|
كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3302 - 2011 / 3 / 11 - 11:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يبدو أن الشرطة المصرية مثل بعض الأدوية ذات الآثار الجانبية الخطيرة . الشرطة المصرية ضرورية ضرورة دواء يعالج داء لو تًُرك دون علاج فإنه قد يتقدم بسرعة ليتسبب في وفاة المريض ، و لكن له آثار جانبية خطيرة للغاية تهدد هي الأخرى حياة من يتناوله . فبمجرد أن أُعلن عن إسم وزير الداخلية الجديد ، الذي هو في الحقيقة لص أراضي ، حتى كان في ذلك عودة لإستعمال البلطجية مع المتظاهرين ، و المعتصمين ، السلميين . و بمجرد أن أُعلن عن قرب عودة الشرطة للعمل بكامل طاقتها - و قد عادت بالفعل للعمل قبل كتابة هذا المقال - حتى عادت مع ذلك الإعلان الفتنة الطائفية التي إختفت مع إختفاء الشرطة منذ الثامن و العشرين من يناير 2011 . هذه هي بعض الآثار الجانبية للشرطة المصرية في هذه الحقبة ، و التي يمكن تلخيصها في الآتي : خرق القانون ، و اللجوء للوسائل غير المشروعة ، و الإستهانة بكرامة المواطن المصري ، بل و بحياته ، و الأخطر من كل ذلك تهديد سلامة المجتمع المصري بالعبث بوحدته الوطنية . إنني لازلت على رأيي الذي صرحت به منذ سنوات عدة ، و هو أن السلطة هي من وراء الفتنة الطائفية ، و أن يدها الخبيثة لتحقيق ذلك ، هي ذلك الجهاز الخبيث المسمى : مباحث أمن الدولة ، و الذي كنت أطلق عليه في عهد مبارك : مباحث أمن الأسرة . ما حدث لكنيسة صول يحمل البصمة التقليدية لذلك الجهاز ، الذي يعتمد على تأجيج ، و تصعيد ، النزاعات الفردية ، التي يكون أطرافها مسلمين و مسيحيين ، لتصبح حرائق طائفية . و ما تبع ذلك من إشتباكات حصدت نفوس ، أيضا تحمل بصمة النظام القائم . ليس فقط طبيعة ما حدث في كل من صول ، و المقطم ، هي ما تشير إلى ضلوع رسمي في الحادث ، بل أيضا التوقيت ، و هو لا يقل دلالة عن طبيعة الحدث . الأن المطلوب - بمنظور نظام عمر سليمان ، الحاكم الفعلي لمصر - إنهاء الثورة ، و تمرير سريع لتعديلات دستورية معيبة تخدم فقط طرفين ، السلطة الحالية ، و جماعة الإخوان ، ثم تمرير إنتخابات برلمانية ، و رئاسية ، معروف نتائجها مقدما ، بعد التحالف المشين بين جماعة الإخوان ، و نظام عمر سليمان ، و لهذا فمن الضروري شق صف الثورة ، بشق صف المجتمع المصري ، و لو كان ذلك عبر إشعال فتنة طائفية ، ينشغل فيها الجميع ، فيتم تمرير المشاريع الثلاث للسلطة ، المذكورة في بداية هذه الفقرة ، بهدوء . عمر سليمان على خطأ ، عندما توهم إنه بإمكانه إشعال الفتنة الطائفية ، لينهي الثورة ، بنفس الدرجة التي أخطأ بها في إستبعاده لحدوث ثورة شعبية سلمية تستطيع إسقاط مبارك ، و نظامه . عمر سليمان على خطأ أن تصور إنه بإستطاعته إنهاء الثورة قبل أن تحقق مطالبها كاملة . الفتنة لن تشتعل يا عمر ، و لن تنجح أنت فيما لم تنجح قوى أخرى في تحقيقه من قبل . كنيسة صول يجب أن تعاد لحالتها الأصلية ، ليس بإستجداء المجلس العسكري الحاكم ، و ليس بإستجداء رئيس الوزراء شرف الذي إختاره عمر سليمان ، و لكن بسواعد الثورة . نفس القبضات التي لوحت في الهواء منادية بسقوط مبارك ، و حل جهاز مباحث أمن الدولة ، و مطالبة بالعدالة ، و الديمقراطية ، و الرفاهية ، هي من يجب أن تمسك بأدوات البناء ، لتعيد تشييد كنيسة صول ، لتثبت متانة الوحدة الوطنية . إنها دعوة كانت أود أن أنشرها في مقال بنفس العنوان ، مساء أول أمس ، و لكن أجلتها لحين الإنتهاء من سلسلة المقالات المتعلقة بالمطالبة بدستور جديد ، و التي بدأت بمقال : لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق ، ثم مقال : الثورة هدم و بناء ، و يجب أن نهتم بالعمليتين ، ثم أخيرا مقال الأمس : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب . تأخرت فكان هناك من سبقني ، من شباب الثورة ، الذين و كما رأيت مساء الأمس ، دشنوا حملة في موقع فيسبوك لدعوة الشباب ، و الشابات ، للذهاب لموقع الكنيسة ، للعمل على إعادتها للحالة الأصلية ، و أتمنى بأفضل من الحالة الأصلية ، لتكون شاهداً على متانة بنيان المجتمع المصري ، و شاهداً على وعي الشعب المصري ، و على وعي المشاركين في ثورة 2011 . هنيئاً لمن سبقني في تدشين هذه الدعوة ، و ليتني كنت أستطيع العودة لمصر لأشارك في بناء تلك الكنيسة ، و للمشاركة في بقية فعاليات الثورة ، و لكن للأسف لا أستطيع بعد التهديد الذي تلقيته بالإعتقال فور عودتي ، يؤكد ذلك ما وصلني من معلومات تؤكد ذلك التهديد ، ففضلت أن أستمر مشاركا في الثورة بالكلمة المكتوبة ، و المنطوقة ، عبر المقالات ، و الرسائل الصوتية التي أنشرها في يوتيوب ، أنشرها من منفاي القسري برومانيا ، فهذا خير من البقاء في معتقل يقصف قلمي ، و يغلق فمي ، فيقطع مشاركتي في الثورة . فالأن ، و في ظل التحالفات الجديدة لعمر سليمان ، المعتقلات تفرغ من قاطنيها السابقين ، لتستطيع إستقبال أخرين . التهديد الجديد في نظر عمر سليمان ، و في نظر أصدقائه آل سعود ، هم المطالبين بالديمقراطية ، و العدالة ، و الرفاهية . أعداء النظام الحالي ، الذين تفسح لهم المعتقلات ، هم أمثالنا ، من السياسيين ، و الكتاب ، و الشباب ، و الشابات ، الأحرار ، الذين رفضوا الإستبداد ، و الفساد ، و رفضوا الخداع ، و قرروا إستكمال الثورة . لا يجب أن يُفهم من ذلك إنني ضد الإفراج عن المعتقلين من التيارات التي تحالفت مع عمر سليمان ، بل العكس هو الصحيح ، فأنا أرحب بتلك الخطوة ، و لطالما ناديت بها من قبل لسنوات ، و مقالاتي القديمة تشهد ، و لكن ما أرفضه هو ما يجري الأن حيث تفرغ المعتقلات ، ليتم إعتقال أخرين ، ليس لهم ذنب سوى إنهم مع إستكمال الثورة . بناء الثورة لكنيسة صول ، و رفضنا للتعديلات الدستورية ، و لدستور 1971 برمته ، و مطالبتنا بدستور جديد ، دستور 2012 ، و الذي يجب أن تكتبه لجنه منتخبة ممثلة لكافة أطياف الشعب المصري ، كما ذكرت في مقال : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب ، كل تلك الخطوات ستؤكد أن الثورة لم تمت ، و أن الخداع لم ينجح ، و أن الفتنة ستظل نائمة برغم محاولات نظام عمر سليمان . الثورات لا تستجدي ، الثورات تصنع . كنيسة قرية صول هي أيضاً ميدان التحرير .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب
-
الثورة هدم و بناء ، و علينا أن نهتم بالعمليتين
-
لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق
-
ليبيا ، أو أسبانيا العربية ، تحتاج إلى متطوعين و سلاح
-
عمر سليمان إختصر مصر في إخوان و أقباط
-
عمرو موسى مرشح عمر سليمان
-
الإخوان لا يريدون إسقاط النظام
-
مصر أولى بذلك الدور نحو شقيقتها من حلف الأطلنطي
-
كالفرنسية ، ستطول ، بالفعل دامية
-
النظام البرلماني قادر على الإصلاح و البناء
-
ستة أعوام للفترة الواحدة خطر في ظروفنا الحالية
-
حسني مبارك مطمئن لأن أتباعه في السلطة
-
هل قرروا البقاء لمدة غير محددة ؟
-
هكذا سيتصرف الإنقلاب العسكري الحقيقي
-
الشعب و جيشه ، أب و ابنه
-
يجب إحتلال مبنى مجلس الشعب
-
الإقتصاد نقطة ضعف نظام مبارك
-
يا أهل الصعيد ، سيخجل منكم أحفادكم
-
الثاني من فبراير يحمل بصمة جمال مبارك
-
لم يبق إلا القليل ، فإلى مزيد من التصعيد
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|