خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال
(Khaled Juma)
الحوار المتمدن-العدد: 3299 - 2011 / 3 / 8 - 19:43
المحور:
الادب والفن
حينَ يأخُذُكِ النُّعاسُ، أصيرُ قُبَّرةً تنصُبُ عُشَّها في شعرِكِ الموغلِ في الغيم، أحفرُ على جذعِ سنديانةِ المعنى ولداً ضائعاً من والديهِ في مدينة السحرِ، وأُعلِّقُ جرساً من بلابلَ فوقَ حُلْمِكِ الهادئْ.
حينَ يأخُذُكِ النُّعاسُ إلى سريرِ الشَّجَرْ، وأفلتُ من غربتي في أبيضَ أظنُّهُ من زَهْرٍ ليحتملَ التفاسيرَ كلَّها، أراني متسرباً في النهرِ كاحتمالِ عشبٍ أو كلامْ، يلهو بي الليلُ كليلٍ صغيرٍ فائضٍ عن العتمةِ، أتشكَّلُ مثلَ تشكيلةِ حرَسٍ لا يعرفُ ماذا يحرُسُ، أو ممَّ.
حين يأخذُكِ النُّعاسُ، أختصرُ دقَّتينِ من القلبِ، وأفسِّدُ الثوراتِ لندرةٍ في الحبِّ، وأؤسسُ المعاركَ مثلَ نقيضٍ للحدائقِ في الطريقِ المختصَرْ، رأيتُ الأمكِنةَ تخرج من يديَّ، وتتكسرُ على الضفَّةِ برئتين من ماء، رأيتُ الأمكنةَ، فما عادَت رؤىً.
حين يأخذُكِ النُّعاسُ من جفنيَّ، ويعبّئُ الحنينَ في كيسٍ من موسيقى، يتململُ ماردٌ قديمْ، ليكشفَ غطاءَ القُمْقُمِ وحدَهُ، ويعودُ إليهِ وحدَهُ مؤلِّفاً خاتَم الرصاصِ على عينيهِ وناسياً أصولَ الكلامْ، العالمُ ليسَ أكثرَ من أمنيةٍ تحتَ البحرِ في فمِ سمكةٍ تهاجرُ كلَّ موسمٍ ولا تعودُ مطلقاً للمكانِ ذاتهْ.
حين يأخذُكِ النُّعاسُ إلى مغارةِ الأسئلةْ، أقف جوارَ البابِ كطفلٍ خائفٍ، وأعلنُ أنني لم أعد أنا، يُخرِسُني ظنُّكِ المأكولُ من أطرافِهِ، وأعِدُّ الكلماتِ على عجلٍ جنائزيٍّ، منطوياً على الروحِ الأخيرةِ في المشهدِ الأخير، وأُخرجُ حرشاً من جيبي، بسناجِبِهِ وأشجارِهِ، ألقيهِ على الطاولةِ، كمن يسدِّدُ دَيْناً قديماً.
حين يأخذُكِ النُّعاسُ، كقطعةِ فِراءٍ في شتاءٍ من ثلجٍ مالِحٍ، ويغطيْ أغنياتِهِ بارتباكِ عينيكِ أمامَ ضبابِ الغيابِ المحتملِ في الحلمِ، يسيلُ كنبتةِ الكلام، ويؤخِّرُ موسِمَهُ ليلتين، كي يتأمَّلَ النومَ متشعّباً في أفقِ وجهِكِ المتآمرِ مع فَرَسٍ ونَمِرٍ لا يعرِفانِ أيّ الغواياتِ أقربُ للحقيقةِ.
حين يأخذُكِ النُّعاسُ، ويأخُذُني، لا يضعُ الحلمين في رؤيا واحِدةْ، فينشقُّ الظلامُ عن فِكرةٍ وأنشَقُّ عن حيرةٍ في المسامِ أسمِّيها ـ مدَّعياً ـ أغنيةً، ويمرُّ المَقامُ من جلديْ إلى الصباحِ حاملاً حضارةً بكامِلِها، ليجرِّبَ النسيانْ.
حين يأخذُكِ النُّعاسُ
تذهبُ الأرضُ إلى غيبوبةِ المعنى.
8 آذار 2011
#خالد_جمعة (هاشتاغ)
Khaled_Juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟