|
الصين الشعبية تحضر للرد بضربة عسكرية كاسحة للولايات المتحدة الاميركية
جورج حداد
الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 20:42
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
يبدو بوضوح لأي مراقب ان الصين الشعبية تركز اهتمامها الاول على التنمية الاقتصادية، واضعة نصب اعينها التحول في اقرب وقت للقوة الاقتصادية العظمى الاولى في العالم. ولهذه الغاية تنازلت قيادة الحزب الشيوعي الصيني وقيادة الدولة عن مبدأ احادية بناء النظام الاشتراكي في الصين، وفسحت المجال واسعا لنشوء القطاع الرأسمالي في الصين تحت شعار "دولة واحدة ونظامان". والهدف الرئيسي من هذا التنازل هو اجتذاب الرساميل والتوظيفات الاجنبية، ولا سيما الاميركية، ومن ثم تطمين جميع الدول الرأسمالية في العالم ان ما يسمى "الغزو" الاقتصادي، المالي والسلعي الرخيص، للصين، ليس له اي علاقة بـ"الغزو الفكري" و"تصدير الثورة" كما كان يشاع في مرحلة "الحرب الباردة" في العهد السوفياتي. ولكن هذا المظهر، او ربما حتى يصح القول: القناع، الاقتصادي للصين، لا يخفي حقائق جوهرية اخرى، منها او على رأسها ان الحزب الشيوعي الصيني، وقواته المسلحة المتمثلة اولا بالجيش الشعبي الصيني، هو ابن تاريخه العريق، الذي لم تستطع ان تطمسه "القشرة الرأسمالية" التي غطت وجه الصين، بفضل الجناح الانتهازي الموالي للرأسمالية، والذي وجد "فرصته التاريخية" كي يرفع رأسه ويصول ويجول بعد سيطرة الغورباتشوفية وانهيار المنظومة السوفياتية والاتحاد السوفياتي لصالح الرأسمالية والامبريالية والصهيونية العالمية. فالحزب الشيوعي الصيني، وخاصة الجيش الشعبي الصيني، ما زالا يمتلكان الكتلة الشعبية التاريخية الثورية، التي تدرك تماما الطبيعة الاستعمارية العدوانية والرأسمالية الاحتكارية للامبريالية العالمية وعلى رأسها الامبريالية الاميركية، المتحالفة عضويا مع الصهيونية العالمية. وهي تدرك ان "الصداقة" مع اميركا هي اشبه ما يكون بالصداقة مع الذئب الذي لن يتورع في اي لحظة مناسبة عن الانقضاض على "اصدقائه" وافتراسهم، كما جرى لما كان يسمى "النمور الاسيوية" التي تركها الذئب الاميركي لفترة من الزمن تعتلف وتسمن كي ينقض عليها فيما بعد ويأكلها بين ليلة وضحاها. وتدرك الكتلة الشعبية الثورية الصينية انه في اي وقت تشعر فيه الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية بأن الصين تمر في حالة ضعف داخلي، فإنها اي الامبريالية الاميركية لن تتوانى لحظة عن اغتنام الفرصة لافتعال الازمات مع الصين، عن طريق تحريك تايوان وكوريا الجنوبية واليابان والاستفزازات البحرية للاساطيل الاميركية في بحر الصين، وعن طريق تحريك المعارضة العميلة "الدمقراطية" والتيبيتية و"الاسلامية" المرتبطة كلها او غالبيتها بالمخابرات الاميركية، وعن طريق التلاعب الاقتصادي البورصوي لافتعال الازمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية وزج الصين في اتون الازمة الاقتصادية العالمية، وذلك تمهيدا لتوجيه ضربة مركبة عسكرية ـ اقتصادية ـ سياسية، خارجية وداخلية، بهدف السيطرة على الصين وتحويلها الى شبه مستعمرة من جديد، يحكمها "طابور خامس صيني" مدعوم بجيوش احتلال اميركية ـ اطلسية ـ "اممـمتحدية"، لنهب خيراتها ومجهودات شعبها الكادح الخلاق وتحويل الصين الى معسكر عبيد ويد عاملة رخيصة تعمل لصالح الاحتكارات الاميركية ـ الصهيونية العالمية. ولذلك، ومع كل مظاهر الليونة الدبلوماسية والانفتاح السياسي والاقتصادي الذي تبديه الصين، فإنها في الوقت نفسه تتحضر على قدم وساق عسكريا وتستعد لتوجيه ضربة ساحقة للولايات المتحدة الاميركية، ربما تكون ضربة استباقية، في حال استشعرت انها مهددة حتما بالعدوان "من الداخل" او "من الخارج"، او من الداخل والخارج معا. وفي هذه الحالة فإن جماهير الشعب الصيني ستسحق بالاقدام سحقا لا رحمة فيه رؤوس وغوغاء المعارضة العميلة، التي تعرف ذلك تماما، ولذلك فهي تحسب الف حساب قبل ان ترفع رأسها لتستغل حالة التسامح التي تتمتع بها. وتفيد الانباء الصحفية الاميركية، انه في الوقت الذي ينشغل فيه كبار الموظفين الاميركيين في مساعيهم المحمومة لتوسيع الصفقات التجارية واعمال البيزنس مع النظام الاقتصادي الصيني المرن، فإن الحزب الشيوعي الصيني يعمل "خلف الكواليس"، حسبما تدعي الدعاية الاميركية، من اجل بناء القوة العسكرية الصينية القادرة على توجيه الضربة الكاسحة للولايات المتحدة الاميركية... وفي مطالعة للخبير روجر كليف، من مؤسسة RAND للابحاث، قدمها في 27 كانون الثاني الماضي امام "اللجنة الاميركية المختصة بمتابعة الاقتصاد والامن الصينيين" (China Economic and Security Review Commission) ، قال: "من الواضح انه لدينا شغل مع جيش مركـّز وجدي تماما فيما يتعلق بايجاد السبل للانتصار علينا في حال اندلاع اي نزاع". وتتمحور ستراتيجية الحزب الشيوعي الصيني على خطة الانتصار على جيش اقوى من الجيش الصيني، باستخدام خطط "الاعاقة". وتقوم هذه الخطط على ايجاد الوسائل لتحييد او القضاء على العناصر، التي من شأنها اعطاء الولايات المتحدة الاولوية في ساحة القتال، بدون اجبارها على الانجرار مباشرة الى المعركة. ومطامح النظام الصيني هي واضحة جدا بشكل عام. وفي تقرير وضعه لي ليمين (Li Limin) بعنوان "التحولات الجيوبوليتيكية العالمية والقرارات الستراتيجية للصين" يصف رغبة الصين في زعزعة العلاقات الاميركية ـ اليابانية، وفي وضع تايوان وبحر الصين الجنوبي تحت السيطرة، وفي ان تحافظ على قوتها العسكرية الخاصة السرية. وحسب تقدير الخبير كليف فإنه "يتم تحديث الجيش الصيني بسرعة، ولكنه لا يزال امامه طريق طويل كي يصل الى مستوى العسكرية الاميركية". وللوصول الى الهدف، الذي يضعه نصب عينيه، يقوم الحزب الشيوعي الصيني ببناء قوة عسكرية خاصة بقيادة الجيش الصيني، مهمتها تحديد عدة قطاعات مفصلية للجيش الاميركي، لاجل المبادرة الى ابادتها في حال نشوب نزاع. ويعدد روجر كليف: الهجمات على قواعد ومنصات اطلاق الاجهزة القتالية الطائرة للعدو. الهجمات على انظمة العدو، الخاصة بالنقل والتجهيز والدعم. وكذلك الهجمات على انظمة العدو المعلوماتية. كل ذلك يدخل في حسبان الخبير روجر كليف، الذي يضيف ايضا مختلف طرق الهجمات الكيبيرنيتيكية وازاحة والقضاء على الاقمار الاصطناعية. وحسب تقديرات كليف فإن تطوير الجيش الصيني هو على صلة وثيقة بالعمل لتحضير الضربة ضد الولايات المتحدة الاميركية. وهو يقول "ان هذه المفاهيم ليست مجرد تفاكير اكاديمية لا علاقة لها بالبرمجة الفعلية وتحضيرات القوة". لقد اكبت الولايات المتحدة لسنوات طويلة على التفكير فيما اذا كانت الحرب الكيبيرنيتيكية تشكل تهديدا واقعيا، ومنذ وقت قصير فقط ابدلت ستراتيجيتها وبدأت تدرج استخدام انظمة كيبيرنيتيكية قوية. وقد خصصت ميزانية وزارة الدفاع لسنة 2012 مبلغ 2،3 مليار دولار لاجل تحسين القدرات الكيبيرنيتيكية للولايات المتحدة الاميركية. وفي الوقت عينه فإن الحزب الشيوعي الصيني حول مسائل الحرب الكيبيرنيتيكية الى قضية مفصلية في الستراتيجية العسكرية للصين. ــــــــــــــــــــــــــــــ *كاتب لبناني مستقل
#جورج_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب الباردة، في طبعة جديدة ... صينية
-
التنين الصيني حينما يتحول الى يوان رخيص
-
الافلاس الفضيحة لليبيرالية الغربية وأذنابها في البلاد العرب
...
-
لبنان الوطني المقاوم في مواجهة مؤامرة التعريب والتدويل
-
أميركا و-عقدة فيتنام-!
-
ميلاد السيد المسيح: المنعطف التاريخي نحو تشكيل الامة العربية
-
كوريا الشمالية: العقدة العصيّة في المنشار الاميركي
-
إشكاليات المسألة الاميركية امام محكمة التاريخ
-
اوروبا تتجه نحو التمرد
-
الازمة الرأسمالية العامة لاميركا والزلزال -الافيوني الالكتر
...
-
الامبريالية والشعب الاميركيان
-
التبدلات الديموغرافية ومضاعفاتها المرتقبة في اميركا
-
الامبريالية والعنف
-
الهيمنة العالمية لاميركا: بداية النهاية..
-
التقسيم الامبريالي الرأسمالي لاوروبا
-
تقرير معهد SIPRI يؤشر الى مرحلة تفكك الامبريالية
-
بداية انحسار موجة العداء للشيوعية في المانيا
-
بعد 20 سنة: الشيوعيون القدامى يطالبون بتجديد الدعوى حول احرا
...
-
لبنان الوطني المقاوم حجر الاساس لنهضة عربية حقيقية
-
الثلاثة الاقمار اللبنانيون الكبار في سماء الشرق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|