|
العراق الأمريكي لن يثور ولن يصبح عراقياً
أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 3317 - 2011 / 3 / 26 - 19:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدموغرافيا تقول لا توجد ثورة في العراق ولم توجد أصلاً .الثورة في مجتمع مثل
تونس لاحظ مستوى التعليم والطبقة الوسطى ودورها والتجانس : كلهم عرب مسلمون سنة
على المذهب المالكي . الثورة في مصر لأن مصر شعب وليس قبائل بأغلبية عربية مسلمة
ساحقة ولم تتجزأ مصر يوماً ، فهم شعب منذ الفراعنة . في العراق ولبنان لا شيء إسمه ثورة . لأنه
لا يوجد شعب أصلاً . وفي العراق الوضع أسوأ فهناك جهل وأمية وغياب الطبقة الوسطى إضافة
إلى تنوع طائفي وقومي متوازن العدد . ناهيك عن أن العراق لا تختلط فيه السياسة
بالطائفية فقط لكون الأحزاب الحاكمة دينية بل تختلط السياسة فيه بالعشائرية .
العراق ميؤوس ...لكي تصنع ثورة أنت بحاجة إلى شعب وطبقة وسطى وكلاهما غائب في العراق .
إحمدوا الله أن هناك إجماع على فريق كرة القدم ، وهذا الإجماع سينهار هو الآخر إذا آستمر الوضع على هذه الحال
ولكي أختصر الأمر . أنظر إلى تاريخنا المعاصر القريب . نحن لم ننجح في إسقاط النظام
السابق ، كما لم ننجح بمقاومة الإحتلال . وتحولنا من النباح على
إيران وقصائد... العكاشي وفلاح عسكر . إلى النباح على السعودية
وقصائد رياض الوادي و أحمد عبد الحسين . يعني شعب بلا قضية . ولا أحد يقيم لنا وزناً لا إيران
ولا السعودية ولا أمريكا . يقول محرر إحدى الصحف الحكومية في بغداد أنه يضطر للكتابة بأسماء
سنية مستعارة . السنة يخافون الكتابة لأنهم يغتالون لمجرد الكفاءة .
أنا أخاف الذهاب والعمل في الصحافة في بغداد ، أخاف رغم أنني لم أفعل شيئاً . أخاف لأن
هناك كاتم صوت لا يخطيء . فالعبوة الناسفة لا تعني أحداً بعينه لكن الكاتم سلاح
مرعب . لو أريكم الرسائل التي وصلتني من بغداد لمجرد أني كتبت في كتابات بنفس عروبي ل بكيتم .
واليوم أنظروا إنسانية الناس سلطةً وشعباً في مصر وتونس وقارنوها بوحشيتنا
وإجرامنا . يا إلهي . أنا أشكر الله على وجود إنسان رقيق حي و يعيش في العراق . هذا بحد ذاته معجزة .
أخواني المثقفين أنا أخاف عليكم حين تتكلمون عن ثورة في العراق . أنتم خيرة ما تبقى
من رجال العراق .بل أنتم العراق . ما موجود في العراق هو شيطان إسمه ( العنف المقدس ) ...والمخيف
أنه عنف داخل دين واحد هو الإسلام . تذكروا فقط أن المسيحيين في أوربا القرون الوسطى سجلوا
الرقم القياسي في كل التاريخ البشري بالإجرام بسبب ( حروب الكنائس المختلفة ) حيث ذُبح في
يوم واحد ثمان مئة ألف مسيحي . حتى هولاكو يرتجف من هكذا إجرام في يوم واحد . هذا الشيطان
نفسه يتجول في العراق اليوم . وهو أكبر شر وإجرام في التاريخ البشري .
*
هل يحميني المثقفون لأعيش في بغداد وأقول للسلفي أن الإيمان تجربة فكرية وروحية
صعبة ، بل هي أعلى مرحلة من مراحل الفلسفة والأخلاق . وأن فهم القرآن الكريم يحتاج إلى
تجربة ضخمة وتأمل عميق وقلب سليم . أما الإعتماد على التسطيح والمنقول من السلف
والصحابة والفقهاء وكراهية الشيعة وذبحهم لن توصلنا إلى عبقرية محمد
وعظمة عمر بن الخطاب و فتوحات الوليد بن عبد الملك وثقافة المأمون .
وهل يحميني أحد لأقول للشيعي أن الحق والعدالة والإيمان لدى عليّ بن أبي طالب جعلت
أحب أهله وأ صحابه ( حواري رسول الله ) وآبن عمته صفية بنت عبد المطلب وأعني الزبير بن العوام
يخرج على عليّ في الفتنة الكبرى ( حرب الجمل ) ، كما أن ميل عليّ للسلام وحقن الدماء جعل
فقهاءه الجهابذة المخلصين يتحولون إلى خوارج ويقاتلونه بالسيف والرمح . كما أن نزاهة
عليّ بن أبي طالب المبالغ فيها دفعتْ آبن عمه وعامله على البصرة أعلم علماء
عصره و ( حبر الأمة ) عبد الله بن عباس يخرج عن طاعة عليّ ويتهمه
ويشق عصا الطاعة . حتى قال ( ما أبقى لي الحق صاحباً .) ........
فكيف نصدق أو يصدق عليّ العظيم نفسه أنني أنا أو أنت أيها الشيعي مخلص ل عليّ .
وكيف تقتل سنياً بحجة أنه غير مخلص ل عليّ بن أبي طالب
نحن جميعاً خرجنا من الإسلام ، لأن الإسلام أخلاق و محبة وثقافة وحكمة و علم وليس شعر شعبي وضوضاء .
بل أن الضوضاء والغبار والصياح والإزعاج ضد التجربة الإيمانية ونهى عنه الرسول صراحةً .
بل إن هروبنا من التجربة الروحية الصعبة والعميقة للإسلام هو ما يجعلنا نبالغ في تمجيد الفقهاء والصحابة والأئمة لأن العلم صعب .
لقد آكتشف البعثيون أيام حرب إيران أن العراقي أحياناً يفضل الموت
على العلم . لأنه يرسب ويفشل في المدرسة ويذهب إلى الجبهة .
إذن الموت أسهل من المعرفة وهذا ما يحدث اليوم .
من يحميني لأقول هذا في بلدي ؟؟؟؟؟ وليس هنا في الخارج . أقوله ك جبان وهارب ورعديد و خائف .
السلطة الحاكمة اليوم في العراق أسوأ من صدام حسين . لأن صدام يعلم القراءة والكتابة
ويمنع الكتاب والثقافة . لكن هؤلاء جاءوا بحل عجيب وهو نشر الأمية وهدم التعليم ونشر
ثقافة السماعات . لهذا ظهرت معارضة ل صدام حسين بينما لم تظهر معارضة لهؤلاء . فهم يقولون لكم نحن
ننشر الأمية وأنتم أكتبوا ما يحلوا لكم لأن لا أحد يقرأ . ما صدمني قبل أيام
يا أساتذتي الرائعين ، هو أنني كنت أقرأ كتاباً عن شعر
حافظ الشيرازي لكاتب أمريكي وباللغة الإنكليزية . فلم أفهم من شرحه المقصود بمصطلح ( رندي ) الذي هو
أعمق وأصعب مصطلح عند حافظ . فسألت شاباً إيرانياً يدرس في جامعة طهران قسم الهندسة
الكهرباء . فشرح ذلك الشاب هذا المصطلح الفلسفي المعقد شرحاً مستفيضاً وآستدل بآيات
قرآنية لتقريب المعنى بطريقة مذهلة . وقارن بين رؤية حافظ الشيرازي ورؤية
جلال الدين الرومي . وكان حواره معي باللغتين العربية والإنكليزية . وحين آستغربت قال
أن مدارسهم تعلم لغة القرآن إلى جانب لغة العلم الإنكليزية . تخيلوا يا ناس يا عالم
أشك هدومي . شاب إيراني يتفوق على أسعد البصري في الشعر والفلسفة
بسبب نظام التعليم الفارسي . وشبابنا يقره دارمي و أبو ذيات
*
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسن العلوي و أشياء أخرى - 2
-
حسن العلوي وأشياء أخرى
-
دعاء خبيث
-
فجر أوديسة و أفول الشرق
-
أحمد عبد الحسين
-
قرار مجلس الأمن ضد ليبيا ١٩٧٣
-
قضاء الكتابة وقدرنا
-
قراءة تحاور قراءة تمارة فريد لنجيب محفوظ
-
ألندم
-
سجالات
-
وطني كلبٌ مسعور
-
ضَحِكٌ و رثاءْ
-
زكطة عجل
-
إلى خزعل الماجدي وجيل السبعينات
-
الرائحة
-
بؤس العلمانية في العراق
-
و كيف يُمات الموت ؟
-
حنين
-
تأملات
-
نداء إلى العقل
المزيد.....
-
ما تقييم أمريكا بشأن احتمالية قيام إسرائيل بتوغل بري في لبنا
...
-
-سي إن إن-: الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح بري محدود للبنان
...
-
ضابط أمريكي سابق: الغرب يواجه مشكلة في تجهيز جنود مؤهلين للق
...
-
رئيس برلمان تركيا: انضمام بلادنا إلى -بريكس- سيفيد العالم كل
...
-
هل تؤثر الكتب الإلكترونية على صحة العين؟
-
شقيقة كيم جونغ أون: المساعدة الأمريكية لكييف هي خطأ فادح يدف
...
-
إيران تدعو لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد اغتيال نص
...
-
الظهور الأخير لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله قبل ا
...
-
سالدو: المحققون الروس جمعوا مئات المجلدات حول جرائم نظام كيي
...
-
مصادر: نصرالله كان أكثر حذرا بعد تفجيرات البيجر
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|