أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - حوار مع أفقر رجل فى مصر .














المزيد.....

حوار مع أفقر رجل فى مصر .


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 987 - 2004 / 10 / 15 - 09:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قال: إنه لم يعرف من متع الطفولة سوي اللعب في الطين، لم تعرف معدته الزبيب أو التفاح الأمريكاني. أما جسده فمغطي بتراب المقابر التي يعمل بها منذ سنوات لا يتذكر عددها!!

ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالحكومة الإليكترونية، فهو لا يفهم حتي الآن في «الويندوز إكس بي» لأحمد نظيف أو «الملفات المفيرسة» أو حتي «شوت داون» حكومات الانفتاح، ولكنه بالفعل يتأثر عندما يضغط هؤلاء المسئولون بقراراتهم السيئة السمعة علي أنفاسنا جميعًا سواء «كليك يمين أو يسار»!!

أحلامه لا تتعدي خط الفقر مثل معظم المصريين، فأهدافه تنحصر في الحصول علي رغيف العيش حتي ولو «حاف»، إذن جسده ليس مربوطًا بقواميس وقوانين تلك الطبيعة ذات الثلاث وجبات الآدمية. فشروق الشمس عنده مثل غروبها والليل يشبه النهار والأحياء والأموات سواء!!

أسند ظهره المحمل بأوجاع هذا الزمان علي إحدي المقابر وضحك ساخرًا وقال لي بالنص: أنا دخلت السجن في طنطا 12 شهرًا لما مسكت إيد واحدة حلوة كانت ماشية في الشارع!!

هو ليس مشاغبا أو بتاع «الكلام إياه» وإنما حاول فقط أن يعمل «بروفة» لتجريب أو إيقاظ أو انتزاع رجولته التي فقدها بسبب ظروفه المأساوية!

هذا الرجل شاهد عيان علي زمن الحق الضائع الذي لا يعرف مقتول فيه من قتله؟ ومتي قتله؟ ورءوس الناس علي جثث الحيوانات والعكس طبقا لكلام عمنا الشاعر صلاح عبد الصبور.

وافق علي تصويره وإجراء حديث صحفي معه فهو من وجهة نظرى ليس بأقل من المسئولين بل أفضل لأنه المواطن والترمومتر الطبيعي لقياس تلك السياسات الفاشلة التي «قصمت» ظهورنا جميعًا علي مدار ربع قرن من هذا الزمان البائس!

إذن وافق الرجل علي الحديث الصحفي دون المقدمات «إياها» للمسئولين، ولكنه وضع يده بقوة علي باب المقبرة التي كنا نجلس أمامها فجأة وقال لي: إنت بتتكلم دلوقتي مع أفقر واحد في مصر، ثم اشترط المواطن الغلبان ألا نتكلم في السياسة أو عن الحكومة وذلك خوفًا من الخفراء وأمناء الشرطة الذين يطاردونه في كل مكان وكأنه مواطن غير مرغوب فيه، وقرر المواطن الضحية أن يتكلم فقط عن حياته وظروفه اليومية فقط، فعشنا معه هذه الرحلة المثيرة:

> انت اسمك إيه؟

>> أنا سعيد.

> علي كده إنت سعيد ومبسوط يا عم سعيد؟

>> لا والله يا أستاذ أنا مش سعيد.

> ليه؟

>> إنت مش شايف، أنا حتي ماشي «حافي» ومعنديش فلوس أشتري «جزمة».

> طيب أنت منين؟

>> أنا من عزبة عمر بطنطا.

> بتشتغل إيه؟

>> أنا عايش في المقابر، ولما أسمع إن فيه حد مات أروح أقف جنبهم وهما بيدفنوه علشان آخد «لقمة» أو اللي يبعته ربنا.

> طيب مهو اللي يبعته ربنا ممكن تشتري منه «جزمة» مثلا؟

>> يا أستاذ دي ربع جنيه أو جنيه بالكتير بيكفيني أكل كام يوم.

> طيب أنت بتاكل إيه؟

>> أحسن أكله عندي هي الفول والطعمية، واللحمة دي بقي من رمضان لرمضان علي موائد الرحمن وكل سنة وأنت طيب.

> طيب قولي فين أولادك ومراتك وكده يعني؟

>> صدقني يا ابني أنا الفقر نساني كل حاجة ومش فاكر امبارح كان إيه ولا الساعة كام دلوقتي ويكفيك شر الجوع والظالمين يا ابني.

الظالمين

> مين الظالمين؟

>> بتوع الشرطة والمباحث كل يوم يطردوني من هنا وساعات يلفقولي «تهم» وعايزيني أشتغل مرشد لهم.

> ليه مروحتش تشتغل مرشد يعني؟

>> أنا فعلا روحت القسم مع واحد كده وبعدين الضابط قالي إنت متنفعشي علشان شكلك وحش ومبتعرفش تقرأ ولا تكتب!!

الحزب الوطني

> انت بتسمع عن الحزب الوطني ومؤتمراته.

>> لأ.

> طيب إيه رأيك في الحكومة؟

>> يعني إيه حكومة؟

> يعني كبار المسئولين والوزراء والقيادة السياسية كده يعني.

>> أنا معرفش عنهم حاجة خالص ومبسمعش عنهم أبدًا.

> ليه إنت مش مواطن؟

>> لا.. هو فيه مواطن في الدنيا كده؟!

> كدة إزاي يعني؟

>> يعني مش لاقي ياكل.. فيه أكتر من كده؟!

> طيب أنت نفسك في إيه!

>> نفسي أموت ومش عارف!

> طيب أنت إيه رأيك في الناس دلوقتي؟

>> الناس بقوا وحشين قوي يا أستاذ.

> يعني إيه؟

>> يعني اللي معاه قرش.. يساوي قرش.

> إنت عارف أني صحفي.. فيه حاجة عايز تقولها والناس تعرفها عنك؟

>> أنت صحفي يعني بتشوف الرئيس مبارك وبتكلمه؟

> يعني حاجة زي كده.

>> طب والنبي يا أستاذ تسلملي عليه قوي.

> حاضر.

انتفض المواطن فجأة عندما سمع صوت المنادي يقول: توفي إلي رحمة الله تعالي عزت متولي سعيد شقيق رجل الأعمال أحمد سعيد ولا عزاء للسيدات فهرول الرجل ناحية المنادي باحثًا عن لقمة العيش.. انتهي الحديث.. وتستمر رحلة المواطن الذي ينام ويأكل ويشرب مع الأموات!!

وتركت هذا المواطن ونسيت أن أعتذر له لأنني خالفت وعدي وتحدثنا عن الحكومة والسياسة.



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص حوار محافظ القاهرة مع جريدة - الاهالى - المصرية .
- المعارضة المصرية تقرر اللجوء إلي الشعب
- الحزب العاكم
- مرحبا حتى بجمال مبارك رئيسا لمصر .
- نص حوار الشاعر العراقى سعدى يوسف مع جريدة - الاهالى - فى مصر
- الحزب الحاكم
- مظاهرة تطالب بإنقاذ الأسري الفلسطينيين في سجون الاحتلال
- حكايات مثيرة عن المعونة الامريكة لمصر .
- كيف تتخلص مصر من الفساد ؟
- النص الكامل لوثيقة المعارضة المصرية الممنوعة من النشر
- هل مصر مقبلة على ثورة ؟
- باب وزير الاسكان المصرى مخلع
- مظاهرة عمالية تطلب انقاذ المال العام فى مصر
- اللعب على المكشوف
- لاءات جمال مبارك الثلاثة
- قضايا عمال مصر سقطت من أولويات حكومة الدكتور أحمد نظيف
- د. رفعت السعيد يكشف من جديد عن صفحات مجهولة من حياة مؤسس جما ...
- صفحات مجهولة من تاريخ حسن البنا
- بلاغ الى وزير الداخلية المصرى :من يواجه فساد مافيا رجال الاع ...
- حيوانات فى نعيم


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - حوار مع أفقر رجل فى مصر .