|
جُمع قتل الثورة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 19:30
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
التطرف فكر ، ينتشر في ظل توافر عوامل بيئية معينة ، أهمها العامل الإقتصادي ، فعندما يتردى حال الإقتصاد ، يبدأ قطاع من المجتمع في التطرف ، سواء دينياً ، أو سياسيا . لهذا عندما يُراد القضاء على التطرف ، أو حتى رفضه ، فإن ذلك يكون بمقارعة الفكر المتطرف بفكر أخر على نقيضه ، و كذلك بتغيير البيئة التي تساعد على إنتشاره ، و ليس بتنظيم تظاهرة مليونية - هذا إن وصلت للمليون - و ليوم واحد ، أو حتى لإسبوع ، أو شهر ، لأن التظاهرت ليست هي علاجه ، مثلها في ذلك مثل الوسائل الأمنية . و إن كان المقصود بالتطهير لدى الداعين لتظاهرة جمعة التطهير ، هو تطهير مصر من فساد عصر مبارك ، فإن تظاهرة ، ليوم واحد ، مهما بلغ حجمها ، لا تكفي لإقتلاع فساد أخطبوطي عملاق ، مستفحل ، و مستشري ، نتيجة رعاية نظام مبارك له بشكل علني ، لثلاثة عقود تقريباً ، و لازال النظام الذي رعى الفساد قائم بوجه أخر . و إن كان المقصود بالتطهير هو القبض على أسماء بعينها ، من أركان نظام مبارك ، فإن تظاهرة يوم واحد لا تكفي ، لأن أيضا النظام الحاكم حالياً هو ذاته النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و هو بالتالي النظام الذي رعى الفساد ، و حمى الفاسدين ، و المفسدين . ثم للقارئ أن يتخيل دمج الهدفين المذكورين أعلاه ، في تظاهرة واحدة ، ليوم واحد . إن أردت أن أنتقد أكثر ، فإنني أنتقد أيضا ما أطلق عليه : جمعة الحصاد !!! ما هو الحصاد الذي قفز لذهن هؤلاء الذين أطلقوا إسم : جمعة الحصاد ؟؟؟ نحن لم نستكمل العمل بعد ، فماذا سنحصد ؟ نحن لم نقتلع بعد النباتات الشيطانية التي نمت في مصر في عهد مبارك ، و لم نصل بالتالي لمرحلة الحرث ، و البذر ، و التعهد ، فكيف قفز لذهن هؤلاء أن هناك حصاد ؟؟؟ نحن لازلنا في الفصل الثاني من كتاب الثورة ، لم ننجز فيه شيء ذا قيمة للأن ، أو لأقولها صراحة : لم ننجز أي شيء على الإطلاق ، و كل ما كُتب في ذلك الفصل ، هو من سطر أعداء الثورة ، فأي حصاد عناه هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم قادة للثورة الأن ، و يريدون تهميش الأخرين ، الذين أسهموا في التمهيد للثورة ، و شاركوا فيها . إن كانوا يعنون حزب ، و جريدة ، و مقاعد برلمانية ، لهم ، و ربما تداعبهم أحلام وزارية ، فما الفارق بين هؤلاء الشباب ، و بين الإخوان ، في ميدان الإنتهازية ، و التربح بالثورة ، و بدماء الشهداء ؟؟؟ ما يحدث الأن ، على يد المجموعة التي نصبت نفسها زعيمة لثورة مهد لها أخرون ، و شارك فيها ملايين ، و سقط فيها شهداء قدموا نفوسهم لتنجح ، فأعلنت نفسها وصية ، بل مالكة ، لثورة مصر في 2011 ، هو هدم للثورة ، و عن عمد . ما يحدث الأن هو جريمة ، مع سبق الإصرار و التعمد ، بحق الثورة المصرية ، على يد مجموعة إدعت إمتلاكها للثورة . إدعاء كاذب لم يحدث مثيل له في أي ثورة مصرية شعبية من قبل . إدعاء لم يجرؤ عليه زعماء مصريين تاريخيين ، أكبر منهم بكثير في القدر ، و الذكاء ، و العلم ، و الوطنية ، و الإخلاص ، قادوا ثورات مصرية شعبية أكبر في التأثير من ثورة الشعب المصري في 2011 ؟ لم يدع الشريف عمر مكرم الأسيوطي أن ثورة 1805 ، هي ثورته ، أو إنه الوصي عليها ، أو إنه المتحدث الأوحد بإسمها ، و لم يدع الزعيم سعد زغلول ، و لا حتى حزب الوفد الأصلي ، إنه مالك ثورة 1919 . لكن في مصر ، و في 2011 ، هناك من إدعى أن ثورة شعبية ضخمة ، ذات إمتداد جغرافي كبير ، على الخارطة المصرية ، هي ثورته . ما يحدث الأن هو نتيجة إختراق أمني ، تم بمجموعة شبابية ، ككثير من الإختراقات التي حدثت من قبل لكثير من التنظيمات الحزبية ، و الشبابية ، و الإعلامية . أرائي ، من لا يصدقها ، كما هي عادة البعض ، أو من يصدقها متأخراً ، كما هي عادة البعض الأخر ، فعليه أن ينظر إلى الكيفية التي يقود بها هؤلاء الذين إستولوا على الثورة - أو المجلس الشبابي لقيادة الثورة - الثورة . أهداف عقيمة ، ليست مهمة الثورة القيام بها ، كالوقوف في وجهة التطرف ، أو حتى رفضه ، أو أهداف ليس ذات أهمية عليا في سلم الأولويات ، مثل المطالبة بإقالة حكومة شفيق ، مع ترك الدستور ، و ترك الإستفتاء يمر ، فكانت هزيمة الإستفتاء ، أو المطالبة بأهداف كبيرة صحيحة ، و لكن بمجرد تظاهرة يوم واحد ، لأن العادة الأن أصبحت : شعار لكل جمعة ، و عند غروب كل جمعة يسقط الشعارمن قائمة من إستولوا على الثورة ، و لكن يبقى دون أن يتحقق . إنها جُمع إضاعة الجهد ، و الوقت ، عبثاًَ . إنها جُمع قتل الثورة . إنني أعرف إن نقدي مر ، و لكني لست مهتم بأن يكون نقدي برد ، و سلام ، على من يصرون على قتل الثورة ، بنصائحهم ، و أفكارهم ، كما إنني لا أوجه حديثي إليهم . القيادة الحالية التي إستولت على الثورة ، جهاراً نهاراً ، بمعونة الأمن ، تقوم بتنفيذ خطة أمنية خبيثة ، عماد تلك الخطة هو الإنفراد بالثورة ، ثم إستنفاذ جهود الشعب الغاضب في ما لاطائل منه ، حتى يتلاشى تدريجيا الزخم الذي تتمتع به الثورة . عندما يخرج الشعب للتظاهر كل أسبوع ، لأهداف ليست مهمه في سلم الأولويات ، أو ليس من مهام الثورة تحقيقها ، و تتغير تلك الأهداف إسبوعياً ، مع عدم تحقيق شيء ذي بال منذ أكثر من شهر ، فإن الزخم الثوري سيتلاشى تدريجيا ، و هذه هي المهمة التي تقوم بها تلك المجموعة الشبابية التي نصبت نفسها ، بمساعدة الأمن ، مالكة للثورة . إنني لا أنتقد فقط ، و لكن أقدم أيضا الحلول . الخطة التي يجب أن تسير عليها الثورة منشورة في مقال : النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف ، و المنشور في الحادي و العشرين من مارس 2011 . في ذلك المقال توجد قائمة مختصرة لأهداف يمكن تبنيها . و في المقال نصيحة هامة أجد من الواجب أن أكررها ، و هي ضرورة التركيز على هدف كبير ، و الإصرار على تنفيذه ، حتى يتحقق تماما ، ثم البدء في الهدف الذي يليه ، لكن أضيف ، مع وجوب إجهاض أي تحركات موازية يقوم بها النظام . لقد تم إسقاط مبارك في ثمانية عشر يوما من العمل الشاق ، و بالكثير من التضحيات . لم يتم إسقاط مبارك - و هو الهدف الوحيد الحقيقي الذي تحقق منذ بدأت الثورة في الخامس و العشرين من يناير - بتظاهرة يوم واحد . لم نطالب بإسقاط النظام يوم الخامس و العشرين من يناير ، ثم غيرنا هتافنا في أول يوم جمعة تلى ذلك اليوم . إنني في هذا المقال أتوجه للشعب المصري ، للشباب الذي يتحرق شوقا ، و أملا ، من أجل تغيير حقيقي ، يغير واقع مصر الحالي ، و مستقبلها ، للأفضل ، و للرجال ، و النساء ، الذين سرقت من أعمارهم ثلاثين عاماً ، كما سُرقت مني ، لينقذ الثورة . الشعب المصري هو الأمل الحقيقي في إنقاذ الثورة ، بشيبته ، و شبابه ، نسائه ، و رجاله .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سينطبق نموذج أمريكا اللاتينية على البحرين ؟
-
لكن النضال من أجل العدالة و الديمقراطية و القصاص لن يتوقف
-
كنا سنقضي على القذافي قبل الثالث من مارس 2011
-
في هذه الحالة سأخوض الإنتخابات الرئاسية
-
النفط العراقي يمكن أن يدعم الديمقراطية في الخليج
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي
-
ثورتنا على الظلم و الإفقار حلال
-
برغم الخطأ تظل الدعوة للغضب قائمة
-
يوم الإستفتاء يوم للغضب
-
على الثورة أن تقدم دستورها البديل ، أو مشروع دستور 2012
-
كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير
-
دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب
-
الثورة هدم و بناء ، و علينا أن نهتم بالعمليتين
-
لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق
-
ليبيا ، أو أسبانيا العربية ، تحتاج إلى متطوعين و سلاح
-
عمر سليمان إختصر مصر في إخوان و أقباط
-
عمرو موسى مرشح عمر سليمان
-
الإخوان لا يريدون إسقاط النظام
-
مصر أولى بذلك الدور نحو شقيقتها من حلف الأطلنطي
-
كالفرنسية ، ستطول ، بالفعل دامية
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|