع لسلطة القانون الذي يجرم ويدين مثل هذه الأفعال حتى في الصومال. أقول قولي هذا وأكتبه من قلب اللاذقية شهادة حية وبكل موضوعية وحياد، وأستغفر الله لي ولكم ولكل الثوريين عبر التاريخ.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هالنيروز...ما أحلاه
-
ما أقواها صرخة الجياع؟
-
قومنة الثورات
-
آخر أيام القذافي
-
مذابح البحرين: آخر حروب ومغامرات آل سعود
-
لا للقرصنة والاتجار بأسماء الناس
-
دريد لحام: بطولات الوقت الضائع
-
انهيار الإيديولوجيات السلفية والقومية
-
لماذا لا تغلق القنوات التلفزيونية الرسمية العربية؟
-
طغاة أم جُباة؟
-
لماذا لا يتشبه لصوص العرب الكبار بالكفار؟
-
جنرالات الأمن العرب في قفص الاتهام؟
-
بيان عاجل من الشبكة العربية لحقوق الطغاة، وهيئة كبار السفهاء
-
جنرالات الإعلام العربي: الجزيرة والعربية أنموذجاً
-
إلام يكابر القذافي؟
-
لماذا لا يحاكم الطغاة ووزراؤهم، أيضاً، بتهم الإبادة الجماعية
...
-
قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق
-
خسئتم يا سيادة العقيد
-
الراشي والمرتشي في النار
-
رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|