أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشاد البيجرماني - حاجز الخوف من الأنظمة المستبدة















المزيد.....


حاجز الخوف من الأنظمة المستبدة


رشاد البيجرماني

الحوار المتمدن-العدد: 3301 - 2011 / 3 / 10 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتمثل الخوف من النظام، في خشية بطشه و قمعه للأصوات التي تنادي بمعارضة سياساته، و الخوف الذي نراه اليوم من الأنظمة ليس وليد الظلم و العقاب فقط، فهي متشكلة بالأصل من سياسة تتبعها الأنظمة لتأمين استمراريتها و دوما تجد لنفسها الحجج و البراهين لتعطي الشرعية لبعض ممارساتها التعسفية، و الأكثر تأثيرا هي الأفكار التي يؤمن بها المجتمع نفسه، كالطاعة العمياء للوالي أي إن الإيديولوجيات كانت لها النصيب الأكثر لصبر الناس على مختلف أنواع المظالم، فهي التي جعلتهم يغضون الطرف عن كل شيء و تحليل كل شيء على أساس المصلحة العامة للبلاد و المصلحة العامة عندنا هي مصلحة الحاكم قبل أي شيء آخر، و حسب نظرية النظام فالشعب مصلحته في بقاء نظام الحزب الواحد و الرئيس الحاصل على تركة أبيه التي لا يمكن أن يفرط فيها و لأجل استمراريتها يلجئ إلى كل أشكال الترغيب و الترهيب، و أبقاء النظام بدون قانون يحمي المواطن من ممارسات أفراده، و يلوح دوما بأن وحده هذا النظام يحفظ استقرار البلاد، و بدونه ستقع الحروب الاهلية و الطائفية و سيتدخل أطراف خارجية لتفتعل تفجيرات إرهابية تطال الشعب نفسه.
زوبعة هائلة من الفوضى، و كأننا في غابة، الجار سيقتل جاره، الجميع سوف يحملون بالطات و يقفون أمام بيوتهم كي لا ينهبها أحد، كل شيء سيتعرض للنهب، المحلات التجارية و البنوك، سوف تسرق سجادات الجوامع و سوف يقوم الغزاة بسرقة أحجار الرصيف و طبعا سيفجرون السدود و سنبقى بلا كهرباء في ظلام دامس، فالنظام يريد أن يصور للناس مدى الضرر الذي سيلحق بهم إذا سقط النظام، و كأنها ستكون نهاية العالم.
و ليس كل الأنظمة على هذه الشاكلة، فبعض الأنظمة الحاصلة على ثقة العالم خرجت من بطون العشائر، و مازالت تفتخر بثقافتها العشائرية و لكنها لا تقف حجر عثرة في طريق التغير بالعكس يمكن لبعض هذه الأنظمة أن تقود الشعوب إلى التغير المطلوب حتى، لأن قانون العشيرة يفرض بعض المبادئ الاساسية و هي سماع آراء مختلفة، بينما أنظمة البطش العلمانية الشكلية هي الأخطر على الأطلاق، و من بينها هناك بعض الأنظمة التي يمكن رفضها جملة و تفصيلا بالإضافة الى أنظمة أخرى تحتاج الى الإصلاح و ترميم بعض مؤسساته، فالنظام يمثل الأشخاص المنتسبون إليه على كل حال، و لا يوجد أنظمة منزلة من السماء فهي من نتاج البشر، و هي قابلة للنقد و الإصلاح إن كان من يمثلها يؤمنون بالنقد و الاصلاح و ديمومة التغير في الأزمنة و الأمكنة و قابلة للتغير إن توفرت بدائل أصلح منها.
القصد هنا من حاجز الخوف هو أن يشمل الخوف عقول الناس على التفكير الطليق اولا و من ثم المبادرة الى أبداء الرفض بجرأة، و المضي قدما في مسيرة حافلة بالمخاطر بدون أن يأبه بعواقب ما سيحصل.
لقد عان الإنسان منذ بدايات تمدنه من العبودية و القيود التي فرضت عليه من طرف أفراد كانوا أما أشخاص فريدين في محيطهم و أقوياء جسديا أو أشخاص ورثوا عن أبائهم الفريدين الحكم و جاءت الثورات الأولى لرفض حكم الأشخاص الغير كفؤ و الغير مرغوبين من قبل الناس، فضلا عن إن الثورات الأولى كانت ضد ما نستطيع تسميته الاحتلال، فقد بدأت العبودية في سيطرة قبيلة على قبيلة أخرى بالقوة و نهبها و تعبيد أفرادها القادرين على العمل، و أخذت من حقوقهم الكثير و زادت الظلم عليهم حتى وصل بالكثيرين إلى تقبل الموت بلهفة عن تقبل حياة الذل.
و بالناس تحارب الناس، و المجتمع سبب خوفه الأساسي هو المجتمع نفسه، فهل تثق مجتمعاتنا بأفرادها كي يعلم الأخ بأن أخوه يكره النظام أم لا؟ كم بيتا من بيوتنا تحمل في بنيتها عناصر الفساد و المناضلين على حد سواء، و ما بالك على مستوى القبيلة أو المدينة، لكن الشيء المؤكد في كل الحالات بأن التغير هي مشيئة الحياة و لا وجود لأنظمة أبدية.
الخوف و عدم الثقة بالاخرين وجهان لعملة واحدة، فالخوف ينافر و أنعدام الثقة مثلها تماما، و هما معا يشكلان بنيان المجتمعات الشرقية، التي ترزح تحت نير المستبدين، و المصيبة تكتمل حين يهتف الجميع بالهتافات التي لا يؤمنون بها مثل المناداة بحياة القادة الذين يلعبون على حبال التفرقة بين أطياف المجتمع، و رفع شعاراتهم ليلا نهارا، و كأنها فرض من فروض الأيمان، ففي كل يوم المجند في الجيش عليه أن يهتف أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة أو بالروح بالدم نفديك يا قائد، هذا القائد الذي يكلل وجه نظامه بممارسة سياسة فرق تسد. و هي بالضبط ما نراه في كل دائرة من الدوائر المهمة في المجتمع.
فنقابة الأطباء مثلا إذا كان فيها جاسوس واحد فلن تتمكن على مر أكثر من أربعين سنة على أن تنتخب شخصا مستقلا يمثل النقابة، و يدفع بها الى الامام كي تزيل الخوف و أنعدام الثقة بين أفرادها.
و نقابة المعلمين و نقابة الصحفيين و الصيادلة، المحاميين، المهندسين، التجار، النوادي الشبابية و الرياضية، المؤسسات الفكرية و دور النشر و المطابع، هذا و أن لم نرغب بإشراك الطلبة في الموضوع فهم المعرضون أكثر للملاحقة و المتابعة من قبل مخابرات النظام، و كل دائرة تخطر في بالك فهي عندنا و في نظامنا القائم لا يجوز إلا أن يديرها عميل مخابرات الأمن، كي يعطي تقارير مفصلة قبل و بعد كل اجتماع ليطمئن قلب الحاكم و زمرته بأن كل شيء يسير حسب الخطة...
ليس هناك شخص جبان بمعنى الكلمة، فالجبن وليد ممارسة عوقب الفرد من خلالها و تعلم كيف يصمت و كيف يغض الطرف عن ما يجري، و عرف كيف يدير شؤونه الخاصة وسط هذه الأجواء، و يظن نفسه ذكيا لأنه قادر على المضي ببعض الصمت و السكوت و اللامبالاة تجاه ما يحدث أمامه، و هذا الشخص الذي زرع فيه الجبن رويدا رويدا، سيكون رجل النظام بعد فترة و قبل أن يصبح كذلك عليه غسل نفسه من المبادئ و الضمير و بعدها سيصعد في مراتب الحزب الحاكم و يصبح شيئا مهما في محيطه و سيخشاه الجميع كما كان يخشى هو نفسه حاملوا المسدسات من أفراد الحزب قبل الانخراط فيه.
و لهذا السبب يعتقد أغلب المحللين السياسيين بأن أنظمة الاستبداد هي أنظمة هشة و جبانة، فهي وليدة أفراد عشش فيهم الجبن و باض، و بمجرد تجمع الناس و بدافع ذاتي يهتز النظام ويفقد شيئا فشيئا أركانه، وهذا ما حدث في بعض الدول العربية التي نجحت فيها المظاهرات فقط بالإطاحة بأشرس الأنظمة.



#رشاد_البيجرماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وسط اللا مكان.. كوخ عمره 200 عام يحصل على نجمة ميشلان بأيرلن ...
- -نساء البحر- والشلال المقدس.. بين أسرار اليابان المذهلة!
- دول عربية ترفض -تهجير- الفلسطينيين من أرضهم وتؤكد على ضرورة ...
- ضم السعودية والإمارات.. اجتماع سداسي وزاري عربي في القاهرة ي ...
- شاهد لحظة وصول فلسطينيين مفرج عنهم من سجون إسرائيل إلى غزة و ...
- -ما الذي يمكن لإسرائيل وحماس تعلّمه من اتفاقيات وقف الحرب ال ...
- عدد طلبات اللجوء يتراجع بنسبة 45% في فنلندا والسلطات توقف در ...
- لبنان.. مقتل مونسنيور الأرمن أنانيا كوجانيان بظروف غامضة
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
- فتح معبر رفح لأول مرة منذ مايو وعبور50 مريضا غالبيتهم أطفال ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشاد البيجرماني - حاجز الخوف من الأنظمة المستبدة