|
قصة - أمومة -
جمال بنورة
الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 15:33
المحور:
الادب والفن
" أمومة " قصة بقلم: جمال بنورة
..تجلس على الأرض في ظل احدى شجرات الصنوبر الملاصقة لسور المدرسة..تستند بظهرها الى السور..ركبتاها مرفوعتان أمامها، يغطيهما ثوبها الفلاحي الطويل الأسود، الذي يصل الى قدميها. أحياناً تتحسس كيس نايلون بجانبها، يحتوي بعض الطعام، كأنما تتأكد من وجوده.. أو كأنما تخشى ان تكون قد نسيته. تمر الساعات وهي في جلستها لا تريم.. تسند خدها بكفها، وأحياناً تشبك يديها حول ركبتيها. تجلس..وتنتظر.. لا يقلقها مرور الوقت.. بل ولا تكاد تحس به.. أحاسيسها كلها منصبة في اتجاه واحد..أحمد.. ليس هناك ما يشغل بالها.. ما دامت قريبة منه.. سعادتها ان تكون دائماً قريبة منه.. تحس بوجودها الى جانبه.. وتحس بوجوده الى جانبها. قلبها لا يحتمل ان تكون بعيدة عن وحيدها.. ولا تشعر بالاطمئنان الا وهي قريبة منه..انها لا تستطيع الا ان تظل بقربه.. وهي هنا لا تبعد عنه سوى خطوات، ولا شيء يشغل افكارها غير انتظاره. ولا قوة في العالم تستطيع أن تزحزحها من مكانها.." ما حدا بقدر يمنعني عن ابني.." ولا محاولات المدير أفلحت في إقناعها بالعودة الى بيتها.. - ياخيّي..شو إلك معي.."هالميدة اللي حاطها قدامي..ارفعها!" - ياخالتي..مابصير.. القانون بمنع. اذهبي بعيداً عن المدرسة! نظرت اليه في بلاهة: - ياخويا..ابني مابعرفش الطريق لحاله.. دارنا بعيدة. يعني أسيبه يروّح لوحده..؟ أنا ماقدرش ابعد عنّه.. رضخ المدير أخيراً.. وسلّم بوجود المرأة..صار منظرها مألوفاً عند سور المدرسة، حيث بضع شجرات صنوبر يستظل بفيئها التلاميذ في فترات الترويح.. وإذا ما أحست بالشوق لرؤية ولدها، قامت الى أحد الصفوف..وأخذت تراقب ابنها من النافذة. وترتد الى مكانها عندما ينهرها أحد المعلمين.. وأحياناً لا تلبث ان تعود.. تتعلق أبصارها بولدها فلا تطيق ان ترفع نظرها عنه.. يتلفت الأولاد نحوها مبتسمين.. يصرخ بها المعلم: - أنت تلهين الأولاد عن دروسهم.. إذهبي من هنا..مالناش شغل غيرك؟ - خليني أشوفه.وحياتك.. الله يخلّي عمرك.. وتبتسم في سذاجة، وتسأل: - بعرف يقرأ مثل الأولاد؟ وترفع يدها مثل طالب يستأذن معلمه وهي بموقفها وراء النافذة تمسك حديدها بيدها: - ياخويا.. بحب أسمع صوته.. يضحك المعلم، ويقول في تسليم: -اقرأ يا أحمد..خلي أمك تسمعك. وتغمرها الفرحة، وتدعو للمعلم: - الله يسعدك.. الله يهنيك شبابك، ويرزقك بنت الحلال.. قال مبتسماً:- ياخالتي.. أنا متجوز. - الله يخليلك مرتك.. ويخليك الها.. إن شاء الله بتظل منور بيتها..الله يهنيكو في بعض. ثم تسأل بعد قليل، وقد استطاعت ان تجذب اهتمامه الى حديثها المعسول، وكأنما تتقرب منه ليتغاضى عن وقوفها وراء النافذة: - معاك أولاد ياخويا؟ - أيوه. - الله يخليلك اياهم..يجعلهم يعيشوا في عزك.. ويرفعوا راسك.. لو لم يكن احمد..أكانت تحتمل الحياة..؟ من لها في العالم غيره؟ زوجها راح في طريقه.. زرع الجنين في أحشائها ورحل.. تركها للعالم الآخر.. أو بالأحرى أُخذ الى العالم الآخر.. انتزعت منه الحياة عنوة.. كان يحب الحياة.. ويحبها.. و.. شعرت ان حياتها انتهت بموته، او بالأحرى بمقتله ولكنه كان قد منحها حياة جديدة.. وأملاً جديداَ.. حسناً فعل أنه منحها.. بذرة أحمد..أحمد هو.. أخذ اسمه.. ليعيش عمره..كانت منذ صغرها لا ترى في الدنيا غيره.. تفتحت عيناها على حبه.. واستلبوه منها..إنها ترى في ابنها احمد شخصه، وتسرح أفكارها.. تكاد تخترق الغيب لترى المستقبل، وقد أصبح احمد رجلاً، يملأُ حياتها بالسعادة، ويملأ قلبها بالأمل، وتتخيله وقد تزوج، وأنجب اولاداً كثيرين.. بل انها تفكر ان تختار له عروساً منذ اليوم.. ان تضع عينها على إحدى البنات (لتسميها باسمه) لكي تتفتح على حبه، لقد أحبت فتاة معينة تود لو تفاتح اهلها في الموضوع.. ولكنها تخشى ذلك.. لا تدري اذا كانوا سيوافقون..ولكن ما المانع.. لقد تزوجت هي بنفس الطريقة؟ لقد ملأ حياتها منذ الصغر.. ولا يزال يعيش في حياتها حتى الآن..تكاد لا تصدق انه مات..انها لم تشعر كيف مات.. حدث ذلك دون سبب معقول..فاجأها برحيله الأبدي.. لم تكن مستعدة لاستيعاب الفاجعة.. ولم توفه حقه من الحزن والدموع.. لم تستطع ان تحزن عليه كما يجب.. لم تُتح لها الفرصة لذلك.. منعوها حتى من رؤيته..لم يكن لديها وقت للحزن، وقد حالوا بينها وبينه. لم تره ولم تودعه فما ان بلغها النعي حتى بدأت تحس بآلام الوضع.. وكانت صرخات الطلق تمتزج بصراخ هستيري:" لماذا قتلوه.. لماذا؟ ألأنه خرج في وقت منع التجول.. وهل كان يعلم انهم سيلاقونه؟..انهم يتربصون به.. قالوا إن منع التجول من المغيب حتى الشروق.. وكان يخرج دائماً مع الفجر ليزرع ارضه..لم يفعل ضدهم اي شيء.. إنهم يعلمون ذلك. لقد رأوه يفلح الأرض فلماذا أرادوا قتله؟ لماذا يحبون قتل الناس؟ لماذا ييتمون طفلاً قبل ان يولد؟.. ويعزيها الناس به: " الله أعطى.. والله أخذ" وترفض ان تصدق انه مات.. لا يمكن ان يتركها وحدها في هذا العالم.. ماذا لها في العالم غيره..؟ ولكنهم يصرون على انه مات.. يريدونها ان تتعزى عنه من أجل المولود الجديد.. ويطيبون خاطرها: " حتى لا يجف حليبك.. إنه ذكر.. سيحمل اسم والده.. ليكون عوضاً عنه.." وتفيق من أحلامها على قرع الجرس..تمتلىء ساحة المدرسة صياحاً وضجيجاً.. يبدأ الصغار باللعب والتدافع بالمناكب، وضرب بعضهم بعضاً، ويزغرد قلبها فرحاً لمنظرهم..تود لو تضمهم جميعاً الى صدرها. ان تكون لهم أماً، فهي كانت تتمنى لو أنجبت عدداً كبيراً منهم ولكن حظها قصّر. إنها تعاملهم كأبناء لها.. وتراقبهم وهم يتسابقون الى حيث يقف بائع الكعك.. بعض الأولاد يشترون الكعك، وآخرون يخرجون قطع الخبز المحشوة بالجبن او الزيت واالزعتر، ويلتهمون عصرونتهم في بضع لقيمات..حتى لا تفوتهم فرصة اللعب..اوهم يبدأون اللعب وأفواههم محشوة بالطعام. ينسل أحمد في هدوء الى حيث تجلس أمه..أحمد مستجد في المدرسة. لا يعرف المشاغبة، يمشي في رزانة الكبار. لا يتحدث كثيرا، ولا يشاكس غيره من التلاميذ. كان يرعى الغنم مع أمه.. إنه يعرف كيف يحلب النعاج.. وهو يحبها أيضاً فقد تربى على حليبها. لقد حرم الرضاعة من أمه، وهي تسقيه كل يوم حليبا طازجاً. لقد اشترت النعاج من أجله.. لتسقيه من حليبها..وعندما كبر صار يرعاها بنفسه.. ولكنه لم يكن يبتعد عن مرمى أنظار أمه.. ويجلس في الخلاء وحيدا مستوحشاً، ونصحها حموها الضرير ان ترسل حفيده الى المدرسة. - أريد حفيدي ان يكون متعلماً..هذا العصر لا يعيش فيه إنسان أمي. خشيت ان تبعث به الى المدرسة. بيتهم يبعد عن القرية مسافة ساعة مشي. - أنا لا أستطيع ان أتركه يذهب الى المدرسة وحده. - ليس هذا خوفاً عليه. أنت لا تحتملين الابتعاد عنه. أنا أخاف ان يفسده التدليل.. اريده ان يطلع رجلاً. - اذا أردت..انا آخذه الى المدرسة..انت تبقى وحدك في البيت. - سأتدبر أمري.. يتجمع حولها بعض الأولاد. تمدّ يدها الى الزوادة بجانبها.. تتناول الخبز وأقراص الجبن الذي تصنعه بنفسها. تقسم الخبز وتحشوه بالجبن وتبدأ بإطعامه لقمة، لقمة. لم يكن يتضايق، فهو متعوّد على ذلك منها.. وعندما يقترب منها احد الصبية تمد يدها بالطعام اليه. بعض الأولاد يأخذون وبعضهم يرفضون.. كان هذا يزعلها، تحس ان الولد يريد ان يأخذ..ولكن شيئاً يمنعه.. ربما انّ أهله يوصونه الاّ يأخذ شيئاً من احد.. أنا لست احداً.. أنا أم احمد.. أنا أحبهم مثل ابني..وتنظر الى احمد.. يلوك الطعام في فمه دون تسرع، وأنظاره تتابع الأولاد في لعبهم وصياحهم. ويقرع الجرس ثانية، فيصطف الأولاد في ساحة المدرسة.. ويسير ابنها بين الأولاد.. فتودعه بنظراتها حتى يغيب في داخل الصف، وتظل في جلستها حتى يقرع آخر جرس، فيخرج الأولاد عائدين الى بيوتهم ..تمسك بيده، وتسير به عبر الطريق الطويل الوعر الى الطرف القصي من القرية حيث بيتهم هناك. لماذا أحبها الأولاد..؟ ألأنها كانت تطعمهم مما تحضره من طعام؟ ألأنها كانت تسليهم بأحاديثها عندما يتحلقون بها، فتحدثهم عن حياتها، وعن احمد وما يفعله، إنها تحب ان تتحدث عن ابنها لجميع الناس، وتريد ان تقول لمن لا يعلم..انّ احمد ابنها..أم لأنها كانت تنقذهم أحياناً من العقاب؟ حتى أصبحت مصدر ضيق بالنسبة للمعلمين.. فهي ما إن تسمع صراخاً حتى تركض الى مصدر الصوت، وتبدأ تترجى المعلم ان يعفو عن الطالب.. حتى اخذ الأولاد يصرخون بصوت مرتفع لكي تسمعهم، فهي لا بد قادمة لنجدتهم. - أعفُ عنه.. الله يعفي عنك.. - هذا ليس شغلك.. لا تتدخلي! وهي تضع يدها على ذقنها:- ياخويا..من شاني.. - لا.. كم مرة أعفيت عنهم من شانك..؟ بذكاء فطري:- طيب.. من شان الله.. هذه المرة فقط.. - انت.. شو بخصك..؟ بلهجة حزينة:- حرام.. وقد يتجاهلها المعلم في بعض الأحيان، ويستمر في ضرب الولد حتى تصرخ به: - يا معلم..يا معلم.. فلا يرد.. حتى تصرخ بصوت أعلى: - انت ما بتخاف ربك..؟ انت مالكش اولاد..؟ يرفع رأسه اليها بغضب:- يعني.. شوبدك؟ تعود الى لهجتها الحزينة المستعطفة: - ولا..شيء ياخويا. ثم مشيرة الى الولد المعاقب: - حرام..لو أمه تشوفك ما بتتحمل. ثم مستدركة:- بتحب ابنك ينضرب؟ يصيح بها، وهو يفلت الولد من يديه. - انت طمعت الأولاد علينا.. بطلوا يدرسوا. تبتسم وهي تحس بالإنتصار: - بكبروا..وبتعلموا.. - مبسوطة هيك؟ - الله يرفع الأذى عنك..الله يحميك من اولاد الحرام. *** لم تكن المرأة تفارق احمد.. بالأحرى لم تكن تستطيع ان تفارقه لحظة واحدة..هل كان ذلك كله حباً..؟ خوفاً..؟ هل كانت تظل معه خوفاً من المجهول..؟ تريد ان تحميه مما يخبئه له القدر؟ هل كانت تعرف ماذا يخبىء له المستقبل.؟ هل كانت تعتقد انها قادرة على ان تحميه مما يخبئه له المستقبل؟ هل كانت تظن ان قربها منه يمنع عنه الأذى؟.. الموت.. يمنع الموت..؟ وهذا اليوم.. لماذا تمور المدرسة بضجيج صاخب؟ ماذا جرى؟ هتاف..؟صراخ..؟ صياح..؟ الأولاد يتجمعون.. تنظر مذهولة.. وهم يخرجون الى الشارع.. ماذا ترى؟ جنود..عصي..حجارة..تراشق.. ضرب..؟ تبحث عن ولدها.. ما الذي يجري هنا؟ ولدي..أين ولدي؟ احمد.. اين أنت يا احمد؟..أحمد تتدافعه الأيدي..لا يعرف طريقه بين الأولاد الكبار..يغذّ الخطى..يجد نفسه يسير بينهم.. معهم.. تحاول الوصول اليه.. لا تستطيع..يناوله احد الأولاد حجراً.. ارم..هناك..افعل مثلنا.. هؤلاء قتلوا أباك.. اضربهم.. اضرب..لا تخف! يحمل الولد حجراً.. لا يهاب.. يسير مع الأولاد..يسير.. يضرب..يضرب..الصغار يحملون الحجارة.. يرشقونها في اتجاه الشارع.. المعلمون لا يستطيعون التدخل.. الموقف انفجر.. لا سيطرة لأحد عليه.. رصاصة.. رصاصة طائشة.. احمد.. لماذا احمد؟ ألم تجد غير ابنها؟ أعجبك هذا؟.. من؟ ماذا؟ لا أستطيع شيئاً.. المدير متهم.. كيف تسمح بإخلال النظام؟ أنت المسؤول.. مسؤول..؟ عمن؟ أمام من؟ لماذا أنا؟ لماذا أكون مسؤولاً..؟ والولد.. ما ذنبه؟ ماذا فعل؟ إنه يتخبط في دمه..الأم تصرخ.. تصرخ..تقترب من الولد..تقدّ الثوب.. تقطع شعرها.. ابني.. ولدي.. وحيدي..حياتي..لا تمت!..من لي غيرك؟.. يفتح الولد عينيه.. ينظر الى أمه.. وهي تحتضنه..تتخضب ثيابها بدمه. ثم يغمض عينيه ثانية.. لا تأخذوه مني!.. ليس لي غيره.. ولكن الإسعاف..لا فائدة..أخذوه رغماً عنها.. طار صوابها.. لحقتهم الى المستشفى..لم تره..لم يسمحوا بذلك.. عودي غداً.. التشريح..سبب الوفاة..لماذا؟ هل مات؟..حقاً.. لايمكن.. مستحيل ان يموت..لماذا يموت..؟ لماذا هو؟ لا ..لا أصدق..لا يمكن ان يموت!.. وهل أبقى وحدي في هذا العالم؟.. في الغد..القرية كلها تسير في الجنازة..حتى الرجل الضرير يتوكأبعصاه..يتحسس النعش..يسير خلف النعش..عيناه في اتجاه مستقيم.. كأنما تنظران الى أمام. الى الفراغ.. الى الظلام الذي يلفهما..عيناه مفتوحتان على الظلام.. وكأنه يرى حفيده..الدموع تتساقط من عينيه.. الرجل الأعمى يبكي أيضاً.. رغم كبره..رغم جلده..لم يحتمل..القرية كلها بكت.. ولكن بعض النساء تزغرد أيضاً.. والأم غير مصدقة ما يجري أمامها.. حبيبي احمد..لا تبعدوه عني..تمد يديها كأنما تحتضنه..وهي تمزق ثيابها.. خذوني اليه..ادفنوني معه..لا أريد حياة من دونه..إنها مثل إنسان فقد وعيه تماما. هل صحيح ان جميع هؤلاء الناس يسيرون في جنازة ابنها..؟ وجنود..أيضاً.. ماذا يفعلون هنا؟ الطلاب يهتفون ثانية.. يتدخل الجنود ليمنعوا ذلك..بعض الناس يتدخلون أيضا..يهدئون الموقف.. تسير الجنازة في صمت.. ينظرون الى الأم.. لا يجدونها..راحت تبحث عن احمد.. احمد موجود في مكان ما.. ستذهب اليه.. تريد ان تراه.. هذا الميت ليس احمد.. احمد لا يموت.. انا اموت بدلاً منه..لماذا لااموت انا ويبقى احمد؟ ظلت تائهة في الخلاء لعدة ايام..تبحث عن احمد..ثم عادت الى المدرسة.. لا بد ان يكون هنا.. ترى أترابه..تسألهم عن أحمد.. أحمد مات يا خالة.. لا .. لا تقل هذا.. لا تكذب علي..! نعم يا أمي.. لقد.. مات.. متى ستقتنعين بذلك؟.. أمي..إنه يقول.. أمي.. أنت.. ابني.. أنت أحمد.. نعم يا أمي.. قلها.. أريد سماعها. .أنت أحمد..هو أحمد.. كلكم أحمد.. أنتم أبنائي.. أحمد يحبكم.. أنا أحبكم.. صدرها يتسع لمحبة جميع الأولاد رغم أن البعض يقول أنها مجنونة. كانت تحب.. بكل ما منحها الله من قدرة على الحب.. وأخذت ترى في كل واحد منهم أحمد.. أوشيئا من أحمد.. بعض سماته.. شعره.. لون عينيه.. ضحكته..براءته.. وقال لها احد المعلمين: - يا خالة.. لماذا لا تذهبين الى البيت؟ - أنا أنتظر أحمد.. كيف يعود أحمد وحده؟ - ولكن احمد لم يعد يأتي الى المدرسة.. - أحمد.. إنه يلعب مع الأولاد.. إنه يكتب دروسه.. يقرأ أيضاً.. ويرسم أشياء جميلة.. ليتك تراها.. رسم مرة صاروخا يسقط طائرة.. كان يتعلم.. كيف يكون الرجال.. *** - ماذا تحملين يا أمي؟ - طعام أحمد.. إنه طعامكم.. أنا أصنعه خصيصاً لكم. وتبدأ تقسم الخبز والجبن.. وتوزعه عليهم.. وهم يتحلقون بها.. والأولاد يأخذون منها الطعام.. حزناً عليها.. بدون ان يعوا ذلك، كأنما يجبرون خاطرها.. وأخذ الأولاد يتحببون اليها.. ويجلسون حولها في فرح.. ومن لا يحمل طعاما، يذهب الى الخالة.. الأم.. وتجلسه في حضنها وهي تقسم الخبز والجبن وتضعه في فمه.. هذا لك.. وهذا لك.. وهذا لكم. وضاق المدير ذرعا بها.. قال له احد المعلمين: - دعها في حالها..إنها بلا وعي.. لا تدري ما تفعل.. كان الله في عونها.. لم يرد المدير.. صرخ بها: - يا خالة.. أحمد مات.. متى تصدقين ذلك.. وتعودين الى رشدك؟ وقالت وهي تبكي.. وقد غاب عنها الصواب: - لا .. لا أصدق.. مش معقول احمد يموت.. وأنا لمن أعيش..؟ أين هو ..لا بد ان أراه..! ولم يستطع احد ان يقنع المرأة بأن احمد مات.. وتظل تصر على موقفها: - أحمد لم يمت..أحمد موجود.. إنه في مكان ما.. لا بد ان يعود.. قد يكون بينكم.. بل إنه بينكم.. إنه واحد منكم.. أنتم هو.. هو أنتم.. ***
#جمال_بنورة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصديق القديم
-
الأمل الخائب
-
حرمان
-
عندما ينقطع التيار
-
الطبيب المناوب
-
برج المراقبة
-
زواج مؤجل
-
الزيارة
-
الاجتياح
-
في المستشفى
-
موعد مع الموت
-
الموت خلف الأبواب - قصة قصيرة
-
لقمة العيش - قصة قصيرة
-
القبر - قصة قصيرة
-
موت الفقراء - قصة قصيرة
-
الدرس الأخير - قصة قصيرة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|