|
سلامتك تاتليس
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 18:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يخفى على أحد أن اسم الفنان الكردي الكبير إبراهيم تاتليس(1952-....... ) وهو في حدود معرفتي من أبناء مدينة "أورفة" الكردية ومن أب كردي وأم عربية، قد ملأ الدنيا، وشغل الناس، وهو أحد نجوم عالم الأغنية ليس في تركيا فقط، وإنما في المنطقة، والعالم على حدّ سواء، حيث لمع اسمه، وأصبح ذا حضور فني وإبداعي لافتين.
وواضح أنّ من يرسخ قدميه محلياً، أو عالمياً، سيكون له خصومه-وهم القلة النافلة عادة- إلا أن خريطة محبيه ستكون أكبر، بالرغم من أن الفنان والمبدع الحقيقيين هما أبعد عن الحقد أو الضغينة على أحد، وهنا لا أقصد قضية الموقف التي لا بد من حضورها القوي، لدى أي مبدع أصيل، لتكون علامته الفارقة، وفرقانه، وصليبه، كما فنه، ولكم أريد فناننا تاتليسس صاحب موقف بحق.
ثمّة من سرعان ما يتذكر أسماء قلة من المبدعين الكبار في تركيا من أمثال ناظم حكمت، أو عزيز نسين أو يشار كمال أو يلماظ كوني أو العم الشهيد موسى عنتر أو يردال أوزأو الراحل أحمد قايا والقائمة تكبر وتكبر( ومن بين هؤلاء بعض كردنا) لمجرد ذكر ذلك المكان الذي يحتل مساحة كبرى من بينها جزء جدّ كبير من خريطة آبائنا وجدودنا الكرد، ولعل إبراهيم تاتليس استطاع أن يكون أحد هذه الأسماء دويّاً في أقل تقدير- ولست أستخدم "حمض" تقويم سيرة و لا "موشور" مواقف –كي أتناوله كفنان-كردي- مشدداً ومن جهتي على كرديته- ذي قدرات فنية خارقة في عالم الأغنية- وأركز على هذه القدرات أيضاً- وليس من خلال موازين السياسة، وقراءة اللوحة من حوله، حيث يمكن النظر إليها من زوايا شتى، بل ومن خلال موازين عديدة- يفهمها أهلنا الكرد من أصحاب المكان بأكثرمني- بعيداً عن أية أدلجة، محتكمين في ذلك للكردية الصرفة التي قد أكون انصرفت عن خصوصيته هو في لجتها، وسهوت عن مدى تواشجه الرؤيوي في عمقها- كي أتحدث -من جهتي- عنه كصاحب اسم "شاسع" "عال"، وإن كان كرده ليتوخون منه-بحكم الظلم المديد والمحيق الذي يدفعون ضريبته- ما يرتقي إلى مستوى التوسم المطلوب منه، توسم الخير، موازياً قامته الفنية،تلك، التي لا يخطأ الثناء عليها، لأن واحداً مثلي كان يرجو منه- وهو إبراهيم تاتليس- أن يكرس صوته كاملاً، لشعبه، كما فعل بعض عظماء فنانينا الكبارمن أمثال شفان ومحمد شيخو الذي نعيش الآن ذكرى رحيله، ممن لايزال دوي أغانيهم لصق الروح والمكان، وأعالي جبالنا الشماء، تندد بالظلم، وتشير بسبابة الضوء إلى الحق في سفح وضوحه، مهما كانت ضريبة ذلك.
لقد تابع العالم كله ذلك الخبر المدوي الذي سمعناه منذ انطلق كالشرارة في أن –تاتليسنا- قد وظف بعض أمواله من أجل إطلاق "شركة استثمارات كبرى" في "إقليم كردستان "،وهو ما أقرؤه-هنا- موقفاً قبل أن أقرأه تجارة، ووسيلة للثراء، ولعل الموقف نفسه قد استجرّ عليه حقد من أطلق عليه الرصاص مساء أمس الأحد الآذاري وتصيب إحداها رأسه (قبل ساعات من هذا الصباح) - وهو في أحد شوارع منطقة شيشلي في استنبول بعد خروجه من فندق Nuro Plaza الأكثر قدماً، مسجلاً هناك برنامجه الأسبوعي ibo show ،أثناء ركوبه سيارته برفقة السيدة Buket Cakici ليسعف إلى مشفى LEVENT ومن ثم لينقل إلى مشفى أجي بادام، ويخضع للعلاج في غرفة العناية المشددة فيها، ولعل من أطلق عليه الرصاص- وهم أربعة أشخاص كانوا يستقلون سيارة خاصة- ولا أحد يدري هوية هؤلاء الآثمين "عميان" البصيرة حتى الآن- هم من طراز قتلة الصحفي الأرمني المغدور هرانت دينك الذي فقد حياته في العام 2007 ، من قبل أحد المتطرفين الأتراك، وإن كان تاتليس نفسه قد تعرض لموقفين مماثلين أحدهما في العام 1981 والثاني في العام 1990عندما أطلق عليه النار في كازينو maksim .
وبعيداً عن سطوة العاطفة التي أكتب تحت إلحاح هياجها الجارف، الآن، فإنني لن أخفي أن الكثير قيل حول أغنية تاتليس التي غناها بلغته الأم الكردية- وصار يتوجه إليها بشكل ملحوظ - كما غناها بالتركية والعربية، وكان يمكن بسهولة الاهتداء إلى أرومة لحن تحسين طه أو سواه في هذه الأغنية أو تلك، ومن بين أغانيه التي وسعت دائرة حضوره هنا وهناك منذ إطلاق ألبومه الأول 1977: ayaginda kundura و min xem derya yek agira و bayaz gul kirmizi gul، وليدخل عالم الإنتاج السينمائي في ما بعد، إذ يمكن القول :إن "تاتلسيس" هو ابن منظومة مفاهيمه الخاصة، لكننا لنعده –بلغة البروفيسور عزالدين مصطفى رسول إحدى أشجارنا العالية، في ذلك المكان، ولم يشقّ طريقه، ليثبت حضوره في عالم الفن، بل في الذروة منه تماماً، وهي مأثرة جد كبيرة لعملاق-إلا بعد بذل المزيد من الجهد والجلد والعناء، وهنا أنا في حضرة الفن، الفن المحض، ومحض الفن، محايداً لا محايثاً- إلا أن هذا الاسم صار- مفهوماً بأكثر في رحلته صوب أهله، أحد أرومة مهاده الأول، كي يترك مسحة "العمران" الحضاري في لوحة ذلك المكان، وهو ما أفصله عن" بزنزيته" وإن اختلطا، إلى حدّ ما، إلا أن الضريبة التي دفعها في ظل حنق هاتيك الرصاصات اللئيمة تقول ما هو أكثر وأكبر وأمر وأدهى..
أياً كان القول هنا، فإنني لأتمنى لتاتليس الشفاءالسريع والعودة إلى مشروعاته في الفن والحياة والموقف، لأنني واثق أنه ستكون له قراءته الخاصة لتلك الرصاصات التي ستحدد أين كان واقفاً؟، بل إلى أين كان يمضي؟، هو سر دفين ينوس بين من ضغط على الزناد و وعي فناننا، منتظرين على أحر من جمرعودته ليقول كل ذلك، ويمضي أبعد في ما نريده له، قريباً من أهله، علماً نعتز به أينما كنا.
ملاحظة:
-المتطرفون الأتراك يواصلون تهديد المبدعين والمشاهير لأسباب وأجندات خاصة، ولقد علمنا أن الروائي أورهان باموك الحاصل على جائزة نوبل قبل ثلاث سنوات،س قد تم تهديده قبل الآن من قبل هؤلاء.
-عندما أعلن الفنان الراحل أحمد قايا كرديته لأول مرة في حفل غنائي تم في أحد المطاعم التركية وقبل هجرته إلى أوربة، هجم عليه بعض هؤلاء الدهماء المتطرفين بسكاكين وملاعق ذلك المطعم مستنكرين عليه ذلك
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثقف ونبض الشارع
-
وجوه في حضرة الغياب إلى روح صديقي الفنان جمال جمعة
-
صلاح برواري: قلب يخفق في (وطن)
-
سليم بركات:حامل جذوة الشّعر و شاغل الشعراء
-
آرام ديكران.. أحد أعظم عمالقة الغناء الكردي الأصيل وداعاً
-
في صميم النقد وبعيداً عن الوصاية المقيتة : درءاً لالتباس موص
...
-
في الممارسة النقدية كردياً
-
الشاعر الكردي محمد علي حسو: ذاكرة من لهب وحلم
-
نبيه رشيدات سلامتك ...!
-
أخيلة من -وحي الكأس- للشاعر الكردي غمكين رمو
-
مشعل التمو واقفا في قفص الاتهام
-
سماء- الآمدي- الصغير
-
هكذا نصفق للاعتقال السياسي.....!
-
مشعل التمو وسطوات الخطّ الأحمر
-
أعلن الحداد الرسمي
-
واحد ثمانية ........!
-
محمد موسى كما عرفته....!..
-
مزامير -سبع العجاف -:
-
نحومؤتمر لأحزابنا الكرديّة في الدّوحة:
-
وتستمرّ المجزرة....!
المزيد.....
-
بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى
...
-
أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت
...
-
المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما
...
-
الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
-
ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
-
رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
-
ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ
...
-
لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
...
-
الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
-
مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|