أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ثامر الحاج امين - ضمير معطل














المزيد.....

ضمير معطل


ثامر الحاج امين

الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 07:41
المحور: كتابات ساخرة
    


في المشهد الأخير من رائعة نجيب محفوظ ( ثرثرة فوق النيل ) يظهر " أنيس زكي " ـ أحد ابطال العوامة ـ منتفضاً في الشوارع وهاتفاً بما يشبه الهذيان ( الفلاحة ماتت ولازم نســلمّ نفسنا ) وهي اشارة الى صحوة ضمير لواحد من رموز الفساد الذي اسهم بهزيمة مصرفي حرب 1967والتي رمز لها بموت الفلاحة في حادث السيارة التي كان يقودها مع شلة المساطيل . والدلالة التي نخرج بها من هذا المشهد هي ان للفساد نهاية ، وهناك من بين الفاسدين من يتحلى بشجاعة الاعتراف بالخطأ والاقرار بما اقترفه من جرائم بحق الآخر، ، كما ان هذا المشهد يعيدنا الى ماتعرضت اليه الحياة العراقية من هجمة متخلفة وتراجع في مختلف الميادين الاجتماعية والانسانية بسبب الفساد السياسي الذي مارسته النخب الحاكمة ، فمنذ اكثر من ثلاثة عقود والحياة المدنية تشهد انحساراً واضحاً ، ممثلا ذلك بمستوى الأمية والتخلف الفكري في صفوف قطاعات شعبية واسعة والتجاوز على الحريات وتعطيل العمل بالكثير من القوانين الأساسية للنهوض بالبلاد الى مصاف الدول المتحضرة وكذلك في مشاهد الفوضى الضاربة اطنابها في عموم المدن ، ويمكن ان نلمس ذلك من خلال مشاهد البؤس والخراب التي تعيشانه المدن العراقية ، ولعل بغداد هي الأوضح في هذا المشهد ، فقد كانت قبل مسك الدكتاتورية برقبة السلطة في نهاية السبعينيات وبدء مرحلة الانهيارالشامل لمظاهر المدنية والتوجه لعسكرة المجتمع ، كانت واحده من أهم مراكز الاْشعاع الفكري والثقافي في المنطقة ـ وعبر مراحل متعددة من تاريخها ـ وقد شهد جيلنا ذلك في مطلع سبعينيات القرن الماضي ـ حيث عاشت بغداد واقعاً حضاريا وثقافيا متميزاً ، ممثلاً بالحراك الثقافي الدؤوب وفي مختلف الميادين ، فالمسرح العراقي قدمّ أروع اعماله انذاك وكان المواطن الذي يروم مشاهدة عرض مسرحي محظوظ حينما يحصل على تذكرة دخول الى المسرح دون انتظار اسابيع لموعده وهو مؤشر على عافية الذوق ومستوى رقي الانتاج الفني وكذلك الحال لدور السينما في عروضها الجادة والندوات الفكرية ومعارض التشكيل وعموم الفعاليات الثقافية التي شهدتها بغداد انذاك والتي لاقت اقبالًا كثيفا اثار قلق ومخاوف السلطة من التوجهات الجديدة التي أشرت الى اتساع مساحة الوعي بين شرائح متعددة من المجتمع . وما ان اشرف عقد السبعينيات على النهاية حتى شرعت الدكتاتورية بالاجهازعلى كل مظاهر الحياة المدنية والاستقرار السياسي،حيث بدأت حملتهاالهمجية بمطاردة وتصفية القوى الوطنية وانتهاءا بادخال البلاد في حروب جلبت عليه الويلات ، انطفأ خلالها ألق بغداد ، فلا أبي نؤاس ظل مؤتلقاً بلياليه ولا المسرح الذي علمنا الكثير استمربعطاءه انما حل بديله المسرح الذي يضحك على الذقون ، وكذلك الحال مع دور السينما التي تحولت الى صالات لاٍفساد الذوق وغابت الجدية في عمل وبرامج معظم المؤسسات الاكاديمية ذات التاريخ المعرفي العريق بعدما هاجرت العقول والكفاءات العلمية والابداعية الى خارج البلاد ، وظل الحال في تردٍ مستمر حتى سقوط الدكتاتورية في عام 2003 التي كنا نأمل بزوالها ان الحياة ستسترد عافيتها وتعود بغداد الى سابق مجدها والقها الثقافي، لكن ماشهدناه ونشهده اليوم يكاد يجهز على احلامنا فقد ازداد الواقع ترديا ً ، فلا دور السينما استعادت عافيتها بل اغلقت تماما ولااستعاد المسرح ألقه السبعيني وكذلك حال الموسيقي والغناء فقد صارا من الكبائر ، تبع كل ذلك جملة من القرارات الغريبة بغلق النوادي الاجتماعية والترفيهية اضافة الى الاساءات الكثيرة لمعالم بغداد الشاخصة في ذاكرة ابنائها . سنوات والحال يتردى من سيء الى اسوأ ولم نشهد خروج ( انيس زكي ) عراقي الى الشارع هاتفاً ( لازم نسـلم ّ نفسنا ) ليبرء ذمته امام شعبه ويتطهر من فساد العوامة القابع فيها .



#ثامر_الحاج_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ترابك هذاالمر ... حبيبي- قصائد مشتعلة بالاحتجاج والغضب
- عصر الثورات الحضارية
- حوار مع الشاعر والكاتب العراقي المغترب - كريم عبد - ماينقصنا ...
- نخبك ياظلام
- قراءة في كتاب - الشعر فاعلا اٍرهابياً -
- ثمة نور خلف ... - أبواب الليل -
- ضوء من التاريخ في رواية - بسمائيل -
- رواية -الحياة لحظة- في جلسة نقدية
- تعسف القوانين .. المادة (200) عقوبة الاعدام انموذجا
- الثقافة القانونية .. طريق للبناء الحضاري
- الشاعر - صلاح حسن -.. ينفض رماد مسلته
- - كلاب الآلهة - .. شهادة بيضاء عن حقبة سوداء
- -ملتقى الوركاء للثقافة والفنون-..خطوة فريدة
- هل يفعلها العراقيون.؟
- -جدل-...اشراقة على عالم الثقافة
- الجدار الثقافي في الديوانية .. يحتفي بالروائي-سلام ابراهيم-
- -الارسي- الوجه الاخر للتجربه
- التكريم يأتي في أوانه
- قفشات من اوراق كزار حنتوش
- -اوراق من ذاكرة مدينة الديوانية- .. سيرة مدينة طيبة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ثامر الحاج امين - ضمير معطل