|
بوتين والقرضاوي : فجر أوديسا أم الحرب الصليبية ؟
شاكر الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 12:50
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أستدعى التحالف الغربي الذي يشن الحرب ضد نظام القذافي ، تنفيذا لقرار مجلس الامن الدولي 1973 ، بسبب جرائمه بحق المدنيين الليبيين ، الاوديسا الاسطورة ، لتكون عنوانا لحربه الجديدة ( فجر أوديسا ) . أستدعاء كهذا ، بكل ما يحمله من دلالات وإحالات ، لابد وان يجابهه الرافضون بأستدعاءات أخرى مستمدة من التاريخ أيضا ومن مراحل تاريخية تمثل العنوان الأبرز لبربرية الحروب ودمويتها .
الحرب الصليبية هو التوصيف الذي اختاره الرافضون للحرب ضد نظام القذافي في مجابهة (فجر أوديسا ) أو ردا عليها . غير أنه التوصيف الذي يثير الذعر أذا ما تم تأويله وفقا لمنطق الحروب الدينية .
فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا والشخص الاقوى في دوائرها السياسية وصانع القرار فيها يصف ما يحدث في ليبيا بانه حرب صليبية مشبها قرار مجلس الامن 1973 المتعلق بليبيا ب ( دعوات شن الحملات الصليبية في القرون الوسطى ) معتبرا ان ما يحدث في ليبيا هو صراع داخلي وأن هذا لا يعطي للبلدان الاخرى حق التدخل الخارجي في النزاعات السياسية الداخلية وحتى المسلحة في هذا البلد ، للدفاع عن أحد الطرفين .
يوسف القرضاوي رئيس ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، أنكر أن تكون العمليات التي تشنها قوات غربية ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي حربا صليبية لأن الحرب جاءت بناء على طلب العرب والليبيين أنفسهم وقال ايضا في أشارة الى ممارسات القذافي : هل الاسلام ان يقتل الناس الابرياء المكلف برعايتهم، فهو يهددهم بانه وراءهم في كل مكان ويتوعد شعبه بقتله، فهل هذا هو الاسلام واين الاسلام منه، وهل هذه المسألة حرب صليبية؟ مؤكدا أن التدخل الدولي ، تقتضيه الضرورة . . قد يكون بوتين بحكم موقعه في صدارة السياسة الروسية منذ عدة أعوام ،عارفا بما يقول خصوصا وهو المطلع على مجريات الاحداث واليات التعاطي مع القضايا الحساسة التي تواجه العالم ودور الادارة الامريكية وسياساتها الخارجية التي يعتبرها الطرف الاساسي في صدور قرار مجلس الامن المتعلق بليبيا وأنه يعي تماما أن خروج العمليات العسكرية الجارية وفق قرار مجلس الامن عن مسارها المحدد سوف يولد الكثير من الاشكالات بالنسبة لمجلس الامن وللدول التي سعت الى استصدار القرار المذكور ويعلم علم اليقين ان سقوط نظام حكم القذافي نتيجة للحرب القائمة الان سوف يحرم روسيا من أمتيازات أقتصادية كثيرة تتمتع بها في ليبيا وحيث ستكون صادرات الاسلحة لهذه الدولة من الخسائر الكبرى بالنسبة لروسيا وبوتين . ما يقوله بوتين يأتي في مسار الصراعات السياسية ومراكز النفوذ والقرار في العالم والتنافس بين الدول الكبرى في قيادة العالم أو التحكم في مصيره .
اما القرضاوي فإن تحولاته تتماشى مع مواقف وتحولات نظام الحكم في قطر وتسخيره لكل آلته وأمكاناته الاعلامية والدبلوماسية وعلاقاته الدولية ومساعية لممارسة دور أكبر في السياسة الدولية يكون منافسا لدور ومكانة بعض الدول العربية أو أزاحتها ، السعودية تحديدا . القرضاوي سعى لأن يحتل مكانة موجهة في الثورة التونسية وهو ذاته الدور الذي مارسه مع الثورة المصرية . لم يتوقف القرضاوي عن هجاء حسني مبارك ونعته بكل الاوصاف التي تشير الى ظلمه واستبداده ومصادرة حقوق الناس والفقراء من المصريين . غير أنه وما أن بدأت التحركات المطلبية في البحرين حتى تحول واستدار بدرجة كبير كاشفا عن وجهه الحقيقي وتوجهه المعروف ، رافعا شعار الحرب الطائفية المقدسة للدفاع عن المناطق والدول السنية الخالصة في الخليج والجزيرة العربية بوجه الاختراقات الشيعية وأن الحراك الشعبي في البحرين يأتي تنفيذا لاجندات خارجية ، ايرانية تحديدا ، تهدف الى زعزعة النقاء الطائفي الخالص لهذه الدول . وحتى نكتشف الى أي طينة ينتمي القرضاوي فعلينا أن نستعيد فتاواه وتصريحاته الطائفية الداعمة للارهاب والقتل في العراق بذريعة المقاومة معتبرا أن الحرب الأمريكية على العراق حربا صليبية تستهدف الامة والعقيدة وأحتلال الدول العربية او مواقفه المخزية من جرائم الطاغية المقبور صدام حسين الذي لا يختلف بشيء عن القذافي ، بل أن ما أرتكبه صدام حسين من جرائم وظلم وأستبداد بحق العراقيين يفوق أجرام ودموية القذافي وكل الحكام العرب مجتمعين .
المقارنة بين فلاديمير بوتين والقرضاوي هنا تأتي من أن بوتين الذي رفض الحرب الأمريكية على العراق باق على مواقفه فيما يتعلق من نتائج الحرب على ليبيا وتأثيراتها على مصالح روسيا أولا على عكس القرضاوي الذي لم يتوقف يوما عن مهاجمة الغرب ومساعيه للأنقضاض على الاسلام والمسلمين واستحضاره للحرب الصليبية بشكل دائم وأن المخاطر الحقيقية التي تواجه العرب والمسلمين أنما مصدرها الغرب وشروره . كل منهما يمثل توجهات وأهداف معينة فالاول رجل دولة وسياسي يعرف ان ما يحدث هو صراعات سياسية ومصالح كبرى يريد ان يكون في خضمها ناقدا أو مشاركا حتى لو كان ذلك باستحضار بشاعة الحروب الصليبية وليوجه بذلك رسالة تتناغم مع طروحات قوى كثيرة في العالم العربي تنظر بريبة وشك لتوجهات الغرب والادارة الامريكية ، اما القرضاوي الذي جعل الحرب من مقتضيات الضرورة ، فقد أثبت أنه اداة لخدمة نظام الحكم القطري وأن الأدعاءات بالوسطية والاعتدال التي يقول أنه يمثلها ستتلاشى كلما تزايد اعداد الضحايا من الليبيين .
مهما كانت التوصيفات التي تطلق على الحملة العسكرية ضد نظام القذافي ومهما كانت المواقف بخصوصها ، فأن ما يعنينا هو حجم الضحايا من الليبيين وحجم معاناتهم وهل ستكون هذه الحملة وسيلة مساعدة لتحقيق آمالهم بالتحرر من قبضة دكتاتور دموي ومتخلف ؟ أم أنها ستكون وبالا عليهم ؟
#شاكر_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إزالة الدوار أم إزالة الرمز ؟
-
لنحارب المحاصصة أولا
-
التجمعات والتظاهرات في العراق بين الأمل والأحباط
-
ثورة أم أصلاح ؟.. حول ما يحدث في العراق .
-
حزب البعث لايستحق شرف الدفاع عن مطالبنا
-
نفحات فاشية ، خطاب القذافي نموذجا
-
الحركات الأحتجاجية و المطلبية في العراق، شعاراتها وآفاقها
-
لاتدنسوا بغداد بهذه القمة
-
الثورة التونسية في عيون قذافية
-
زين العابدين بن علي : دكتاتور آخر يتهاوى
-
في الدفاع عن العلمانية
-
صراع العلمانية والدين وضرورة بناء الدولة المدنية الديمقراطية
...
-
عن مذابحنا و صراع الكراسي وتوازن الأكراد
-
الدولة العراقية : أوهام الخطأ ..!
-
كلمات في تأبين سردشت عثمان وتأبين حال الصحافة في العراق *
-
الموت أختناقا : فضيحة أخرى في عالم المعتقلات والسجون العراقي
...
-
جريمة أختطاف وقتل الصحفي سردشت عثمان ومستقبل حرية الصحافة في
...
-
في تفسير أكذوبة المسافة الواحدة
-
حتى لا يتحول العراق الى لبنان آخر
-
لمصلحةِ مَن يجرى هذا الأستفتاء ؟
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|