جهاد نصره
الحوار المتمدن-العدد: 990 - 2004 / 10 / 18 - 08:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الوقت الذي تحاول فيه شعوب الشرق العربي نسيان فرنسا ذات الوجه الاستعماري وهضم فكرة الصداقة معها؛ تشوِّش الحكومة الفرنسية على هذه الفرضية معيدة الذاكرة العربية إلى تلك الحقبة الكولونيالية القبيحة..!
نحن ندرك أن المصالح وحدها التي تحكم سياسات الدول، لكن للديموقراطية قيم راسخة لا تحتمل وجود بعض الفيروسات الذرائعية، ولا تستقيم معها تلك البقع من أوساخ السياسيين الحزبيين الذين تعلو عندهم مصالحهم الانتخابية على كل القيم، والمبادئ، التي أصبحت تراثاً معرفياً برسم التاريخ الإنساني، و خطاً بيانياً لسيرورة حياة البشر في كل مكان..! نحن نعرف تفاصيل علاقات الرشوة، والفساد المالي لبعض السياسيين الفرنسيين مع عتاة الأنظمة العربية الفاشية.. وكيف كانت تباع مواقف فرنسا في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية في المزاد شبه السري في خيانة صريحة، لكن مستترة بعض الشيء، لكل قيم الحرية، والديموقراطية، التي تتغنى بها الحكومات الفرنسية اشتراكيةً كانت، أم جمهورية، لكن نحن لا نفهم كيف لا تنجلي هذه الحقائق أمام المنظمات الفرنسية المدنية لتصبح أوراقاً سياسية رابحة بأيديها في وجوه طغاة الديموقراطية النفعية، والحزبية المريضة، الذين رموا وراء ظهورهم بعض أهم المكتسبات الأخلاقية التي تحصلت عليها الإنسانية عبر المسيرة السياسية التراكمية لشعوب الغرب وبخاصة الشعب الفرنسي العظيم..؟
من يراقب السياسة الفرنسية في المنطقة العربية هذه الأيام وخاصة في لبنان، والعراق، وسورية، يرى مدى البشاعة، والانحطاط الأخلاقي، في المعايير، والمبادئ، التي نصَّت عليها المواثيق، والشرائع الدولية و التي وصلت إلى حد امتهان شتى القيم الإنسانية، ومبادئ حقوق الإنسان.. تلك القيم، والمبادئ، التي يتشدق بها الساسة الفرنسيون صبح مساء وبخاصة الذين يتصدرون الواجهة الفرنسية الحالية.. فهم أعادوا بجدارة صورة فرنسا الاستعمارية.. ويسيئون أيما إساءة لدعاة الديموقراطية، ولليبراليين العرب الناشئين حديثاً من خلال سياساتهم تلك..؟ لقد وصل الأمر بهم إلى حد حجب أي صوت لا يخدم مصالحهم النفعية في ازدراء مستهجن للقيم الديموقراطية التي تحولت عندهم كما يبدو على أرض الواقع لتصبح سلعةً للمتاجرة الرخيصة، والصفقات الخسيسة..؟
نقولها قولاً واحداً: لن نكون نسخة ليبرالية مستنسخة عن الآخر أيما كان هذا الآخر فنحن منذ البداية أوضحنا أننا من دعاة توليد الأفكار، والمفاهيم، والتجارب،وهذا لا يعني أننا لا نعتبر كل التراث الإنساني رصيداً لنا بل يعني أننا نرى أولاً وقبل كل شيء : سورية، وشعوبها المنصهرة سورياً منذ آلاف السنين وقبل أن يعرف شيراك ( قرعة أمه ) بسنة ضوئية إذا ما أردنا المبالغة..وبقي أن نقول للذين لا يتابعون بدقة المواقف السياسية الراهنة للحكومة الفرنسية: اسمعوا نشرات الأخبار التي تبثها إذاعة – مونتي كارلو- وسترون العجب الديموقراطي بتاع فرنسا التي سنبقى نحبها ولكن على غير هذه الصورة المسخرة.
15/10/2004
#جهاد_نصره (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟