|
حكومة الصحافة وصحافة الحكومة
ضياء هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 3301 - 2011 / 3 / 10 - 10:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعرّف الصحافة في كل دول العالم على انها افضل وسيلة رقابية واكثرها فاعلية ميدانية على كافة مؤسسات الدولة العاملة سواء أكانت التابعة للقطاع الحكومي او القطاع الخاص ، فهي تمارس دور انتقاد كافة الامور السلبية التي تحدث في اروقة تلك المؤسسات والعمل على وضع الحلول اللازمة لمشاكلها وهفواتها كما وتقوم ايضاً بالاشادة بالامور الايجابية وتحث على زيادتها ومكافئة من يقوم بها لكي تعطي الدافع لكل العاملين بتقديم الافضل . ونظراً للدور المهم الذي تلعبه الصحافة اطلق عليها لقب السلطة الرابعة أي انها تأتي من حيث الاهمية بعد سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية . وللصحافة العربية تاريخ عريق لاحت بوادر القها الاولى منذ عهد محمد علي باشا في مصر حين اصدر عام 1828 صحيفة الوقائع المصرية وهي اول صحيفة تصدر باللغة العربية تم تلتها دول المنطقة تباعاً فوصلت الى العراق في زمن الوالي مدحت باشا الذي صدرت في عهدة صحيفة الزوراء عام 1869 ، يذكر ان هناك عدة صحف صدرت قبل هذين التاريخين في البلاد العربية الا انها كانت بلغات اخرى كالفرنسية والعثمانية. ومنذ ذلك الحين والى يومنا هذا والاعلام المقروء يشهد تطوراً هائلاً من حيث الكمية والنوعية واصبح للصحف والمجلات مساحة قراء واسعة نتيجة تعدد المواضيع والتوجهات واساليب الطرح وباتت اهم وسيلة لمعرفة اخر الاخبار والتطورات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها ولازالت تحتفظ بهذه المكانة عند الكثيرين برغم انتشار الفضائيات والانترنيت اللذان يغطيان الاحداث ساعة وقوعها . وتاثرت الصحافة العربية خلال الحقب الزمنية المختلفة بشكل كبير بسبب التغييرات السياسية التي شهدتها المنطقة من خلال الثورات والانقلابات التي غيّرت بشكل لافت في اغلب الاحيان من طريقة تعامل السلطة مع الشعب حيث تأصلت مبادىء الدكتاتورية لدى الانظمة الحاكمة والتي قامت بتطويق الحريات بكافة اشكالها ووجدت ان افضل السبل لتكميم الافواه الناطقة بالحق والتي تؤثر على مصالح تلك الانظمة هو تقييد وسائل الاعلام وتطبيق اقسى شروط الرقابة عليها برغم ان من المفترض ان يكون العكس أي ان الاعلام هو من يراقب تصرفات الحكومة ، وهكذا اصبح الصحفي اما خيارين احلاهما مر اما ان يكتب لصالح النظام ويمجد كل ما تقوم به السلطة من اعمال جيدة ويغض النظر عن الاعمال السيئة وبذلك يكون الصحفي قد كسب نفسه وخسر ضميره ، او ان يغامر بحياته ويعمل بضمير صافي فينتقد كل ما هو باطل وبذلك يعرّض نفسه وعائلته للخطر . ونتيجة لهذا الوضع فقد انقسمت الصحافة الى عدة اقسام منها ما يعمل لصالح الحكومة ومنها يعمل لحساب المعارضة ومنها ما يعمل لمن يدفع له فينشر الاشاعات والاكاذيب التي تضر بالطرف الاخر وهو ما يصطلح عليه بالصحافة الصفراء ، ففي العراق واثناء فترة حكم نظام البعث كانت الصحافة الحكومية هي الوحيدة التي تعمل في الساحة وتطبل لما تسميه انجازات القائد الضرورة فنرى جميع الصحف تكتب لنفس الموضوع ونفس المضمون ومن يعمل بخلاف ذلك فمصيره الهلاك ، وفي دول اخرى كمصر مثلاً وعلى الرغم من قساوة النظام الحاكم الا ان بعض صحف المعارضة تصدر وتكتب وتنتقد بحرية اكبر مما موجود في العراق ومع ذلك فأن كتابها يتعرضون للاعتقال دوماً ،ولم تشهد الساحة العربية من المحيط الى الخليج أي حرية مطلقة يكتب الصحفي فيها كل ما يريده دون مضايقات من السلطة الحاكمة . وقد تكون ما كابدته الصحافة العربية من مضايقات وملاحقات هي الشرارة الاولى التي انطلقت منها حركات التغيير التي تعيد الحقوق لأصحابها حين لاحت لهم بعصر جديد من الحرية والانفتاح ، وقد تكون التجربة العراقية هي الرائدة في هذا المجال فبعد احداث 2003 انطلق الفكر العراقي من جديد وتحرر من كافة قيوده التي عانى منها لعقود فبعد سيطرة الأقلام المأجورة أصبحت لدينا الآن عشرات الصحف والمجلات ومئات الكتّاب منهم المستقلين ومنهم من يتبع لحركات سياسية او لمنظمات المجتمع المدني وجميعم يكتبون فيما يريدون وكيفما يريدون لايخشون من أي احد مهما كان ظالماً ومتنفذاً خصوصاً اذا ما تعاملوا مع الحدث بمهنية وعدم استعمال سياسة التجريح والمساس بسمعة وكرامة الآخرين ، وكذلك سيكون الوضع في كافة الدول العربية التي تبحث عن الحرية وكما تحرر الشعب في مصر وتونس والعراق من ظلم الطواغيت ستتحرر باذن الله كل الشعوب العربية فلن يسكن القلم بعد الآن ولا تسكت الاصوات عن محاسبة الظالمين وسيكون الصوت والقلم هو مصدر السلطة الرئيس والجهاز الرقابي الاقوى وكلمة الحق العليا وارى ذلك قريباً حين يسود حكم الشعب وينهي كل مظاهر الظلم والظغيان .
#ضياء_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضياع الحقوق الفكرية في ظل غياب القانون
-
بطولة النيران الصديقة
-
الجواهري ..... هل هو شاعر كل العصور
المزيد.....
-
الكرملين يوضح لـCNN حقيقة وجود استعدادات للقاء بين بوتين وتر
...
-
أمريكا.. رئيسة لجنة الانتخابات: ترامب أقالني من منصبي
-
نائب أمريكي لـCNN: يجب وضع بلدنا ضمن الأماكن التي سيتم إعادة
...
-
نتنياهو: على قطر أن تختار في أي صف ستكون من أجل شرق أوسط جدي
...
-
إسرائيل ترسل -وفد عمل- إلى الدوحة.. ومخاوف من تعطل اتفاق غزة
...
-
-احتمال ضئيل- لدمار في الأرض.. ماذا سيحدث عام 2182؟
-
غالانت يهاجم نتنياهو: كان بإمكاننا جلب رهائن أكثر بثمن أقل
-
ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
-
بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي
...
-
وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|