|
دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3301 - 2011 / 3 / 10 - 20:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
كل ما قمنا به عمليا حتى الأن في ثورة مصر في 2011 يندرج في معظمه تحت بند عملية الهدم ، أي هدم النظام القديم ، و هي إحدى العمليتين الضرورتين لنجاح أي ثورة ، كما ذكرت في المقال السابق على هذا : الثورة هدم و بناء ، و يجب أن نهتم بالعمليتين . التركيز فقط على هدم النظام القديم لا يكفي لإنجاح الثورة ، كما أشرت في المقال المشار إليه ، مثلما من المحال بناء النموذج الجديد على بقايا النموذج القديم . إذا ما أنادي به هنا ليس دعوة لوقف عملية هدم النظام القديم ، مثل الدعوة لحل جهاز أمن الدولة كلية ، بل ما أنادي به ، و كما هو واضح في هذا المقال ، و في المقال السابق المشار إليه أعلاه ، هو الإستمرار بقوة في عملية هدم النظام القديم ، و إقتلاعه من جذوره ، بجانب الإهتمام بعملية البناء ، و هي العملية التي لم تلق حتى الأن إهتمام الكثيرين من المشاركين في الثورة ، فكان أن شرع نظام عمر سليمان ، القائم حاليا ، في بناء نظام على هواه ، و هوى حلفائه الجدد ، جماعة الإخوان ، ذلك البناء الذي أخذ إطاره في شكل التعديلات الدستورية ، و تقديم ذلك البناء على إنه نتاج الثورة ، وبالتالي علينا قبوله ، و تبنيه ، و الدفاع عنه . إذاً ، بدون تقديم النموذج الذي يحل محل البناء القديم كلية ، سيظل النظام القديم قائم بشكل ، أو أخر ، لأنه سينفرد بعملية البناء ، أي سينفرد بميزة تقديم شكل ما للدولة ، و المجتمع . من المستحيل أن نظل نقوم فقط بعملية الهدم - على أهمية عملية الهدم - دون الإلتفات لعملية البناء . من المستحيل أن تظل الثورة على نفس قوة تأججها و هي لا تقدم شيء للمستقبل . من المستحيل أن تنجح الثورة و هي لا تتبنى نموذج ما ، تريد إنزاله على أرض الواقع . إذا الحل هو العمل من أجل ذلك النموذج ، أو بعبارة أخرى : تقديم نموذج للدولة المرجوة . و الأساس لبناء تلك الدولة هو الدستور ، لأن الدستور دائما هو الأساس الذي تقوم عليه الدول ، و هو أيضا السياج الذي يحمي الدول ، و مواطنيها . إذا المطلب الذي من الضروري تبنيه الأن ، و رفعه كمطلب أساسي للثورة ، هو دستور جديد ، دستور 2012 . دستور جديد ، مطلب رائع ، و لكن ما الذي سيمنع ألا يكون هو الأخر دستور معيب ، مثل الدستور الحالي ، حتى بعد التعديلات الأخيرة المطروحة حاليا ؟ الذي سيمنع ذلك هو شيئين : أولاً : الإطار الذي يجب أن يلتزم به الدستور الجديد ، و الذي يجب ألا يخرج عنه . في الوثيقة الأساسية للحزب الذي أنتمي إليه ، و أعني حزب كل مصر ، هناك فقرة أرى أن أذكرها أولاً و بإقتضاب شديد : مع ترسيخ قيم المدنية التي تضمن أن يكون جميع المصريين سواسية في الحقوق و الواجبات ، لهذا يعد حزب كل مصر ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان جزء من دستوره . إنتهت الفقرة . ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أرشحه هنا ليكون هو الحد الأدنى لحقوق الإنسان المذكورة في الدستور الجديد ، الذي نطالب به ، و الذي أرجو أن تتبناه مع حزب كل مصر بقية قوى الثورة ، المخلصة للثورة . و ما سيسهل المهمة ، و يرد على أي مجادل ، هو إعتراف مصر رسميا بذلك الميثاق ، أي إننا هنا لا نطالب بتبني شيء جديد ، بل ننادي بأن يكون الحد الأدنى للدستور الجديد في ميدان حقوق الإنسان هو وثيقة دولية تعترف بها مصر بالفعل ، و إن لم تطبقها بحذافيرها من قبل . ثانيا : الطريقة التي سيكتب بها الدستور الجديد : سيكون مطلبنا لجنة موسعة جدا تمثل أطياف الشعب المصري ، و معبرة عنه بحق . في دستور 1923 كان في لجنة كتابة الدستور ممثل للبدو المصريين ، أو العربان كما كان اللفظ آنذاك ، و أعتقد أن ممثل العربان في تلك اللجنة كان إما من عائلة لملوم ، أو الباسل ، لا أتذكر ، و المرجع ليس في متناولي الأن . و في لجنة دستورنا الجديد ، و بعد أكثر من ثمانين عاما على دستور 1923 ، يجب أن يكون هناك ممثلين حقيقيين لكل المصريين . يجب أن يكون هناك ممثلين لبدو سيناء ، و مطروح ، ومحافظة البحر الأحمر ، وممثلين للنوبيين ، و البجا ، و أمازيغ سيوة ، و لبقية الأقليات العرقية ، و أن يكون بجانبهم ممثل لكل محافظة ، و ممثلين لكل الأقليات الدينية المعترف بها ، و المذاهب و الطوائف الإسلامية ، و للشرائح الإجتماعية المختلفة ، مثل : الموظفين ، و العمال ، و الطلاب ، و العلماء و الباحثين و أعضاء هيئات التدريس في الجامعات ، و أصحاب الأعمال على إختلاف شرائحهم الإقتصادية ، أي من صغار التجار ، و الحرفيين ، إلى كبار رجال المال و الأعمال ، مرورا بمتوسطيهم ، و المزارعين على إختلاف شرائحهم ، و أيضا للأحزاب ، و التنظيمات السياسية ، المسجلة ، و غير المسجلة ، و غير ذلك من أطياف الشعب المصري الإجتماعية ، و الثقافية ، و الإقتصادية ، دون تهميش لأحد . على أن يكون هؤلاء الممثلين ممثلين حقيقيين ، و لن يكونوا كذلك إلا إذا كانوا منتخبين بنزاهة ، و من قاعدة إنتخابية حقيقية ، فينتخب الطلاب ممثليهم ، و العمال كذلك ، و أبناء كل محافظة ممثلهم ، و كل أقلية دينية ، و عرقية ، و طائفة إسلامية ، تنتخب من يمثلها ، فلا يأتي أحد دون أن يكون منتخب ، عدا بضعة أشخاص من المختصين ، لا يزيد عددهم عن عشرة ، من الإختصاصيين الدستوريين ، لضمان بقائهم أقلية صغيرة للغاية ، ليكون دروها هو صياغة ما سيتم التوصل إليه . على أن تطرح كافة الإقتراحات في ختام كل فترة من عمل اللجنة على الرأي العام عبر وسائل إعلام محايدة ، ليكون الشعب رقيب على عمل اللجنة . كل هذا يحتاج لوقت ، فإعداد تلك اللجنة الموسعة فقط ، يحتاج الكثير من الوقت ، و الجهد ، و لكن ما الذي يدعو للعجلة ، و لماذا توفير الجهد ؟ لقد عشنا كشعب ثلاثين عاما تحت حذاء السلطة ، ذلك الحذاء المسمى أمن الدولة ، فما المانع من أن نفقد عام بالكامل ، أو أكثر ، للحصول على دستور جديد ، يكون مفخرة لكل مصري ، و أساس للدولة الجديدة ، و سياج يحميها ، و يحمي مواطنيها ؟ أليس بذل الجهد لتأسيس تلك اللجنة الدستورية الشعبية الموسعة أفضل من ثورة أخرى ، و نفوس تزهق ، لأن الوضع الحالي يبشر بإستمرار الثورة ، أو بثورة أخرى ؟ لا أعتقد ، أنه سيكون بإمكاننا الإنتهاء من الدستور ، بالإسلوب الذي طرحته ، قبل حلول العام القادم ، حتى لو بدأنا من اليوم في إتخاذ أول الخطوات ، لهذا أطلقت عليه : دستور 2012 ، و ليس دستور 2011 . دستور 2012 يجب أن يكون هو المطلب الجامع ، و الأول ، للثورة الأن ، فلنناضل من أجله ، فبه سنبني مصر ، و نحمي أنفسنا من إستبداد السلطة .
10-03-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة هدم و بناء ، و علينا أن نهتم بالعمليتين
-
لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق
-
ليبيا ، أو أسبانيا العربية ، تحتاج إلى متطوعين و سلاح
-
عمر سليمان إختصر مصر في إخوان و أقباط
-
عمرو موسى مرشح عمر سليمان
-
الإخوان لا يريدون إسقاط النظام
-
مصر أولى بذلك الدور نحو شقيقتها من حلف الأطلنطي
-
كالفرنسية ، ستطول ، بالفعل دامية
-
النظام البرلماني قادر على الإصلاح و البناء
-
ستة أعوام للفترة الواحدة خطر في ظروفنا الحالية
-
حسني مبارك مطمئن لأن أتباعه في السلطة
-
هل قرروا البقاء لمدة غير محددة ؟
-
هكذا سيتصرف الإنقلاب العسكري الحقيقي
-
الشعب و جيشه ، أب و ابنه
-
يجب إحتلال مبنى مجلس الشعب
-
الإقتصاد نقطة ضعف نظام مبارك
-
يا أهل الصعيد ، سيخجل منكم أحفادكم
-
الثاني من فبراير يحمل بصمة جمال مبارك
-
لم يبق إلا القليل ، فإلى مزيد من التصعيد
-
كيف يتعامل الإعلام الروماني مع الثورة المصرية ، تجربة شخصية
المزيد.....
-
شاهد التسلسل الزمني للحظات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ف
...
-
لماذا يتعجل الشرع الزمن نحو الرئاسة؟
-
الادعاء الألماني يوجّه اتهامات ضد مشتبهين بالانتماء إلى داعش
...
-
ما أهمية إعلان الجيش السوداني تحرير الخرطوم بحري؟
-
شهيد بنابلس ومقتل جندي إسرائيلي وإصابة 5 بجنين
-
السعودية تهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
شاهد ما كشفته صور حطام طائرة ركاب ومروحية في نهر شبه متجمد ب
...
-
حماس تعلن مقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف ونائبه مروان ع
...
-
ترامب: -لا ناجين- من حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية ف
...
-
أبو عبيدة يُعلن مقتل محمد الضيف وعدد من القيادات العسكرية لـ
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|