|
ثورتنا على الظلم و الإفقار حلال
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3306 - 2011 / 3 / 15 - 18:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
خلال الفصل الأول من عمر الثورة المصرية في 2011 ، و الذي إنتهى في الحادي عشر من فبراير 2011 لم يتورع حسني مبارك عن إستخدام أي وسيلة في متناوله لقمع الثورة . إستخدم الغازات المسيلة للدموع ، و الرصاص المطاطي ، و الرصاص الحي ، و البلطجية ، و الإشاعات القذرة ، و السلب ، و إستخدم أيضاً الفتاوى الدينية لتحريم الثورة ، و قد وجد ضالته في مجموعة منتقاة من مشايخ السلطة . فقهاء الخضوع هؤلاء ، لم يتورعوا عن تحريم الثورة على طاغية فاسد دموي مثل حسني مبارك ، و لم يتورعوا عن وصف ثوار الفصل الأول من ثورة 2011 بإنهم عُصاة . فهل مشايخ الخضوع للظلم ، و إستمراء المهانة ، على صواب ، أم ثوار الثورة المصرية ؟؟؟ يهمني الرد على فقهاء السلطة رغم إننا كشعب قد طوينا صفحات الفصل الأول من كتاب ثورتنا ، لأسباب أهمها : أولاً : إننا كشعب لم ننته بعد من كتابة كتاب ثورتنا ، فالثورة ، و كما سبق أن ذكرت مراراً ، ستطول ، و نحن لازلنا في الفصل الثاني فقط ، لهذا يهمنا تفنيد تلك الفتوى الدينية التي تجعل البعض يخضع للظلم ، و الإمتهان ، و الإفقار المتعمد ، إعتقاداً منهم أن ذلك الخضوع من الدين . ثانيا : ما قرأته عن لجوء النظام السعودي لفتوى مماثلة ، لتقوية قبضته على السلطة . ثالثا : توعية من أجل المستقبل ، فحتى عندما تنجح الثورة ، فإن من السهل أن يعود الطغيان إذا لم يكن الشعب متيقظ ، و في تاريخ مصر مثال ، فقد تقوضت الديمقراطية المصرية الأولى في يوليو 1952 ، و للأسف وسط ترحيب بعض أبناء الشعب ، من غير الواعين . لكي يكون الشعب متيقظ علينا محاربة فقه الخضوع ، ذلك الفقه الذي كان أحد أسباب إزدهار الإستبداد منذ العصر العباسي الثاني ، على وجه الخصوص ، و إلى اليوم . هذه هي أهم أسبابي للرد على فقهاء الخضوع للإستبداد ، و ردي لن يكون بمقارعة الرأي الفقهي برأي فقهي أخر ، و إنما بالأمثلة العملية ، التي يكاد يعرفها أي مسلم له إلمام ، و لو بسيط ، بالتاريخ الإسلامي ، لأنها الأفضل في الرد ، و أهم تلك الأمثلة هي التي تقع في الفترة الأولى للإسلام ، قبل أن يفترق المسلمون شيع ، و أحزاب . أمثلتي التي سأذكرها سيجد أي مسلم ، أكان سني ، أم شيعي ، أو أباضي ، أو صوفي ، أو ظاهري ، ما يوافقه منها ، على الأقل مثل واحد . المثل الأول هو الأقدم تاريخا ، و بالتالي الأقرب لحياة خاتم المرسلين ، صلى الله عليه و سلم . إنه قول ذلك الأعرابي الحر لعمر بن الخطاب : و الله لو جدنا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا . ثم تعليق عمر على ذلك القول : الحمد لله الذي جعل في رعية عمر ، من يقومه بحد السيف إذا أخطأ . فيا فقهاء السلطان ، و يا من تتبعون فقهاء السلطة ، هل كان الأعرابي على خطأ ، أم عمر ، أم أن كلاهما كانا على خطأ ؟؟؟ هل مشايخ السلطة ، و فقهاء إستمراء الظلم ، على صواب ، و الأعرابي ، و عمر ، كانا على خطأ ؟ مع ملاحظة أن التقويم الذي لوح به الأعرابي ، و رحب به عمر ، كان بالسيف ، و ليس بالنضال السلمي كنضال ثورة الشعب المصري في 2011 . إذا كان في قول الأعرابي لعمر مجرد تلويح بالسيف ، فإن الأمثلة الأخرى سنجد إنها كانت إستعمال فعلي للسيف . الكل يعرف قصة الحسين بن علي مع يزيد بن معاوية . و أعتقد أيضا أن الكل يعلم قصة خروج عبد الله بن الزبير على يزيد أيضا ، و ما تلى ذلك . و ربما يعلم بعض القراء بخروج أهل المدينة النبوية المنورة ، على يزيد الفهود ، أو يزيد الخمور ، و هما النعتان اللذان ألصقه أهل مدينة الرسول ، صلى الله عليه و سلم ، بيزيد بن معاوية . و البعض يعلم أن أبو حنيفة النعمان ، مؤسس المذهب الحنفي ، أقدم المذاهب السنية الأربعة ، و أكبرها في عدد المتبعين ، لم يكفر خروج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، المعروف بمحمد النفس الزكية ، على المنصور العباسي . و قاضي مصر الأشهر ، الحارث بن مسكين ، وقف مع ثورة مصر ، بعربها ، و قبطها ، مسلميها ، و مسيحييها ، على ولاة المأمون العباسي ، و أصر على الشهادة ضد هؤلاء الولاة ، و هي الشهادة التي كلفته النفي إلى العراق لسنوات . الأمثلة التي تؤيد الخروج على الحاكم الظالم ، و ولي الأمر الفاسد ، كثيرة ، و يكفي ما سردت في هذا المقال ، خاصة أن بعض تلك الأمثلة وقع في عهد أقرب كثيراً لزمن الرسول ، صلى الله عليه و سلم ، من الفقهاء الذين أسسوا مدرسة الطاعة التامة ، و الخضوع المطلق ، للحاكم الظالم الفاسد ، و حللوا إستمراء الذل ، و المهانة ، و الإفقار ، و جعلوا ذلك من الدين ، و الدين من ذلك براء . تتبقى مسألة واحدة ، و هي لعب فقهاء المهانة ، على وتر الأمن الخارجي . الرد عليهم يبدأ أولا بالعودة للأمثلة التاريخية التي أوردتها في هذا المقال ، مع تذكر الظروف التاريخية في فترة وقوع تلك الأمثلة . لقد كان عهد عمر بن الخطاب عهد حروب خارجية ، و كانت العلاقة بين المسلمين و الدولة البيزنطية ، في حياة يزيد ، غير ودية ، و كذلك في عهد أبو جعفر المنصور ، و شهد عهد المأمون حروب خارجية أيضا ، لكن هذه الظروف الخارجية لم تمنع عمر من أن تنبسط أساريره و هو يسمع الأعرابي ، و لم تمنع الحسين من الخروج ، و لا كذلك عبد الله بن الزبير ، و لم تمنع أبو حنيفة النعمان من تأييد ثورة محمد النفس الزكية ، و لم تقف حائلا بين الحارث بن مسكين و تأييد ثورة مصر . بعكس ظروف الماضي ، فإن إسرائيل - التي يتعلل بها البعض لتحريم الثورة على الحاكم الظالم الأن - هي التي تشدد على طلب السلام ، و معها العالم الخارجي ، و قد سبق أن شهدنا كيف كان قلق إسرائيل على معاهدة السلام أثناء الثورة ، و بعيد سقوط مبارك ، ثم ترحيبها الحار بإعلان المجلس العسكري الحاكم الإلتزام بكافة المعاهدات التي أبرمتها مصر من قبل ، و منها معاهدة السلام ، و أتذكر كيف كان الإهتمام البالغ من القناة الأولى في التلفزيون الروماني في المقابلة التي أجرتها معي تلك القناة في الحادي و الثلاثين من يناير 2011 ، و التي ذكرت تفاصيلها في مقال نشرته في اليوم التالي للمقابلة ، برأيي الشخصي في معاهدة السلام تلك ، و ما أعتقد إنه موقف الثورة منها . إسرائيل اليوم هي التي تلح على السلام مع دول المنطقة ، إذاً يمكن أن ننتبه لتنظيم شأننا الداخلي ، و أن نستمر في ثورتنا السلمية على الإستبداد الذي كان ، و القائم حالياً ، و الذي يلوح به المستقبل ، و على الفساد الذي كان ، و المستمر لليوم ، و الذي سيستمر في ظل سرقة الثورة ، و لينتبه جيش مصر لحماية مصر من أي إعتداء خارجي . الثورة على الظلم ، و الإفقار ، من حيث المبدأ ، و في الظروف الحالية ، حلال حلال حلال ، خاصة عندما تكون سلمية ، و ثورتنا سلمية سلمية ، و عاقلة ، وحكيمة ، أيضاً .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
برغم الخطأ تظل الدعوة للغضب قائمة
-
يوم الإستفتاء يوم للغضب
-
على الثورة أن تقدم دستورها البديل ، أو مشروع دستور 2012
-
كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير
-
دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب
-
الثورة هدم و بناء ، و علينا أن نهتم بالعمليتين
-
لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق
-
ليبيا ، أو أسبانيا العربية ، تحتاج إلى متطوعين و سلاح
-
عمر سليمان إختصر مصر في إخوان و أقباط
-
عمرو موسى مرشح عمر سليمان
-
الإخوان لا يريدون إسقاط النظام
-
مصر أولى بذلك الدور نحو شقيقتها من حلف الأطلنطي
-
كالفرنسية ، ستطول ، بالفعل دامية
-
النظام البرلماني قادر على الإصلاح و البناء
-
ستة أعوام للفترة الواحدة خطر في ظروفنا الحالية
-
حسني مبارك مطمئن لأن أتباعه في السلطة
-
هل قرروا البقاء لمدة غير محددة ؟
-
هكذا سيتصرف الإنقلاب العسكري الحقيقي
-
الشعب و جيشه ، أب و ابنه
-
يجب إحتلال مبنى مجلس الشعب
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|