|
ثلاث وجهات نظر
جاسم الحلفي
الحوار المتمدن-العدد: 3308 - 2011 / 3 / 17 - 10:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المظاهرة والنظرة المريبة لم تتعاط الجهات الرسمية بالكيفية المناسبة مع حق التظاهر السلمي، الذي كفلته المادة 38 من الدستور. فتارة تـُقيّده بوسائل وتدابير شتى تصل حد منع حركة المركبات، وتارة أخرى تعطي الضوء الأخضر لسير المركبات في مكان تجمع المتظاهرين وفي محيطه، خلافاً لما تقتضيه سلامتهم وامنهم، وهما الهدف الأساسي للإجراءات الأمنية حسب ما جاء على السنة كبار المسؤولين. يبدو ان الحكومة بدلا من تأمين مساحة حرة للمظاهرة، مثلما تفعل البلدان الأكثر استقرارا، وكما هو معمول به في عموم البلدان الديمقراطية التي تؤمّن مستلزمات حق التظاهر، وتوفر للمظاهرات الحماية، وتنظم المرور وحركة العجلات على طول مساراتها لتضمن سيرها بشكل طبيعي، ولكي يعبّر المتظاهرون عن آرائهم، ويعرضوا مطالبهم بحرية.. بدلا من ذلك نرى الحكومة تنظر الى المتظاهرين والتظاهر نظرة شك وارتياب، نظرة لا تنسجم، بل وتتعارض مع التصريحات الرسمية التي تعتبر التظاهر ممارسة دستورية وحقا مشروعا للمواطن، يعبر من خلاله وبصورة ايجابية وحضارية عن آرائه، ويدافع عن مطالبه المشروعة. يتضمن الدستور في بابه الثاني كلاما جميلا حول الحقوق والحريات، لكن ذلك يبقى مجرد كلام جميل وحقوقاً افتراضية، ما لم يتحول الى سلوك وتقاليد يحرص عليها الجميع وتسهر الحكومة عليها بكل مسؤولية. إعلام الدولة.... إعلام الحكومة كثيرا ما تفوتني مشاهدة قناة العراقية ومطالعة جريدة الصباح، لكنني احرص على قراءة أعمدة بعض الزملاء الذين يتناولون قضايا مهمة بجرأة، وهم يغردون خارج السرب، وعلى متابعة تغطيتها اخبار المظاهرات التي خرجت من اجل إصلاح النظام ومحاربة الفساد والمفسدين وللمطالبة بإنهاء المحاصصة. وقد تصفحت " الصباح " الصادرة يوم السبت 12 آذار الجاري، وذهلت حينما وجدت تغطيتها لمظاهرات يوم الجمعة 11 آذار، وقد وضعتها أسفل الصفحة الثالثة! في حين احتلت اخبار المظاهرات ذاتها صدر الصفحة الأولى من جريدة " الشرق الأوسط" مثلا! وفي الوقت الذي ركّزت الصباح في تقريرها الخبري على المسؤول الذي جاء لاستلام مطالب المتظاهرين، ومن ثم عرجت على الإجراءات الأمنية، فان تقرير إذاعة (بي بي سي) خصص المساحة الأولى للمتظاهرين ومطالبهم، ومن ثم عرج على بقية الأمور. ومعلوم ان الدولة هي من يقوم بتمويل شبكة الإعلام، وهذا يفرض عليها اساسا تغطية الأحداث، ونقل وإتاحة المعلومات للقاريء والمشاهد والمستمع بامانة وموضوعية، بعيداً عن الانحياز المسبق، وعلى وفق معايير مهنية عالية. فالشبكة وسيلة وجهاز إعلام للدولة، ومن نافل القول ان الدولة غير الحكومة ! فالأخيرة احدى مكونات الدولة، وليست كل الدولة. ولا حاجة الى الكثير من الحصافة والجهد كي يكتشف أي متابع لقنوات ومحطات ومطبوعات شبكة الإعلام، أن إعلام الدولة عندنا قد تحوّل الى إعلام الحكومة، وخرج ، بقصد او بدونه، عن المهمة التي حدّدها له القانون، الامر الذي يدعو إلى إعادة النظر في دور شبكة الإعلام العراقية. وقد يتطلب أن تولي لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب الموضوع الاهتمام المطلوب، وتقوم بفحص أداء الشبكة ودورها. الرقابة الشعبية استطاعت حركة الاحتجاج الشعبية، رغم المواجهة والصعوبات والعراقيل العديدة التي وضعت إمام المتظاهرين والمحتجين، أن تحقق لغاية اليوم نجاحات غير قليلة. فبفضل ضغط المظاهرات والاحتجاجات، اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات وقطعت على نفسها تعهدات زمنية، هي الان تحت الرصد والمراقبة، ولم يكن المواطن العراقي يعتقدها ممكنة قبل هذه الحركة المباركة. ونظرا لضخامة التحديات، وضعف قدرة الوزارات والاجهزة التنفيذية المبتلاة بالمحاصصة والفساد، وتدني مستوى الأداء، فمن غير المتوقع أن تتحقق الاصلاحات والمطالب التي رفعتها الجماهير في تظاهراتها من دون مواصلة النشاط المدني السلمي المتنوع الضاغط. فإذا كانت الحركة الاحتجاجية قد لعبت دورا ايجابيا لغاية الآن، في التأثير على أصحاب القرار، فان هناك كما يبدو حاجة وضرورة لأيجاد اشكال وصيغ ملموسة وعملية، تتيح للمواطنين ممارسة نوع من الرقابة الشعبية على الاجهزة والمؤسسات والجهات المسؤولة عن توزيع البطاقة التموينية، وتوفير الخدمات الاساسية التي يعاني الناس اليوم من غيابها أو شحتها. ولعل مثل هذه الرقابة يمكن أن ينشأ في الأحياء السكنية، ويشارك فيه ناشطون مدنيون. فيمكن مثلا ان تجري مراقبة وصول الحصة التموينية بجميع مفرداتها، ومتابعة توزيعها في الاوقات المحددة، الى جانب تدقيق نوعياتها، وتواريخ صلاحياتها. و كذا الأمر بالنسبة إلى الحاجات والخدمات والمجالات الاخرى التي تمس حياة المواطنين اليومية.
#جاسم_الحلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديمقراطية بمخالب الدكتاتورية
-
ديمقراطية منع التجول !
-
أشهد على حضور البعث الصدامي في ساحة التحرير!
-
مواقف محبطة واخرى تؤكد الحق في الاصلاح
-
ثلاثة تصريحات
-
درس وفهم مختلف
-
ثلاثة تلميحات
-
ثلاث لقطات
-
رأي حول ارتباط الهيئات المستقلة
-
درس اخر يا حكام!
-
حراك اجتماعي في مواجهة أنظمة فاسدة
-
ليس منهم من (يكيت)!
-
جهد واعي لهدف واعد-استنهاض قوى وشخصيات التيار الديمقراطي-
-
آخر خميس!
-
كهرمانة والأربعين وزير!
-
قضايا تستحق الكفاح
-
حكومة الترضية!
-
لا .. يا سيادة الوزير!
-
ثلاثة أحزمة ... أيهما اخطر؟
-
نجحت العملية ومات المريض!
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
-
عاجل | رئيس بنما: قناة بنما ستبقى تحت إدارتنا ولم أشعر خلال
...
-
نيويورك تايمز: الحياة في غوما لا ماء ولا غذاء وكثير من عدم ا
...
-
مكتب الإعلام الحكومي: غزة تحولت إلى منطقة منكوبة
-
مسؤول فلسطيني: الاحتلال يستنسخ تفجير المربعات السكنية من غزة
...
-
عاجل | لوبينيون الفرنسية عن رئيس الجزائر: مستعدون لتطبيع الع
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|