|
ألله كريم !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3315 - 2011 / 3 / 24 - 00:46
المحور:
كتابات ساخرة
العقول التي تُخّطِط لمشاريع مُستقبلية قد لاتُنّفَذ قبلَ ثلاثين أو أربعين سنة وحتى أكثر ، هي عقول مسؤولي وإداريي الدول الناجحة والبلدان التي سوف تتقدم بِخُطى ثابتة الى الأمام . هؤلاء الأذكياء ، البعيدين كُل البُعد عن الأنانية والتفكير الضّيِق .. هُم ليسوا أفراداً مُبعثَرين ، ولا يتخبطون في الفوضى ، بل ان هنالك " نظاماً " عاماً يجمعهم ، ويُوّجِه نشاطهم ، نحو هدفٍ مُحّدَد : هو الإرتقاء بحياة الأجيال القادمة .. وتَسهيل سُبَل العَيش أمامَهُم .. وتوفير البدائل المعقولة لهُم . فعلى سبيل المِثال ... كُل الدول المُتقدمة ، مُنهَمِكة منذ سنين عديدة ، بإيجاد وإختراع مَصادر للطاقة صديقة للبيئة .. وفعلاً يتم الآن تجريب عشرات البدائل للوقود الاحفوري ، اي النفط ومشتقاته، الذي سوف ينضب في القريب العاجل [ خلال مئة سنة القادمة ، وهذه المُدة هي ليست طويلة جداً في حسابات المُخططين الأذكياء !] ، ودراسة أي البدائل أقل ضرراً للطبيعة وأرخص إنتاجاً وأكثر إنسجاماً مع مُجمَل الحياة في السنوات القادمة . طبعاً هذه الرؤى ، تشمل جميع مناحي الحياة ، من وسائل النقل ، ومواد البناء ، والزراعة والصناعة ، والثروة الحيوانية والنباتية وكُل ما يخطر في البال . فأين نحن في العراق عموماً واقليم كردستان خصوصاً ، من هذا النوع من التفكير الاستراتيجي ؟ وهل لدينا حقاً خططٌ إستراتيجية ؟ سأحاول أدناه أن اطرح بعض الأسئلة : هل نتعامل في اقليم كردستان ، بصورةٍ مدروسة مع البيئة التي نعيشُ فيها ؟ هل حافظتْ االحكومات المحلية في الأقليم ، على الأراضي الزراعية وراعتْ مصالح الاجيال القادمة ، أم عّرضتها الى الخراب بسياساتها الرعناء ؟ وهل أبقتْ على المناطق الخضراء الضرورية في مراكز المُدن ، أو تّصرفت بالكثير منها ووزعتها على المتنفذين لتحويلها الى بنايات ومشاريع تجارية ؟ ما هي خطط الحكومات في المحافظة على الثروة المائية البالغة الأهمية ، واين هي المشاريع التي تؤمِن المياه في العقود القادمة ، وهل هنالك تَصّورٌ واضح للصراعات المتوقعة نتيجة التنافس الأقليمي المُرتقَب على المياه ؟ وكيف سيواجه الاقليم ذلك التحدي المحتوم ؟ متى سيبدأ الاقليم بتنفيذ المشاريع الزراعية والحيوانية وفق الأساليب الحديثة ويعتمد تدريجياً على الانتاج المحلي ؟ هل ستستمر إدارة الاقليم ، في الإجهاز على ما تبقى من مُرتكَزات إقتصادية ، مثل ما حدث في بيع الكثير من المعامل الانتاجية ، للقطاع الخاص ، الذي قام بتصفيتها وتحويلها الى مشاريع تجارية إستهلاكية ؟ ماذا هيأنا للأجيال القادمة من كوادر بشرية مؤهَلة تستطيع الإضطلاع بمهام التنمية المستقبلية ؟ هل إستطاعتْ جامعات الاقليم في السنوات الماضية ، من تخريج عناصر كفوءة في المجالات العلمية ، اين هُم المهندسون ولماذا معظم الجسور والشوارع والبنايات ومشاريع الماء وغيرها في دهوك ، مثلاً ، فيها الكثير من الأخطاء التصميمية والتنفيذية ؟ لماذا يضطر المواطن للتوجه الى دول الجوار لمراجعة الاطباء وإجراء الفحوص ؟ إذا كانت أكثر من عشر جامعات ومئات الكُليات والمعاهد ، خلال العشرين سنة الماضية ، عَجَزتْ عن تخريج مئة متخصصٍ حاذق في مختلف الإختصاصات ، أي بمُعّدل خمسة عُلماء فقط في السنة الواحدة ، فما الجدوى من كُل هذه الكليات ؟ وإذا كانوا موجودين ، فأين هُم ولماذا لا ينتجون ولماذا لا تُستَغل طاقاتهم ؟ ألسنا بحاجة الى ثورةٍ في مجال التربية والتعليم ؟ أبهذا النظام الجامعي المتهريء القائم على التحزب والإستثناءات والعلاقات والتدخلات ، نواجه تحديات العقود القادمة ؟ اين مراكز البحوث الجادة ، اين رعاية المواهب بعيداً عن المحسوبية ؟ كُلما أثرتَ موضوعاً يتعلق بالمُستقبل ، يُقال لكَ : يمعّوَد .. الى ذلك الوقت ، ألله كريم ! . ماذا ستفعل الحكومة مع جيش الموظفين العرمرم الذي يستلم رواتب من دون عملٍ فعلي ؟ كيف ستُوفر لهم الرواتب بعد عشر سنين ؟ يأتيك أسهل الأجوبة : الله كريم ! . ما هي خطط الحكومة بصدد المستجدات في المنطقة ، ولا سيما إذا حدثت تطورات جذرية خلال السنوات الخمس القادمة " خصوصاً في كردستان تركيا وايران وسوريا ، كما هو مُتوَقع " ، وكيف ستتعامل مع القوى الصاعدة هناك إذا كانتْ مصالحها متقاطعة مع مصالح الاقليم مثلاً ؟ يقولون : لازال الوقت مُبكراً .. والى ان يحدث ذلك .. الله كريم ! . ما هي اُفُق العلاقات مع الحكومة الاتحادية في بغداد ، ومتى ستُحل المشاكل العالقة في كركوك والمناطق الاخرى ، والى اين ستصل بنا " العلاقات الحميمة " مع الحكومة التركية ، وهل سنترك كُل هذه المعوقات بدون حلٍ لتتراكم وتتعقد أكثر ، ونُحَمِلها للجيل القادم ؟ بالتأكيد ... الله كريم ، ولكننا بحاجة الى الكثير من العمل الجاد ، لكي نستحق أن يكون الله كريماً معنا !!. .......................................................... إذا تحدثنا عن الاقليم تحديداً ، وعن السنوات العشرين الاخيرة بالذات ... فأن القائمين على الأمور من 1991 لغاية 2000 ، لم يعملوا بِجِد من أجل ان تكون حياة الناس في السنين التالية ، أحسن . ومن 2001 لغاية 2010 ... لم يكن هّمهُم الأول ، هو التخطيط لجعل حياتنا اليوم أفضل ، بل إلتهوا بالمنافسات الحزبية والإستحواذ على الإمتيازات والمكاسب الشرعية منها وغير الشرعية . نحنُ في أمّس الحاجةِ الآن الى التخطيط الفعلي والعمل الجاد والمُثمِر منذ اللحظة ... لكي نجعل شعبنا أفضل في 2015 وأسعد في 2020 وأكثر أمَلاً في 2030. نحنُ بحاجةٍ الى اُناسٍ يقودوننا ويديرونَ أمورنا ... من ذوي العقليات المتفتحة ، التي تنظرُ الى أبعد مِنْ اُنوفها ... وترنو الى المُستقبَل وتُفكر في مصالح أبناءنا وأحفادنا ... والى ان يظهَر مثل هؤلاء القادة ... ألله كريم !
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذي يَملُك والذي لا يَملُك
-
حكوماتنا وبُطلان الوضوء
-
- نوروز - مَصدر إلهام الثُوار
-
سُفراء المُحاصصة الطائفية والسياسية
-
إنتفاضة الشعب السوري
-
الحظر الجَوي .. بداية اللعبة
-
بين المواطن والسُلطة
-
مُناضِلوا الشامبو والنَستلة !
-
طقوس الفَرَح
-
إنتفاضة دهوك 1991
-
مَنْ المُصاب بالصَمَم ؟
-
إستجواب برهم صالح وخطاب البارزاني
-
أسعار النفط .. لعبة الكِبار
-
المحكمة الإتحادية العليا في العراق
-
بين السُلطة .. والمُعارَضة
-
يوم المرأة .. الشعارات لا تكفي
-
ثلاث نكات
-
الوسام الفِضي للقذافي
-
بعضَ ما يجري في اقليم كردستان
-
التطورات الأخيرة في أقليم كردستان
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|