أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أوري أفنيري - لا تصدقوا كلمة واحدة















المزيد.....

لا تصدقوا كلمة واحدة


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 986 - 2004 / 10 / 14 - 08:31
المحور: القضية الفلسطينية
    


بعد إعلان أريئيل شارون عن خطة "الانفصال من جانب واحد"، ورد في وسائل الإعلام أن حركة "السلام الآن" اقترحت الخروج في حملة جماهيرية واسعة النطاق لصالح الخطة. وقد طلب مكتب رئيس الحكومة من الحركة الامتناع عن القيام بذلك، تخوفا من ازدياد المعارضة في الأوساط اليمينية المتطرفة للخطة.

لم تكن "السلام الآن" الحركة "اليسارية" الوحيدة التي راقت لها هذه الخطة. زعماء حزب العمل ادعوا بأن الخطة هي خطة اقترحها حزب العمل، ولذلك يجدر بالحزب الانضمام إلى الحكومة ومساعدة شارون على تحقيق خطته.

كنت واحدا من قلة ممن رفعوا أصواتهم المعارضة للخطة فورا. لقد قلت أنها خطة يمينية-متطرفة، تهدف إلى شق الطريق أمام ضم معظم مناطق الضفة الغربية، وإلى دفن عملية السلام وتمويه الرأي العام في البلاد والعالم.

لقد نبعت ثقتي هذه من حقيقة كوني أعرف أريئيل شارون حق المعرفة، فأنا أتعقب تصرفات هذا الرجل منذ 50 سنة، حتى أنني كتبت ثلاث سير عن حياته. أنا أعلم ما هي وجهته وما هي أساليبه.

يأتي الآن دوف فايغلاس ويؤكد بحزم: هدف الخطة الأول هو إفشال عملية السلام. لقد طرح شارون خطته بهدف منع إجراء أية محادثات مع الفلسطينيين لسنوات طويلة، ومنع أي حوار يخص الضفة الغربية، في وقت يقيم فيها شبكة من المستوطنات، هدفها الأساسي هو منع أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية في يوم من الأيام.

دوف فايغلاس ليس مجرد محلل. إنه يشبه "كردينال هافور"، سكرتير الكردنال ريشلييه الذي حكم فرنسا قبل 400 سنة. وقد ادعوا آنذاك بأن السكرتير هو الذي يسيطر على الأمور من وراء الكواليس.

فايغلاس هو محامي شارون وصديقه منذ عشرات السنين. وهو مبعوثه الخاص للمهام الدقيقة، وهو الرجل الذي يمكنه حمل كونداليسا رايس بخنصره. وفي حديقة الحيوان التابعة لشارون، فايغلاس هو الثعلب.

أقوال فايغلاس العلنية هي البرهان القاطع. ليس لها أن تُخجل النفوس الوديعة في "السلام الآن" والنفوس الأقل وداعة مثل بيرس وشركاه من حزب العمل فحسب، بل هي بمثابة بصقة في وجه جورج بوش وسائر زعماء العالم، الذين يتعاملون منذ بضعة أشهر مع هذه الخطة المضحكة وكأنها قمة الإبداع السياسي. ("خطة تاريخية!" على حد قول كولين باول المسكين).



X X X



لقد تنافست تصريحات فايغلاس في وسائل الإعلان مع "فضيحة المحمل" – وهي قصة تكشف النقاب هي أيضا عن أساليب شارون وشركاه.

يريد شارون كبح جماح وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي تعالج شؤون ملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ عشرات السنين. هذه مؤسسة كبيرة تشغّل حوالي 25 ألف مستخدم، ومن بينهم معلمون، عاملون اجتماعيون وأطباء - معظمهم من الفلسطينيين بطبيعة الحال. تقدم المؤسسة للاجئين الطعام والتعليم والخدمات الصحية والمسكن إذا اقتضت الحاجة. لولا هذه المؤسسة لغاص اللاجئون في متاهات الضعف والجوع. أخذت وكالة الغوث تعالج مؤخرا، في وقت يدمر فيه الجيش الإسرائيلي مدنا بأكملها بمن فيها من سكان، أمور الفلسطينيين المحتاجين من غير اللاجئين.

مجرد وجود هذه الوكالة يضايق شارون وجنرالاته، الذين يحاولون قمع كفاح الجمهور الفلسطيني عن طريق تحويل حياته إلى جحيم. بعد محاولتهم كسر السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل منتهج، يحاولون الآن كسر وكالة الغوث. ويستفاد من تقارير وسائل الإعلام أن شارون أمر جنرالاته تسليم قسم الإعلام في وزارة الخارجية صورا عسكرية سرية، ليثبتوا بأن وكالة الغوث هي شريكة "المنظمات الإرهابية".

غداة ذلك اليوم عُرضت في التلفزيون الإسرائيلي صور لطائرة بلا طيار، يظهر فيها أشخاص يقومون بإدخال قاعدة لإطلاق صواريخ القسّام إلى سيارة إسعاف تابعة لوكالة الغوث. فور ذلك بدأت حملة شعواء من التحريض ضد وكالة الغوث. طلب الدبلوماسيون الإسرائيليون في هيئة الأمم المتحدة، في نيو-يورك، إقالة المدير الدانمركي بيتر هنسن.

بعد يومين انهار كل شيء. فقد ادعت وكالة الغوث بأن الشخص الذي يظهر في الصورة لا يحمل قاعدة لإطلاق صواريخ القسّام بل يحمل محملا. أنكر الجنرالات ذلك ولكنهم بدءوا بالتلعثم، بعد ذلك اعترفوا نصف اعتراف بأنه من المحتمل أنه قد وقع خطأ: محللو الصور في شعبة الاستخبارات في الجيش، وهم أشخاص برتب رقيب وملازم، لم يحللوا الصور بشكل صحيح.

يستوجب هذا الرد إجراء تحقيق. هل كذب الخبراء عمدا أو أنهم صدقوا ما قالوه؟ كل من هاتين الإمكانيتين أسوأ من الأخرى.

إذا كذب الخبراء، فهم لم ينحرفوا عن المعايير الملتوية. يمكننا القول بأنهم فعلوا ما يفعله رجالات الاستخبارات في كل أنحاء العالم: يزوّدون رؤساءهم بالمعلومات التي يرغبون بسماعها. بوش رغب بالهجوم على العراق؟ ها له تقرير استخباراتي عن سلاح الدمار الشامل لدى صدام. شارون رغب في القضاء على وكالة الغوث؟ ها له قواعد لإطلاق صواريخ القسّام في سيارة إسعاف تابعة لهنسن.

قبل 50 سنة، عندما سألني بعض المراسلين الأجانب فيما إذا كان يجدر بهم تصديق الإعلانات الرسمية من قبل الجيش، أجبت بأن الجيش لا يكذب. من الممكن تصديق تصريحاته، إلا إذا ثبت العكس. لقد ولّت تلك الأيام دون رجعة. أما اليوم فعندما يسألونني السؤال ذاته، أنصح بعدم تصديق كلمة واحدة من تصريحات الجيش الإسرائيلي إلا إذا ثبت العكس.

لذلك، ليس من الغريب أن تكذب شعبة الاستخبارات. لقد نشر رؤساء شعبة الاستخبارات، من خلال شهادات لا تعد ولا تحصى في الحكومة وفي لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أكاذيب كبيرة وتقييمات كاذبة عن سابق معرفة. هذا ليس أمرا جديدا.

غير أن هناك إمكانية أخرى وهي أن خبراء شعبة الاستخبارات اعتقدوا بأنهم يقدمون معلومات حقيقية، وهذا أفظع بكثير.

لا حاجة للمرء أن يكون خبيرا ليكتشف بأن الشخص الظاهر في الصورة لا يحمل قاعدة لإطلاق صواريخ القسّام. لا يمكن لأي شخص حمل مثل هذا الجهاز الثقيل بيد واحدة، كما ظهر في الصورة. من الواضح أنه كان يحمل جهازا خفيفا. نظرة أخرى إلى الصورة تثبت بشكل قاطع بأن هذا كان محملا. إنه يبدو محملا ويحمله الرجل كما يُحمل المحمل.

إذا أخطأ الخبراء فلماذا يعتبر هذا الأمر وخيما؟ إنه وخيم لأن سلاح الجو يقوم بقصف "خلايا مطلقي القسّام" من الجو عشرات المرات استنادا إلى تقارير هؤلاء الخبراء، وهي تقارير تصدر خلال ثوان وتؤدي إلى أعمال قتل خلال ثوان. في أعقاب ذلك تأتي إعلانات الناطق بلسان الجيش الهاتفة بأنه قد تم القضاء على خلية أخرى. كم من عشرات الأشخاص، ومن بينهم أولاد، يقتلون استنادا إلى مثل هذه "التحليلات المؤكدة"؟

وفي هذه الأثناء يدعو الإعلان الجنود لإطلاق النار على سيارات الإسعاف التي تقوم بنقل الجرحى.

التقيت بيتر هنسن مرة واحدة فقط، في مؤتمر في الأمم المتحدة تناول قضية اللاجئين. لقد منحني إحساسا بأنه رجل منصف وأخلاقي. آمل بأن يبقى في منصبه.



X X X



حالة قتل واحدة استنادا إلى "تحديد مؤكد" كان لها أن تزعزع العالم هذا الأسبوع.

الطفلة إيمان الحمص، وهي طالبة تبلغ من العمر 13 عاما وتسكن في رفح، كانت في طريقها إلى المدرسة. سالكة ذات الطريق التي تسلكها كل يوم.

فجأة بدأ إطلاق نار مكثف عليها، وقد أخرج الأطباء 20 رصاصة من جسدها. ولأنه من المعروف أن ليس كل رصاصة تصيب هدفها، فمن المرجح أنه قد أطلق عليها ما لا يقل عن 100 رصاصة – مئة رصاصة تطلق على فتاة صغيرة. لقد عثر في حقيبتها على كتبها ودفاترها.

الناطقون بلسان الجيش أدلوا بالتصريح الروتيني الكاذب: لقد دخلت الطفلة إلى منطقة خطرة واعتقد الجنود بأنها "مخربة"، وكانت حقيبتها تبدو عبوة ناسفة، وغيرها وغيرها.

إذا ماذا حدث بالفعل؟

التفسير الأكثر بساطة هو أن الجنود قاموا بإجراء تدريب لإصابة الهدف ليكون هدفهم الطفلة، انتقاما لمقتل الطفلين بسبب صاروخ أطلق على سدروت. يصعب علي تصديق ذلك.

هناك تفسير آخر، يقلقني أكثر من ذلك، وهو أن الجنود يعانون من حالة ذعر دائمة. لقد رأيت في حياتي جنودا ينتابهم الذعر ويطلقون النار كالمجانين على كل شيء يتحرك. من الممكن أن هذا ما حدث في هذه المرة أيضا: قامت الطفلة بإلقاء حقيبتها وانطلقت هاربة عندما سمعت صوت الطلقات التحذيرية، وبدل أن يطلق الجنود، من بعض المواقع، النار على الحقيبة، أطلقوها على الفتاة.



X X X



لقد تسببت النظرة المستهترة لدى الجمهور إلى تصريحات الأجهزة الأمنية، هذا الأسبوع، بمأساة أخرى.

نشر جهاز الأمن العام، عشية عيد رأس السنة العبرية، تحذيرا لجمهور المسافرين يقضي بعدم عبور الحدود إلى سيناء، لأنه من المتوقع حدوث عمليات خطيرة. لقد عبّر الجمهور عن عدم ثقته بالاستهتار. رغم التحذيرات الرسمية المتكررة، عبر الآلاف الحدود إلى سيناء طيلة فترة الأعياد. لقد اعتقد المتنزهون، على ما يبدو، أن للحكومة مقاصد سياسية. ولو كانت هذه التخوفات تخوفات حقيقية لكانت السلطات ستغلق الحدود.

لقد اتضح بأن في هذه المرة بالذات كانت التحذيرات صحيحة. لقد قتل وجرح في العمليات الأخيرة العشرات.

لم تكن لأي منظمة فلسطينية لتتجرأ في استفزاز حكومة مصر، ولذلك يبدو بأن ما حدث هنا هو أمر جديد.

لقد حذرنا مرارا وتكرارا بأن الكثير من الشباب العرب والمسلمين في العالم لن يكبحوا جماح غيظهم لفترة طويلة إزاء الإذلال اليومي للأمة العربية، كما يتجسد هذا الإذلال في التلفزيون. إن تقاعس الحكومات العربية والإسلامية إزاء ما يحدث في المناطق الفلسطينية يبدو كسحق مذل أو خيانة محقرّة.

إن تنكيل شارون وسابقيه بالشعب الفلسطيني هو قنبلة موقوتة. اجتياح بوش للعراق قدم البارود. هناك حركة تصدّ عربية-إسلامية آخذة في التبلور، وهي لم تعد تميّز بين العراق وفلسطين، وبين إسرائيل، الولايات المتحدة والحكومات العربية.

هذه هي على ما يبدو رسالة طابا.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل البيض في سلة واحدة
- مفجرو المساجد
- هذه إرادة الله!-
- على اللاعنف السلام
- حرب أحادية الجانب تماما
- قحط في تكساس
- ترتيب الفوضى
- الأوليغارخيون أو: البتول التي تدهورت إلى الزنى
- جلد الدب
- الرجل الطيب والسيدة العجوز
- حقا هناك قضاة في هاغ
- العدل، الغاز والدموع
- ذهب الزرزور إلى الغراب…-
- أضرار نفسية غير مرتجعة
- فليشربوا من بحر غزة
- طومي والجدة
- اغتصاب رفح
- بوشارون: العد التنازلي
- المسخ الذي تصدى لصانعه
- فأنونو: السر الدفين


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أوري أفنيري - لا تصدقوا كلمة واحدة